الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

حكومة البيات الشتوى




راهن الكثيرون على ثورة 30 يونيو على اعتبار انها معجزة كبيرة استطاعت ازاحة حكم كان سيظل جاسم على قلوب المصريين نحو مدة تقترب من النصف قرن فى ظل حاكم معاند وتابع ذليل لمرشد جماعتة ... واعتبرها جموع الحالمين  مستقبلاً مشرقاً واملاً جديداً فى صناعة مصر جديدة وانسان مصرى جديد ينعم فى جو من الديمقراطية ويتفاعل مع هموم وطنه ويشارك فى صياغة فجره وتاريخه لاول مرة..
بل ان أكثر المتشائمين يراها بداية جديدة نحو تغير واجهة التاريخ وإعادة لتصحيح مسار الماضى بكل ما يحمله من مأسى واحزان ...
وعلى الرغم من ثوابت التعريف السياسى للثورات باعتبارها ازاحة لواقع مرير وازدراء للتقاليد القديمة إلا انها أكدت أيضاً ان هذا الفعل  ايسر بكثير من صناعة مجتمع جديد خاصة على أنقاض ما تهدم وهو ما تؤكدة ذاكرة التاريخ على مر العصور فى كافة الثورات التى قامت فى العالم وذلك على اعتبار ان معظم هذا الثورات تفرز فى معظمها من يعتبرون انفسهم المالكيين الجدد لها واصحاب الحق الاصيل فى جنى ثمارها أضف إلى ذلك الصراع الذى يتمخض عنها بين مجتمع ما قبل الثورة القديم ومجتمع ما بعد الثورة الجديد والذى يتبلور فى محاولات مستمية  للخروج الآمن للواقع القديم بكل مفرداته  فى وقت يرفض فيه  الواقع القديم كل الماضى سواء كان هذا الماضى صالحاً أو طالحاً المهم فى النهاية هناك صراع ديناميكى سريع الحركة تفرزة هذه الثورات مما يهدد باجهاضها أو خلق واقع اكثر مأسوية من القديم ولا يمكن الخروج من هذه  النفق إلا اذا تمت المصالحة الكاملة دون شروط بين القديم والجديد من خلال طرح صفحة جديدة من الاحترام بين الطرفين.
وإذا اردت ان تحكم على نجاح ثورة أو اخفاقها عليك بطريقين.. الاولى إذا وجدت ذات الوجوه القديمة هى من تتصدر المشهد والثانية إذا اختزلت الثورة فى فصيل سياسى بعينة عندئذ لا تأمل خيراً وابدأ فوراً بالبكاء على انقاض ما هدمت.
وما حدث الان بالفعل هو البكاء على انقاض ما هدمنا فمعظم المعارضين للنظام السابق بل لا ابالغ اذا قلت ان الغالبية العظمى تتباكى الان على نظام مبارك حتى المواطن البسيط اذا لا يفهم من السياسة سوى لقمة العيش وتوفير الامن والامان يتمنى عودة الايام السالفة بكل ما فيها لان المقارنة بين الحاضر والماضى تخدم دائماً الماضى وتصب فى صالح الرئيس السابق وهو ما يبرر انشراح وجة مبارك فى محاكمتة الاخيرة... بل نحن بلا مواربة امام انتكاسة فى كل اركان الدولة وعلى كل المستويات ومن يحاولون الاخذ بسلاح التبرير بالتعلل بأن الحكومة الحالية لم تأخذ الفرصة هو محاولة فاضحة لاعطاء قبلة للحياة زائفة لمصر لان المواقف تثبت دائماً وبشكل قاطع ان القائمين على الادارة لا يملكون ادواته وليس لديهم ملكة القيادة والقدرة على اتخاذ القرارات وهو ما سيزيد الاعباء على كاهل مصر  وسيضعها فى مأزق خلال المرحلة القادمة وليس امامنا سوى املاً واحداً لاعادة البعث هو ان تتفهم الحكومة الحالية هذا الطرح وترحل فى هدوء لدفع طاقات شابه لديها القدرة على الابداع والعمل والقدرة على اتخاذ القرار وإلا سنعود إلى المربع صفر ونفقد القدرة نهائياً على الحراك السياسى والاقتصادى وستدخل مصر مرحلة الموت الاكلينكى وستكون هذه  الحكومة هى من ينزع اجهزة التنفس عنها وهى جريمة لن يغفرها التاريخ.