الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

آفة ثقافتنا النسيان




تتكامل الفنون بأنواعها وفروعها المختلفة، وكأنها حلقة تصب في بوتقة واحدة، وهكذا حال الثقافة والفنون في العالم، - يقال عنه متحضر-، هي أيضا ثقافة مبنية على تخطيط وإستراتيجية واضحة، محددة أهدافها، زمانا، مكانا، كما وكيفا، ثقافة مؤسسية منهجية، ليست مبنية على ثقافة مدراء أو مسئولين فرادى.
في مصر ثقافيا، الوضع كليا مختلف - حالها كحال السياسة -، رأينا ولعقود طويلة كيف كنا نحيا في كنف دولة الرئيس، وليس في كنف رئيس الدولة، سياستنا وبالطبع ثقافتنا تدور في فلك الأفراد، أقصد هنا القيادات، في وضع يمكن تلخيصه بالعشوائية، وعدم البناء على تخطيط مستقبلي، مدروس وممنهج. 
هنا مثلا، وزير «أسبق» للثقافة، يعطى أمرا ببناء متحف للآثار - الكبير - بناء على خاطرة!!، أو ربما «زلة لسان»!!، بالطبع دون إعداد أو تخطيط مسبق، دون منهج محدد، لتصبح «زلته» بين عشية وضحاها «مشروع دولة»، وهناك غيرها الكثير والكثير من الأمثلة، فالثقافة لدينا حالها حال معظم أمورنا، مبنية على الأشخاص، يزيد دورها وتفاعله باختلاف قياداتها، لا أنكر هنا التأثير الإيجابي لوجود قيادة ناجحة على رأس أي عمل، لكن، لتبقى الأمور دائما محسوبة، لا تخرج عن مسارها المرسوم - إن كان قد رسم -.
لكن، «آفة حارتنا النسيان»، جملة أستعيرها هنا، من رواية «أولاد حارتنا» لأديبنا العالمي نجيب محفوظ، بكل ما تحمله من معان عديدة، تنطبق وحال مصر الآن وتلخصها، ثقافيا، وبالطبع سياسيا، بعد أن نسينا وتناسينا العمل على التخطيط والبناء على ما قدمه أسلافنا، وصولا إلى أهداف، توضع من أجلها الخطط، وتذلل من أجلها العقبات، لتظل خططنا فقط حبيسة ألفاظها، مابين «خمسية» وأخرى «عشرية»، وغيرها.
فالعمل المؤسسي في مصر، في شتى مجالاته مبنى - للأسف - على التناحر، وليس التكامل، على العمل الفردي وليس الجماعي، أحيلكم هنا إلى حال الدولة و مؤسساتها، نجد أول ما يقوم به - معظم - المسئولين بعد توليهم مناصبهم هو إيقاف ما بدأه سابقيهم، والعمل على استحداث فاعليات وأنشطة أخرى، بعض منها - القليل - به إضافة، في منهج - أو لا منهج - مبني على الهدم والبناء من جديد، لا استكمال على ما بدأه الآخرون، علاوة على عدم التنسيق والابتعاد عن العمل التكاملي بين هيئات وقطاعات الوزارات المختلفة - حتى داخل الوزارة الواحدة - ، فتعمل وكأنها في جزر متفرقة، وأيضا لتعمل في إطار من التناحر وليس التكامل مع التنافس، وهو ما شهدناه كثيرا، خاصة داخل أروقة «الثقافة» خلال أعوام ماضية، فهل من معتبر من التاريخ وحوادثه!!.