الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«أوراق اللعبة»




يحيى عبد الله
مصر ليست مساحة أرض يحيط بها العالم.. بل هى عالم تحيط به خريطة.. هى لؤلؤة صنعتها آلام عظام، وكل الضربات تقويها وتزيدها منعة وصلابة جلدها.. ولقد ناضلت مصر وقدمت التضحيات قربانا وفداء لاستقلالها وحرية قرارها، ولم يبخل شعبها فى تقديم المزيد من ملاحم والجلد لتظل مصر رائدة تحمل شعلة التحرير لكل الشعوب المسلوبة الأحلام والإرادة، وبذلت كل غالٍ ونفيس من أرواح ابنائها لتحرير الأرض والعرض فى 1973 واسترداد الكرامة وسيناء وعودتها لحضن الوطن الأم.
ويعد أكتوبر 73 خرج علينا من قال إن 99٪ من أوراق اللعبة فى يد أمريكا وكانت هذه الجملة هى بداية إجهاض انتصار أكتوبر وبداية تراجع حرية الإرادة المصرية والقرار المصرى وقدم الساسة المصريون حينها قرار وإرادة وكرامة مصر قرباناً فى معبد الكاهن الأمريكى وتركيعاً وتنكيساً لهامة مصر.. وتنازلاً مجانياً لنيل الرضا والقبول الأمريكى وإيذاناً بعودة المندوب السامى الأمريكى فى صورة سفير أو سفيرة مما أدى لتفسخ صلابة المؤسسات فأصبح لكهنة العم سام مريدا ومندوبا وعيونا ترصد فى كل مؤسسة وترسل التقارير مقابل حفنة من الدولارات.
لقدسلمنا وأقررنا أن 99٪ من أوراق اللعبة ومفاتيح خزائن أوطاننا فى يد أمريكا، وألقينا كل ما فى أيدينا فلم يعد فى أيدينا الأخوء وهواء ولم يعد لدينا أى هامش للمناورة، بعنا بلا ثمن إرادتنا ونكسنا راياتنا التى كانت خفاقة بلا مقابل ولو شاء الساسة ثمنا لأخذوا الكثير، وجلسنا بعد ذلك نستجدى عطايا الكاهن الأمريكى ليلقى إلينا فتات موائده وبقايا طعام كلابه، وبعد أن هانت إرادة مصر بأيدى ابنائها، تطاولت أعناق الأقزام فى قطر وتركيا، فمن باع ساسته وطنه وأرضه وهوائه ومن يتخلى عن الثوابت يصبح شعبه عبيدا أو أغناما تتبع الراعى وعصاه.
وفى 30/6 انتفض المارد وخرج من القمقم، وثار ليسترد كل أوراق اللعبة من أيدى الغرباء ويطهر جسد الوطن من أورام العمالة والخيانة التى أمرضت مصر، ورغم آلام بتر أورام هذا السرطان سيتحمل الجسد ويستحمل آلام العلاج الكيماوى الذى يعقب البتر وسيتطهر جسد مصر من بثور القلوب المريضة التى هرولت وراء المطامع والمضاجع.
فى 30/6 عادت أوراق اللعبة لأيدى أصحابها الحقيقيين وعادت كل أدوات اللعبة وهوامش المناورة وأصبحت الساحة مفتوحا أمامنا بلا مناطق محظورة واستردت مصر لجام خيول الإرادة ورباطها، وفوارس الوطن بلا جموح راحت جموعها تملأ الميادين لتعلن أن مصر عادت لمحيطها العربى وأن مصر عادت شمسا تبدد الظلمات للمستضعفين ونورا للحرية.
صرخ المصريون فى وجه الليل فهرب.. كانت صرختهم زئير أسد جسورٍ فانصاعت الدنيا واستجاب الله للخالق لندائهم وانقشع الضباب من العيون والقلوب وجاء الفجر صباحا جديدا.. وثيابا جديدة لأطفال الفقراء أملا فى عيد لهم تحمله نسائهم 30 يونيو.