الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المادة 219 إصرار سلفي.. أم أزمة ثقة أم ذريعة لصدام مؤجل!




كان من المفترض أن تكون النصوص المتعلقة بصلاحيات الرئيس أو شكل نظام الحكم أو حتى العلاقة بين السلطات ودور القوات المسلحة هو مناطق الخلاف والجدل الحاد فى مسودة الدستور الجديد.
ولكن الذى استحوذ على المشهد هو قضايا الهوية وخصوصا موقع الشريعة الإسلامية فى هذا الدستور لتخطف الأضواء وتنذر بصعوبة توافق القوى السياسية المختلفة لإنجاز المخاض العسير لدستور الثورة والأمل الذى طال إنتظاره.
اقتراح لجنة العشرة المكلفة بالتعديلات الدستورية والذى أوصى بحذف المادة 219 الخاصة بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية واختصاص المحكمة الدستورية العليا بتفسير المادة الثانية من الدستور وإلغاء مرجعية الأزهر فى تفسير تلك المادة وفقا لما جاء فى الدستور السابق أثار جدلا واسعا فى المجتمع وسادت المخاوف من المساس بهوية مصر الإسلامية.
وأننا نتفق تماما مع تحذير علماء الفقه والشريعة من المساس بالمواد التى تحفظ الهوية الإسلامية لمصر ونؤكد على أن إلغاء المادة 219 يفتح بابا للتشدد والتعصب من جانب أبناء التيار الإسلامى والذين يرون أن هذه المادة تحفظ هوية مصر الإسلامية وتحدد معنى واضحا لمادة الشريعة يتمثل فى أدلتها الكلية وأصولها الفقهية فى مذهب أهل السنة والجماعة ولابد أن يكون هناك التزام بوثيقة الأزهر والتى أبقت على المادة الثانية فى الدستور ووضعت مادة تفسر مبادئ الشريعة وتحددها وهى المادة 219 لأن المحكمة الدستورية العليا مع كامل الاحترام والتقدير ليست جهة اختصاص فى تفسير واستنباط الأحكام الفقهية ومبادئ الشريعة.
إن مرجعية الأزهر لكل ما يتعلق بالشريعة الإسلامية يعد من المطالب العامة التى يتفق عليها الجميع ومن الأصوب والأفضل أن يكون الأزهر الشريف هو المرجعية بدلا من أن تترك المرجعية للأفراد أو غير ذلك ولابد أن يرد الأمر لأهله لأن الأزهر بتاريخه العريق الذى يمتد لأكثر من ألف عام قادر على أن يقوم بهذه المرجعية على الوجه الأكمل والجميع يتفق على وسطية الأزهر وحاجة المصريين إلى أن يكون الأزهر هو المرجعية الدينية فى كل ما يتعلق بالشريعة الإسلامية خصوصا فى هذه المرحلة الحاسمة التى تمر بها البلاد مع الوضع فى الاعتبار أن الأزهر هو من صاغ المادة 219 من الدستور المعطل وقد وافقت كل القوى والتيارات السياسية على صياغة الأزهر والجميع أقر بهذه المادة.
وللتوضيح فإن المادة 219 مادة تضبط وتحدد تفسير مبادئ الشريعة وذلك حتى لا تترك مبادئ الشريعة لتفسيرات غير منضبطة، كما أن هذه المادة تحدد مصادر الشريعة بكونها الأدلة الكلية والقواعد الأصولية فى مذهب أهل السنة والجماعة وهذا التفسير يؤدى إلى الاستفادة من كل الاتجاهات الفقهية عند المتقدمين والمعاصرين ولابد أن نحدد ماذا نعنى بمبادئ الشريعة فى الدستور فهل المقصود أن تكون عبارة بلا معنى فى الدستور؟ أم المقصود أن يكون لهذا النص معني! فلابد من ضوابط وتحديد لهذا المعنى وهذا التحديد يتثمل فى المادة 219 ويجب أن يكون الأزهر هو المرجعية الوحيدة التى تفسره وإننا نطالب أعضاء لجنة الخمسين بالنظر بعين الاعتبار إلى هذه الأمور وإعادة الأمر إلى ما كان عليه لأن التخوفات التى يبديها البعض من تفسير المادة 219 لمبادئ الشريعة هى مخاوف وهمية ليس لها أى أساس من الواقع ولابد أن تقدم لجنة العشرة مذكرة توضيحية تكشف فيها عن الأسباب التى جعلتها توصى بحذف هذه المادة حتى توضح رأيها بدلا من حالة الشك التى أحدثها هذا الحذف.
أن بقاء المادة 219 يعطى رسالة طمأنة للإسلاميين وعامة الناس ويقطع الطريق على كل من يردد أن هناك مساسا بالهوية الإسلامية.. كما أن بقاء نصوص مواد الشريعة والهوية على ما هى عليه ليس فيه إضرار بأحد حتى بغير المسلمين وتمنحهم الحق الكامل فيما يتعلق بأمور عقيدتهم ومسائل الأحوال الشخصية.
وهناك نص متفرد لغير المسلمين فى الدستور.
أيها السادة الوطن لا يتحمل أى هزة جديدة أو دعوة للإنقسام أو الخلاف.. انظروا إلى مصلحة الوطن.. الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.