الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

السوريون: نرفض عروض الزواج مقابل المساعدات




عشرات الآلاف من الأسر السورية تعيش فى مصر وتعانى من الجوع والتشرد بعد لجوئهم إلى بلدهم الثانى لطلب الحماية والحياة الكريمة إثر هروبهم من طغيان الرئيس السورى بشار الأسد، وينتشرون فى مناطق عدة بالقاهرة الكبرى ومنها الهرم وفيصل والعبور ومدينة نصر والرحاب ومدينتى، ويتركز العدد الأكبر من اللاجئين السوريين فى منطقة 6 أكتوبر الواقعة على حدود محافظة الجيزة المتاخمة لحدود القاهرة العاصمة .

وتضم 6 أكتوبر عددا من الأحياء منها الأول والمتميز والسادس والحى السابع والحى الثانى عشر والذى يضم المنطقة الصناعية، ويتركز السوريون بأعداد كبرى فى الحى السابع فى منطقة الحصرى وقرب المسجد الذى يحمل نفس الاسم، ونظرا للحياة الشاقة التى يعيشونها بعيدا عن وطنهم حيث تركوا وراءهم أموالهم ومتعلقاتهم يمد إليهم المصريون والجمعيات الخيرية يد العون والمساعدة فى تجهيز الوحدات السكنية التى يعيشون بها، وطلب الزواج من السوريات خاصة بعد أن رسمت المسلسلات السورية المرأة بشكل مغرى أمامهم ، إضافة إلى طلب الوظائف لهم .
اختار السوريون مصر لشعورهم المتواصل بأنها بلدهم الثانى - حسب قولهم – حيث يأمنون على حياتهم فيها ، وبسبب التكلفة المنخفضة للمعيشة بالمقارنة ببعض الدول الأخرى، كما يستطيعون الحصول على الخدمات العامة مثل التعليم والرعاية الصحية بنفس التكلفة التى يدفعها المواطن المصري، إضافة إلى احتفاء المصريين بهم ويستقبلونهم بفرحة غامرة ويساعدونهم دون تفكير أو انتظار حسب – طه عدرة السورى الجنسية والوافد من مدينة حلب – المقيم فى منطقة 6 أكتوبر وقابلناه فى الحى السابع قرب مسجد الحصرى ، وقال نتلقى دعما ماليا من الجمعيات الخيرية الإسلامية المصرية، لأننا تركنا بيوتنا وأموالنا وممتلكاتنا خلف ظهورنا وهربنا بحياتنا من بطش بشار الأسد ومجازره فى حق السوريين، ولم نكن نتوقع هذا الاستقبال الحافل من أشقائنا المصريين ولكننا وجدناهم خير عون لنا.
وفى ذات الوقت أبحث عن عمل فى أى مكان أو حرفة لكى أوفر الأموال الكافية لأسرتى المكونة من 3 أفراد خاصة أن دعم الجمعيات الخيرية لنا غير كاف فى الوقت الذى ترتفع فيه أسعار إيجارات الشقق السكنية لتتراوح بين ألف وألفى جنيه، وطالب الحكومة المصرية بالوقوف بجانب السوريين فى مصر ومساعدتهم فى توفير حياة كريمة لهم وأولادهم حتى يزيل الله حصار دولتهم من رئيسها .
الناشط السورى محمود التلاوى المقيم بالقاهرة ينادى هو الآخر باهتمام أكبر من قبل الحكومة المصرية بتوفير سكن مناسب أو توفير عدد من الأبنية الخاصة للسوريين النازحين بعد الثورة السورية فى شكل يمكنهم من التواصل والتحدث إلى بعضهم البعض لدعم ثورتهم بدلا من بحثهم عن أدنى متطلبات الحياة الآدمية من مأوى ومأكل .
محمد أحمد – طالب سورى يدرس بالقاهرة – يقول أعيش فى مدينة أكتوبر وأدرس فى جامعة القاهرة وبسبب الحرب فى سوريا عجزت أسرتى عن تكاليف دراستى ودفع إيجار الشقة التى أعيش فيها مع عدد من الشباب السوريين فاضطررت للعمل فى أحد المطاعم لتوفير المصروفات، مشيرا إلى قرار الدكتور محمد مرسى الرئيس المعزول بتعامل الطلبة السوريين مثل المصريين ولكن القرار لم يتم تنفيذه بعد، ولذلك أعانى من ضيق العيش لعدم كفاية الأجر الذى أحصل عليه ، وتتهدد دراستى بسبب عدم دفع المصروفات الدراسية وشراء الكتب الدراسية.
ويقوم أعضاء مكتب شئون اللاجئين السوريين فى مصر بزيارة العائلات الوافدة وتوفير احتياجاتهم فى مناطق عدة خاصة 6 أكتوبر، وذلك للأسر السورية الموجودة بغض النظر عن اتجاهاتها أو أيديولوجياتها، فمنها ما ينتمى إلى السنة وهم الغالبية العظمى ومنهم الدروز والعلويين والمسيحيين وهم النسبة القليلة من النازحين، ومن خلال المكتب يتم البحث عن وظائف للسوريين ويعرض عليه المصريون الكثير والكثير خاصة فى الحرف والمهن البسيطة كعمال وموظفين فى شركات دعاية وإعلان وديكور وبازارات وصنايعية وخلافه.
أطلق بعض الداعمين للاجئين السوريين فى مصر حملة تحت اسم « ثواب ميكس» وذلك بعد نجاح قافلة «ثورة الخير 25 يناير 2013» ، ونادوا الهيئات والجمعيات المصرية بالسعى وراء الثواب بإعالة الأسر السورية، وتحديد يومين من كل أسبوع هما الخميس والجمعة لحملة كساء ومعارض ملابس للمصريين على أن تنظم كل جمعية معرضا فى مكان تحدده هي، على أن يتم تنظيم قافة مساعدات عينية للأسر السورية فى مصر بالأموال المتحصلة من تلك المعارض وذلك بمشاركة متطوعين من كافة الجمعيات، والعرض سارى حتى نفاذ الملابس أو كساء كل المصريين والسوريين وعودة الآخرين إلى دولتهم.
ويشارك فى تلك الحملة ائتلاف الخير، ومكتب شئون اللاجئين السوريين بمصر، وجمعية رسالة ميت غمر، وبنها، وزفتى، والهدي، والنبع الصافي، وشباب الخير، والجواد الكريم ،، وتم فتح الباب أمام كافة الجمعيات والهيئات والأفراد.
ويقول عاصم الزهير – لاجئ سورى بالقاهرة – بأن حال السوريين فى مصر أفضل بكثير عن أقرانهم فى دول عربية أخرى مثلهم مثل المصريين تماما، وفى دول مثل لبنان يعانى فيها السوريون بسبب حزب الله من الثورة السورية، والأردن يعيش فيها السوريون حياة فى مساكن غير أدمية، وتركيا فيها حياة مناسبة نوعا ما، وهنا فى مصر تساعدهم الجمعيات الخيرية الإسلامية وتعمل على توفير المأوى والطعام والشراب والدخل الشهرى لهم على شكل إعانات ومساعدات .
أحمد السعدنى – مصرى – مهندس عرض على مكتب شئون اللاجئين فرع مصر فتح مشروع صغير يعمل فيه السوريون اللاجئون فى مصر كدعم منه لهم شأنه شأن الآلاف من المصريين، وذلك بأجر ثابت إضافة إلى عمولات من حصيلة التجارة التى يعمل بها، خاصة أنه يعلم حالتهم المعيشية الصعبة ومغادرتهم بلادهم دون آية مقومات تساعدهم على الحياة .
كثير من المصريون يطلبون الزواج من سوريات من اللاجئات لمصر بعد الثورة وذلك سواء كان بشكل مباشر من أسرهن أو من خلال مكتب شئون اللاجئين بالقاهرة، الأمر الذى واجه انتقادات كثيرة وحادة من قبل السوريون أنفسهم ونادى مكتب شئون اللاجئين بان يكون التبرع لوجه الله تعالى وليس من أجل الشهوات والرغبة فى الزواج من السوريات معتبرا أن ذلك يصادم السنن الثابتة، وألا يشترط المصريون المساعدة للفتيات السوريات مقابل الزواج، فلا يعقل إعداد قائمة بالفتيات الوافدات من سوريا لمنح كل من يرغب فى المساعدة واحدة منهن، وجاء رفض ذلك على أساس أن استغلال ظروف الناس حرام .
واستنكر خالد سامر – مصرى – وعدد من الشباب معارضة الزواج من السوريات أو الحديث عن ذلك بشكل غير لائق لأنه زواج على سنة الله ورسوله الكريم دون إكراه للطرف الآخر وبما يتفق مع الشريعة الإسلامية.
مازن عمار – سورى – يقول أنا شاب سورى وأعيش فى مصر، وأوقفنى عدة أشخاص ليسألونى عن بيت اللاجئات السوريات للزواج، وانتقدت هذا وقلت لهم بأن السوريات لم تكن فى أى وقت من الأوقات سلعة تباع و تشترى، فمن يرغب فى المساعدة فيكون ذلك لوجه الله، ومن يقصد شيئا آخر فهو مستغلا لظروف اللاجئين الصعبة.
ومثله راشد أنس – فيقول أقيم فى مصر منذ بضعة أشهر وسألنى مصريون عن فتيات سوريات للزواج بهن مقابل المساعدة ، فانتقدت ذلك أكثر من مرة لأنها ليست مساعدة من الأساس فقد أنشئوا مكتبا للتزويج ويقفون فى منطقة أكتوبر ويدللون على ذلك حتى سادت مقولة «إدفع مية وخد سورية» فهل أصبحنا معدومى القيمة عند المصريين لهذا الحد؟ وهذا يشوه صورة السوريين ويذلهم رغم أننا رفضنا ذلك من بشار الأسد.
وفى تقرير حديث صادر عن المفوضية السامية لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة مكتب القاهرة، أشار إلى أن السوريين فى مصر موجودين فى محافظات عدة منها الدقهلية بمدينة المنصورة والسويس والإسماعيلية والبحر الأحمر حيث مدينة الغردقة السياحية وعلى حدود مصر الغربية فى السلوم .. مشيرا إلى زيادة أعداد المسجلين من النازحين السوريين لدى المفوضية طوال الوقت حيث زادت من ألف شخص فى يونيو 2012 إلى 6097 سورى فى نوفمبر من نفس العام، حيث تقترب الأعداد حاليا من 13 ألف سورى مسجلين لدى مكتب القاهرة من بينهم 4261 ألف فى الإسكندرية حيث الطبيعة المشابهة للمناطق التى يعيشون بها فى سوريا و 1265 فى دمياط الجديدة حيث توافر فرص العمل هناك، وذلك رغم أن التقديرات تشير إلى وجود ما يزيد على 100 ألف سورى غير مسجلين فى مصر.
مشيرا إلى أن غالبيتهم يفدون إلى مصر من مدن حمص ودمشق وحلب السورية على الترتيب عن طريق الخطوط الجوية السورية أو إلى لبنان برا ثم القاهرة جوا، لافتا إلى أن السلطات المصرية تسمح للسوريين بالدخول إلى مصر دون تأشيرة ويمكنهم قضاء 3 شهور كزائرين لحين توفيق أوضاعهم من خلال إدارة الجوازات والهجرة المصرية، مشيدا بدور المنظمات الأهلية والجمعيات الخيرية المصرية التى توفر متطلبات السوريين فى مصر من غذاء وأموال ومتعلقات للسكن وتوفير فرص العمل سواء فى الحرف أو المطاعم وغيرها.
وفى نفس السياق منعت الحكومة المصرية بعد سقوط الرئيس المعزول محمد مرسى دخول الاخوة السوريين إلى الأراضى المصرية الأمن خلال تأشيرة معتمدة من السفارة المصرية بدمشق.