السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المثقف رأس الرمح فى مواجهة عصابات الرجعية والاستبداد




إعداد - محمد عبدالخالق
 
على الذين يتباكون ليل نهار من زارعى الفشل والإحباط أن يصمتوا قليلا، فللثورة شعب يحميها، والذين يحيلون حياتنا إلى حائط مبكى كبير لفلول الإخوان ومبارك، يجب أن يدركوا أن الثورة يقظة وباقية، وأن مصر تستعيد عافيتها، وتصنع تاريخها الجديد انطلاقا من موجتى الثورة المصرية فى يناير 2011 ويونيو2013، فالثورة تخلق رهانها الخاص الآن وتؤكد إرادة المصريين فى غد أكثر جمالا وإنسانية، فالميادين التى امتلأت بالمتظاهرين السلميين ترغب فى استعادة الدولة المصرية من خاطفيها وسارقى ثورتها من القوى الرجعية المتمسحة فى الدين، والمتاجرة به فى دهاليز السياسة لن تقبل بديلا عن تحقيق غاياتها. الثورة بنت الناس والسلمية والخيال الجديد، ولذا لن يقف أمامها أحد مهما كان، وأى محاولة للالتفاف عليها ستفشل، والمتأسلمون الآن يحاربون معركتهم الأخيرة لذلك فهم يستدعون ميراث الإرهاب الذى تربوا عليه، لكنهم يتجاهلون أن قوة المصريين الآن فى تلاحمهم الوطنى ضد محاولات طمس الهوية الحضارية المصرية وصبغها بلون طائفى محدد. ستظل الثورة بنت التقدم، والتنوع، والتعدد الخلاق، لأنها ضد العالم القديم والتصورات الماضوية عن العالم والاشياء، ويكتمل سيناريو العار حين لا تكتفى القوى الرجعية من الإخوان المتأسلمين ومن والاهم من الإرهابيين بأن تقدم خطابا مفارقا للواقع، بل تدخل فى عداء مع الشعب المصرى وتحاول جر البلاد إلى العنف. ولكن لا محالة الثورة ستنتصر رغم أنف الفاشيين الجدد من القتلة والمرتزقة والإرهابيين.

 تخط الثورة طريقها إذن رغما عن كل معارضيها، وتظل معركة الثقافة معركة الأمة المصرية دفاعا عن هويتها الحضارية، بصيغتها الوطنية بنت التعدد والاختلاف، وتظل معركة المثقفين الطليعيين رأس الرمح فى مواجهة العصابات الرجعية التى تريد أن تغتال أنبل ما فى هذا الوطن، تغتال ثقافته الوطنية ومبدعيه وكفاءاته. فى هذه اللحظة الفارقة بحق يبدو حراك المثقفين التقدميين تعبيرا عن حراك عام فى الشارع المصرى وانسجاما مع الوجدان الجمعى الرافض لدولة الإرهاب الدينى وسحق المعارضين تحت بنادق اللحى الجديدة.

إن المعركة لم تكن يوما أكثر وضوحا مما هى عليه الآن، فالدولة المصرية بأطيافها المختلفة وبتنويعاتها المتعددة تحارب معركتها العادلة والنبيلة ضد من خانوها وروعوا شعبها ودنسوا مساجدها وحرقوا كنائسها، ليقف المصريون بصلابة ضد ناهبى ثورتهم، وسارقيها، من الرجعيين وتجار الدين وجميع المرتزقة والموالين لهم، من صبيان الأمريكان وخدم الاستعمار الجديد. مصر الآن تنفض عن كاهلها غبار الرجعية، مثلما تخرج أيضا من فخ التبعية المنصوب لها من زمن، والذى وقعت فيه بإرادتها - للأسف- وها هى تحاول الخروج منه بإرادتها أيضا، وستنجح لا محالة، لأن مصر الآن موصولة بثورتها، وبلحظتها المواتية فى آن، تأخذ زمام المبادرة الحقة لتدشين دولة مدنية ديمقراطية حديثة، بنت الخيال الجديد، والطليعة الثورية الشابة، والنخب الوطنية التقدمية، فالثورة ستخط طريقها رغم أنف كل معارضيها ومعوقى حركتها فى الداخل أو الخارج، خاصة وأن الوجدان الجمعى للأمة المصرية أظهر فى أكثر من مرة رفضه القاطع لدولة الاستبداد، والإرهاب الديني، والتى ثرنا عليها من أجل عالم أكثر عدلا وجمالا وإنسانية، كما أن موجتى الثورة المصرية يناير 2011، ويونيو 201٣ قد كشفتا عن ذلك التحالف القذر والمشبوه ما بين الفساد، والرجعية، وقوى الاستعمار الجديد، والذى نأمل أن تكون ثورة الثلاثين من يونيو قد وضعت له نهاية حقيقية، لتفرغ مصر إلى مستقبلها الذى يخصها وحدها، ولا يخص أحدا سواها.

إن معركتنا الآن هى الدستور خاصة بعد ما زج المتأسلمون موادا قامعة للحريات فى دستورهم المشوه، أملا فى التكريس للفاشية الدينية ومحاولة احتكار الحقيقة والتفسير القسرى للنصوص، لذا يجب أن يحوى الدستور تشديدا على عدم إنشاء الأحزاب على أسس دينية، وحل جميع الأحزاب الدينية، وتفكيك كياناتها الرجعية، لأنها تقسم الأمة المصرية وتفتت وحدتها، بسبب طائفيتها، من جهة، ومحاولتها الدائمة إجهاض الثورة المصرية من جهة ثانية، ومن ثم يجب التعاطى الحاسم مع هذا الأمر، خاصة أن خروج المصريين إلى الميادين كان بهدف الوصول الفعلى إلى دولة مدنية جديدة تنتصر لقيم الحداثة، والتقدم، والمواطنة، وهذا ما يجب على الدستور أن يتوخاه ويحرص عليه تحقيقا للأهداف التاريخية للثورة المصرية: عيش، حرية، عدالة اجتماعية، وما تحويه من انتصار للكرامة، واحتفاء بالطبقات الشعبية التى تعد بمثابة الكتلة الحرجة فى الثورة المصرية.

كما أن على الدولة المصرية ثقافيا بعد ثورة الثلاثين من يونيو المجيدة ألا تعيد إنتاج الماضى بسياساته وشخوصه، كما هو حادث الآن فى وزارة صابر عرب التعيسة، بل تسعى إلى التأسيس لوعى معرفى مغاير، يؤمن بالهوية الوطنية المصرية الجامعة، وبتجلياتها المختلفة، وينتصر لكل ما هو إنساني، وتقدمي، وحر، ونبيل، وهذا مرهون بأمرين: إرادة سياسية حقيقية ترغب فى إحداث قطيعة مع الماضيين المباركى والإخوانى البليد، وثانيهما نخب طليعية آتية من رحم الثورة ومعبرة عنها، وبما أن الثورة لحظات مستمرة من الفرز، فالمعيار الرئيسى هو مدى قدرة المؤسسة الثقافية على تنفيذ أجندة وطنية تقدمية للثقافة، تؤمن بالخيال الجديد، والتنوع الخلاق، وتدرك مسئوليتها تجاه ناسها وأمتها المصرية والعربية.