الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التسامح فريضة إنسانية




بقلم _ هشام زمزم

لم تتوحد الأديان والمعتقدات البشرية والمذاهب المتعددة والجماعات والفرق على شىء أكثر من كرامة وفضل صفة التسامح.
مما هو ثابت ومؤكد فى الحساب بعد الموت أن يحصل كل من الظالم والمظلوم على ما يستحقه من ثواب أو عقاب وعليه تكون من طبيعة الحياة وجود الظالم بدرجاته وصفاته - وأن العدل المطلق لن يتحقق فى الدنيا إطلاقًا وعليه فمن يبحث عنه ويجاهد فى سبيله فهو يبحث عن مفقود موجود فى الآخرة وليس الدنيا ثم ننظر إلى العدل من زوايا أخرى وهى من هو القاضى بالحقوق بين الناس؟ أليس بشر يقوم بعقله البشرى المحدود بتقييم الأفعال ودراسة الظروف المحيطة بالحدث ثم مقارنة النتائج بمثيلتها من المواقف، ثم إصدار الحكم العادل والموقف الصارم تجاه قضية ما.
إن جهل الإنسان بمحدودية العقل البشرى يجعله فى وهم وخيال يشاركه فيه الأغلبية البشرية متوهمين أن لهم القدرة والكفاءة على التقييم والتحليل وإصدار الأحكام والقرارات بكل قوة وهى همة زائفة لا تتعدد مهما تعاظمت حدود الكرة الأرضية التى هى فى الكون قطرة من محيط.
وهنا يظهر المؤمن بالغيبيات والحساب الإلهى الذى هو نافذ لا محالة وهو حساب العادل سبحانه وتعالى - المطلع حقيقة الإطلاع على السر وما يخفى فلا يعجزه سبحانه وتعالى وقادر على كل شىء فعندما يدرك الإنسان هذه الحقائق وتصبح عقيدة لديه وان رغبته السوية هى مقابلة العادل يوم الحساب ولا يرضى بغيره حكماً نهائياً ومعطى عظيم العطاء يكون اجتهاده فى عرض وفرض وجهة نظره فى حدود ألا يصل إلى الظلم الآخر ومعرضًا نفسه للعقاب من الجبار العلى القدير.
ولكن مع الأسف فغياب العلم والثقافة على الأكثرية من الناس خاصة الشباب يجعلهم مستهدفين من ارباع العلماء مما يوجهونهم بفهم خاطئ أو خائن فى سبيل قيادتهم إلى أهداف ظاهرها العدل المطلق وباطنها لا يعلمها إلا علام الغيوب وإن ما نشاهده من تقدم حضارى متفاوت بين شعوب العالم وهو مؤشر رئيسى على مقدار التسامح والتراضى فيما بينهم حيث إن الرضا بالواقع والإنجازات هو دافع للمزيد من العمل والإنتاج أما تفرغ الإنسان فى كثير من الأحيان لبيان ان فشله نتيجة لمؤامرة فردية أو جماعية أو ظروف قهرية واختلال أى أسباب دينية أو دنيوية ليبرر بها فشله وعدم اتباع المناهج السليمة فى تحليل المشكلة واستعراض المعوقات وطرح الحلول البديلة ثم اتباع منهج جديد وتقييم نتائجه كأسلوب علمى ناجح يمارسه من لهم الريادة.
ومن المؤسف ألا نتذكر كثيرًا مصر فى عهد الريادة والانفراد حيث كانت فى عهد يوسف عليه السلام أغنى وأقوى وأرقى بلد فى العالم.
حقًا هم أجدادنا - ولنا بهم كل فخر وعزة وكرامة ففى ذلك الزمان كانت مصر قبلة البشرية لمن أراد الدنيا أو الدين ففيها النبى هو وزير الخزانة وهو ليس من أهلها!!
تقبل وتسامح المصريون القدماء مع النوابغ من البلاد الأخري وقبلوا بهم حكاماً معهم في سبيل تقدم البشرية والتسامح مع الآخر يبدأ من التسامح مع الأخ ثم الجار ثم الصديق ثم بني الوطن ثم العالم أجمع فتكون أرض سلام واطمئنان ومأمن لكل خائف ضعيف.
وأن أجدادنا وأصهارنا هم القيادات فى القيم الإنسانية ونحن إن شاء الله على طريقهم سائرون ومهما طرأ على الأرض الخصبة من متغيرات فلابد من الذهب أن يعود لبريقه، والمصرى أنقى من الذهب الماس.