الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أقباط مصر تاريخ ووطنية




كتبت - وفاء وصفى
«مصر مثل المرأة التى تلد» بهذه الجملة وصف البابا تواضروس الثانى الأحوال فى مصر خلال هذه المرحلة الانتقالية. ففى عام حكم الإخوان حدث أكبر أعتداء علي الكنيسة المصرية تمثل فى الهجوم على الكاتدرائية المرقسية عقب إنتهاء تشييع جنازة ضحايا الخصوص وتلى هذا الأعتداء الحديث عن علاقات فاترة بين الكنيسة والحزب الحاكم بحسب ما أعلن الرئيس المعزول مرسى قبيل عزله.
 

وكان الحدث الأكبر عقب فض إعتصامي النهضة ورابعة الإعتداء علي الكنائس في مختلف المحافظات وخاصة في صعيد مصر وبالرغم أن الغرب كان دائماً يحاول إستغلال الأقباط في مصر للضغط علي الحكومات إلا ان المفاجأة الحقيقية التى اذهلت المجتمع المصرى والدولى معا جاءت فى رد فعل الكنيسة القبطية بجميع طوائفها تجاه الاعتداء الدموى الذى حدث من قبل جماعة الإخوان على كنائس مصر وأقباطها وكانت الخسائر كبيره وكاشفة لما كان يعانيه الأقباط فى ظل الحكم السابق الا ان الكنائس اعتبرت ما حدث شيئا داخليا جاء نتيجة انها جزء من هذا الوطن رافضة أى تدخل اجنبى على عكس ما قامت به الجماعة التى اخذت تحاول الاستقواء بالخارج وصل إلى حد الدعوة الصريحة للهجوم على مصر.

هذا الأمر الذى اوضح وكشف عن مدى وطنية أقباط مصر وليس هو بغريب عنهم فصفحات التاريخ مليئة بها وفى هذا التحقيق نستعرض معا بعض صفحات هذا التاريخ تقديرا منا لموقف أقباط مصر الذى اصبح واضحا ولا يقبل المزايدة.

وفى هذا يقول جميل فخرى استاذ التاريخ الكنسى بمعهد الدراسات القبطية بالعباسية ان ما حدث بداية من 26 يوليو حيث قام الأقباط بصوم رمضان مع المسلمين فى ملحمة تاريخية سجلها التاريخ حيث دقت أجراس الكنائس مع أذان المغرب إلى ما وصلنا إليه اليوم تكشف عن مواقف وطنية ليست غريبة على أقباط مصر.

 فيؤكد فخرى ان اكثر هذه المواقف تتجسد فى التاريخ الحديث وابرزها على الاطلاق ما حدث فى ثورة 1919 والذى كان من أهم ملامحها القمص «سرجيوس» والذى عرف بخطيب الثورة.

ويوضح فخرى ان هذا القمص دخل وخطب فى المصلين من على منبر الأزهر فى واقعة فريدة من نوعها حيث خطب خطبة ألهبت الحضور وقال جملته الشهيرة «لو كان الانجليز هدفهم حماية الأقباط كاقلية فليمت الأقباط جميعا وليحيا المسلمون جميعا».

ويشير فخرى إلى أن ثانى واقعة فى التاريخ تتجسد فى مائدة الوحدة الوطنية التى صنعها البابا الراحل شنودة الثالث مؤكدا أن المائدة لها عمق آخر يتضح فى انه وقت صلاة المغرب يقوم جميع الحضور بالصلاة داخل الكاتدرائية مما يؤكد على وحدة الروح والتناغم الحقيقى بين المسلمين والأقباط.

اما المثل الثالث فهو ما حدث مع البابا الـ109 بطرس الجاولى حينما كان يتعرض الأقباط فى عهده لنوع من انواع العنف جاء اليه قنصل روسيا واراد ان يستميل البابا فى صفه بنوع من الخداع والمواربة واكد له ان قيصر روسيا فى استطاعته حماية الاقلية الدينية فى مصر وكان يقصد الأقباط فكان رد البابا بسؤاله قائلا: «ايموت قيصر روسيا ؟» فاجابه القنصل «بالتأكيد» فقال له البابا «اذن اذهب وقل له ان الأقباط فى حمى اله لا يموت».

ويضيف فخرى ان وطنية الأقباط تجلت أيضا فى تنمية المجتمع حيث إن التاريخ يذكر ان اول من انشأ مدارس لتعليم الفتيات كان البابا كيرلس الرابع والذى عرف بأبو الاصلاح وكانت المفاجأة انه لم يقصر تعليم الفتيات على الأقباط فقط بل لكل المصريين.

ومن جانبه اكد كمال زاخر منسق جبهة العلمانيين أن الأقباط جزء اصيل من المكون البشرى فى مصر وربما يكون المكون الأقدم تاريخيا.

واضاف ان ارتباط الأقباط  بالارض عضوى  انعكس على حياتهم اليومية  وطقوسهم الدينية ومن  يراجع الادبيات المسيحية يجد تاريخها يرجع إلى 200 عام.

واستطرد مشددا « الأقباط ليسوا بحاجه إلى شهادة اثبات نسب ليؤكدوا وطنيتهم فهم  شأنهم شأن كل المصريين  فمصر كانت تسلم من مستعمر لآخر ولجأت القوى الخارجية إلى اللعب على وتر الأقلية لمحاولة شق الصف الوطنى.

مشيرا إلى أنه بعد الحرب العالمية الأولى عرض قيصر روسيا حماية الأقباط  فما كان من البابا ان يرفض عرضه ويؤكد أن الأقباط لا يطلبون الحماية إلا من الله وتكرر هذا الموقف مرارا.

موضحا ان الأقباط شاركوا   فى ثورة1919  وعندما كلف الوفد  بتشكيل الحكومة لم يطالبوا بحصة فى هذه الحكومة.

بداية حكم الرئيس الراحل عبد الناصر وقال: فى «كان الأقباط أكثر من تضرروا فى العصر الناصرى  بسبب القرارات الاشتراكية والتأميمية باعتبارهم يمثلوا كتلة تنموية كبيرة وبالرغم من ذلك لم يمثلوا قوة ضغط.

موضحا انه مع بداية  عصر تضرروا آيضا  إلا انهم رفضوا اللجوء للخارج بل على العكس شارك الأقباط وبقوة فى الدور الوطنى.

فقام أقباط المهجر بعمل جسر دولى للمعونة الدولية لمصر فى حرب الاستنزاف وكان الأنبا صموائيل اسقف الخدمات وقتها  يقوم بعمل يؤتى عمل وزير خارجية فيما يتعلق لامدادت الدول المانحة لكن لا احد يذكر هذا لان الإعلام كان مشبوها.

تجلت وطنية الأقباط  بشكل اكبر فى استهداف الكنائس مؤخرا اكثر من 80 مؤسسة تم تدميرها لم يلجأ الأقباط إلى  اللعب على هذه الورقة بل كان ردهم «تهدم كل الناس وتبقى مصر».

واختتم حديثه قائلا: اذا تحدثنا عن وطنية الأقباط على مر العصور فنحن بحاجة إلى سلسلة متصلة من الكتب لنرصد واقعا لن ينساها التاريخ لوطنيتهم.
واوضح القس رفعت فكرى رئيس لجنة الاعلام بسنودس النيل الانجيلى ان الأقباط خلال كل الأزمات التى مروا بها  من اعتداءات على مر العصور وهم يحتمون بالصلاة ويرفضون اى تدخل او عمل أجنبى فى مصر.

مشيرا إلى أن الأقباط تحملوا غياب الدولة فى حل المشاكل ولجأوا إلى جلسات صلح عرفية حتى يعيشوا فى سلام.

كما تحملوا الخطاب الدينى المتطرف حتى وصل الأمر إلى التعدى اللفظى على شاشات التليفزيون بدون محاسبة.

مشددا على ان امريكا والدول الغربية لا تعمل إلا لصالحها وكانت تستخدم «الأقباط» كورقة للضغط على الرئيس الأسبق مبارك لتنفيذ اجندتهم.
واستطرد قائلا: عندما أتى الإخوان للحكم لم تعد هناك حاجه للأمريكان للحديث عن حقوق الأقليات فى مصر وتحديدا الأقباط  لأن جماعة الإخوان كانت تنفذ الأجندة الأمريكية.

موضحا أن الدول الغربية لا تهتم الا بمصالحها والحديث عن حقوق الإنسان ورقة للضغط على الحكومات.

مشيرا إلى أن مصر تعانى من خطاب دينى متشدد منذ عهد الرئيس الراحل أنور السادات  مبررا ذلك بقوله «السادات اعطى ضوءا أخضر للجماعات الدينية للعمل فى مصر إلا ان الخطاب الدينى التحريضى أخذ فى الازدياد مع بداية حكم مرسى.