الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عبدالوهاب الملوح: لا تنتظروا الآن الكتابات الحقيقية عن الثورات العربية




كتب - خالد بيومى
عبدالوهاب الملوح شاعر وكاتب ومترجم تونسي، يكتب نصا لا ينشغل بتصنيفه، لا يحدد جنسا أدبيا بعينه، وإنما يكتب الشكل الذى يمكنه أن يعبر بشكل أوفى لما يشعر به ويحسه، أكد أن المترجم يجب أن يكون ملما بكل حياة الكاتب ومطلعا على اغلب أعماله حتى يستطيع ان يتفاعل مع الكتابة فى لغتها الأصلية، يرى أن الثورة التونسية لم تكتمل وتم اختطافها، وأن ما يجرى فى مصر هو استكمال حقيقى للثورة التى تحتاج إلى سنتين أو أكثر حتى تتمكن من تحقيق أهدافها.. عن كتاباته وترجماته ورأيه فى ثورات الربيع العربى والكتابة عنها ادبيا دار هذا الحوار:
 

■ أنت شاعر وروائى ومسرحى ومترجم.. كيف توفق بين هذه الاهتمامات؟
- اهتم بالكتابة فى مفهومها الشامل ولا أحدد لى جنسا بعينه اكتب الشكل الذى يمكنه أن يعبر بشكل أوفى لما اشعر به وما أحسه فى داخلي، لا أؤمن بالأجناس الأدبية والأسوار القائمة بينها فاليوم نتحدث عن الأدبية وليس الشعرية أو السردية فقط، الجمالية الأدبية عامة وهى ما يمكن ان نظفر عليه فى الكتابة دون تحديد جنس لها فالقصيدة نفسها أصبحت مزيجا من السردية والغنائية والشعرية والدرامية وهو ما نلحظه فى الكتابات الروائية الهامة حيث بدورها تتوفر على ذرى شعرية وفى الحقيقة أنا لا أخطط لما أكتبه إلا فيما يخص الهيكل العام لكن الجنس الأدبى لا أحدده ولذلك تجيء كتاباتى شعرا أو نثرا رغم إيمانى بما قد يتوفر عليه النثر من شعرية عالية انا أطارد كل ما هو جمالى أدبى عموما.

■ هل تؤمن بالتخصص أم الموسوعية؟
-كل كاتب يعمل على أن تكون كتاباته جيدة وجادة لابد له ان يكون موسوعى الاطلاع وأقصد بالموسوعية سعة الاطلاع والمعرفة حتى تجىء كتاباته ناضجة ودقيقة وحتى تكون فى مستوى ما ينتظره القارئ لكن هذه الموسوعية لا تعنى ان يكون متخصصا فى مجاله وهو الكتابة رغم ان هناك الكثير من الكتاب يمارسون الفن التشكيلى وفن السينما والموسيقى على محدوديتهم العددية وفى آخر الأمر هى عبقرية ان يكون المرء فنانا فى كل شيء وهى ليست متاحة للجميع.

■ أين تجد نفسك أكثر؟
 - أنا فى الأصل قارئ وأتنفس من خلال القراءة ومن بعدها أنا كاتب وباختصار أجدنى فى كل ما هو جمالى مبدع، لقد تمنيت أن أكون فنانا شاملا ولكن اكتشفت أن ذلك سيكون تشتيتا للطاقة وعدم قدرة على التركيز فى مجال بعينه، ولذلك انا كاتب فقط كاتب بالمفهوم الشامل.

■ ما أبرز القضايا التى تشغلك فى كتاباتك؟
-أول ما يهمنى هو الأسلوب فالمسألة الجوهرية فى الكتابة هى كيف نكتب وليس ماذا نكتب وكما قال الجاحظ من زمان المعانى مطروحة فى الطريق ولكن كيف يمكن أن نكتبها بالشكل الذى يجد صداه عند القارئ فالأسلوب وتقنية الكتابة هو ما يميز الكتابة عن بقية أساليب التعبير – فن تشكيلى / سنيما / رقص / موسيقى وكلما كان الأسلوب متميزا ومتفردا جاءت الكتابة قوية ونجحت فى شد القارئ إليها وطبعا انشغل بقضايا الإنسان وأساسا التحرر؛ الحب ؛ الكرامة هذه المواضيع التى لم يتوقف الفن عموما عن معالجتها جماليا ومقاربتها ابداعيا بل اعتقد ان جوهر الكتابة هو هذا التركيز على ما يهم الانسان عموما وما يحيط به من الطبيعة والبيئة والحيوان وما إلى ذلك طبعا هناك من يهتم بمواضيع اخرى كعلم المستقبل والتخيل العلمى والغرائبية والفكاهة واعتقد ان على الكاتب ان يستثمر كل ما هو جمالى من اجل خدمة الإنسان فتاريخ الكتابة هو تاريخ الإنسان.

■ عناوين أعمالك اشكالية ولافتة.. كيف تختار عناوين كتبك؟
-عادة ما لا أفكر فى العناوين هى تأتى بحسب ما يمليه النص ومواضيعه ولو انى اكتشفت أن اغلب العناوين نابعة من طبيعتى الخاصة والميالة للعزلة والتوحد: رقاع العزلة الأخيرة / الواقف وحده / انا هكذا دائما / سعادة مشبوهة / الليل دائما وحده العنوان مهم جدا فى الكتاب انه المدخل له وهو الباب الذى نلج عبره إلى عالم الكتاب ومحتواه وشخصيا تثيرنى العناوين اللافتة واعتقد ان الكاتب الذكى هو من يستطيع ان يجد عنوانا لافتا لكتابه طبعا هناك بعض العناوين المخادعة التى تكون لافتة ولكن يكون محتوى الكتاب من الداخل فالصو.

■ ترجمت رسائل فرديناند بيسوا المعروف بصعوبة ترجمته.. كيف تغلبت على هذه الصعوبات؟
- فى الترجمة عموما لابد من فهم الكاتب أولا وقبل كل شىء، ثم التماهى مع ما يكتبه بيسوا صعب خاصة فى أشعاره، انه صاحب اسلوب متغير أنا ترجمت الرسائل ولم اجد فيها صعوبة كبيرة الصعوبة وجدتها فى ترجمتى لهنرى ميشو فى كتابه «الحديقة الباذخة» لغة ميشو صعبة جدا ولا مرادفات لها فى الغالب كما ان أسلوبه معقد وغامض خاصة إذا عرفنا أن ميشو كان يكتب تحت مخدر لكن ترجمتى لنصه نجحت بشكل كبير، وهذا حسب رأى المتابعين للشعر الفرنسى وعموما من يذهب إلى الترجمة يجب ان يكون ملما بكل حياة الكاتب ومطلعا على اغلب أعماله حتى يستطيع ان يتفاعل مع الكتابة فى لغتها الأصلية ولعل اروع الترجمات هى تلك التى أنجزها أصحاب الاطلاع الواسع من مثل بسام حجار وسام الغزولى وسهيل ادريس ومحمد على اليوسفى وآدم فتحى وفاطمة ناعوت.

■ برأيك.. هل حققت الثورة التونسية أهدافها؟
- لا اعتقد ان ما حدث فى تونس هو ثورة انه تصدع نظام هو فى الأصل آيل للسقوط، كان يمكن ان نسميها ثورة لو تواصل اعتصام القصبة 1 والقصبة 2 وتم القضاء على كل مظاهر النظام السابق، لكن تم احتواء هبة الجماهير والانقلاب عليها ثم ما حدث من انتخابات من بعد قضت على كل آمال اكتمال الثورة لقد استولى الإسلاميون على ثورة الشعب التونسى وحولوها إلى غنيمة لهم يتقاسمونها فيما بينهم، ما يحدث فى مصر هو ثورة حقيقية فالمعروف تاريخيا أن الثورة لا تتم فى سنة أو سنتين ولكنها تتم على مراحل، وهو ما يحدث فى مصر الآن ولذلك اعتقد أن الثورة فى تونس مازالت ستكتمل انها فى مراحلها الأولى.

■ كيف تفاعلت إبداعيا مع الربيع العربي؟ وكيف ترى تأثيره على حركة الإبداع فى المستقبل؟
- أول من طلع بعبارة «الربيع العربي» هو اوباما وطبعا هى احتواء من الأمريكان لما حدث بالبلدان العربية، أنها النزعة الاستعمارية الجديدة اللغة مهمة فى هذا المجال لم أؤمن إطلاقا بـ«الربيع العربي» ووجدتنى أسخر ممن يكتبون عن «الربيع العربي»، يمجدونه ويمتدحونه كما لو انه الخلاص الأخير للعرب إنه لشيء مؤسف ان تجد عناوين من قبيل «ثورة تونس» «ربيع مصر» «دم الثوار» إنها اهانة كبرى للكتابة عموما، ولا اعتقد ان الكاتب الحقيقى بإمكانه ان يقع فى فخ ما يحدث، فكتابات صنع الله ابراهيم ومحمد مستجاب وادوارد خراط وحلمى سالم ومن قبلهم محمد عفيفى مطر وامل دنقل كانت ثورية، بل وتنبأت بما سيحدث الآن، واعتقد أن الكتابات الحقيقية لما يحدث الآن لا ننتظرها فى الوقت الحاضر.