الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الباز فى ذمة الله عن 28 عامـًا




توفى الدبلوماسى الشهير د.أسامة الباز المستشار السياسى للرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك أمس السبت عن عمر يناهز الـ82 عامًا، بعد صراع مع المرض دخل على أثره غرفة العناية المركزة بأحد المستشفيات.
أقيمت صلاة الجنازة على جثمان الفقيد بمسجد السيدة نفسية عقب صلاة ظهر أمس، وقد نعت الرئاسة د.أسامة الباز، الذى عمل بإخلاص من أجل بلاده، وقدم نموذجًا رفيعًا فى الكفاءة والوطنية.
ولد دكتور أسامة الباز بإحدى قرى محافظة الدقهلية عام 1931، حصل على ليسانس الحقوق عام 1954، ثم دكتوراه فى القانون عام 1962 من أمريكا.
بدأ الباز حياته العملية وكيلاً للنيابة، ثم عين بوزارة الخارجية سكرتيرًا ثانيًا عام 1958، ووكيلاً للمعهد الدبلوماسى ثم مستشارًا سياسيًا لوزير الخارجية، يعد د.الباز أصغر من حصل على درجة سفير 1975، ويوصف بأنه مايسترو السياسة الخارجية المصرية، وكان أحد مستشارى مركز الدراسات الإسرائيلية والفلسطينية بمؤسسة الأهرام، ومديرًا لمكتب الأمين الأول للجنة المركزية للشئون السياسية، ووكيلاً أول لوزارة الخارجية.
يشهد التاريخ المهنى للدكتور أسامة الباز محطات مهمة تمثل فخرًا لكل من شارك بها، فهو شارك فى مفاوضات كامب ديفيد وصياغة معاهدة السلام عام 1979 وتولى الملف الفلسطينى ـ الإسرائيلى لفترة طويلة، كما أنه أحد الذين اشتهروا فى الحياة السياسية المصرية طوال العقود الثلاثة الماضية على المستويين الرسمى والشعبى، وعرف عنه مشاركته فى الندوات الفكرية والثقافية، وهو شقيق عالم الجيولوجيا الشهير فى وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» دكتور فاروق الباز.
كان منصب المستشار السياسى للرئيس الأسبق حسنى مبارك منصبا حساسًا، أدرك د.أسامة الباز طبيعة هذا المنصب وحساسيته، وتفهم متطلباته فمثل له صيغة متوازنة إذ كان دائما قريبًا من دائرة صناعة القرار ومن دائرة الحكم، لكن من دون أن يتحمل مسئولية محددة.
رأى البعض د.أسامة الباز أحد أفراد «الحرس القديم»، الذى يرى بقاءه قريبًا من السلطة مرهونًا ومرتبطًا بعدم تغيير الأوضاع القائمة، وأن أى توجه إصلاحى يجب أن يخرج من تحت عباءة النظام نفسه، وعبر آلياته ووسائله.
واعتبر البعض اجتهاداته وآراءه فى بعض قضايا الإصلاح فضفاضة وحمالة أوجه، يمكن تفسيرها بطرق متباينة، لكن خلاصة ذلك كله أنه كان مع القول بالإصلاح وضد التغيير.
فى حين رأى البعض الآخر انه يجمع بين التوجهين، أى المطالبة بالإصلاح والتغيير فى الوقت نفسه، وأنه من الذين ينادون بفكرة تعديل الدستور أو بعض مواد، وقد وصف تعديل المادة «76» بأنه الأبرز والأهم فى مسيرة الإصلاح السياسى، وتوقع خطوات أكثر تطورًا فى هذا المجال فى مراحل مقبلة.
مثّل موقفه من التوريث صورة مرتبكة بقدر ما، فأوقعه اخلاصه للرئيس الأسبق مبارك فى بعض المطبات خصوصًا أنه كان يكن تقديرًا لابنه، ففى الخامس من نوفمبر 2002 قال «إن الرئيس مبارك لن يرشح نفسه فى الانتخابات الرئاسة المقبلة»، وأكد ترحيبه بتوسيع المشاركة السياسية وعدم حصرها فى عدد محدود، وأشار إلى أن الرئيس لا يفكر فى توريث الحكم لابنه.
وفى اليوم التالى 6 نوفمبر 2002، قال عبارة إلتوائية «إن الرئيس مبارك لا ينوى تمديد حكمه مدى الحياة»، ثم أوضح أنه من المبكر جدًا قول ما إن كان سيخوض الانتخابات، ونفى قيام الرئيس بتهيئة ابنه جمال لتسلم السلطة، وأن جمال بالذات لا يعد نفسه لتسلم السلطة أو شىء من هذا القبيل، على أن هذا يتناقض مع الروايات التى راجت حول أنه أحد أساتذة جمال مبارك، وفى مقدمة الذين حاولوا تهيئة جمال مبارك وتربيته سياسيًا وتعريفه بدهاليز الحكم، تمهيدا لتوليه السلطة بعد والده.
وخلافًا لكثير من دوائر الحكم، فإن د.أسامة الباز أشار فى مارس 2005، إلى أن الرئيس مبارك يدرس فكرة تعيين نائب له لأول مرة، وأشارت أصابع المراقبين وتقديراتهم إلى أن اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات آنذاك هو ذلك النائب.