السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الثقافة والنقش على الحجارة




فى الدول المتقدمة يتعامل المجتمع مع الفن والثقافة باعتباره ضرورة مجتمعية لا رفاهية، يتم البناء عليها من خلال جرعات ممنهجة ومتنوعة منذ الطفولة و بداية مع مراحل الدراسة المختلفة منذ الصغر وحتى نهاية العمر، علاوة على تنظيم رحلات دورية لزيارة المتاحف المختلفة، للتعريف بالفنون والثقافة بأنواعها، وهو أمر تحرص عليه معظم دول العالم بتعدد مستوياتها الثقافية والاجتماعية والمادية، وهو أمر يتوجب علينا كدولة صاحبة تاريخ عريق من الثقافة والفنون أن نهتم به، لتكون البداية بعودة حصص الأنشطة من تربية فنية وموسيقية ورياضية إلى مناهج التربية والتعليم فى مدارسنا، عملا بالمثل العربى الشهير القائل: «التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر»،إذ أن تعليم الثقافة والفنون منذ الصغر يعمل على تفتح الآفاق والرؤى لدى الطفل، وتعمل على تهذيب عقله وروحه، وليس باعتبارها سبيلا لتضييع الوقت.
علاوة على الجهود المنوط بالدولة تقديمها من خلال تطوير مناهج وزارة التربية والتعليم وعودة تلك الحصص الهامة، فللجهود المتوازية لمؤسسات الدولة الأخرى والمجتمعية أيضا  دور مهم فى ضخ الجرعة الثقافية، وصولا إلى الارتقاء بثقافة المجتمع وذائقته الفنية، لعلى أذكر هنا - على سبيل المثال وليس الحصر - عددا من المشاريع الهادفة التى أقيمت - على الرغم من توقف معظمها لسبب أو لآخر- ، خاصة فى العقد الأخير من عمر الدولة المصرية، منها مشروع «المدينة الفاضلة» والذى تبنته هيئة قصور الثقافة وقت رئاسة الفنان القدير الدكتور أحمد نوار لها وكانت تحت إشراف الفنان محمود منيسى، وكان يهدف إلى وضع تصور جمالى لعدد من القرى الفقيرة المحرومة من الخدمات بهدف الارتقاء بالثقافة والرؤية البصرية لسكان تلك القرى وأيضا من خلال بناء مسرح ومكتبة داخلها تكون ذخرا لسكانها.
سبق ذلك أيضا إنشاء إدارة «المعارض الطوافة» بقطاع الفنون التشكيلية والتى اعتمدت فكرتها على إقامة معارض وفعاليات فنية خارج جدران قاعات العرض التابعة له، أيضا مشروع «الفن والجماهير» والذى توليت الإشراف عليه ضمن فعاليات وأنشطة قطاع الفنون التشكيلية بدأ من العام 2007 وحتى عام 2011 والذى اعتمدت فكرته على تواجد فنانين شباب فى حالة إبداعية فى  قلب تجمعات مختلفة الفكر والطبيعة والمستوى ماديا وفكريا داخل عدد من الحدائق العامة، لكسر الفجوة بين الفنان والجمهور «المتعطش» للمعرفة والفن، وأخيرا بإنشاء قطاع الفنون التشكيلية برئاسة الفنان والدكتور صلاح المليجى إدارة «الورش المحلية والدولية» داخل «قصر الفنون» بالأوبرا يشرف عليها الفنان شاكر الإدريسى، علاوة على الدور الهام لهيئة قصور الثقافة من خلال إقامتها لورش فنية للأطفال وللكبار تجوب ربوع المحافظات المصرية، وأيضا من خلال مشروع «مسرح الجرن» - الذى توقف أيضا - ، وبالطبع لا أنسى هنا ذكر دور الجماعات الفنية المختلفة فى الفعل والتفاعل المجتمعى ومنها جماعة «اللقطة الواحدة» والتى يشرف عليها الفنان الدكتور عبد العزيز الجندى داخل كلية الفنون الجميلة بالقاهرة والتى اعتمدت على تحركات جماعية لفنانين شباب للرسم والتفاعل فى حارات وشوارع  مصر، وهى جهود مجتمعية جادة تحتاج منا الدعم والتشجيع.