الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الكرامة.. والمصالح الوطنية






محمد حمدى روزاليوسف اليومية : 22 - 11 - 2009


نعم مصر غاضبة، ومن حقها، فكرامة أي مواطن مصري بالداخل والخارج أكبر من أي شيء، ولا يمكن المساس بها أو الاعتداء عليها، وحسنا فعل الرئيس حسني مبارك في كلمته أمام مجلسي الشعب والشوري بالتأكيد علي أن كرامة المواطنين من كرامة الوطن، وأن مصر لا تتهاون مع من يسيء لكرامة أبنائها.
مؤكدا أيضا أن حماية المصريين في الخارج مسئولية الحكومة.
لكن من يتولي مسئولية شعب لا تحكمه العاطفة التي تحرك الشارع، وإنما يوازن بين العاطفة والمصلحة الوطنية، وهذا يستدعي حكمة كبيرة لإدارة العلاقات الدولية سواء كانت مع أشقاء عرب أما مع دول أجنبية.
وما يهمنا من أزمة مباراتي مصر والجزائر، أنه حان وقت وضع المصريين بالخارج في دائرة الاهتمام الحكومي، بشكل أكثر وضوحاً وقوة وفاعلية، وهذا لن يتحقق إلا عبر الدور القوي للدولة في محيطها الإقليمي والدولي.
وهذا يستدعي إعادة التفكير في أولويات الدور المصري، بما يعني ذلك من إعادة رسم الدوائر الحيوية، وإذا كنا في الماضي نتحدث عن الدائرة العربية باعتبارها الأولي بالرعاية والاهتمام فإنه أصبح لازما توسيع هذه الدائرة لتشمل الدائرة الأفريقية خاصة دول حوض النيل.
لكن هذا لا يعني أبدا انسلاخ مصر من محيطها العربي، وإنما التركيز بشكل أكثر جدية في جعل العلاقات المصرية مع دول حوض النيل لها أولوية في جميع مجالات التحرك السياسي والثقافي والاقتصادي والرياضي والشعبي.
لا أدعو مثلا لسحب الاستثمارات المصرية من الجزائر بعد الاعتداءات التي تعرضت لها، لكن أليس من الأولي أن تتوجه الاستثمارات المصرية الخارجية إلي دول مثل السودان وإثيوبيا وأوغندا وغيرها من دول حوض النيل التي نرتبط معها بشريان حيوي يحتاج إلي توثيق العلاقات الثنائية والجماعية.
أليس من العيب مثلا أن شركات النسيج المصرية تريد استقدام نحو عشرين ألف عامل آسيوي بمرتبات لا تقل عن 750 جنيها في الشهر للعامل، لأن هذه المصانع لا تجد عمالة مصرية، بينما المصريون يسافرون للعمل بالخارج بأقل من هذا الراتب ويتعرضون لإهانات لا تعد ولا تحصي.
أعتقد أننا في حاجة ماسة لإعادة ترتيب أولوياتنا الخارجية بما يتفق مع المصالح الوطنية، وإذا فعلنا هذا بشكل حقيقي فلن نعود مجددا لبحث موضوع كرامة المصريين بالخارج، فالدولة القوية بمكانتها وسياساتها الخارجية ودورها الإقليمي وحجم علاقاتها الخارجية، وشبكة المصالح الحقيقية والقوية التي تربطها بالآخرين، لا يمكن المساس بكرامة مواطنيها.