الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الشحات: تسلم الايادى «شماتة» ولنا رب ولكم رب «كُفر»




الاسكندرية - نسرين عبد الرحيم
اكد الدكتور عبد المنعم الشحات القيادى السلفى دعوات التكفير والتخوين والاقصاء، وتقاذفها الجميع فيما بينهم كما يتقاذف الأطفال الكرة، انتشرت خلال الآونة الأخيرة والكل يدعى أنه مجرد رد فعل وأن الآخر كان هو الفعل وبلغ الأمر مبلغه بدخول "الغناء" على خط الشماتة.
وقد استمعت إلى مقطع فيديو لأحد المطربين، ورغم أنه "يتبنى أن الجيش والشرطة اُضطروا إلى استعمال القوة فى فض اعتصام رابعة؛ إلا أنه انتقد بعض الأغانى التى تمجد هذا الفعل بنغمات فيها بهجة وسرور، مع أن الشعور الذى كان ينبغى نقله إلى المستمِع مِن وجهة نظره هو شعور الحزن الذى يخيم على مَن يضطر إلى قتل نفس مهما كان الفعل الذى اضطره إلى ذلك"، ولكن موسم المزايدات لا يعترف بمثل هذه المعانى الإنسانية. ثم ظهرت أغانٍ أخرى، وكان مِن أكثرها إثارة للجدال أغنية: "إحنا شعب وانتو شعب، ورغم أن الرب واحد لينا رب وليكو رب!"،وهى الأغنية التى أثارت استياء الكثيرين -وبعضهم من الوسط الفنى- وقد ردَّ مؤلف وملحن الأغنية بردود ملخصها أن الأغنية فُهمت خطأ، وهو العذر الذى لم يقبل من أنصار الإخوان قبل ذلك، ولا يمكن قبوله من أى أحد بالذات حينما يتعلق الأمر بقضية خطيرة مثل قضية التكفير أو التخوين.
وأضاف الشحات فى تصريحات صحفية يزداد الأمر خطورة حينما يكون ذلك عبر الغناء الذى يردده جمهور متنوع ليست لديه الحصانة الفكرية مما يترسب فى عقله الباطن من أفكار، وبينما كان التكفير العقدى لا يمر إلا عبر منظومة فكرية معينة لا تنتشر إلا بوسائل محدودة الانتشار؛ فقد أصبح "التكفير الغنائى" الآن وسيلة طيارة تحملها الميكروباصات والحافلات فضلاً عن التكاتك!
إن التكفير فى صورته العقدية المرادف للإقصاء فى صورته السياسية، وأخيرًا التكفير والإقصاء معًا فى صورته الغنائية هو نتاج مزاج نفسى منحرف يريد أن يستعلى على الآخر أو أن يهزمه فكريًّا بعيدًا عن مجال المجادلة بالتى هى أحسن، لقد بلغ هذا التعالى الكاذب ووهم التفرد برجل أن يقول للنبى -صلى الله عليه وسلم-: (يَا مُحَمَّدُ، اعْدِلْ!) (رواه البخارى ومسلم)، وقد شاء الله -عز وجل- أن يكون الخوارج من نسل ذلك الرجل. إن التكفير عند البعض لا يعدو أن يكون أسلوبًا لإغاظة الخصم عن طريق سلبه دينه أو وطنيته أو شرفه، فهو لا يعدو عند البعض أن يكون أسلوبًا من أساليب الشتم والسب، وإذا كان الشرع قد حرَّم السب والشتم إذ قال النبى -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلاَ اللَّعَّانِ وَلاَ الْفَاحِشِ وَلاَ الْبَذِيِّ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)؛ إلا أنه شدد فى أمر التكفير خاصة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا) (متفق عليه). ومن ناحية أخرى: فإن المتتبع لخطاب الأنبياء والمرسلين مع المشركين من أقوامهم يجد أنه ألين بكثير من الخطاب الذى يتراشق به المسلمون مع بعضهم البعض. فتأمل هذا الصبر والحلم من نوح -عليه السلام- مع قومه، مع كفرهم وعنادهم وطول نفسهم فى ذلك الأمر، وقد حكى الله -عز وجل- مثل ذلك الحوار بين عامة الأنبياء وأقوامهم.
فحبذا لو اقتصر الإنسان على التبرؤ من الأفعال التى يرى خطأها دون أن يحاول أن يجرد صاحبها من دينه أو من وطنيته؛ لا سيما إن كانت هذه الأفعال تدخل فى نهاية المطاف فى باب الاجتهاد السياسى أو كانت حتى من باب كبائر الذنوب والمعاصى.