الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

وجدى الحكيم يفتح صندوق ذكريات أكتوبر: حكاوى وأسرار أغاني يوم العبور




لأن «ملحمة العبور» حدث غير عادى فكان لابد أن تكون الحالات الغنائية التى تعبر عنه على نفس مستوى هذا الانتصار العظيم حيث قدم معظم مطربى مصر فى أكتوبر 73 نموذجا للفنان الذى يعبر عن نبض الشارع وفرحة المصريين بالعبور بعد أن سادت روح النكسة وهذا ما جعل الأغانى التى قدمت عن نصر أكتوبر خالدة فى عقول المصريين والعرب جميعا.

بهذه الكلمات لخص الإعلامى وجدى الحكيم أسباب نجاح أغانى أكتوبر.. مؤكدًا أن الأغنية الوطنية هى فى الأساس ابنة الإعلام الرسمى ولولا وجود الإذاعة التى كانت دومًا تفتح أبوابها لكل المطربين المصريين والعرب لما نجحت أغانى أكتوبر وغيرها من الأغانى الأخرى وهذا يفسر عدم خروج أغنية وطنية تعلق فى اذهان الناس لثورة 25 يناير و30 يونيو كما حدث فى أغانى أكتوبر الخالدة.

الحكيم فى حواره التالى يفتح صندوق ذكرياته ويتحدث عن كواليس تسجيل الأغانى الوطنية أثناء العبور والتى كان لها مفعول السحر على المصريين ورفع روحهم المعنوية وتفاعل فنانو مصر والعالم العربى مع هذه الحدث الاستثنائى.

■ بداية حدثنا عن أول أغنية سجلت فى استديوهات الإذاعة عن نصر  أكتوبر؟
ـ مع الساعات الأولى لعبور قواتنا المسلحة جاءت لنا أوامر بعدم تسجيل أى أغان جديدة لأن كل موارد الدولة كانت مخصصة للمعركة وأن يتم اختيار الأغانى الوطنية المسجلة والتى تناسب إذاعة البيانات العسكرية وبالفعل أذعنا بعد أول بيان عسكرى أغنية محمد فوزى «بلدى احببتك يا بلدى» ثم أغنية «الله أكبر فوق كيد المعتدى» وإذا بوردة فى مساء 6 أكتوبر تأتى لمبنى الإذاعة ومعها بليغ حمدى وعبدالرحيم منصور ومعهم أغنيتان عن أكتوبر وعندما رفض الأمن دخولهم لمقابلة بابا شارو اشتبكوا معه وعندما حاولت اقناعهم أن الظروف لا تسمح بتسجيل أغان جديدة ودخول المبنى اعتدوا على مما جعلنا نستخرج لهم تصريح لمقابلة بابا شارو وقدم بليغ حمدى إقرارا منه هو ووردة وعبدالرحيم منصور بالتنازل عن أجر الإنتاج الغنائى الخاص بنصر أكتوبر وتحملهم جميع أجور الفرقة الموسيقية والكورال ولم يكن أمام بابا شارو سوى أنه يفتح لهم أبواب الاستوديو وبالفعل تم تسجيل أول أغنيتين لملحمة العبور وهما «بسم الله ـ الله أكبر ـ بسم الله» وأغنية «على الربابة بغنى».

■ وماذا حدث بعد إذاعة هذه الأغانى؟
ـ بمجرد إذاعة «على الربابة» فوجئنا بتدفق جموع الفنانين على مبنى الإذاعة لتسجيل أغان تعبر عن فرحتهم بالعبور وفعلوا ما فعله بليغ ووردة حيث جاء نقيب الموسيقيين أحمد فؤاد حسن ليؤكد أن الفنانين المصريين ليسوا أقل وطنية من بليغ ووردة وتنازلوا عن جميع أجورهم وأجور الفرقة الموسيقية والكورال وبالفعل فتحت لهم أبواب الإذاعة وأقاموا طول فترة الحرب فى طرقات الإذاعة واستديوهاتها وذابت كل الخلافات الموجودة بين الفنانين فنجد وردة تضبط الميكرفون لفايزة أحمد وتغنى فى كورال غنوتها ونجد فايزة تعطى الدواء لعبدالحليم حافظ وشادية تحضر الطعام من بيتها للموسيقيين.

■ أغنية «عاش اللى قال» لعبدالحليم حافظ من أغانى أكتوبر الخالدة. حدثنا عن كواليس تسجيلها؟
ـ حليم غنى فى بداية العبور أغنية «لفى البلاد يا صبية» قبل «عاش اللى قال» حيث ارسلها مع محسن العياط ومحمد الموجى لرئيس الإذاعة لمراجعة النص لأننا كنا حريصين على النبرة الهادئة فى الإنتاج الغنائى حتى لا يحدث إسقاط نفسى على المستمعين كما حدث فى 67 وبالفعل جاء حليم للاستوديو لتسجيلها واستمر الغناء لأكتوبر إلى أن سجل حليم أغنية «عاش اللى قال ـ الكلمة بحكمة فى الوقت المناسب» والكورال يقول «عاش السادات» وإذا بالرئيس السادات يمنع إذاعة الأغنية لاعتراضه على وجود اسمه فيها وطلب من عبدالحليم حافظ إما حذف اسمه أو ذكر جميع الزعماء العرب الذين شاركوا فى العبور وبالفعل اعاد حليم تسجيل الأغنية بدون ذكر أى أسماء.


■ وماذا عن كواليس أغنية «رايات النصر» التى غنتها المجموعة؟
ـ هذه الأغنية لها قصة حيث فوجئت صباح 8 أكتوبر بالمخرج يوسف شاهين ومعه شريط أغنية «رايات النصر» التى كتبتها نبيلة قنديل ولحنها على إسماعيل ويقول مطلعها «جايين شايلين فى ايدنا سلاح ـ رافعين رايات النصر» وكان شاهين من المفترض أن يعرضها ضمن أحداث فيلم العصفور لكن طلب من بابا شارو إذاعتها وقال له «نصر أكتوبر» أهم عندى من نجاح فيلمى.


■ أغنية «عبرنا الهزيمة» التى غنتها شادية لها قصة طريفة حدثنا عنها؟
ـ فعلاً فبعد العبور بيومين كتب توفيق الحكيم مقالا بعنوان «عبرنا الهزيمة» وإذا بعبدالرحيم منصور يأخذ عنوان المقال ويكتب أغنية بنفس كلام عنوان المقال ولحنها بليغ حمدى فى ساعتين وسجلتها شادية وطلبوا إذاعتها فورًا ويفاجأ الناس فى اليوم التالى وهم يقرأون مقال توفيق الحكيم يسمعون أغنية عبرنا الهزيمة لشادية.

■ هل صحيح أن رئيس الإذاعة رفض غناء سعاد حسنى أثناء العبور؟
ـ سعاد حسنى جاءت الإذاعة بمشكلة حيث كانت لدينا تعليمات أن يكون تسجيل الإنتاج الغنائى فى هذه الفترة بالقوة الضاربة للصوت وعندما جاءت سعاد بأغنية «دول مين ـ دول مين ـ دول عساكر مصريين» كلمات أحمد فؤاد نجم وألحان كمال الطويل وطلبت من بابا شارو تسجيلها فرفض وحاول اقناعها بالتعليمات وأن هذه المرحلة لا تتناسب ونوعية أغانيها لكن تحت إصرارها وافق وسجلت الأغنية وأصبحت من علامات أكتوبر.

■ أغنية «أم البطل» من علامات نصر أكتوبر حدثنا عن كواليس تسجيلها؟
ـ عندما قامت الحرب واستشهد ابن شريفة فاضل فى أول أيام العبور لم نتصل بها احترامًا لحزنها على ابنها الشهيد لكن فوجئنا بها تأتى للإذاعة وتصر على الغناء لابنها ودخلت هى والشاعرة نبيلة قنديل وفى أحد مكاتب الإذاعة وكتبت أغنية «أم البطل» وسجلتها شريفة فاضل وأثناء التسجيل كل مطربين مصر وقفوا بجوارها شادية وفايزة أحمد ووردة لأنها تعرضت للإغماء أكثر من مرة وأصبحت «أم البطل» هى أغنية الشهداء فى كل العصور أيضًا لا أنسى المطربة شهرزاد التى جاءت لمبنى الإذاعة وكانت حالتها الصحية سيئة جدًا لكنها أصرت على تسجيل أغنية «سمينا وعدينا» ولم تغادر المبنى إلا بعد تسجيلها.

■ فى رأيك لماذا لم تحقق الأغانى الوطنية التى تم غناؤها لثورة 25 يناير كما حدث مع أغانى أكتوبر؟
ـ لأن أغانى أكتوبر كان بها نبض الحدث واحساس الانتصار وكانت الإذاعة تفتح أبوابها للمطربين لإنتاج أغانيهم على عكس الآن التليفزيون والإذاعة اغلقت استوديوهاتها علاوة على أن الأغنية الوطنية هى ابنة الإعلام الرسمى وهذا جعل أغانى أكتوبر راسخة فى عقول الناس واتذكر عندما عدنا للخريطة الغنائية الأصلية للإذاعة بعد انتهاء الحرب وبدأنا نذيع أغانى عادية لا تتصورى كم السباب والشتائم التى كانت تأتى لنا عبر الرسائل والتليفون يطلبون منا إعادة إذاعة أغانى أكتوبر من فرط ارتباطهم بها.