الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تل أبيب تهدد بالسلاح النووى لوقف تقدم المصريين




فى واشنطن فى التاسع من أكتوبر، اتصل السفير الإسرائيلى فى واشنطن، سمحاه دينيتس، بـ«كيسنجر» وطلب مقابلته بشكل فورى لأن الوضع خطير للغاية، التقى فى الثامنة صباحا بالبيت الأبيض ، قال له إنه حتى إن لم ينجح السوريون فى التقدم نحو الجولان، لكن الوضع فى سيناء «كارثى»، وأوضح له أن فى الثامن من أكتوبر فشل الهجوم المضاد الذى حاولت إسرائيل شنه ضد القوات المصرية، وأنها منيت بخسائر فادحة فى الأرواح، إضافة إلى 400 دبابة، وخلال اللقاء طالب السفير الإسرائيلى الدعم الأمريكى قائلا: «إننا نحتاج لكل دبابة أو طائرة ممكنة»، رد عليه «كيسنجر»: ليس لدينا دبابات متاحة، وعليك أن تعلم أنه إذا أرسلنا طائرات مباشرة من قواعدنا سنثير اضطرابات»، وأصر السفير الإسرائيلى على مطلبه كونهم فى حالة حرب، إلا أن وزير الخارجية الأمريكى كان يرى – من وجهة نظره – أن السفير الإسرائيلى يبالغ، وأن الوضع ليس مأساويا لهذه الدرجة. وبرغم كل شىء إلا أنه أراد أن هذا الصراع – الذى لايزال محدودا - لا ينجر لصراع قوى أكبر.

فقد كانت الرؤية أنه طالما امتنع السوفيت عن إرسال الأسلحة والجنود امتنعت الولايات المتحدة هى الأخرى، ولكن إن أرسلوا لكان الأمريكيون شعروا بضرورة التدخل، لذلك كان «كيسنجر» لا يرغب فى أن يضطر لإرسال الجسر الجوى قبل الوقت المحدد. فى تلك الغضون كانت هناك معلومة مفاجئة بين القاهرة وموسكو وواشنطن، تلك المعلومة مفاجئة حتى يومنا هذا برغم مرور أربعين عاما على تلك الحرب، والتى يتم اعتبارها حتى اليوم معلومة سرية، فقد رفعت إسرائيل درجة الاستعداد لاستخدام السلاح النووى بمجرد عبور قوات الجيش المصرى للضفة الشرقية لقناة السويس وسقوط خط بارليف وأسر عدد كبير من جنودها.

ويقول «كونديت» عن هذا إن واشنطن علمت أن قاعدة صواريخ فى أريحا كانت على استعداد، والصواريخ المحملة بالرؤوس النووية كانت معدة للإطلاق، بمعنى أن الإسرائيليين وضعوها على منصات الإطلاق، واكتشفوا أن الإسرائيليين وضعوا جميع اسلحتهم على أعلى درجات الاستعداد. ولكن السؤال من فى إسرائيل يمكنه أن يتخذ قرارا خطيرا لهذا الحد، كان الإطلاق سيتم بموافقة مباشرة من رئيسة الوزراء «جولدا مائير» ووزير الدفاع «موشيه ديان». وحتى يومنا هذا لا يمكن الحصول على إجابة واضحة هو هذا الأمر من أحد المسئولين فى إسرائيل، ولكن إذا كانت الصواريخ النووية فعليا فى حالة استعداد، فما هى الأهداف السياسية والعسكرية لجولدا مائير من استخدام تلك الأسلحة.

يقول «كونديت» إنه يعتقد أن الأمر كان بمثابة رسالة بسيطة للغاية، هى أنه فى حالة استمرار المعركة لوقت أطول فإن إسرائيل ستواجه ما أسماه بـ«خطر وجودى»، وأن لديها القدرة على الرد بشكل يمكنه تدمير مصر. ويرى وزير الخارجية السابق «أحمد أبوالغيط» أنه ربما هددت إسرائيل باستخدام الأسلحة النووية أمام الأمريكيين للحصول على البندقية (M16) وطائرات وصواريخ، ومعدات وأسلحة أخري. لكن التقرير الإسرائيلى أكد أنه كان من الصعب أن يتم تحديد أهداف «جولدا» من هذه الخطوة.

فى تلك الغضون حاول «كيسنجر» القيام بكل شيء لمنع خروج الأمر عن السيطرة، وحاول طرح مبادرة ربما يمكنها وقف اطلاق النار وتحول الصراع على الصعيد الدبلوماسى. وأكد «كونديت» أن «كيسنجر» ظن أنه إذا حقق وقف لإطلاق النار فسيحقق توازنًا نسبيًا فى الموقف.
فالإسرائيليون كانوا الرابحين على الجبهة السورية، أما فى سيناء فقد نجح المصريون فى عبور القناة، وبدا التوقيت مناسبا لوقف اطلاق النار، فقد وافق الروس والإسرائيليون أيضا ، ولكن السؤال الذى شغل بال الأمريكيين ، هل سيوافق «السادات».

ويروى «أبو الغيط» أنه يعتقد أن ساعتها كان من الصعب على الرئيس المصرى الموافقة على تلك المبادرة، فالمصريون لم يكتفوا، الجنود على الجبهة شعروا بالنصر، ولم يكن هناك من يرى أنه تم تحديد الهدف المرجو من العملية العسكرية، فقد كانت مسألة وقت، لذلك فقد رفض «السادات» تلك المبادرة، وأمر بمواصلة الهجوم.

ومن جانبه يكشف «كونديت» أنه عندما رفض الرئيس المصرى الوقف الفورى لإطلاق النار غيّر «كيسنجر» من موقفه، وقال إنه يجب على «السادات» أن يدرك أن هناك احتمالا أن يخسر المعركة قبل أن يحصل على قرار وقف إطلاق النار، وقرر وقتها إرسال الجسر الجوى لإسرائيل.
ورأت واشنطن فى رفض «السادات» مفاجأة، وهو ما اضطر الجانب الأمريكى للموافقة على منح الإمداد العسكرى المطلوب لإسرائيل. فالسوفيت يساعدون مصر وسوريا، فمخاوف «كيسنجر» من تدخل القوى العظمى فى الحرب بدأ يتجسد، فقد تم إرسال معدات القتال إلى الجانبين، وبدا أن الحرب قد تستغرق عدة أشهر.

فى الثانى عشر من أكتوبر جلس قادة الجيش المصرى - على رأسهم الفريق أول أحمد إسماعيل وزير الدفاع ، ورئيس الأركان الفريق سعد الدين الشاذلى -  ليناقش تطورات المعركة، فى التوقيت الذى هبت فيه رياح سيئة من الجبهة السورية، فالجيش السورى ينسحب من كل المواقع، حتى العاصمة دمشق باتت مهددة، ومصر وجب عليها القيام بشىء، فطلب وزير الدفاع «أحمد إسماعيل» بنشر قوات الجيش المصرى فى سيناء حتى محورى «الجدى» و«متلا» لدعم الجبهة السورية، إلا أن رئيس الأركان الفريق «الشاذلى» رأى أن هذا سيعرض الجنود لخطر استهدافهم بطيران إسرائيلى، لكن وزير الدفاع طالبه بعدم النقاش، فالقرار سياسى والهجوم سيبدأ فى الرابع عشر من أكتوبر وهو ما خلق بلبلة لدى رئيس الأركان، فقد كان مقتنعا أن تطوير الهجوم فى سيناء لن يساعد السوريين، وقبل كل شىء سيشكل خطورة على المصالح المصرية، لكن القرار كان صادرا من الرئيس «السادات» فلم يناقشه.

يروى «أبو الغيط» أنه يعتقد أن «السادات» أراد أن يثبت للسوريين أنه يمكنهم الاعتماد على المصريين، كما أنه كان يعتقد أن يمكنه دفع الإسرائيليين لمسافات أبعد. فى نفس التوقيت فى إسرائيل تم استدعاء رئيس الموساد «تسيفى زامير» لمكتبه بتل أبيب، حيث طلبت «جولدا مائير» مقابلته فورا ، فقد كانت هناك معلومة يمكنها تغيير مصير الحرب القائمة فى سيناء، وربما مصير الحرب كلها، قرار العبور المصرى لتلك المحاور، فقد كان رئيس الأركان الإسرائيلى «أليعازر» متواجدًا، وكان الجميع يدرك الوضع، حيث إنه اذا عبرت كتيبة دبابات مصرية للقناة فإنها ستصبح وراء الدفاعات الجوية ويمكن للطيران الإسرائيلى إصابتها. ويروى «زامير» أنهم رأوا أنه فى حالة عبور المدرعات والدخول فى قتال متنقل فالفرصة ستكون سانحة للإسرائيليين لإلحاق الأضرار بالجانب المصرى.

يرى عدد من المسئولين الإسرائيليين أن تلك المعلومات أنقذت دولة إسرائيل، وأخرجتها من الحرب -خائبة الظن- ولكن رأسها كانت لاتزال على كتفها، وهو ما يعتبره البعض انتصارًا تكتيكيا. وبالفعل بدأ فى صباح الرابع عشر من أكتوبر عبور الدبابات المصرية لبدء الهجوم، لكنها تحركت بدون دفاعات جوية فأصبحت صيداً سهلاً لطائرات الجيش الإسرائيلي- بحد زعم التقرير الإسرائيلى، فخلال الساعات الأولى سقطت 250 دبابة، لينسج الجيش المصرى لرؤوس الكبارى على ضفة القنال، فى محاولة لإضفاء صبغة النصر على الهزيمة الموجعة التى منوا بها.

وقتها تم تعيين اللواء احتياطاً «حاييم بارليف» قائدا لجبهة سيناء، وأبلغ «جولدا» أنباء الحاق الأضرار بقوات الجيش المصري، وزعم التقرير الإسرائيلى أن هجوم السادات كان كارثياً بالنسبة للجيش. وقال «أبو الغيط» إنه كان قرارا سيئا ودفع الجيش ثمنه غاليا، مرتين أو ثلاثا، الخسائر التى وقعت يوم الرابع عشر من أكتوبر، كذلك نجح الإسرائيليون فى اختراق خطوطنا من خلال الثغرة، ثالثا الثمن الذى تم دفعه خلال المفاوضات فى التسوية المستقبيلة التى تبلورت بعدها.

ويقول الفريق «الشاذلي» الذى عاد يومها من الجبهة إنه اليوم الأسوأ على الاطلاق منذ بدء الحرب، وأوضح أنه لا يتفهم سبب اتخاذ هذا القرار. فى تلك الغضون بدأ الإسرائيليون التخطيط لعبور 400 دبابة للضفة الغربية من قناة السويس لاحتلال السويس والمضى قدما صوب القاهرة. فرقتان مدرعتان إسرائيليتان بقيادة كل من اللواء «شارون» واللواء  «أدان»، ويوضح اللواء احتياط «جاكى ايفين»،نائب قائد الكتيبة 143 التابعة لفرقة شارون، أن هناك حالة من التفاؤل سادت بين الجنود الإسرائيليين، وكان هناك شىء واحد واضح، أنه يجب عليه فى ليلة واحدة عبور الجانب الآخر من القنال، ولم يكن أحد يعلم لأى معركة سيدخلون.

يومها قال «بارليف» لـ«شارون»: «كل آمال الإسرائيليين باتت معلقة عليك»، وطالبه بنصب رأس كوبرى بطول أربعة كيلو مترات، وأن هذا الأمر أصبح ملقى على عاتقه. كان «شارون» يرغب فى عبور القناة وأن تطأ قدما أفريقيا، فالأمر كان سيخدم توجهه الجديد فى عالم السياسة، فكان هذا الانتصار سيدعمه داخليا فى المعترك السياسى الجديد. لكنه فى نفس الوقت أدرك أنه لا يمتلك دعماً من جانب القيادة، وبدأ تحركه فى المنطقة الخاوية بين الجيشين الثانى والثالث الميدانى على الضفة الغربية للقناة، ونصب بالفعل رأس الكوبرى الذى كانت مهمته فى الأساس حمايته.

ويشير التقرير إلى أن المصريين تمركزوا فى منطقة «المزرعة الصينية» ومسيطرون على الطرق الرئيسية للقناة ولسيناء، وهو ما أوجب السيطرة عليها من قبل قوات «شارون» لتمرير الجسور المحمولة لعبور القناة ، فإذا لم تتم السيطرة ستمنى العلمية الإسرائيلية بالفشل. أدرك عدد من الجنود أن الأيام المقبلة ستشهد معارك عصيبة. وفى مساء الخامس عشر من أكتوبر بدأ قوات شارون مهاجمة «المزرعة الصينية»، أدرك الجانب المصرى أهمية تلك العملية، وأن مصير الحرب فى سيناء سيتم تحديده فى تلك المنطقة، وبدأت معركة سابقة النظير، قتالاً متلاحمًا، الوجه فى الوجه، وتمسك الجنود المصريون بتلك النقطة لثلاث ليالٍ. ويقص هنا «يائير ليتبتش» قائد أحد سرايا الدبابات، أن الوضع كان عصيبًا، فقد اشتعلت دبابة قائده ولم يتعرف على هويته من حوله (قتلى أو أحياء)، وشعر بأنه أصبح وحيدا.

أضاف «ليتبتش» أنه تراجع لباقى القوات، وتحرك بين الدبابات الإسرائيلية المدمرة، واستمرت القوات المصرية فى القصف، ووصلت المعارك لذروتها واستطاعت القوات المصرية وقف تقدم تلك القوات. والتفت القوات الإسرائيلية على بعد كيلومترات من المكان لعبور القناة ، وبدأت فى انزال الجسر المحمول للماء لعبور الضفة الغربية، وفى صباح السادس عشر من أكتوبر نجحت 30 دبابة إسرائيلية ونحو 750 جنديًا من عبور قناة السويس، عبر «شارون» بشكل يخالف أوامر «بارليف»، وهو ما وصفه قادة عسكريون إسرائيليون ببدء المأساة الحقيقية فى صباح 16 أكتوبر، فقد سعى «شارون» فى التقدم أكثر بعيدا عن أوامر قيادته، وأصيب قائد جبهة سيناء «بارليف» ورئيس الأركان «بن أليعازر» بخيبة أمل شديدة، فلقد أمن شارون نقطة عبوره لكنه لم يحتل الطريق للقناة «المزرعة الصينية»، وباتت لديه رغبة فى مواصلة التقدم صوب القاهرة، وهو الأمر الذى سيجعله منعزلا، فالطريق نحو القارة الإفريقية كان بعيدا، حتى فى الأيام الأخيرة للحرب كان بعيدا.

وصلت معلومات لقيادة الأركان فى القاهرة عن التوغل الإسرائيلى غرب القناة، أدرك وقتها الفريق «الشاذلي»خطورة هذا التحرك، وأراد وقف هذا التوغل فورا، وإعادة قوات شارون للضفة الأخرى من القناة فى أسرع وقت ممكن، وطالب بإعادة تجميع القوات وسحب بعضها من شرق القنال، حيث رأى أن عددها أكبر من المطلوب، إلا أن وزير الدفاع «اسماعيل» رفض المطلب، وقال له أنه لن يعيد القوات من ضفة لضفة فقط لعدة دبابات إسرائيلية عاجزة.

فى السابع عشر عصرا اجتمع قادة الجيش الإسرائيلى لمناقشة الوضع، «ديان» و«بن أليعازر» و«بارليف»، و«شارون» الذى وصل متأخرا ومصابا، فقد مكث يومين فى جبهة القتال وفقد العديد من رجاله، وكان عليهم التخطيط للمرحلة المقبلة من العملية العسكرية التى بدأوها، فقد أمل «شارون» الحصول على أوامر ودعم لمواصلة تقدمه فى إفريقيا صوب القاهرة، إلا أن الأوامر صدرت بتجميد الأوضاع. وحدث وقتها نقاش حاد بين «شارون» وبين «بارليف»، ووبخه «بارليف» على تحركاته غير السليمة وعلى رأس الكوبرى غير المؤمن. كان رئيس الأركان «بنيامين بن أليعازر» يقف وكان عليه كبح ما يحدث، فالحرب الجلية بين جنرالاته ستعقد الأمر أكثر فأكثر، وهو ما لا يحتاجه خاصة فى ذلك الوضع. وأصدر أوامر لشارون بمواصلة تأمين رأس الجسر فقط وتوسيع مداه.

فى أعقابها نجحت القوات المدرعة الإسرائيلية فى العبور للجانب الغربى من القناة، جنوب مدينة السويس، وتقدم شارون صوب الإسماعيلية شمالا بفرقته لمحاصرة الجيش الثالث. فى ذلك الوقت بلغت التوترات لذروتها بين الفريق «الشاذلي» وبين «السادات» فى غرفة عمليات القوات المسلحة، حيث طالبه بسحب الجنود من رءوس الكبارى لحشد اكبر عدد من الجنود لمهاجمة قوات «شارون». أدرك السادات أن الوضع خطير، والمساعدات العسكرية الأمريكية تسمح لإسرائيل بخوض معركة طويلة الأمد، وهو ما لم يرغب به السادات، والآن جاء الوقت للمغامرة السياسية للكسب.. فالحرب يجب أن تنتهى، فالمعركة السياسية التى سيخوضها ستحسن من موقف مصر على طاولة المفاوضات.

وارتكز على الاستيلاء على خط بارليف والتوغل لسيناء، حيث رأى أنه كسب مكانا يمكنه من خلال الفوز فى المعركة السياسية، وفضّل الدخول للمفاوضات قبل أن يفرضها الأمريكيون. ويقول «صموئيل هاسكينسون» مسئول فى الاستخبارات الأمريكية أنه خلال تلك الفترة كانت هناك مساعٍ دءوبة من قبل الإدارة الأمريكية للتوصل لوقف اطلاق النار، حيث كانت هناك مخاوف من أن ينجح الإسرائيليون أكثر من ذلك، ساعتها لن يكون هناك توازن فى القوى، وفقا لرؤية «كيسنجر»، الذى رأى أن التوازن السليم يمكنه أن يقود لبناء سلام.

وبعد 19 يوما من القتال الشرس فى سيناء وغرب القناة، حل الجمود على ساحات القتال، فقد توقفت الحرب، بعد أن احتلت القوات الإسرائيلية منطقة أخرى غرب القناة وأصبحت تلك القوات عالقة، ومازالت القوات المصرية مسيطرة على رءوس الكبارى بالضفة الشرقية، وأحكمت الحصار على القوات الإسرائيلية التى اخترقت العمق المصري، إلى أن بدأت فى الثانى والعشرين من أكتوبر المحادثات ضمن المبادرة الأمريكية الروسية وفرضت الأمم المتحدة وقف اطلاق النار. وفاز «السادات» فى مغامرته، وبدا واضحا أن الإسرائيليين سينسحبوا من سيناء. بعدها بثلاثة أيام فى الخامس والعشرين توقف دوى الانفجارات، لتعلن عن انتهاء حرب أكتوبر «يوم الغفران» تلك الحرب التى لم يشهد مثلها من قبل تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى.

بعدها بأربع سنوات هبطت طائرة الرئيس «السادات» فى مطار «بن جوريون» بتل أبيب وسط دهشة وذهول عالمي، فبعد أكثر من أربعين عاما من الحروب بين العرب وإسرائيل يصل رئيس عربى إليها ساعيا للسلام. وقال التقرير إنه عندما وطأت قدم الرئيس المصرى أرض إسرائيل أدرك أن معركته قد انتهت، وسيعيد سيناء مرة أخرى للسيادة المصرية، وهو ما تحقق بعدها بعام مع توقيع اتفاقية «كامب ديفيد»، ولكن هدف زيارة إسرائيل كان مختلفا، فقد جاء لعرض سلام مع أعدائه اللدودين، وليس مجرد سلام بارد، ولكن سلاما شاملا دائما بين إسرائيل وجيرانها العرب. وكانت فى استقباله فى المطار «جولدا مائير» تلك المرأة التى رفضت مرات عديدة عروض السادات بالخوض فى «مفاوضات».