الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

محمد تهامى يكشف حقيقة العلاقة بين الصوفية والشيعة فى «حفيد المعز»




فى تقليد جديد، اختار الروائى محمد تهامى أن ينشر فصول روايته الجديدة «حفيد المعز» مسلسلة بجريدة «المواطن» رغبة منه فى استيضاح مدى قبول القراء للرواية وتعاملهم معها كعمل أدبى قبل نشرها مجمعة فى كتاب ورقي.

«حفيد المعز» هى الرواية الثانية بعد رواية «هيروبوليس» والعمل الأدبى الثالث إضافة لمجموعة «بنى آدم مع وقف التنفيذ»... الرواية تروى الحياة السرية لشخصية الإمام التاسع والأربعين نادر نورالدين للطائفة الإسماعيلية إحدى فرق الشيعة وثانى أكبرها بعد الاثنى عشرية اللتين يشتركان معا فى مفهوم الإمامة، إلا أن الانشقاق وقع بينهما وبين باقى الشيعة بعد موت الإمام السادس جعفر الصادق، هذه الشخصية هى شخصية مستوحاة من أئمة هذه الطائفة الذين يتسمون بحياة الخفاء، فهؤلاء الأئمة غير معروفين لأتباعهم إلا فى حالة اتخاذهم قرار الكشف عن هويتهم لأتباعهم.

كما تتجه الرواية لمناقشة حقيقة الارتباط بين الصوفية والشيعة التى تتهم دوما بأنها الباب الخلفى للشيعة، تبدأ أحداث الرواية فى عام 1980 فى طنطا فى وقوع جريمة قتل غامضة تحدث بجوار سيدى البدوى والضحية هو الشيخ نور الدين الإمام 48 للطائفة والد نادر، هذا الشيخ البسيط الذى عاش فى كنف سيدى البدوى، ليتولى «فتح الله» زوج أخته الكبرى تربية الإمام القادم ويتحمل مسئولية إخفائه وحمايته حتى يشتد عوده ويتحمل مسئولية الخلافة التى تنتظره، الأمر الذى يدعوه للهروب بنادر والأسرة جميعها فى قرية بعيدة بالصعيد، من خلال الأحداث يعرف القارئ أن جيران نور الدين يعرفونه كرجل بسيط يعيش فى زواية قريبه من مسجد الإمام السيد البدوى كأحد مجاذيبه الذين يعيشون على الصدقة، وليس الإمام صاحب ملايين الأتباع خارج مصر واسع الأفق الملم بالكثير بالعلوم الدنيوية والدينية الممارس للتقية أحد مظاهر الشيعة وهى التخفى خوفا من الإيذاء وحفاظا على حياة ابنه الإمام المنتظر.

إدراك نور الدين لقصر عمره هو السر فى اختياره لفتح الله بتولى مسئولية الإمام القادم، وهو ما فعله فتح الله فى معظم أحداث الرواية من محاولات شتى لإخفاء نادر وحمايته، لكن الإمام الحالى المتقدم فى السن يظل يبحث عن نادر ليحافظ على منصب الإمامة لابنه، فالصراع  على الإمامة فى الطائفة الاسماعيلية هو صراع مستمر، وغالبا ما يحدث ويؤدى الى انقسام الطائفة ليتبع كل منهم إماما مام كما أن  منصب الإمام له أهمية  اقتصادية وسياسية على مستوى العالم.

المفاجأة فى الرواية أن الإمام القادم نادر يشب مهتما بالعلوم الدينية و يبدأ نادر فى التواصل مع جمهوره عن طريق مدونة «الإمام المستور» و يتخلى عن مذهبه عائدا إلى جوهر الإسلام راغبا فى صلاة المسلمين متوحدين، ويؤيد الكثير من المسلمين دعوته، لكنه يختفى قبل موعد الصلاة!

زمن السرد عند تهامى واسع ورحب فلقد بدأ فى عام 1980 لينتهى فى عام 2020 يستوعب العديد والعديد من الأحداث والتغييرات الاجتماعية فنجد ان دخول التكنولوجيا والشبكة العنكبوتية يلعب دورا واضحا فى تواصل الإمام مع أتباعه وهو ما يتنافى مع مبدأ التقية، كما أنه أعطى الفرصة كاملة للكاتب فى استعراض الأفكار المتشابكة فى عقل نادر والتعرض من فصل لآخر لاستدعاء قصص تاريخية تفسر معاناة الأبطال بالرواية الذين يرتبطون جميعا بالبطل الرئيسى وهو نادر، فهو المحور الأساسى للرواية وحمايته هى المحرك الرئيسى لحيوات الأبطال.

رغم استخدام تهامى لأماكن واقعية كمدينة طنطا وضريح السيد البدوى وقرى الصعيد إلا أن اللمحات الأسطورية كانت مسيطرة على السياق العام للرواية نظرا لاستلهام حياة الأئمة بروحانياتهم وتطلعاتهم الإلهية وحلم الإمامة، إلى جانب اهتمام الكاتب بالحوار الثرى ذى الأجواء المسرحية وتدعيم الأحداث بالمشاهد التصويرية وكذلك المعلومات التاريخية، تهامى فى هذه الرواية لجأ لاستخدام تقنيات جديدة فى الكتابة الروائية لم يقترب منها بروايته الأولى «هيروبوليس» التى كانت تأخذ اتجاها أكثر خبرية وتقريرية وشبه خالية من الحوار ليفاجئنا برواية أكثر أسطورية وخيال وحالة إبداعية مختلفة.