الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الهيموفيليا» نزيف الدم المميت .. والتوعية خط الدفاع الأول لعلاجه




يعد مرض الهيموفيليا «السيولة فى الدم» مرض وراثى نادر وسببه نقص أحد العوامل اللازمة لتخثر(تجلط) الدم، كما لا ينزف عادة الأشخاص المصابون بالهيموفيليا بشكل أسرع من الأشخاص العاديين ولكنهم ينزفون لوقت أطول.. ودم هؤلاء الأشخاص لا يحتوى على كمية كافية من عوامل تخثر الدم وهى بروتينات موجودة فى الدم تعمل على تجلط الدم فى حالة حدوث نزيف مما يؤدى إلى مضاعفات صحية خطيرة تتضاعف إن لم يأخذ المريض العلاج فى الحال.. المشكلة أن المستشفيات تفتقد إلى القدر المعقول من العلاج إضافة إلى عدم وجود وعى كاف لدى الأطباء والمستشفيات والمدارس والأشخاص العاديين بكيفية التعامل مع مرضى الهيموفيليا مما يزيد من معاناة هؤلاء المرضى .

وفى مصر يولد كل عام حوالى 160 حالة هيموفيليا منهم 100 طفل يعانى من الهيموفيليا الشديدة أى أن معامل التجلط أقل من 1% ومنذ عام 2009 تتبنى جمعية أصدقاء مرضى الهيموفيليا والجمعية المصرية لأمراض دم الأطفال مشروع لإتاحة العلاج الجديد لكل مرضى الهيموفيليا الشديدة للأطفال المولودين، وتبلغ تكلفة العلاج الوقائى للمريض الواحد فى العام 100 ألف جنيه وتأمل الجمعية أن تنخفض إلى 50 ألف جنيه بعد تعاون الشركات المنتجة فى خفض الأسعار أو تقديم هدايا مجانية للمرضي.. هذا ما أكده د. د.مجدى الإكيابى مدير بنك الدم، مشيرا إلى أن هذا المرض مزمن وبالتالى تحسين نوعية حياة المريض أمر هام والمطلوب هو زيادة ميزانية علاج مرضى الهيموفيليا عشرة ملايين جنيه سنويا كمرحلة أولى لإنقاذ الأطفال حديثى الولادة المصابين قبل أن يتعرضوا إلى مضاعفات. وأضاف إن إجمالى عدد المرضى المصابين بالهيموفيليا وأمراض النزف الوراثية الأخرى والتى تم تسجيلها فى سجلات المعامل المركزية بوزارة الصحة وجمعية اصدقاء مرضى النزف منذ عام‏1971‏ يتعدى الخمسة آلاف مريض، مشيرا إلى أنه مرض وراثى يصيب الذكور فقط وذلك لاقتران جين الهيموفيليا بكروموزم الجنس وحيث أنها صفة وراثية متنحية فإن الإناث يحملن المرض دون الإصابة به ويتم توريثه للذكور، وهناك نوعان من مرض الهيموفيليا وتقسم شدة المرض إلي ‏3‏ درجات الدرجة الأولى وهى الخفيفة ويكون فيها معامل التجلط فوق ‏5%‏ والدرجة المتوسطة والتى يكون فيها معامل التجلط موجودا بنسبة تتراوح ما بين ‏1‏ و‏5%‏ وهناك الدرجة الشديدة ويكون نسبة معامل التجلط أقل من ‏1%‏ وهذا النوع الأخير يمثل أكثر من‏60%‏ من إجمالى عدد المرضى المشخصين فى العالم بما فيه مصر حيث يتعرض هذا المريض للنزف فى أى مكان من الجسم بصورة تلقائية أو عند أى إصابات طفيفة مما يجعل حياته عرضة لخطورة شديدة وبخاصة إذا أصيب فى الأماكن الخطيرة مثل نزيف المخ أو النزيف الشديد من الجهاز الهضمى الأكثر شيوعا وإصابة هؤلاء المرضى بنزيف متكرر فى المفاصل والعضلات يؤدى إلى التهاب مزمن بالمفاصل.. وقد أظهرت نتائج دراسة أجريت مؤخرا أن نتائج العلاج الحالى أظهرت فى مجموعة من المرضى تتراوح أعمارهم بين‏5‏ و‏15‏ عاما وبعد فترة متابعة لمدة‏5‏ أعوام أن ما يقرب من‏80%‏ من هؤلاء المرضى قد أصيبوا بدرجات متفاوتة من التلف والتعوق بأحد مفاصل الجسم أو فى عدد من هذه المفاصل وأن هؤلاء المرضى فى هذه الفترة قد عانوا من آلام مبرحة نتيجة النزف وتغيب عن الدراسة بل أن بعضهم توقف تماما عن الدراسة‏، كذلك أظهرت الدراسة أن عددا غير قليل من هؤلاء المرضى قد وصل إلى حد أنه لا يستطيع أن يمارس النشاط اليومى بصورة مستقلة مثل التنقل من مكان إلى آخر أو حتى تصفيف شعره وهؤلاء وكأى إنسان أخر يحتاجون فى أثناء حياتهم إلى إجراء عمليات جراحية ولإجراء تلك الجراحات يجب تغطيتهم بمعامل التجلط الناقص بكميات كبيرة ولفترات طويلة كذلك فإن نحو من ‏10‏% إلي ‏15%‏ من هؤلاء يصاب بتكون مناعة ضد عوامل التجلط مما يجعل علاجهم بهذه العوامل غير مؤثر فى إيقاف النزيف.

وتقول الدكتورة آمال البشلاوى أستاذ طب الأطفال وأمراض الدم كلية طب قصر العينى أنه حينما يتم اكتشاف مريض الهيموفيليا فى الأيام الأولى من حياته فى عملية الختان لأنه ينزف ولا يتوقف النزيف إلا عندما يأخذ المريض معامل التجلط الناقص أو مشتقات الدم التى تحتويه وفى بعض الأحيان يكون هناك نزيف شديد يجب فى هذه الحالة يأخذ المريض معامل التجلط المناسب حتى يتم توقف النزيف ووجود عامل التجلط فى المستشفيات أو التأمين الصحى لا يوجد بكميات كافية بحيث يتحول الأطفال إلى معاقين بينما هناك حاليا علاج وقائى ناجح لمنع تلك المضاعفات ويتم تناوله بكميات بسيطة ولكن بصفة مستمرة لمنع تلك المضاعفات واستعمال معامل التجلط ‏8‏ المخلق بالهندسة الوراثية يمنع الأمراض التى تنقل عن طريق الدم والبلازما‏.‏

ويسرد وليد قبيصى «38 سنة – مدير تجارى بقطاع التصدير والاستيراد وعضو مجلس إدارة جمعية الهيموفيليا تجربته مع المرض قائلا: بدأت حكايتى مع المرض منذ أن كان عمرى سنتين ووقتها كان تحديا كبيرا على عدة مستويات، الأول على مستوى التشخيص لأنه كان من فترة كبيرة ولم يكن هناك تطور مثل الآن وظل أهلى فترات طويلة حتى يستطيعوا معرفة حالتى وعندما بدأت العلاج وهو التحدى الثانى كنت أخذ دم كامل ثم أصبحت أعالج بالبلازما حتى وصلت للعلاج بالفاكتور أى معامل التجلط منذ عشر سنوات، وبالإضافة لذلك فهناك فوبيا لدى الأهل على الابن مريض الهيموفيليا حيث يتعاملون معه بحرص شديد وإن كانوا معذورين لان تعرض مفصل المريض للخبط يؤدى إلى تورمه، وهذا الحرص فى التعامل يؤدى إلى شعوره بالعزلة خاصة فى المدرسة.

ويضيف وليد أن هناك حوالى 6 آلاف مريض بالهيموفيليا فى مصر وهؤلاء هم المسجلين فقط لأن هناك مرضى فى الريف والصعيد غير مسجلين والمشكلة أن هناك عدم وعى بالمرض فى هذه المناطق ولذلك قامت جمعية مرضى الهيموفيليا بعمل مشروع بالتعاون مع سويسرا لزيادة الوعى فى مصر بهذا المرض واول فاعليات المشروع كانت فى أسيوط.