السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أعمال الحج والعمرة.. وفقاً لمعتمد دار الإفتاء المصرية




الحج -قصد مكةَ لأداء عبادة الطواف، وسائر المناسك، فى أشهر الحج؛ استجابة لأمر الله، وابتغاء مرضاته.
وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، وفرض معلوم من الدين بالضرورة. قال الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى لنَّاسِ حِجُّ البيت مَنِ استطاع إليه سَبِيلا [آل عمران: 97]، وقال سبحانه:  وَأَذِّن فِى لنَّاسِ بالحج يأتوك رجال وَعَلَى كُلِّ ضَامِر يأتين مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيق ليشهدوا مَنَافِعَ لَهُما ويذكروا اسم للَّهِ فِي أَيَّام معلومات [الحج 27، 28].
بداية المناسك:
الإحرام:
ها أنت أيها الحاج قد هيأت نفسك لبدء الرحلة المباركة، وقد أعددت ما يلزم لها، ومن هذا اللازم:
ملابس الإحرام:
(أ) إزار: وهو ثوب من قماش تلفه على وسطك تستر به جسدك ما بين سرتك إلى ما دون ركبتك. وخيره الجديد الأبيض الذى لا يشف عن العورة «بشكير».
(ب) رداء: وهو ثوب -كذلك- تستر به ما فوق سرتك إلى كتفيك فيما عدا رأسك ووجهك، وخيره أيضا الجديد الأبيض «بشكير».
واحذر أن تلبس -فى مدة الإحرام- فانلةً أو جوربا أو جلبابا أو شيئا مما اعتدت لبسه من الثياب المفصَّلة المخيطة.
لكن إذا كنت مضطرا فلك أن تلبس ذلك مع الفدية؛ فقد قال الله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَو بِهِأذي مِّن رأسه ففدية مِّن صِيَامٍ أَو صَدَقَةٍ أَونُسُك} [البقرة: 196].
(ج) نعل تلبسه فى رجليك يظهر منه الكعب من كل رجل، والمراد بالكعب هنا: العظم المرتفع بظاهر القدم.
وفى الشكل الآتى بيان لصورة ملابس الإحرام:
كل هذا للحاج الرجل، أما المرأة الحاجة فتلبس ملابسها المعتادة، الساترة لجميع جسدها من شعر رأسها حتى قدميها، ولا تكشف إلا وجهها وكفيها، وعليها ألا تزاحم الرجال، وأن تكون ملابسها واسعة لا تبرز تفاصيل الجسد وتلفت النظر، والمستحب الأبيض.
دخول مكة:
ها أنت أيها الحاج -أو المعتمر- على مشارف مكة محرمًا، فمتى دخلتها -بعون الله وتوفيقه- فاطمئن أولًا على أمتعتك فى مكان إقامتك، ثم اغتسل -إن استطعت- أو توضأ.
دخول المسجد الحرام:
ثم توجه إلى البيت الحرام؛ لتطوف طواف العمرة إن نويتها، أو طواف القدوم إن كنت قد نويت الحج.
وكبِّر، وهلِّل( ) عند رؤية الكعبة المشرفة وقل: «الحمد لله الذى بلَّغنى بيته الحرام، اللهم افتح لى أبواب رحمتك ومغفرتك، اللهم زد بيتك هذا تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة، وزد من شرفه وكرمه -ممن حجه أو اعتمره- تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًّا، اللهم أنت السلام ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام، وأدخلنا دار السلام»، ثم ادع بما يفتح الله به عليك، فالدعاء فى هذا المقام مقبول بإذن الله تعالى.
وإذا لم تحفظ شيئا من الأدعية المأثورة فادع بما شئت وبما يمليه عليك قلبك، ولا تشغل نفسك بالقراءة من كتابٍ غيرِ القرآن، فهو الذى تقرؤه وتكثر من تلاوته.
الطواف بالبيت:
ثم اقصد إلى مكان الطواف؛ لتبدأه وأنت متطهر.
واستقبل الكعبة المشرفة تجاه الحجر الأسود، واجعله على يمينك؛ لتمر أمامه بكل بدنك، واستقبله بوجهك وصدرك، وارفع يديك حين استقباله كما ترفعها فى تكبيرة الإحرام؛ للدخول فى الصلاة، كما هو مذهب الحنفية والأثرم من الحنابلة، ناويًا الطواف، مكبرا، مهللا، معلنا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، قائلًا: اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم اجعل الكعبة على يسارك مبتدئًا من قبالة الحجر الأسود، وسر فى المطاف -مع الطائفين- حتى تتم سبعة أشواط بادئًا بالحجر الأسود ومنتهيًا إليه فى كل شوط.
ويسن استلام الحجر الأسود وتقبيله عند بداية كل شوط إن استطعت، فإن شق عليك ذلك استلمه بيدك وقبل يدك، وإلا أشرت إليه دون تقبيل.
ويستحب أن تقول عند الاستلام ما تقدم من التكبير والتهليل، ودعاء: اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
ولا تشتغل فى الطواف بغير ذكر الله والاستغفار والدعاء وقراءة ما تحفظ من القرآن مع الخضوع والتذلل لله، ومن أفضل الدعاء ما جاء فى القرآن الكريم كقوله تعالى: {رَبَّنَا ءَاتِنَا فِى الدنيا حَسَنَة
وَفِى الأخرة حَسَنَة وَقِنَا عَذَابَ لنَّارِ} [البقرة: 201]، ولا ترفع صوتك، ولا تؤذ غيرك.
واستشعر الإخلاص، فالله تعالى يقول: {ادعوا رَبَّكُم تضرعا وخفية إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المعتدين} [الأعراف: 55].
ركعتا الطواف:
فإذا فرغت من أشواط الطواف السبعة فتوجه إلى المكان المعروف بمقام إبراهيم وصل فيه -منفردا- ركعتين خفيفتين ناويًا بهما سنة الطواف، أو صلهما فى أى مكان فى المسجد إن لم تجد متسعًا فى مقام إبراهيم، وادع الله بما تشاء وما يفتح به عليك.
ثم توجه إلى الملتزم وهو المكان الذى بين باب الكعبة والحجر الأسود.
وإذا استطعت الوصول إليه فضع صدرك عليه مادًّا ذراعيك، متعلقًا بأستار الكعبة، واسأل الله من فضله لنفسك ولغيرك فإن الدعاء هنا مرجو الإجابة إن شاء الله تعالى.
الشرب من ماء زمزم:
ثم توجه إلى صنابير مياه زمزم واشرب منها ما استطعت، فإن ماءها لما شرب له، كما فى الحديث الشريف( ).
السعى بين الصفا والمروة:
ثم ارجع -بعد شربك من ماء زمزم أو بعد وقوفك بالملتزَم- واسْعَ بين الصفا والمروة بادئا بما بدأ الله تعالى به فى قوله: {إِنَّ لصَّفَا والمروة مِن شعائر الله} [البقرة: 158].
ومتى صعدت إلى الصفا فهلل وكبر، واستقبل الكعبة المشرفة، وصلِّ على النبى المصطفى، وادع لنفسك ولمن تحب ولنا معك بما يشرح الله به صدرك.
ثم ابدأ أشواط السعى -سيرًا عاديًّا- من الصفا إلى المروة فى المسار المعد لذلك مراعيا النظام والابتعاد عن الإيذاء.
وأسرع قليلا فى سيرك بين الميلين الأخضرين -فى المسعى القديم والجديد علامة تدل عليهما-، وهذا الإسراع هو ما يسمى «هرولة» وهى خاصة بالرجال دون النساء.
فإذا بلغت المروة قف عليها قليلا مكبرا مهللا مصليا على النبى -صلى الله عليه وآله وسلم-، جاعلا الكعبة تجاه وجهك داعيا الله تعالى بما تشاء من خيرى الدنيا والآخرة لك ولغيرك، وبهذا تم شوط واحد.
ثم تابع الأشواط السبعة على هذا المنوال مع الخشوع والإخلاص والذكر والاستغفار، وردد ما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فى هذا الموطن: ((رب اغفر وارحم، واعف عما تعلم، أنت الأعز الأكرم، رب اغفر وارحم واهدنى السبيل الأقوم)) ( ).
وبانتهائك من أشواط السعى السبعة تكون قد أتممت العمرة التى نويتها حين الإحرام.
التحلل من العمرة:
وبعدها احلق رأسك بالموسى، أو قص شعرك كله أو بعضه، والحلق أفضل للرجال وحرام على النساء.
وبهذا الحلق أو التقصير للشعر يتحلل المحرم من إحرام العمرة رجلا كان أو امرأة، ويحل له ما كان محظورا عليه، فليلبس ما شاء، ويتمتع بكل الحلال الطيب إلى أن يحين وقت الإحرام بالحج حين العزم على الذهاب إلى عرفات ومنى.
هدى التمتع:
ومتى تمتعت على هذا الوجه بالتحلل من إحرام العمرة قبل الإحرام بالحج، فقد وجب عليك ذبح هدي؛ امتثالا لقول الله تعالى: { فَمَن تَمَتَّعَ بالعمرة إِلَى الحج
فَمَا استيسر مِنَ الهدي فَمَن لَّم يَجِد فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّام فِى الحج
وسبعة إِذَا رجعتم تلك عَشَرَة كَامِلَة ذَٰلِكَ لِمَن لَّم يَكُن أهله حَاضِرِى
المسجد الحرام} [البقرة: 196]، وهذا الهدى يجوز ذبحه بمكة عقب الانتهاء من التحلل من العمرة، كما يجوز ذبحه بمنى فى يوم العيد، أو فى أيام التشريق التالية له، أو فى مكة بعد عودتك من منى، ولك أن تأكل منه.
طواف القدوم للحاج المفرد:
من أحرم بالحج فقط أو كان محرمًا قارنًا بين الحج والعمرة، فإن عليه -حين وصوله إلى مكة محرمًا وبعد أن يضع متاعه ويطمئن على مكان إقامته- أن يطوف بالكعبة طواف القدوم سبعة أشواط، وله أن يسعى بين الصفا والمروة، حسبما تقدم، وله تأجيل السعى إلى ما بعد طواف الإفاضة ولا يتحلل من إحرامه، بل يظل محرمًا حتى يؤدى مناسك الحج والعمرة ويقف على عرفات، ثم يبدأ التحلل الأول ثم الأخير بطواف الإفاضة.
إعادة الإحرام للحج:
إذا كنت متمتعًا ففى اليوم الثامن من شهر ذى الحجة ويسمى «يوم التروية» تهيأ للإحرام بالحج على نحو ما سبق بيانه فى الإحرام حين بدء الرحلة، والبس ملابس الإحرام الموصوفة على الطهارة غسلا أو وضوءا ثم صلِّ ركعتين بالمسجد الحرام إن استطعت، وانو الحج، وقل إن شئت: اللهم إنى أردت الحج فيسره لى وتقبله مني.
ثم قل: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. ومتى قلت ذلك -بعد تلك النية- صرت محرمًا بالحج، ورددها كلما استطعت فى سيرك ووقوفك وجلوسك وارفع بها صوتك دون إيذاء لغيرك، والمرأة تلبى فى سرها، وداوم عليها وأنت فى الطريق إلى منى وإلى عرفات، وفى عرفات، وحين الإفاضة من عرفة إلى المزدلفة، وفى هذه الأخيرة، وعند وصولك إلى منى يوم النحر ولا تقطعها حتى تبدأ فى رمى جمرة العقبة.
الحج عرفة:
ثم استعد للوقوف بعرفة يوم التاسع من ذى الحجة؛ لأن هذا الوقوف هو الركن الأعظم للحج كما جاء فى الحديث الشريف: ((الحج عرفة)) فمن فاته الوقوف فقد فاته الحج.
 ويتحقق هذا الوقوف بوجود الحاج وحضوره، ولو لحظة، واقفًا أو جالسًا أو ماشيًا أو راكبًا فى أى وقت من بعد ظهر يوم التاسع إلى فجر يوم العاشر، والأفضل الجمع بين جزء من النهار فى آخره وأول جزء من ليلة العاشر منه، أي: قبيل غروب شمس يوم التاسع إلى ما بعد الغروب بقليل.
ويحسن أن تكون على طهارة، وأفضل الدعاء على عرفة ما جاء فى الحديث الشريف: ((أفضل الدعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)) ( ) واخشع وتذلل لربك نادما على ذنبك وخطاياك، راجيا عفوه، طامعا فى رحمته ورضوانه، متمثلا يوم الحشر الأكبر؛ فإن عرفة صورة منه، فقد حشر فيه الخلق من كل جوانب الأرض حجاجًا.
الصلاة بمسجد نمرة :
صلِّ الظهر والعصر يوم التاسع مقصورتين ((ركعتين لكل منهما)) مجموعتين جمع تقديم، أي: صلِّهما -فى وقت الظهر- مع الإمام فى مسجد نمرة إذا استطعت، ولا تفصل بينهما بنافلة، وإلا فصلِّهما حيث كنتَ فى خيمتك: كلًّا منهما فى وقتها، أو جَمعَ تقديم فى وقت الظهر.
إلى مزدلفة:
وعقب غروب شمس يوم التاسع يتوجه الحجيج إلى مزدلفة. 
وعند الوصول إليها يؤدى الحاج فرض المغرب وفرض العشاء جمع تأخير فى وقت العشاء.
ولك أن تبيت بمزدلفة حتى تصلى بها الصبح، ثم تتوجه إلى منى، وهذا متوقف على استطاعة المبيت بمزدلفة، وإلا فلو لم تستطع المبيت بها أجزأك أن تمكث بها قدر حط الرحال على مذهب المالكية، أو الوجود بها لحظة بعد منتصف الليل على مذهب الشافعية، أيهما أيسر لك.
ومزدلفة كلها موقف، وهى المشعر الحرام.
وأكثِر فيها من الذكر والدعاء والاستغفار والطلب من الله تعالى.
واجمع من أرضها الحصيات التى سترمى بها جمرة العقبة صباح يوم النحر بمنى.
 وهى سبع حصيات كل واحدة منها فى حجم حبة الفول.
ولك أن تجمعها من أى مكان غير مزدلفة، ولك أن تجمع جميع حصيات الرمى فى الأيام الثلاثة ومجموعها 49 حصاة سبع منها لجمرة العقبة يوم النحر وإحدى وعشرون للجمرات الثلاث فى ثانى أيام العيد ومثلها فى ثالث أيامه.
ومن بقى بمنى إلى رابع أيام العيد فعليه رمى الجمرات الثلاث كل واحدة بسبع حصيات كما فعل فى اليومين الثانى والثالث.