الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

الأندلسيون حرصوا على شراء الكباش للتفاخر رغم ضيق الحال




كتبت -  فاطمة التابعي

إحتفل المسلمون فى الأندلس بالعديد من الأعياد والمناسبات الدينية المختلفة ، ولم يكن الاحتفال بالأعياد يتم وفق نظام معين فكانت الأعياد الدينية يحتفل بها فى المساجد حيث كانت تتلى آيات من القرآن الكريم وينشد الشعراء القصائد الى جانب الموشحات الدينية وحلقات الذكر ثم تفرق الحلوى . فقد جرت العادة أن يحتفل الأندلسيون بأعيادهم بوسائل مختلفة أهمها الصور الدينية والاجتماعية وألعاب الفروسية ومصارعة الوحوش والصيد والغناء والرقص.

أما فيما يخص عيد الأضحى تحديدا فكان فرصة للاحتفال والتأنق سواء فى الطعام أو الشراب أوالملبس فيذكر بن عبد الرءوف أن كل أسرة فقيرة أوغنية كانت تحرص على تقديم الأضحية ،خروفا على الأقل وقد جرى التقليد على شراء الأضحية قبل النحر بيوم أو يومين وكان النحر مادة للتفاخر بين الأسر الأندلسية حيث يذكر الطرطوشى أن الناس يتنافسون فى الضحية للافتخار لا للسنة ولا لطلب الأجر بل لإقامة الدنيا. أما ابن قزمان فأشار فى أحد أزجاله إلى أن مجيء العيد يقترن بالغلاء وارتفاع الأسعار نتيجة لشدة الإقبال على شراء إحتياجات الأسر  فى مثل تلك المناسبات الهامة.

كما يصور ابن قزمان فى أزجاله كبش العيد وفرحة الناس به وطرق طهيه كما يصور منظرا من مناظر المدن الأندلسية فى القرن السادس لا يزال قائما حتى اليوم فى كثير من المدن الإسلامية ، فقبل عيد الأضحى ببضعة أيام تساق الخراف من كل مكان إلى ميادين تسور بأخشاب ثم يذهب الناس الى هذه الأسواق مزدحمين ، يقلبون الخراف ويساومون البائعين  ويدفعون ثمن ما اعتزموا شراءه وينادون الحمالين، فيرفع الواحد منهم الخروف على عنقه ويمضى به الى بيت المشترى ، أما من فاتهم الشراء لفقرهم فينتظرون يوما تقام فيه فى الحارات سرادقات تباع فيها رءوس الخراف ويقبل الفقراء على شرائها . وهو فى بلاد المغرب حتى وقتنا هذا.

ويقول ابن قزمان :»حـبـيـبـى كـبـش الـعـيـد أنا حـريـفـك  : ليس تصطحى تنفر ! ارحم ضعيفك

 إش حال جـبـيـنـك إش حال صديـفـك : إش حال شوايـتـك إش حال قديـدك»

وفى زجل آخر يقول :- «كبش باسم الضحية يشتريه كل مرتاد: فهو ظاهر لله والقصد فرح الأولاد.

 أش يقاس الإنسان من مرارة الأعياد : بالخروج للحصى تنطفى زى الأحرار»

وهذا لا يمنع أن عامة الأسر الأندلسية مهما كان مستواها المعيشى كانت تهتم بشراء كبش الضحية ، كمظهر من مظاهر إتباع السنة وإدخال الفرح والسرور على أهل البيت.

وقد أشارت الأمثال الشعبية الأندلسية للأعياد وما يتصل بها من احتفالات لما تتيحه من فرصة مناسبة لتبادل الزيارات وسماع الأخبار والروايات وقد عبرت هذه الأمثال عن ضيق الأندلسيين بهذه العادات بالإضافة الى زيادة نفقات الأسرة التى كانت ترهق كاهل رب الأسرة ومن هذا قولهم : « جىء العيد بخبر البارد وسلام المسوس». وكان عيد الأضحى مقرونا بكبش العيد ، وهو كلفة كان ينوء بحملها كثير من الناس حيث يقول المثل  «سليخة دم، وزيل الهم» ومثل آخر يقول «كباش الضحايا ، مالهم بقايا».