الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الشباب الصعيدى» يلقب مروجيها بـ«تجار السعادة»




قنا ـ حسن الكومى

 إهمال ونسيان الدولة للصعيد قتل الامل فى نفوس الشباب وأصابهم بالاحباط واليأس نظرًا لانعدام فرص العمل والخدمات مما دفعهم للهروب من الواقع وفقدان الامل بالغرق فى دنيا الادمان والمخدرات وتحول شباب القرى من خلية نحل فى العمل والانتاج الى  كائنات بشرية تعيش فى حالة من التوهان والخمول وفقد  أهلها مميزاتها الصون والعفاف وضاعت الفضيلة ولم يبق سوى اليأس وكل أنواع المحرمات فعمت الفوضى وسادت الجرائم بين الشباب الذين وجدوا ضالتهم فى تعاطى المخدرات ففى فترة الانفلات الامنى التى شهدتها الدولة عقب ثورة يناير وأبان حكم الرئيس المعزول «مرسى» فتحت الابواب على مصراعيها وغرقت الاسواق بالحبوب والمنشطات الجنسية الصينية وغيرها ومايعرف بصناعة بير السلم ولم تسلم محافظة قنا من تلك الظاهرة حيث تحولت الى وباء انتشر فى كل قرى ونجوع المحافظة وهناك اقبال كبيرمن قبل فئات عديدة  من المجتمع القنائى خاصة فترة الاعياد ومع قدوم فترت أجازة عيد الاضحى.

هذه التجارة نشطت ورأجت مؤخرا وأصبحت فى متناول الجميع حيث ينشط التجار فى فترة الاعياد ويتخذون من المقابر والمقاهى أماكن للتوزيع على عملائهم.

وفى المقابل تقوم مديرية أمن قنا مؤخرا بنشاط ملحوظ فى مقاومة هذه الظاهرة  وظهر ذلك بوضوح من خلال الحملات الامنية التى تشنها على الصيدليات فمنذ عدة أسابيع تمكنت اجهزة الامن بقنا من ضبط 150الف قرص مخدر من مختلف الانواع بحوزة صيدلى وشقيقه الطبيب البيطرى بمنطقة حوض 10 و منذ أسبوع تم ضبط رقيب شرطة بشرطة النقل والمواصلات وبحوزته 1000قرص من عقار «الترامادول» المخدر وحسب طبيعة محافظة قناالجغرافية  تعد قرى حمردوم وابو حزام بمركزنجع حمادى والحجيرات والسمطا بمركز دشنا من أكثر القرى تجارة فى هذه الانواع من الحبوب.

فى حين تعد قرية دندرة من أكثر القرى استهلاكا وتزداد أعداد المتعاطين والمدمنين بها يوما بعد يوم حيث  يتخذ التجار مداخل القرية ومقابر الموتى والمقاهى أماكنا لتوزيع الحبوب على عملائهم المعروفين لديهم.

الاكثر مرارة فى الامر أن قرى الحجيرات ودشنا الطفل الذى لم يتعد عمره 6 سنوات يستطيع أن يذكر لك جميع انواع الحبوب المنشطات حيث يتخذ التجار من الاطفال وسيلة لتوزيع الحبوب على المتعاطين. 

أحد التجار أكد لـ «روزاليوسف» أن  تجارة الحبوب تجارة مربحة وغير خطرة ومن السهل التنقل بها لانه يستطيع التخلص منها بسهولة فى حالة القبض عليه وأن حبوب «التمول والترامادول والام ترل وغيرها من الحبوب أصبحت مخلوطة بالمخدرات من حشيش وبودرة مما يزيد من مفعولها ويزيد من اقبال الناس عليه الى جانب  رخص سعرها.

وأشار الى أنه بعد الثورتين الليبية والمصرية بدأت تدخل هذه الحبوب بكل سهولة مهربة من ليبيا وعبرالحدود السودانية.
«روزاليوسف» التقت بعدد من متعاطى تلك الحبوب.

يقول «عبد الناصر . ض»: انه يعمل بالفاعل رزق يوم بيوم   وأحيانا يتأخر فى  العمل ساعات طويلة  ومن خلال عمله بطائفة المعمار نصحه أحد زملائه بتناول التمول وأعطاه نصف «حباية» وقتها شعرت بالنشاط وحيوية فى العمل ومرة فى مرة  اصبح لا يستطيع العمل بدونه لافتا الى أنه يتعاطى 3حبوب فى اليوم. 

«ويحكى طليحى . ر» قصته مع المنشطات الجنسية قائلا فى ليلة زفافه التى لم يتعدعليها عامان قام أحد أصدقائه باعطائه هذه الحبوب على أنها هدية وأن يعمل معاه دور واجب وبالفعل تناولتها وشعرت بمتعة ونشاط جنسى قوى وقتها  فبدا يجرب كل الانواع من الفراولة والفياجرا وغيرها حتى أصبح يتعاطى ما يزيد على 3 حبيبات يوميا وعند معاشرة زوجته بدونها لا يشعر بنفس الطاقة .

ويؤكد عبدالله ومصطفى واسماعيل وعلى» شباب فى سن العشرين أنهم يتعاطون الحبوب لانها تخرجهم من الملل والذى يعيشونه بسبب تعنت الآباء معهم نتيجة فشلهم فى التعليم وعدم وجود فرص عمل.

يقول عبدالله إنه عندما يتعاطى حبوب «الام ترل» يستطيع تقطيع جسده دون أن يشعر ودائما ما يتعاطى تلك الحبوب عندما يكون داخل فى مشكلة .
ولم ينج طلاب الثانوية العامة من تلك الحبوب فالبعض منهم يتعاطها خلال فترة الامتحانات لانها تساعده على السهر الطويل مما يمكنه من انجاز مهامه الدراسية.

وفى بعض قرى محافظة قنا تقدم الحبوب المنشطة الى جانب الافيون كروشتة لمراقبى لجان الامتحانات فى امتحانات الشهادات الابتدائية والاعدادية ليتركوا الطلاب يغشون فى الامتحانات.

ويرى حسين الصغير طبيب  أن الترامادول وباقى المنشطات مسكنات  للآلام  ولها مفعول مقارب للكودين وهو نظير له ويصنف ضمن مسكنات الألم من النوع الثانى ويؤثر على نفس مستقبلات المورفين وهو منافس على المستقبلات المورفينية. والأنواع المتداولة  الترامادول الصينى والإسرائيلى المعروف بالفراولة شديدة الخطورة على المتعاطين لافتا الى أن هذه الأنواع تكون فى الغالب مهربة.

 وحسب تقديرات أطباء يعالجون الادمان فإن نسبة الشفاء من العقاقير والمنشطات مثل التمول محبطة للغاية تصل إلى 20% فقط، فغالبا عند عودة المريض أو المدمن إلى المجتمع وحسب الحالة الاجتماعية المحيطة به والتى فى الغالب ما تكون سيئة  تحدث انتكاسة ليعود مرة أخرى للإدمان لتقلص النسبة إلى 4% بخلاف التدهور العام فى صحته سواء فى الكبد أو الكلى أو العجز الجنسي، بالإضافة إلى تنامى المرض النفسى لديه وشعوره بعدم الأهمية لأنه بدون هذا العقار يكون بحالته الطبيعية ونشاطه فقد بنسبة 75%  مما يدفع إلى زيادة الجرعة أضعاف مضاعفة .

يلفت «مصطفى الجزيرى» رئيس قسم الإعلام السابق بجامعة جنوب الوادى والمستشار الإعلامى لرئيس الجامعة   الى أن ما تبثه وسائل الاعلام والقنوات الفضائية من اعلانات وبرامج توك شو ساعد فى انتشار هذه المنشطات وسرعة تداولها بين الشباب ولم يصل الأمر الى هذا الحد بل وصل الى أن تطالب الزيجات أزواجهن بتعاطى تلك الحبوب نظرا لما يشاهدونه من اعلانات مثل تايجر كينج وغيرها مما ساعد على ارتفاع حالات الطلاق وانتشار الرذيلة فى المجتمع واتهم وسائل  الاعلام بان لها دورا سلبياً للغاية فى هذا الاتجاه وذلك نتيجة لغياب ميثاق الشرف الاعلامى ودور وزارة الصحة فى الرقابة على هذه الأنواع.

 ومن جانبه يؤكد «مدحت مكرم» أمين عام نقابة الصيادلة بقنا  أن 98%من الصيدليات لاتصرف هذه الانواع لانها جدول أول مخدرات لانه لايوجد نموذج لصرفها كى يقوم بصرفها الصيدلى ولكن تصرف فقط للاطباء ويتم تحديد الكمية ومدة الصرف حسب احتياج المريض للعقار وفى الغالب الطبيب لايصرف هذه العقاقير ويتم استخدام بعض المسكنات التى تعطى نفس المفعول مشيرا الى أن هذا العقار فى البداية كان لاأحد يلتفت له ولكن كل ممنوع مرغوب على حد قوله .

وأوضح أن المنشطات والحبوب الجنسية تباع فى الشارع على الموتوسيكلات ويتعاطها أى شخص مؤكدا أن السيدات اللاتى يعملن فى «كسر» محصول القصب يتعاطين تلك الحبوب لانهن يرين انها تساعدهن على العمل كذلك الشباب والمتزوجين يرون ذلك رغم أنها ماهى الا حالة نفسية يعيشها متعاطى تلك الحبوب مشيرا الى أن المسموح منه وفقا لوزارة الصحة من هذه الحبوب سوى  50ملى جرام اما ما يتداول من حبوب صينية وغيرها مهربة فنسبها عالية والبعض يقوم بخلطها بادوية وحبوب اخرى مما يشكل خطورة على متعاطيها تصل لحد الجنون مرجعا سبب الاقبال على تلك العقاقير إلى اعتبار الناس أنها منشطا ولذلك يتناوله العمال والسائقون والشباب وغيرهم ممن يتعاطونه بدافع القدرة على مواصلة العمل الشاق ليبدأ التعاطى بجرعة صغيرة يشعر معها بالنشاط ثم تزداد مع انخفاض قدرة المتعاطى على العمل بنسبة 75% مقارنة بقدرته على العمل قبل التعاطى مما يضطره إلى زيادة الجرعة ليستطيع المواصلة وتعويض ذلك النقص حتى يصل إلى مرحلة يجد نفسه بدون هذا العقار لا يستطيع التحرك ولا يستريح إلا بالحصول عليه وتعاطيه وطالب أمين عام نقابة الصيادلة بقنا  بتغليظ العقوبة على من يتاجرون بتلك الحبوب والمنشطات وتوعية الأطباء بعدم صرف تلك العقاقير إلا بروشتة.

يكمل  «بركات الضمرانى» عضو مركز حماية لحقوق الانسان قائلا: ان تجارة الاقراص المخدرة انتشرت فى الفترة الاخيرة واصبحت تشكل ظاهرة خطيرة نظرا لانعدام الامن والرقابة على الصيدليات فى الفترة الاخيرة على الرغم من انتشارها منذ عهد الرئيس الاسبق حسنى مبارك  واصبحت فى عهدالرئيس السابق محمد مرسى الى ظاهرة خطيرة جدا وربما تكون ظاهرة ممنهجة لاشغال الشباب عن القضايا المهمة وصرف انظارهم عن الحالة السياسية التى كانت تشغل الرأى العام كما ان تلك الظاهرة هى من اهم اسباب تدميرالقوة البشرية للدولة والتى تعد من اهم مقومات الدول.

وناشد الضمرانى المسئولين بتشديدالرقابة على الصيدليات والاماكن العامة التى يتم تداول الاقراص المخدرة بها مثل المقاهى ومواقف السيارات وضرورة وجود اجراءات للحد من تلك الظاهره مثل عمل فحوصات طبية للحصول على خدمات معينة من الدولة مع تغليظ العقوبات على المتاجرين بها والمتعاطين على ان تكون العقوبات متدرجة بالنسبه للتعاطى وتكون مغلظة للاتجارمع التنفيذ الى جانب انشاء مستشفيات لعلاج الادمان مثل السرطان.