الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

طواف الإفاضة .. وتوديع المسجد الحرام




للمرأة إذا فاجأها الحيض قبل طواف الإفاضة ولم يمكنها التخلف حتى انقطاعه أن تستعمل دواء لوقفه وتغتسل وتطوف، أو إذا كان الدم لا يستمر نزوله طوال أيام الحيض بل ينقطع فى بعض أيام مدته عندئذ يكون لها أن تطوف فى أيام الانقطاع؛ عملا بأحد قولى الإمام الشافعى القائل: إن النقاء فى أيام انقطاع الحيض طهر، وهذا القول أيضا يوافق مذهب الإمامين مالك وأحمد.
وأجاز بعض فقهاء الحنابلة والشافعية للحائض دخول المسجد للطواف بعد إحكام الشد والعصب وبعد الغسل؛ حتى لا يسقط منها ما يؤذى الناس ويلوث المسجد، ولا فدية عليها فى هذه الحال باعتبار حيضها -مع ضيق الوقت والاضطرار للسفر- من الأعذار الشرعية.
وقد أفتى كل من الشيخ ابن تيمية والشيخ ابن القيم بصحة طواف الحائض طواف الإفاضة إذا اضطرت للسفر مع صحبتها.
والنفساء حكمها كالحائض فى هذا الموضع.
طواف الوداع:
اسمه يدل على الغرض منه؛ لأنه توديع للبيت الحرام، وهو آخر ما يفعله الحاج قبيل سفره من مكة بعد انتهاء المناسك، وقد اتفق العلماء على أنه مشروع، متى فعله الحاج سافر بعده فورا، ثم اختلف العلماء فى حكم هذا الطواف: هل هو واجب أو سنة؟
بالأول قال فقهاء الأحناف والحنابلة ورواية عن الإمام الشافعي، وبالقول الآخر قال الإمام مالك وداود وابن المنذر، وهو أحد قولى الإمام الشافعي، والفتوى فى دار الإفتاء المصرية على الثاني.
يستحب تعجيل العودة:
عن عائشة -رضى الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «إذا قضى أحدكم حجه فليتعجل إلى أهله؛ فإنه أعظم لأجره» ().
زيارة المدينة المنورة:
إذا لم تكن أيها الحاج قد بدأت هذه الرحلة المباركة بزيارة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فمن السنة وقد فرغت من مناسك الحج أن تقوم بها؛ فإنه من أعظم الطاعات وأفضل القربات، وفى فضلها أحاديث شريفة كثيرة، ولتقصد من الزيارة: الصلاة فى حرمه الآمن؛ تحصيلا للثواب، فقد ورد فى الحديث الشريف عن صاحب هذا الحرم -صلى الله عليه وسلم-: «صلاة فى مسجدى خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» ()
خطة هذه الزيارة وآدابها:
يسن للزائر -بعد أن يطمئن على أمتعته ومحل إقامته- أن يغتسل ويلبس أحسن ثيابه ويتطيب، وإذا لم يتيسر الاغتسال اكتفى بالوضوء.
ثم يتوجه إلى الحرم النبوى متواضعا فى سكينة ووقار، فإذا دخل من باب المسجد قصد إلى الروضة الشريفة وهى بين القبر الشريف والمنبر النبوي، وصلى فيها ركعتين تحية المسجد، ويدعو الله مجتهدا فى الدعاء؛ لأنه فى روضة من رياض الجنة، وفى مهبط الرحمة، وموطن الإجابة إن شاء الله.
فإذا انتهى الزائر من تحية المسجد والجلوس فى الروضة الشريفة، توجه إلى قبر الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ووقف قبالة موضع الرأس الشريف فى أدب واحترام، ويسلم على الرسول فى صوت خفيض، ويقول: «السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا نبي، السلام عليك يا خيرة الله من خلقه، السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين، أشهد أنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة، وجاهدت فى الله حق جهاده».
ثم يصلى الزائر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويبلغ إليه سلامنا وسلام من أوصوه.
ثم يترك هذا الموضع إلى اليمين قليلا بما يساوى ذراعا -أقل من المتر- ليجد نفسه واقفا قبالة رأس الصديق أبى بكر -رضى الله عنه-، فيسلم عليه بقوله: «السلام عليك يا خليفة رسول الله، السلام عليك يا صاحب رسول الله فى الغار، السلام عليك يا أمينه فى الأسرار، جزاك الله عنا أفضل ما جزى إماما عن أمة نبيه».
ثم يتجاوز مكانه إلى اليمين قدر ذراع أيضا ليجد نفسه واقفا قبالة رأس عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- فيقول: «السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام عليك يا مظهر الإسلام، السلام عليك يا مكسر الأصنام، جزاك الله عنا أفضل الجزاء».
وبعد هذا يستقبل الزائر القبلة، ويدعو بما شاء لنفسه ولوالديه وأهله ولمن أوصاه بالدعاء شاملا جميع المسلمين.
استحباب كثرة الصلاة فى المسجد النبوي:
وينبغى للزائر -كذلك- أن يغتنم مدة وجوده فى المدينة فيصلى فى مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصلوات الخمس، وعليه أن يكثر من النوافل فى الروضة الشريفة، وأن يكثر من تلاوة القرآن الكريم فيها ومن الدعاء والاستغفار والتسبيح.
ومن المستحب زيارة أهل البقيع حيث دفن أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- من المهاجرين والأنصار والصالحين.
كما يزور شهداء أحد، وقبر سيد الشهداء «حمزة» عم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومسجد قباء، أول مسجد بناه الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفى ختام الإقامة بالمدينة لا تفارقها أيها الزائر إلا بعد أن تصلى ركعتين فى مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وتزور -مرة أخرى- الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه -رضى الله عنهما-، وتسأل الله تيسير العودة لهذه الزيارة وتكرارها
() رواه الدارقطني.
() رواه أحمد فى مسنده عن عبد الله بن الزبير.

الروضة الشريفة
مرقد زوجات النبى صلى الله عليه وسلم
مسجد قباء