الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الطمأنينة أم الخوف؟
كتب

الطمأنينة أم الخوف؟






 
كرم جبر روزاليوسف اليومية : 21 - 01 - 2011


«تونس».. «القديسين».. أيهما نخشي؟
(1)
لست من هواة «الطمأنينة المفرطة»، رغم اعتقادي بأن ما حدث في تونس لا يمكن تكراره في مصر، لأسباب كثيرة أهمها «القوة الناعمة» لمؤسسات الدولة المصرية، ومخزون خبراتها.
«القوة الناعمة» التي تتعامل مع الأحداث بمرونة بالغة، فلا إفراط ولا تسيب، وما يمكن احتواؤه بروح القانون المتسامحة، له أولوية عن استخدام العصا الغليظة.
قد يتصور البعض أن هذه السياسة ناتجة عن ضعف الدولة، ولكن هذا سر قوتها، فالدول القوية لا تحكم بعساكرها ولكن بهيبتها، وبتفاعلها مع المتغيرات السريعة.
(2)
لست من هواة «الطمأنينة المفرطة»، ولذلك أري أن استمرار سياسة الإصلاح السياسي والاقتصادي هي السياج الآمن لحماية الوطن من كل دعاوي الفوضي بجميع صورها.
الإصلاح السياسي الذي يستهدف إيجاد بدائل تحقق مشاركة سياسية أوسع سواء للأحزاب أو القوي السياسية السلمية التي تحاول أن تجد لها موقعًا علي الساحة.
أفرزت الانتخابات البرلمانية الأخيرة نتيجة لم يكن أحد يريدها، وهي إقصاء المعارضة المصرية عن دخول البرلمان، ففقد البرلمان كثيرًا من رونقه السياسي الذي كان يميزه.
(3)
كانت الآمال معقودة علي أن يأتي برلمان جديد، يشهد معارك سياسية ساخنة، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، في مرحلة كانت البلاد تحتاج فيها لكل أنواع الزخم السياسي.
لا يمكن التسليم بأن نواب الحزب الوطني سيشكلون معارضة قوية، لأنهم في النهاية حزب وطني، ولن يطرحوا رؤي الأحزاب الأخري التي حالت الانتخابات دون دخولها البرلمان.
مسئولية المعارضة أن تبحث عن أسباب الإخفاق، ومسئولية الحزب الوطني أن يساعدها في مسعاها، في هذه المرحلة التي تتطلب المشاركة تحت مظلة النظام السياسي وليس خارجها.
(4)
لست - أيضًا - من مؤيدي «لوبي الفزع» الذين يسرفون في تفسير النموذج التونسي، لأن البدايات ليست كالنهايات، ومصر تحتاج للاستقرار وتكاتف الجهود وحوار الأفكار.
الحوار السلمي الآمن الذي يعظَّم عناصر القوة ولا يضعفها، ويجمع الجهود ولا يشتتها، ويجعل الأجواء مفتوحة دائمًا لكل الآراء، دون تخوين أو تسفيه.
لا ينبغي أن ننقسم إلي معسكرين، سواء مؤيدين لثورة الشعب التونسي أو معارضين لها، فالمعسكران في النهاية مصريون وطنيون، لا يتمنون لبلدهم أي سوء أو مكروه.
(5)
علينا أن نعترف بأن الحزب الوطني يتحمل مسئولية فوق طاقته حين يجد نفسه وحيدًا في البرلمان، في مواجهة معارضة ضعيفة لا تستطيع أن تصد أو ترد أو تخلق المنافسة.
المنافسة أُم الازدهار، ولا يتألق رئيس المجلس الدكتور فتحي سرور ولا يكون في أحسن حالاته، إلا حينما يواجه معارك ساخنة، فيديرها بخبراته القانونية والعملية الكبيرة.
أتذكر أنني كنت أجري حوارًا مع الدكتور سرور منذ سنوات، وقال لي في بدايته: «إذا لم تكن الأسئلة ساخنة فلن تخرج مني بشيء».. وفلسفته هي أن الاستفزاز السياسي هو الذي يحرك العقول والأفكار.
(6)
هل لاحظتم - مثلاً - أن الدكتور زكريا عزمي أصبح الآن زعيم المعارضة في مجلس الشعب، ليملأ فراغًا نجم عن قصور في الطرح والأفكار وتعدد الرؤي.
كان الدكتور زكريا ومازال يمثل نموذج نواب الاستفزاز الوطني الذين يثمنون قيمة المصالح الوطنية العليا، التي تسمو فوق أي اعتبارات شخصية أو حتي حزبية.
هذا النموذج يجب أن يكون محفزًا لخلق تيار داخل البرلمان يشدد أدوات المراقبة والمحاسبة والمساءلة للحكومة والوزراء، حتي لا يفقد البرلمان روحه وجاذبيته.
(7)
لا أدري لماذا لا يجد اقتراح الحوار بين الوطني والمعارضة حماسًا من الطرفين، ولماذا لا يلتقيان معًا علي أرضية من القضايا المشتركة تعويضًا عما فات؟!
الخطر الذي يواجهنا ليس سيناريو تونس، ولكن تأصيل الوحدة الوطنية في النفوس والقوانين والإجراءات، وألا تشغلنا الأحداث عن دروس حادث كنيسة القديسين وتوابعه.
من هنا يجب أن نبدأ.. ليستمر الحوار حول ثقافة الدولة المدنية وجوهر الإصلاحات السياسية والاقتصادية، فالجميع مصريون وشركاء في الوطن، أيا كانت مقاعدهم.

E-Mail : [email protected]