الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الغضب الكاذب!
كتب

الغضب الكاذب!






 
كرم جبر روزاليوسف اليومية : 25 - 01 - 2011


مطالب مشروعة ووسائل ملتوية
(1)
- المطلب الأول: إلغاء حالة الطوارئ، دعوة مشروعة لا يختلف حولها كثيرون، ولكن السؤال: ما هو البديل؟ خصوصًا أن الأحداث أثبتت بالفعل وليس القول أن مصر ما زالت مستهدفة وأن الإرهاب ما زال كامنًا.
- لقد تعهدت الحكومة بأن يقتصر تطبيق الطوارئ علي الإرهاب والمخدرات.. ولا يختلف كثيرون علي ذلك، ولكن ستظل الطوارئ تُحدث جدلاً لن ينتهي إلا بإقرار قانون مكافحة الإرهاب.
- لو أسرعت الحكومة بإصدار القانون فسوف تريح وتستريح، وتبطل مفعول الحجج التي تثيرها المعارضة، ولكن البعض لا يريد الطوارئ ولا مكافحة الإرهاب، ومصير الأوطان لا يُترك هكذا.
(2)
- المطلب الثاني: الحد الأدني للأجور، ويطالب شباب 6 أبريل بأن يكون 1200 جنيه، ولكن السؤال هنا: هل تكون الزيادة بناء علي معدلات نمو وإنتاج حقيقية، أم بتشغيل ماكينات طبع البنكنوت؟
- عندما يحصل الموظفون علي زيادات أو علاوات ترتفع الأسعار علي الفور، فما بالنا إذا أمرت الحكومة بهذه الزيادة الرهيبة التي سوف تقفز بالأسعار أضعافها، وهل تتحمل الأسواق هذه الهزة العنيفة؟
- زيادة الرواتب إلي 1200 جنيه سوف تؤدي إلي استغناء القطاع الخاص عن العمالة التي لا تقدم إنتاجًا يساوي هذا المبلغ، مما يعني زيادة البطالة.. ثم كيف ترتفع رواتب العمالة الحالية.. وما هي المعايير؟
(3)
- المطلب الثالث: ربط الأجور بالأسعار.. بمعني إذا زادت الأسعار تزيد الأجور، ولكن إذا حدث العكس فهل يتم خفض الأجور، وإذا دعمت الدولة سلعًا معينة، هل يتم خفض الأجر لانخفاض أسعارها؟
- ضبط الأسعار ومقاومة الاستغلال والجشع مطلب لكل المصريين أيًا كانت دخولهم، ويجب علي الحكومة أن تكون حاسمة في ذلك، لتكون معدلات زيادة الدخول في نفس مستوي زيادة الأسعار علي الأقل.
- من الذي يستطيع أن يجبر القطاع الخاص علي زيادة الأجور كلما ارتفعت الأسعار، وهل تخضع العمالة العشوائية وغير الثابتة لهذا المعيار، غير القابل للتطبيق من الناحية العملية؟
(4)
- المطلب الرابع: محاكمة الضباط الذين ارتكبوا جرائم ضد الشعب المصري.. وهو شعار فضفاض وتغلب عليه الإثارة، فليس هناك مواطن مصري أيًا كان يمكن أن يخطط لارتكاب جرائم ضد الشعب المصري.
- من حق المجتمع كله، وليس المعارضة ولا 6 أبريل، احترام حقوق الإنسان وعدم المساس بها، وأن تتم محاكمة عادلة وسريعة للانتهاكات التي تحدث، فلا يُسعد حاكماً ولا محكوماً المساس بأمن الناس.
- ليس من الحكمة ولا المصلحة أن يتم اختزال عمل الشرطة وجهودها الكبيرة في حادث يقع هنا أو هناك، وتتم محاسبة مرتكبيه، ولا بد أن يسعي كل الأطراف إلي تحسين العلاقة بين الشرطة والشعب.
(5)
- لم أجد غير تلك المطالب لما يطلقون عليه «يوم الغضب»، سواء في الصحف أو الإنترنت، وهي مطالب ليست محرمة، ولكنها مشروعة ويجب أن تخضع للحوار والنقاش والأخذ والرد.
- يمكن أن يطلب البعض أكثر منها بكثير، مثل تحسين المستويات المعيشية ومقاومة الفقر، ومظلة ضمان اجتماعي تحقق الحماية للأفراد والأسر، وتصون حياتهم.
- الحكومة نفسها والحزب الوطني يرفعون نفس الشعارات ويضعون الخطط والسياسات للعدالة الاجتماعية، ويجب أن يخضع ذلك لحوار مجتمعي من أجل تحقيق المصلحة العامة.
(6)
- لماذا يريد المحتجون الخروج إلي الشوارع، وهل هم يستهدفون تحقيق تلك المطالب، أم الدعاية والفرقعة الإعلامية والصخب والضجيج؟ هذا سؤال يجب الإجابة عنه بصراحة.
- أولاً: يحاول البعض ركوب هذه الموجة، واستثمار قضايا وهموم ومشاكل الناس في غير مقصدها، مع أن قنوات الحوار مفتوحة علي مصاريعها ويستطيع الجميع أن يطرحوا مطالبهم.
- ثانيًا: يحاول البعض الإيحاء بأن سيناريو تونس قابل للتكرار في مصر، رغم أن المسألة مختلفة تمامًا، لكننا في النهاية أمام حالة من الخداع السياسي التي لا تخدم سوي الفوضي.
(7)
- ثالثًا: المؤكد أن هناك محاولة للاستفزاز سوف تحدث من بعض المتظاهرين، أملاً في أن تواجههم الشرطة بالحسم والقوة، فيتحقق مسعاهم في وقوع أي حوادث مؤسفة يتم تصعيدها.
- رابعًا: للأسف الشديد فبعض الصحف ووسائل الإعلام تلعب لعبة الثعالب الماكرة، وتحترف التحريض والتهييج بخبث ودهاء، تحت شعار حرية الصحافة والإعلام، ويا لها من حرية سوداء.
- لكل هذه الأسباب، أتوقع الفشل الذريع ليوم الغضب الكاذب، فالمطالب المرفوعة مشروعة، ولكن الوسائل ملتوية ولا تؤدي إلي تحقيقها، بل تزيد الأمور تعقيدًا.


E-Mail : [email protected]