الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التكافل الاجتماعى بالجامعات.. حبر على ورق




صندوق «التكافل الاجتماعى» الذى أنشئ بالجامعات بقرار من رئيس الجمهورية لدعم الطلاب غير القادرين على أن تكون مهمته الأولى هى دعم الكتاب الجامعى وتقديم مساعدات شهرية للطلبة المصابين بالأمراض المزمنة، وتوفير الأجهزة التعويضية للمعاقين وغيرها.. وتخصص له الدولة ملايين الجنيهات سنويًا إضافة إلى نسبة محددة من إيجار الكافتيريات ومصروفات الطلبة بالجامعات وتبرعات رجال الأعمال إلا أن هناك اتهامات بأن أموال تلك الصناديق تذهب لغير مستحقيها، فى الوقت الذى يشكو فيها البعض من عدم حصولهم على المساعدات رغم استحقاقهم لتشديد الرقابة عليها والتدقيق فى الأبحاث الاجتماعية المقدمة من الطلبة لرعايات الشباب ومسئولى صندوق التكافل للتأكد من صحة المعلومات الواردة بها.
 
«روزاليوسف» حاولت الوقوف على حقيقة دعم تلك الصناديق وآلية عملها والرقابة عليها من خلال المجلس الأعلى للجامعات.. ترددنا على أكثر من جامعة حيث تكدست مقرات صناديق التكافل بالطلبة فى الكليات من أجل تقديم الأبحاث الاجتماعية والأوراق المطلوبة منهم للحصول على مساعدة مالية أو عينية من صناديق التكافل الاجتماعى.
 
وأثناء وجودنا مع موظف بالتكافل الاجتماعى فى جامعة حلوان حضر أحد الطلاب أجريت له عملية جراحية فى الساق إثر حادث، مما اضطر الأطباء إلى تركيب عدد من الشرائح والمسامير الطبية التى تعوقه عن الحركة العادية مثل أقرانه من الشباب، وجاء الطالب إلى رعاية الطلاب للحصول على دراجة بخارية ينتقل بها بسبب إعاقته التى اعتبرها مسئول التكافل بسيطة ولا تستحق أى مساعدات وأن الدراجة البخارية تكون مستحقة للمعاقين بشكل كامل، فشعر الطلالب بنوع من الإحراج والخجل أمام الموظفين الذين كانوا يتطلعون فى وجهه بعد أن خاب رجاؤه، ولم يذكر له الموظف أى نوع من المساعدة يمكن للصندوق أن يقدمها له، مما استدعى الطالب للاعتذار عن الحضور والانصراف.
 
 
 
 
طالب آخر يدعى «محسن سيد» من جامعة بنها أكد أنه فشل فى الحصول على الكتب الدراسية مجانًا من كلية التربية دون سبب رغم أنه تقدم ببحث اجتماعى وما يفيد بأنه يعيش فى أسرة تكاد تكون معدومة، مما اضطره إلى تصوير المناهج من أحد زملائه لعدم استطاعته شراء الكتب والملازم التى يزيد ثمنها على 700 جنيه.
 
أما إبراهيم يسرى طالب بجامعة بنها فقال إنه تقدم لمسئولى صندوق التكافل بكلية لطلب مساعدة مالية، وحصل على 150 جنيهًا فى بداية العام ساهمت فى شراء الكتب وأخبره موظف التكافل بأنه سيحصل على مبلغ آخر فى بداية الفصل الدراسى الثانى إلا أن ذلك لم يحدث بدعوى عدم توافر اعتمادات مالية لإعانة جميع المتقدمين لصندوق التكافل، ووجود حالات أخرى أكثر استحقاقًا لصعوبة ظروفها وعدم تمكنها من دفع المصروفات الدراسية على مدار عدة سنوات.
 
وفى جامعة حلوان انتقدت «نهى محمود» طالبة بكلية التجارة عدم حصولها على الدعم المادى أو العينى بالكلية على مدار عامين متتاليين هما فترة التحاقها بها خاصة أن أعداد الطلبة كثيرة، وطالبى المساعدة بالآلاف، الأمر الذى آخر دورها، مشيرة إلى أن هذا التأخير لم يرحمها من تأخير دفع المصروفات الدراسية، وهى المشكلة التى تواجهها دائمًا، وتشعر معها بأنها أقل من زملائها رغم أنها تدرس فى جامعة حكومية.
 
«سيد على» طالب بكلية الحقوق لم يكن يعرف أين يقدم البحث الاجتماعى لكى يحصل على إعانة الطلبة، فهو يدرس بالفرقة الأولى، وسأل زملاءه عن مكتب التكافل، وحينما ذهب لم يجد الموظف لعدة مرات، مما أعاقه عن الحصول على إعانة مالية.
 
انتقلنا إلى مسئولى التكافل الاجتماعى فى عدد من الكليات والجامعات المختلفة لمعرفة الإجراءات والشروط التى يجب توافرها فى مستحقى المساعدات والإعانات الطلابية سواء كانت مادية أو عينية، وموارد صناديق التكافل، وكانت إجاباتهم متشابهة فى أغلب الأحيان.
 
فى كلية التجارة بجامعة حلوان قال إسماعيل عبدالمنعم مدير عام رعاية الشباب إن مجلس إدارة صندوق التكافل بالكلية هو الذى يحدد المستحقين من الطلبة لدعم الصندوق، إما بتسديد الرسوم الدراسية أو شراء الكتب أو المستلزمات الدراسية والملابس أو الإعانات الشهرية لأصحاب الأمراض المزمنة بحد أقصى 150 جنيهًا شهريًا.. لافتًا إلى أن الصندوق يسهم فى مصروفات جنازة الطالب المتوفى بألف جنيه ويمنح ورثته 12 ألف جنيه فى حالة الوفاة فى حادث كما يتكفل بشراء النظارات الطبية والأجهزة التعويضية والدراجات البخارية للمعاقين.. ولا يستفيد الطالب المستحق العادى سوى بـ200 جنيه سنويًا كحد أقصى بينما تمنح الحالات الخاصة 400 جنيه.
 
وأشار إلى أنه فى الحالات الطارئة يتم تحديد قيمة المساعدة على حسب كل حالة، ويستفيد الطالب بـ100 جنيه مساعدة عن كل عام مستجد فيه للمصروفات الدراسية، ويحرم من الإعانات فى أعوام الرسوم الدراسى، موضحًا أن طلاب المدن الجامعية يحرمون من إعانات صناديق التكافل لأن معيشتهم فيها مدعومة من الأساس، حيث يكلف الطالب الواحد الدولة أكثر من ألف جنيه شهريًا بينما لا يدفع سوى بضع عشرات من الجنيهات، ويتلقى الطالب المغترب دعمًا للسكن الخارجى بواقع 100 جنيه شهريًا ولمدة 7 أشهر فى العام هى فترة الدراسة.
 
أحمد عبدالرحمن ــ مدير إدارة النشاط الاجتماعى بجامعة حلوان ومدير إدارة صندوق التكافل المركزى سابقًا ــ أكد أن الفئات غير المستحقة للإعانات والمساعدات التكافلية من الطلاب هم الخريجون والمفصولون والملتحقون بالتعليم من الخارج إضافة إلى الراسبين.
 
وأشار إلى أن القرار الوزارى رقم 968 لسنة 1982 الذى حدد الشروط الواجب توافرها فى المستحقين بأن يكون الطالب مصرى الجنسية، ومستجدًا فى فرقته، وعدم صدور أية أحكام تأديبية ضده، وألا يزيد متوسط دخل الفرد من أسرته على 300 جنيه شهريًا.. مشيرًا إلى أن الطالب يتقدم إلى لجنة المساعدات بالكلية بطلب صرف إعانة موضحًا أسبابها ونوعها، ويوضح البحث الاجتماعى دخل الأسرة وعددها ووصف السكن وعنوانه والظروف المعيشية.. حيث يبحث صندوق التكافل بالجامعة حالته من خلال أعضائه برئاسة نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب وعضوية اثنين من عمداء الكليات وأمين الصندوق، وأمين اتحاد الطلاب.
 
أما راشد محمد عصام ــ مدير إدارة صندوق التكافل المركزى بجامعة حلوان ــ فانتقد وجود عدد من السلبيات التى تعيق وصول الدعم الطلابى لمستحقيه، وتتمثل فى عدم تحرى الدقة فى الطلاب المستحقين للدعم لأن بحوثهم الاجتماعية لم تكن صادقة فى أحيان كثيرة، ولم تعبر عن الحالة المعيشية الحقيقية للأسر، ولفت إلى أنه فى حالة وجود فائض فى ميزانيات الصناديق فإن المسئولين عنها يمنحونها للحالات القسرية وللطلاب المتعاونين مع رعاية الطلاب الذين لهم أنشطة طلابية بارزة فى حالة استحقاقهم للدعم وتقديم الأوراق التى تفيد ذلك.
 
وأبدى عصام استياءه من شكاوى بعض الطلبة التى تعيق عمل الصندوق رغم عدم أحقيتهم فيها، حيث يطلبون دعمًا كاملاً الأمر الذى يتسبب فى حرمان آخرين من الدعم لعدم كفاية الأموال الموجودة فى الصناديق، ومنهم من يطلب الدعم أكثر من مرة أو الجمع بين دعمين، إلا أن القانون لا يمنحه هذا الحق، ولا تسمح القرارات واللوائح سوى بالجمع بين الدعم النقدى ودعم الكتب، أو بين الأجهزة التعويضية مع الدعم النقدى أو دعم الكتب فقط.
 
وانتقد اشتراط توقيع مراقب وزارة المالية على شيكات التكافل كمسئول أول وتأخيره فى ذلك، الأمر الذى يؤخر عملية صرف الشيكات لمدد تصل إلى شهر كامل فى الوقت بالذى لا تستغرق فيه الإجراءات أكثر من يومين، مطالبًا بسرعة إصدار الشيكات التوقيع عليها لصالح الطلبة وعدم تأخير الإعانات فى الوصول لمستحقيها.
 
وتطرق مدير الإدارة إلى المشكلات المادية التى تواجه عمل الصندوق وهى قلة الموارد المالية، حيث صرف فى العام المالى 2010/2011 عدد 5246 مستفيدًا بحد أقصى 900 جنيه لطالب الانتظام و1200 جنيه للانتساب وهذا للطالب الخريج الذى لم يسدد الرسوم حتى وصلت فى بعض الحالات إلى 6 آلاف جنيه على مدار سنوات الدراسة كلها، حيث تحتم لائحة الصندوق المركزى للتكافل بالجامعة صرف 400 جنيه فقط للخريج فى حالة عجزه عن سداد الرسوم وتوافر الشروط فيه، واستثناء تزاد دفعة 500 جنيه لتصبح 900 جنيه، مشيرًا إلى أن أكثر الكليات التى استفاد طلابها العام الأخير هى هندسة المطرية «825 طالبًا» ثم الخدمة الاجتماعية «406» طلاب وتليها التربية «400 طالب»، بينما أقلها التربية الموسيقية «40 طالب».
 
وقال صلاح الدين محمود ــ مسئول التكافل الاجتماعى بكلية الحقوق جامعة حلوان ــ إن من بين المساعدات المقدمة للطلبة فى صورة خدمات هى إقامة معرض خيرى للملابس الجديدة والأحذية بأسعار رمزية لا تتعدى 10 جنيهات للقطعة الواحدة، ويتم تحديد جدول أسبوعى لكل كلية.. ويتم الشراء من خلال ضوابط محددة حيث يطلب صندوق التكافل المركزى عددًا معينًا من كل كلية، وتقوم الأخيرة بتقديم كشف بأسمائهم للإدارة.. لافتًا إلى أن بعض شركات الملابس تدعم المعروضات وتقدم مجانًا أو بسعر التكلفة، وتدفع بعض الشركات زكاة مالها فى المعرض.
 
وقال إن موظفى التكافل كانوا يحصلون على نسبة 30٪ من أساس رواتبهم شهريًا نظرًا لأعباء مهامهم وعملهم طوال العام طبقًا لقرارات المجلس الأعلى للجامعات التى تم إلغاؤها من قبل وزير التعليم العالى الأسبق د.هانى هلال قبل 3 سنوات.
 
محمد أنس مدير رعاية الشباب السابق بالكلية أشار إلى أن أخصائيى الصندوق يتعاونون مع اتحاد الطلاب بالكلية لمعرفة هذه الفئة من الطلبة ومنحهم المساعدات المالية.. لافتًا إلى تعيين محاسب قانونى لمراجعة حسابات صندوق التكافل مع نهاية كل عام مالى، وفى حالة اكتشاف مخالفات مالية أو إدارية فإنه يتم استبعاد صاحبها من العمل فى رعاية الشباب حيث إن ضعف النفوس قد يدفع البعض إلى خيانة الثقة الممنوحة لهم مما يشتت جهة الإدارة فى الرقابة على الأنظمة المتعددة، وطالب بضرورة انتقاء موظفى إدارات التكافل بعناية شديدة لمنع أية تجاوزات مالية أو إدارية.
 
 الدكتور سمير الدمرداش - نائب رئيس جامعة حلوان لشئون التعليم والطلاب - أشار إلى أن عدد طلبة الجامعة يبلغ 72118 ألف طالب وطالبة، لافتا إلى موارد صناديق التكافل وهى جزء من مصروفات الطلبة بقدر بـ6 جنيهات عن كل طالب كمورد أساسى للصناديق إضافة إلى مخصصات مالية تتراوح بين 200 و250 ألف جنيه من المجلس الأعلى للجامعات وكانت 198 ألف جنيه لجامعة حلوان العام الماضى.
 
 ومن الموارد أيضا تبرعات الأشخاص للطلبة غير القادرين، حيث تقبلها الجامعة من خلال موافقة مجلس الجامعة الذى يقر قبولها من عدمه ثم توزيعها على المستحقين، كما حدث سابقا من تبرع أحد خريجى قسم العمارة بهندسة المطرية بمبلغ 100 ألف جنيه للدارسين فى قسمه والكلية، هذا بخلاف موارد أخرى من تأجير أتوبيسات رعاية الشباب بالجامعة للرحلات الطلابية، وإيجار الكافتيرات بالجامعة لأشخاص أو شركات، وأشار إلى أن بعض الطلاب غير القادرين ماديا ولم يستوفوا شروط الصرف فإنها تتلقى تبرعات شخصية من الأساتذة أو الأفراد دون أن يتم ذلك بشكل رسمى أو تسجيلها.
 
 وعن خط سير الأموال الواردة للصندوق وحتى الصرف يقول نائب رئيس جامعة حلوان بإنها تودع فى حساب بنكى مخصص لأموال التكافل ثم توزع على الكليات طبقا لآليات ومعايير محددة للتوزيع والصرف.
 
 وفى جامعة أسيوط قال مصدر مسئول بصندوق التكافل المركزى وطالب القائمين على الصناديق بالرقابة والمتابعة المستثمرة لمنع أية اختراقات أو تجاوزات قانونية بشأنها.
 
 وفى جامعة المنوفية أشار الدكتور محمد إبراهيم رئيس الجامعة الأسبق إلى افتقاد صناديق التكافل الاجتماعى بالكليات والجامعات للرقابة الصارمة من قبل الأجهزة الرقابية المختلفة، إضافة إلى عدم وجود متابعة جدية لمدى صدق جدوى البحوث الاجتماعية المقدمة من الطلبة لرعايات الطلاب لأنها لا تتسم بالدقة والموضوعية فى الوقت الذى لا تستطيع فيه رعاية الطلاب إجراء تحريات عنها بسبب كثرة أعداد المستحقين.
 
 وعن تجاوزات بعض مسئولى صناديق التكافل بالكليات قال هذا أمر طبيعى فى ظل عدم وجود ضوابط محددة تعتمد على أطر مؤسسية وموضوعية معترفا أن بعض أموال الصناديق لا تصل لمستحقيها.
 

سمير الدمرداش نائب رئيس جامعة حلوان
 

محمد النشار وزير التعليم العالى