السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المسرح والعتبة




بقلم: ناصرعبد المنعم

أنا واحد من جيل مسرحى تربى فى مسرح الطليعة بالعتبة وكنا نذهب اليه فى أواخر السبعينيات عبر طريق يمتد مباشرة من شارع 26 يوليو قبل إنشاء محطة مترو الانفاق التى قطعت الطريق وفصلت بقسوة منطقة المسارح التى تضم المسرح القومى ومسرح الطليعة ومسرح العرائس عن وسط المدينة، كنا نعبر تقاطع شارع الجمهورية وعلى يميننا حديقة الأزبكية التاريخية بأشجارها القديمة النادرة لنصل مباشرة إلى مجمع المسارح بسهولة ويسر، ميدان صغير يتوسط الشارع وإلى اليمين تلوح بوابتا مسرحى القاهرة للعرائس ثم مسرح الطليعة، ثم إلى المسرح القومى يمينا فى إتجاه ميدان العتبة .. وكلما ذهبت إلى هناك فى هذا الزمن سرحت بخيالى فى تاريخ هذه المنطقة التى عرف فيها المصريون فن المسرح للمرة الأولى، عندما أقامت إدارة الحملة الفرنسية مسرحا للترفيه عن جنودها.
واستجلبوا عروضا فنية من فرنسا لتقديم عروضها، وقد أرخ عبد الرحمن الجبرتى لهذا الحدث فى يومياته بإعتباره فعلا مدهشا لم تشهده مصر المحروسة على هذا النحو، فكتب (... وتأتى الناس اليها للفرجة افواجا افواجا... ) ولذلك لم يكن غريبا أن يختار الخديو إسماعيل هذه المنطقة ليشيد عليها دار الاوبرا المصرية فهى المكان الذى يرتاده الناس .. وإلى جوار الاوبرا. تألق مسرح الازبكية بعروض فرق مسرحية فرنسية وإنجليزية حتى نجحت الفرق الوطنية فى تقديم عروضها بالتياترو الشهير، فقدمت أجواق إسكندر فرح وسليمان الفرداحى والشيخ سلامة حجازى واولاد عكاشة وغيرهم عروضهم التى حققت نجاحا كبيرا احتفظ لهذه المنطقة بطابعها المسرحى الساحر.. كان بعضا من هذا التاريخ يتقافز إلى الذهن ويمنح النفس قدرا من السعادة، أقول هذا بمناسبة التعاسة التى تملكتنى منذ أيام لما قررت الذهاب لمشاهدة عرض مسرح الطليعة “سلقط فى ملقط “ ذهبت مع صديق قرر مضطرا ترك سيارته والعبور من داخل محطة المترو إلى المسرح، الفوضى والقبح والتجاوزات والزحام ملاؤا المكان ولكننا نواصل المضى ونغادر المحطة بصعوبة ونصعد السلالم نحو المسرح لنعبر ممرا ضيقا خصصه الباعة المكتظون على الجانبين للمشاه، على مضض غابت ملامح المنطقة التى أعرفها والختفت أسوار الحديقة، التى ألهبت خيالى فى السابق.. ولم نتمكن من التعرف على بوابة الدخول إلى المسرح، مع ملاحظة انه المسرح الذى تربيت وقضيت نصف عمري به، ولتلافى العبث والتوهان سألت احد الباعة : هو باب المسرح منين؟ أشار بتثاقل نحو شريط شديد الضيق بين الباعة يؤدى بصعوبة إلى مدخل مسرح العرائس .