الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الشعر




يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه عبر السنين والأجيال داخل نفوس المصريين.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره بالآخر.. ناشرين السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات من هذا السحر.. للشعر.. سيد فنون القول.. الذى يجرى على ألسنة شابة موهوبة..
 شارك مع فريق «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة بمشاركتك على  [email protected]
أنا امرأة قديمة
أنا امرأةٌ قديمةٌ
لما عم الطوفانُ تطاير البشر فى كل اتجاه
يبحثون عن ملجأ أو عاصم
آوى ابنُ نوح إلى قمة الجبل فلم يعصمه
وذووه حبسوا أنفسهم فى سفينةٍ مغلقةٍ فلم يروا الماء ولا اليابسة
وذاتُ الضفائر المجدولة صدَّقَتْ نبوءة رجلها الهارب
من البوابةِ المُعَرَّجةِ إلى الكوخ المتدرِّجِ
قال لها : حين يجيء الطوفان أغمضى عينيك
وافردى يديك على اتساعهما
وثبِّتى رجليك فى المكان الذى لقيتك فيه آخر مرّة بين العشب والسماء
وتذكرى المكان الذى لقيتك فيه أول مرّة
بين لسان البحر وعيون الطيور المهجرة واحلمى بي
فأكلها الماء
أما أنا فقد تعلقت فى فرع شجرة
كانت المياه تعلو بى فأتشبث بأطراف أصابعى بالخشبة الشجرية
وأرى هيولى الفيض يدغدغ خديّ وشَعرى
فأتذكر زحف جداتى عاريات إلى السواحل الخرافية
وتهبط المياهُ بى فأعلو الخشبة بفخذى المبللتين
وأرى هروب السمك من الماء إلى الماء
فأتذكر سفن الشبق الرحالة بالعشيقين العرايا
وظللت هكذا مائة وسبعين عاما آكل السمك النيَّ وأتنشف بالماء القُراح
وأحلم بالأيام المغسولة وألوّح للطيور الحوّامة الباحثة عن اليابسة
وأبكى ابنَ نوح وذاتَ الضفائر المجدولة
لماذا لم يصدقانى حين ناديتهما وصدقا الجبل والرجل الهارب؟
حتى كشف اللهُ الغمةَ
كنت أتتبع حواف الماء وهو يتسحَّبُ عاما وراء عام وقرنا بعد قرن
حتى لقيت نفسى فى حيطان معبد «أخناتون»
 
رائحة الصيف

تَأَخَّرَ الصيفُ هذه المَرَّةَ
عن موعدِه،
وبدأت الدكاكينُ
تَأكُلُ أظافرَها مِن الترقبِ
وبدأتْ فُروجُ الأرضِ تَنكمِشُ قليلا
حيث لا وجودَ لحرارةٍ تُدْفِئُها
أصبحتْ أنوارُ الشوارعِ
مُخَدَّرَةً برعشةٍ تَجيءُ وتروحُ
حيث الاضطرابُ يَصِلُ إلى ذِرْوَتِه
ولا تلقائيةَ فى هذه الرغبةِ الفاسدةِ
تَتَحركُ العيونُ خَلْفَ النوافذِ الكثيفةِ
وتَتَزمَّلُ بستائرَ تَكْشِفُ الأسرارَ
أكثرَ مما تسترُها
تَأَخَّرَ الصيفُ هذه المَرَّةَ
عن موعدِه،
اللحظاتُ ساكتةٌ
ورائحةُ الأمطارِ
ما زالتْ تَخرُجُ مِن الجدرانِ
تَسْبِقُها رائحةُ ليالى اللعنةِ
تلك الرائجةُ الآنَ
والغضبُ على المناخِ
حيث الأسماءُ مُتَّصِلَةٌ
فى دائرةٍ خارجَ الوقتِ
هَكَذا نُوَزِّعُ ساعاتِ الأزمةِ
أقمشةٌ نَتَجَفِّفُ بها
حيث الألوانُ تَضيعُ أيضا
مع ما تَبَقَّى مِن هذه الليالي
نَدْفِنُ التعابيرَ والملامحَ
فى عظامٍ قبيحةٍ تُشْبِهُنا تماما
تَأَخَّرَ الصيفُ هذه المَرَّةَ
عن موعدِه،
كَمْ مُريحُ أن تُصيبَنا اللعنةُ
ونحن واقفونَ نَتَأرجحُ
بين اللذةِ ومرارةِ التفكيرِ فيها
نَأمَلُ أن نُصَابَ بالجنونِ
فلا نُمَيِّز بين الليالي
وبين الصراعِ لِصَيْدِ الشهوةِ
أو تُصيبُنا الخديعةُ
بغيبوبةٍ فى غرفةٍ بلا نوافذَ
بينما الأطِبَّاءُ يتجادلون فى غرفةٍ أخرى
وأنوارُ مِن كَشَّافاتٍ لا تَعرِفُ الخجلَ
حيث أصواتُ القلوبِ
واضحةُ تماما فى هذه الأسلاك
والأنوفُ تَسْتَسْلِمُ لرائحةِ المُخَدِّرِ
مُخَلِّفَةً وراءَها رائحةَ الصيف .


سين
أنتِ الماءُ لأرضى ،
مفردتى الغائبةُ، ونورى فى الظُّلماتِ ،
وسوسنتى..
كم أشتاقُ إلى رؤيتكِ فجودى بفصولٍ أخرى ..
علِّى أخرجُ مِنْ هذا السِّجنِ ،
ومِنْ هذا القلقِ الأبدىِّ
أحبُّكِ يا سيِّدةَ الحورِ العينِ
تعالىْ /
أنتِ البسمةُ ،
وسماءٌ تُرسلُ ما يُدهشنى ،
ونجومٌ توقظُ لهبَ الشَّوقِ الكامنِ فى أحشائى ، 
وفضاءٌ يتَّسعِ لكلِّ بلادِ اللهِ على كثرتها
ما أجملَ روحكِ حينَ تُرتِّلُ أسفارَ البهجةِ كلَّ صباحٍ ..
بينَ حقولى
مُدِّى حبلَ وصالكِ كى أمنحكِ جنونى ،
وقصائدَ شعرى ..
يا امرأةً تُمطرنى فرَحًا ،
وجلالاً لا يُشبههُ ..
أىُّ جلالْ .
 
كى لا تختصر الأحلام
أَطلِقْ سَهمَكَ فِى الأَيَّامْ
كَى لا تُختصَرَ الأَحلامْ
شُدَّ القَوسَ إِليكَ قَليلا
واستحضِرْ غَضَباً قُدُسِياً
مِصْرِىَّ السِّيماءِ نَبِيلا
أَيقِظْ ذَاكِرَةَ الأَعوَامْ
شُدَّ القَوسَ قَلِيلاً أَكثَرْ
واصْمُتْ، وَتَأَمَّلْ، وتَذَكرْ
أَوقِدْ نُورَ الحَقِّ بِرُوحِكْ
وتَحَسَّسْ آَثَارَ جُروحِكْ
خُذْ مِنْ نفَسِ الوَطَنِ شَهِيقَاً
واملأ قِربَةَ صَدْرِكَ غَضَبَاً
وامْلأ عَضُدَكَ بِالإِقْدَامْ
شُدَّ القَوسَ إلى مَنْهَاهْ
أَبْلِغْ هَذَا القَوسَ مَدَاهْ
صَوِّبْ، حَدِّقْ، سَدِّدْ، أَطْلِقْ
أَطْلِقْ سَهْمَكَ فِى الأَيَّامْ
وارْكُضْ خَلفَ السَّهْمِ بَعِيدَا
حَتَّى لو هَرْولتَ وَحِيدَا
كَى لا تُختصَرَ الأَحلامْ
كَى لا تُختصَرَ الأَحْلامْ
 

يا نيل يا عين
 
افتتاحية
يا أيها الملك المتاجر بالخلود
فيلك مولّى ضهره للنيل العنيد
والناس تولى ضهرها
وتغييييييب
فى توهة وارتحال

متن
النخل حادف فوق دماغ الخلق
حواديت
غارز جوّة عين الشمس
ســـــــــلاع *
لايم على النيل المطبق ضفتينه
لايف على الطير اللى ساكن
فى تلا فيف الجريد
لامم القلب النضيف
شماريخ بلح
على السبايط ملضومين
الحلم لما ينشرخ ما يهمهوش
والجدر يستنى العكار ما يلاقهوش
ما يلاقى إلا دمعتين متسرسبين
من خد مركبنا العجوز
والصارى من عجز الخيطان جواه
بيسك فى وش النسيم
كل البيبان
والنخل واقف فى المسا شامخ
كما فارس فى رقصة نصر
بيحكى للولاد حدوتة ملتوتة
ويخبى جوة جرابه تمر
والنيل يخبى دمعته
وجوة ترابه جمر

هامش أول
خشب المراكب بيندهك
يا طمى يا مسافر لأطراف البلاد
والكف لاخضر للعيال
ناده على يوم الحصاد
والفرن ما عادت تطقطق للخبيز
والزغرودات فوق الشفايف
ناشفانين
باهت يا لون الحنة ف كفوف البنات
موجوع يا نــــيل
من الصيف اللى مش جايب معاه
فـ ى ضـ ا ن

هامـش تانى
ع المورده بعيونك الزايغين
مصلوب مستنى مين؟
البنت ام الضفاير مفرودين
على كتاف النسيم؟
مشــتاق غنــــا؟
رنة الخلخال فى اقدامها الرخام
محبوسة فى صندوق نحاس
ف دولابها القديم
جرتها مرمية وحيدة
على سطح بيتها الجديد
بتنز من عطش السنين
وانت ع الموردة
لساك مستنى مين؟
قلقان ووحدانى
وحزيــــــــــن.

هامش أخـير
يا عين يا نيل
يا سلسبيل
سلسال سبيل
اقدامنا دايبة فوق خطاه
وكفوفنا ممدودة لعطاه
يا نيل يا عين
يا دمع محتاجلك عنين
ما بين شطوطك مش مياه
دا دمع عين
المظلومين
المجروحين
العاشقين
لتراب الوطن