الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
البرلمان أم الرئيس أولاً؟
كتب

البرلمان أم الرئيس أولاً؟




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 08 - 03 - 2011


ماذا يحدث إذا أجريت الانتخابات بعد شهر؟


(1)


مأزق التعديلات الدستورية التي يجري عليها الاستفتاء يوم 19 مارس الجاري، أنها تجعل الانتخابات البرلمانية أولاً، ثم تعقبها الانتخابات الرئاسية، وهنا تبرز صعوبات كبيرة:


أولاً: استحالة تأمين العملية الانتخابية من أعمال العنف والبلطجة، لغياب الشرطة وعدم استطاعتها إحكام السيطرة علي اللجان وتوفير الحماية لكل الأطراف المشاركة في الانتخابات.
القوات المسلحة كان الله في عونها نحملها فوق طاقتها، خصوصًا أن في مصر 44 ألف لجنة انتخابية، تحتاج جهودًا جبارة لتخرج الانتخابات بسلام، بتعاون الشرطة مع الجيش.
(2)
ثانيًا: طول فترة الانتخابات، خصوصًا إذا أجريت علي عدة مراحل لتحقيق الإشراف القضائي الكامل، وبالتالي تعطيل الهيئة القضائية عن مهمتها الأصلية.
تعطيلها لأن النيابات والمحاكم تكاد تكون مرهقة في متابعة قضايا وبلاغات الفساد، وتعمل طوال الليل والنهار، لإنجاز التحقيقات وتقديمها للمحاكم.
الانتخابات سوف تشغل أعضاء الهيئة القضائية لمدة طويلة لن تقل عن شهر بالنسبة لمجلس الشعب فقط، وقد تمتد إلي شهرين من فتح باب الترشيح حتي إعلان النتيجة.
(3)
ثالثًا: عدم حسم مصير مجلس الشوري، فهل يبقي هذا البرلمان الديكوري الذي لا عمل له سوي الوجاهة والحصانة والبرستيج، دون تأثير حقيقي في التشريع؟
هل يعقل أن يظل ثلث المجلس بالتعيين في الوقت الذي ينبغي فيه الاحتكام إلي إرادة الناخبين، والابتعاد عن أخطاء النظام السياسي السابق؟
هل يكون مصير مجلس الشوري هو الإلغاء بعد انتخاب الرئيس وإعداد دستور جديد؟ وإذا كان ذلك متوقعًا فلماذا أصلاً انتخاب مجلس محكوم عليه بالفناء؟
(4)
رابعًا: عدم جاهزية الأحزاب السياسية لخوض الانتخابات، وبالتالي فلن تحصل علي نتيجة ترضيها وتحقق طموحها، وسوف تعود إلي نقطة الصفر من جديد.
يجب أن تترك الفرصة المناسبة للأحزاب لتجهيز كوادرها وإعداد برامجها والنزول إلي الجماهير وإقناعها بالبرامج والسياسات، وحثها علي المشاركة في الانتخابات.
سوف تكون الغلبة للمستقلين، أصحاب العصبيات والعائلات والمواقف السياسية الواضحة، وبالتالي لن يبرز في الساحة حزب سياسي له أغلبية برلمانية ويستطيع تشكيل حكومة.
(5)
خامسًا: الخوف من رأس المال والبلطجة.. ففي مثل هذه الظروف الرخوة أمنيًا وتشريعيًا، سوف يكون سهلاً اختراق القانون والتحايل عليه وعدم العمل بنصوصه.
في ظل الانفلات الأمني ليس مستبعدًا نشوب معارك مسلحة بين المتنافسين والعائلات والعصبيات، خصوصًا مع انتشار الأسلحة المهربة وسهولة الحصول عليها.
سوف تكون الانتخابات فرصة هائلة لغسيل الأموال والاستعراض بها، لتحسم في النهاية توجهات الناخبين في كثير من الدوائر.
(6)
رأيي الذي قلته منذ فترة طويلة هو الميل إلي إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً، لتختار الجماهير بإرادتها الحرة رئيسًا مصريا يأتي لأول مرة في التاريخ بانتخابات حقيقية.
الرئيس الجديد ستكون له الشرعية المستمدة من الشعب المصري، وله جميع السلطات والصلاحيات لإعادة هيكلة الدولة، دون أن يكون سيف التوقيعات مسلطًا علي الرقاب.
الرئيس الجديد سيلقي دعم الجيش والشعب معا، ممثلاً للدولة المصرية محققًا الانضباط، قادرًا علي استعادة الهدوء والاستقرار لإنقاذ البلاد من أزماتها الخانقة.
(7)
إذا تم انتخاب الرئيس أولاً، فمن حقه أن يبادر بتشكيل لجنة لإعداد الدستور المصري الجديد، وينظم شكل الدولة وسلطاتها والبرلمان وجميع الأمور المصيرية الأخري.
الرئيس الجديد يستطيع أن يختار نائبًا يعاونه، وحكومة مستقرة ولها شرعية مستمدة من شرعية الرئيس، ويكلفها ببرنامج زمني لتحقيق مطالب الجماهير.
الانشغال بقضايا الفساد والمحاكمات وغيرها، لا يجب أبدًا أن يأخذ البلاد بعيدًا عن القضية الأصلية، وهي وضع أهداف محددة للثورة والسعي إلي تنفيذها.


[email protected]