الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
هل نبيع شرفنا؟
كتب

هل نبيع شرفنا؟




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 18 - 03 - 2011



«مقدمات الثورة» التي لم يفهمها أحمد نظيف


قبل أن تقرأ: نشر هذا المقال حرفياً في هذا المكان يوم 9/8/2009


(1)


- عندما يقف طالب جامعي في سن أولادنا ويقول لرئيس الوزراء لقد بعتم كل شيء في البلد، ولم تتركوا لنا شيئاً نبيعه في المستقبل، فهل نبيع شرفنا؟.. يجب أن نقف عند كلامه وندق ناقوس الخطر.


- أولاً: لأن زملاءه الطلاب صفقوا له كثيرًا، أكثر من رئيس الوزراء.. وهذا معناه أنهم مقتنعون بكلامه ومؤمنون به، أكبر بكثير من كلام الحكومة الذي جاء علي لسان رئيسها.
- ثانياً: لأن الطالب ليس من المعارضة أو المحظورة، بل أحد شباب الجامعات، وربما يكون منتميا للحزب الوطني، أو علي الأقل يحضر معسكرات التثقيف التي تقيمها وزارة التعليم العالي(!!).
(2)
-ثالثًا: لأن مثل هذا الطالب موجود في كل مكان، نفس الأفكار والرؤي، تراه في الجامعة وفي النادي وفي الأماكن العامة.. شباب يشعرون بالمهانة والمرارة والضياع وفقدان الثقة في المستقبل.
- رابعًا: لأنهم المستقبل، وإذا ذهبوا إلي المستقبل فاقدي الثقة في كل شيء، فلن نحصد إلا الضياع والألم والخوف، لأن الجيل الذي نسلمه الراية، غاضب منا ولديه غريزة الانتقام.
-الطالب سدد لرئيس الوزراء انتقادات حادة في قضايا مثل تصدير الغاز لإسرائيل والفساد والغلاء والبطالة، ثم العلاقات مع أمريكا وإيران وإثيوبيا.. وكل الانتقادات علي طريقة هل نبيع شرفنا؟
(3)
- يمكن أن نستريح من عناء التفكير ونقول إن الطالب حالة فردية وإن شبابنا بخير والمستقبل بصحة وعافية.. ولكن إذا فعلنا هذا نكون كمن يستخدم فرشة جير لتخبئة الصدأ والانهيار والتآكل.
- يمكن أن نفعل مثل وزير التعليم العالي الذي أراد أن ينهي المناقشة أو مثل الدكتورين أحمد زايد وأحمد يحيي اللذين أبلغا غضب رئيس الوزراء للطالب، حتي يخاف ويرتعش ويرتدع، وينتهي الأمر.
- يمكن أن نفعل أشياء كثيرة لتبرير الموقف، ولكن إذا فعلنا ذلك نكون كمن يتصرف بعقلية الاتحاد الاشتراكي في زمن التعددية الحزبية، وللأسف الشديد، فمازال.. الاتحاد الاشتراكي حيا في كثير من النفوس والعقول.
(4)
- ليست القضية هنا هو ما قاله رئيس الوزراء ردًا علي الطالب لأنه لو أقسم علي المصحف وقال له لا يا حبيبي دي بلدنا حلوة ومبعناش حاجة فلن يصدقه أحد.
-لن يصدقه أحد لأن الطالب مجرد نموذج لحالة الغضب والاحتقان والكراهية التي أصبحت تسيطر علي قطاعات عريضة من المجتمع، وليس الطلبة فقط.
- القضية أخطر بكثير لأن الرأي العام في مصر تمت السيطرة عليه بشكل كبير من إعلام وصحافة وفضائيات تنشر الغضب والاحتقان، وللأسف الشديد فقد انضم لهم الإعلام القومي بحثا عن جمهور.
(5)
- في كثير من الأحيان يشعر الذي يدافع عن الدولة، ولو بشكل غير مباشر أنه يمسك في يديه جمرًا، أو أنه مثل اللص الذي يضبط متلبسًا، مهمة أصبحت ثقيلة ومتعبة.
- في كثير من الأحيان يكون أكثر طريق إلي الشهرة والأضواء والنجومية هو المتاجرة بالمشاكل والأزمات والشحاذة بآلام وأوجاع الناس.. هذا هو الطريق الصحيح للتفرد.
- ماذا - إذن - تفعل الدولة بصحافتها وتليفزيونها وإعلامها، إذا كانت قد عجزت عن الوصول إلي الناس، إلي الطلبة والعمال وموظفي الشهر العقاري وأساتذة الجامعة وغيرهم.
(6)
- ماذا تفعل هذه الجيوش الجرارة التي تمتص ميزانيات بمئات الملايين، وتقدم رسالة إعلامية معاكسة، تؤدي إلي نفور الناس وغضبهم؟
- أعرف أنني أؤذن في مالطة، ولكن لا بأس.. فالمشكلة أعمق بكثير من أسئلة نارية عجز رئيس الوزراء عن الرد عليها.. المشكلة هي أصحاب المصالح الخاصة الذين يسيطرون علي مقاليد الأمور.
- نعم.. شلل مصالح وجماعات ضغط، لا يهمها إلا مصالحها، مهما كان الثمن، كل واحد يأتي برجاله وأتباعه وأنصاره وأعوانه، وكأنهم يديرون عزبًا وإقطاعيات.
(7)
- أعرف أنني أؤذن في مالطة، ولكن لا بأس.. وسوف أقولها للمرة المليون الإعلام.. الإعلام.. الإعلام أهم من مياه الشرب ورغيف الخبز والدعم والبنزين.
- الإعلام مثل النار التي تجلب الدفء أو تشعل الحرائق، والإعلام يشعل حرائق أكثر من البنزين.. حرائق تشتعل في العقول والقلوب وعبر عنها أحد الطلبة أمام رئيس الوزراء.
- أذنوا معي في مالطة.. ولكن قبل الأذان وبعده يجب أن نجيب عن سؤال مهم: هل الطالب الذي واجه رئيس الوزراء علي حق أم نحن الذين نخدع الناس؟


[email protected]