السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«احسبها صـح».. يشعل نيران غضب الشباب الأرثوذكسى من قياداته




مع إعلان الكنيسة الإنجيلية عن اقتراب موعد مهرجان «احسبها صح» السنوى الذى يقام فى بيت الوادى بوادى النطرون بدأ الهجوم المعتاد من قبل الكنيسة الأرثوذكسية عليه إلا أن هذا الهجوم ساعد على ظهور الفجوة الرهيبة التى اصبحت تتسع يوما بعد يوم بين رجال الدين الارثوذكسى وشباب الكنيسة .

إذا كان الهجوم على مهرجان «احسبها صح» هذا الحدث الذى يحضره الآلاف من الشباب القبطى من كل الطوائف جاء من شخصية مثل شخص الانبا بيشوى مطران كفر الشيخ والذى كان سابقا سكرتير المجمع المقدس لكان لم يعره اى شخص أهمية وذلك لانه دائم الهجوم على الطوائف كلها ولكن ان تاتى من شخصية مثل القس داود لمعى كاهن كنيسة كليوباترا بمصر الجديدة فكان يمثل صدمة كبيرة على الشباب القبطى خاصة لما يعرف عنه من تفتح وقبول الآخر وتقبله للاختلافات وليس هذا فقط بل أنه يكاد يماثل فى طريقة خدمته البروتستانت من حيث الطريقة والتفتح الامر الذى جعله يكتسب حباً واحتراماً شباب كثيرين كانوا قد رأوا فيه وجه مشرق وتطور لطريقة الخدمة الأرثوذكسية.

وكان الشىء المثير بشكل اكبر هو وجود الانبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس وهو شخصية محبوبه جدا من قبل الشباب القبطى والذى اعتبره دماء جديدة داخل أروقة الكنيسة الارثوذكسية الامر الذى اعتبره كثيرون موافقة ضمنية على ما يقوله القمص داود بينا أعتبره البعض الآخر بإنه لم يكن يريد احراجه فالتزم الصمت ثم علق قائلا « تسلم الأيادي» كنوع من انواع الدعابة.
وكان لمعى قد هاجم  الإنجيليين وذلك فى مؤتمر الاسرة الذى تقيمه كنائس وسط البلد حيث أجاب على سؤال أحد الأقباط الحاضرين للمؤتمر، حول حضور الشباب الأرثوذكسى لمؤتمر «احسبها صح»، الذى تنظمه الكنيسة الإنجيلية.
 وقال «احسبها صح ومترحش»، مؤكدا على وجود خلافات العقائدية بين الكنيستين الأرثوذكسية والإنجيلية، مشيرا إلى أن الكنيسة الأرثوذكسية متواجدة منذ ألفى عام، ووقفت أمام الضغوط التى تعرضت لها، والاضطهاد الذى تعرضت له، عكس البروتسانتية التى أشار إلى ضعفها بقولة «لو كانت البروتسانتية أقوى فأين المسيحية فى أوروبا، لأن هناك دولا أوروبية المسيحية بها 5% فقط، والباقى ملحدين، وذلك بدون تعرضهم للاضطهاد».
إلا إنه وعلى الرغم من هذا الهجوم  أشاد بمقدرتها على التبشير بالمسيحية، مضيفا أن صميم عقيدة البروتستانت أن الأرثوذكس غير مؤمنين وفى الآخر نحن الذين نخرج متعصبين لو اتكلمنا.
والحقيقة أن الامر والانتقاد لم يقتصر على القس داود بل وصل مرة اخرى الى الانبا موسى اسقف الشباب والذى سبق وانتقد المهرجان العام الماضى عندما وصف فى تصريحات له  ما يحدث بالمهرجان بأنها محاولات خطف شباب الكنيسة الأرثوذكسية بنشاط طائفى، يخفى الكثير من الأغراض التبشيرية  الامر الذى أثار غضب الكثيرين ايضـًا وقتئذ .
إلا أن الانبا موسى عاد مرة اخرى وانتقد ما يحدث داخل المهرجان بشكل صريح حيث اكد أن الموسيقى التى يستخدمها القائمون على العمل غير روحية وتسبب عثرة للشباب مشيرا الى انه مهرجان ضخم جدا والشباب يحب اللمة.
وأضاف إنه غير متعصب ولا يهاجم طالبا إلا يغضب منه أحد منتقدا طريقة المرتلين مشبها إياهم بالمطربين الذين يقومون بالرقص مؤكدا انهم يقومون بحركات «ديسكو» وهو شىء غير روحي.
وطالب القائمين بأن يهتموا أولا بالروح وبعد ذلك يهتموا بالعلاقات الاجتماعية مشيرا الى أن الهزات العنيفة الذى يقوم بها الشباب لها خطرها على الشباب.
وأضاف أنه على أتم استعداد أن يقوم بتقبيل يد أى شخص يغضب منه ويصالحه وانه لا يحب الهجوم على أحد اطلاقا.
وفى نفس الوقت قام القس سامح موريس راعى كنيسة قصر الدوبارة بالرد عليه قائلا »استمعت الى حديث الانبا موسى عن «احسبها صح» والتى ذكرنى فيها كصديق وهذا شرف لا استحقه وللتصحيح فقط فهذا الترنيم لا يحدث فى هذا المهرجان».
وعلى الرغم من كل هذه الاحداث الا أن الانتقادات الرهيبة والكبيرة كانت من نصيب القس داود لمعى حيث رد عليه احد الشباب الارثوذكسى فى مدونة له ويدعى رومانى جوزيف قائلا «لقد فاض بى الكيل وتعبت من كثرة الألم والحزن، ومن كثرة الكتابه فى تعصبنا، شاهدت فيديو يعلق فية القس “داود لمعي” على مهرجان “احسبها صح” وتألمت أن اسمع ذلك الكلام من القس “داود لمعي” المحسوب مستنيراً فى الكنيسة الأرثوذكسية، كان الكلام غير محدد وغير موضوعى بالمرة، وملىء بالخلل والمغالطات والتعالى والتعصب والكبرياء.. كان الكلام غير أرثوذكسى إن كنا نعرف ماهية الأرثوذكسية!! مما يجعل الرد الموضوعى صعب على ذلك الكلام، لكنى سأحاول أن أرد بموضوعية على نقاط معينة لكى نعرف أين نحن وأين حقيقتنا، ليس الهدف الرد على شخص بعينة أو الهجوم عليه بل تقييم أنفسنا وأمتحانها فالكلام هنا عن كنيستنا وليس عن شخص وحالنا.
واضاف أبدا كلامى بأن أعلن أنى أرثوذكسى فى إيماني، لكنى أدرك جيداً أن واقعنا الحالى للأسف كأقباط، أبعد ما يكون على الإيمان الأرثوذكسى الحقيقي، فنحن صرنا مثل الفريسيين نحتفظ بالمظهر الخارجي، وكالقبور مبيضة من الخارج وفى الداخل عظام وموت ونجاسة وأعلن أنى لست من مؤيدى “احسبها صح” ومنتقد أيضا للخدمة الإنجيلية الحالية فى مصر والتى كشفت الاحداث الأخيرة أن بها خللا كبيرا فى الرؤيا والسلوك، وفجوة واضحة بين الشعارات والوقع، وتوهم ونبوات ثبت أنها للأسف كاذبه، وتحتوى على قدر لا بأس به من المهارات والانفعالات والفقرات والثقافة والرقي، لكنها أكثر بكثير الخضوع للآب وحلول المسيح والسلوك به وبروحه القدوس، لكن ليس هذا مجال الكلام الآن ولا الموضوع، لأنى تعلمت أننا نحتاج أن نخرج الخشبه التى فى أعيننا أولاً حينها سنبصر أن نساعد الآخرين.
وبين تطرفين توهما أنهما يملكان المسيح، بينما هو غائب ومنسحب من كلاهما ومن كبريائهما وتكفير كلا منهم للآخر، تمزق إيمان كل من يريد معرفه الرب وتبعيته من القلب، وصار كثيرون أمناء مشوهين تائهين، بين التطرف الذى يدعى أننا نؤمن الإيمان الأرثوذكسى ونحن أبعد ما يكون عن الاستقامة الأرثوذكسية بسلوكنا الخالى من التقوى والتطرف البروتستانتى الذى يجيد فن الكلام عن المسيح كثيراً وحين نقترب للسلوك تجده متغرب كثيراً، ويسلك به قليلاً.
واوضح قائلا  «ان ملخص الفيديو يجعلنى أتذكر مثل الفريسى والعشار و يقول إننا طالما نقوم بالممارسات والطقوس (مثل الفريسى يصوم ويعطى العشور)، اذن.. أنا أحسن من غيري، ولو غيرى اعترض عليّ، سأهرب من الانتقاد بطريقة خبيثة وهى اثبات صحة الممارسات، بينما المشكلة ليست فى الممارسات بل فينا نحن!
لقد كنا فى ذلك الفيديو مثل الفريسى الذى سرد أعماله من صوم يومين فى الأسبوع وتعشير كل يقتنيه، نعم، أنهما الأعمال والإنجازات الروحية التى يتباهى بها الكل، نعرفها جيداً ونرى الفريسى حولنا وفينا، الفريسى يبنى صحة وضعه من سلوكه الظاهري، بينما قلبه متكبر مغرور متعال، كلام الفريسى يقطر بر ذاتي، فمن برره المسيح يرى نفسه كمريض تم شفاؤه، وكنتيجة حين يرى خاطأ يئن لأجله، ويتمنى أن يرى نفس الطبيب ويكلمه عنه، ولا يحتقره، لكن الفريسى سلوكه الظاهرى أنه يمارس ممارسات جيدة وخلوق، لكنه من الداخل مملوء موت ونجاسة، فيحتقر ويرفض الآخرين.
نعم لو كنا مختبرين للمسيح فى طقوسنا، لكانت تشبعنا، ولم يكن حالنا أن نصرخ لأولادنا “لا تذهبوا هناك”، لو كان المسيح حاضراً فى كنائسنا لكانت أماكن جذب للآخرين من طوائف وأديان أخري، لو كنا فعلا أقوى كما يتباهى القس، فالأقوى يتحمل مشاكسة الأضعف بمحبه ويعلمه وُيغنيه، لا يكفره ويرفضه ويتباهى عليه!  بل يوم أن نخرج الكنوز التى عندنا، ونحيا إيماننا الارثوذكسى المستقيم،  لن نحذر أولادنا من الذهاب لمهرجان «احسبها صح»، بل سنقول لهم اذهبوا واجعلوا الناس ترى النور الذى عندكم لنكون واحداً.
ملخص الفيديو أننا نتباهى بالإيمان النظرى وصحته، بينما تعريف التقوى فى الإيمان الأرثوذكسى هو السلوك بالإيمان والحق، كما قال القديس اثناسيوس، والسلوك المثمر فى الفكر المسيحى والحق والإيمان لا ينفصلان، والفكر الآبائى كان مقياسه هو التقوى فى السلوك وليس النظريات الإيمانية، وذلك هو مفهوم “الحق المعاش” لا “النظريات المائتة”، حيث حقائق الإيمان والسلوك والعبادة والاختبار مترابطين بوحدة لا تنفصل وتشير لهم كلمة “التقوي” التى سرها هو التجسد  (1تي 3 :  16)، لذا وصف القديس أثناسيوس الهراطقة بأنهم “عديمى التقوي”!
 أنا أعلم أننا نرفض النقد دوماً.. لكن حين انتقد كنيستى أنا أنتقد نفسى لأنى جزء منها.
واضاف قائلا «لماذا صار عندنا ثقة شديدة أن المسيحية الحقيقية الوحيدة الباقية فى العالم هى فى مصر والباقى مشوهين كما كان يرى اليهودى الأمم؟ القس يرى أننا الوحيدين الذين حافظنا على الإيمان، يغالط فى الأرقام والحقائق، ويتجاهل أن مصر كانت مسيحية تماماً وقت القديس أثناسيوس الرسولي، ونحن الآن اقل من 8%، ولو اقتربت بعدسة لحال هؤلاء القلة، ستجد لدينا ما يقدر بـ حوالى 300 ألف حالة طلاق قبطية فى المحاكم والتى تعتبر بحسبه بسيطة حوالى ثلث الزيجات القبطية، وحالات الانفصال الكثيرة والخلافات المريرة فى اغلب البيوت.. وخلافات الخدام داخل الكنيسة الواحدة والتى تصل لطرد بعضهم، وسلوك عالمى مسيطر على أغلب المسيحيين من حب مال وغنى وتعظم معيشة وشهوة عيون، وانتشر بين المسيحيين جملة “كنا زمان نطمن لو نشتغل مع مسيحي، دلوقى تخاف تشتغل معاه” هل هذا هو حالنا الذى يتباهى به القس!!
لكن القس ذكر امثلة عجيبه تخلو من العمق ولا تلمس مشكلتنا، مثل “شماس صوته عالي”!!! هل هذه يمكن أن تكون أول مشكلة تخطر على بالنا فى مشاكل الكنيسة؟ ونضعها على القائمة؟ شماس بيحب الظهور؟ والمشكلة التانية التعنت مع ملابس الفتيات؟ وننسى حالات الطلاق والبيوت المنقسمة وكثرة الارتداد ومؤخرا الإلحاد، والممارسات المائتة وضعف الإيمان والتغرب عن المسيح، والسلوك بالجسد المنتشر بيننا، وننسى الملايين التى تنفق سنوياً من امول الفقراء فى تهنئة الأساقفة والكهنة على صفحات الجرائد، وننسى التعصب ليس فقط نحو الطوائف، بل حتى نحو أبناء الكنيسة القبطية مثل الأب متى المسكين والأب مكارى يونان والأنبا غريغوريوس والقس إبراهيم عبد السيد وغيرهم من الخدام المستنيرين الذين تم رفضهم من الكنيسة وذبحهم بحجج واهية مريضة.
وعلق قائلا لقد توهمنا أننا عندنا شوية “أنفلونزا” ونحن مرضى “سرطان”».
كان هذا نموذج من رد احد الشباب الارثوذكسى الا ان الغضب كان كبيرا بين الشباب الارثوذكسى فقال بيشوى عادل « خدام ربنا المفروض انهم يحببونا فى ربنا او على الاقل ميخلوناش نكرهه مفهوم الخدمة والمحبة وان الله محبه والشعارات الجملية اللى الناس بتقول عليها ففى اكتر من 20 قناة بتكلمنى فى الموضوع ده اذا كانت المحبه هى اساس الايمان المسيحى فهى محبه افعال مش محبه كلام ... نحن لا نخدم الله بل نخدم انفسنا و مراكزنا وشهرتنا .... ربنا زمان كنت احب اسمع عنه واعيش معاة.. دلوقتى ولا عايز اسمع ولا عايز اعيش معاه «نتيجة لاخدام الله العملاقة».. خدام الله انتم اصبحت اكثر صور مشوهة عن الله.
واختتم كلامه قائلا « ابونا داود قبل ما تتكلم احسبها صح». وعلق القس داود على ما جاء بهذه المدونه قائلا "لقد كنت اتحدث مع شباب أرثوذكسى فى كنيسة أرثوذكسية ومن حقى أن أنصح أولادى".
وأضاف "المشكلة الحقيقية فى أن هناك شباباً كثيرين ذهبوا ولم يرجعوا أليس من حقى أن اغير على أولادى وعلى كنيستى وإيماني؟"
وأوضح "نعم هناك تقصير كبير لدينا فى جذب الشباب وتقصير واضح وأعترف بهذا ولكن حتى عندما تحدثت عن أوجه التقصير لدينا هوجمت وقيل عنى انى فريسى ولست مع الوحدة وأشياء أخرى كثيرة والموضوع أخذ أكبر من حجمه".
وأضاف "لا يهمنى ما يقال خاصة أننى أحبهم حقا وتربطنى بهم علاقة قوية جدا ولكن بالفعل لدينا أشياء إيمانية كثيرة ليست لديهم ومن حقى أن أخاف على أولادى الا انهم لديهم قدرة على تسويق وعرض ما يملكونه وهذا غير متوافر لدينا".
وأكد انه لم يكن يقصد الإساءة إلى اى احد ولكن كلامه فهم بمعنى خاطئ بشكل كبير وهو يأسف لذلك كثيرا".
وفى النهاية نتساءل هل يعمل البابا تواضروس الثانى لتوحيد الكنائس بمفرده خاصة انه كان له رأى واضح وهدف محدد فى هذا الموضوع حيث اشاد فى احد لقاءاته بهذا المهرجان الضخم ولكن كيف يعمل راس الكنيسة فى اتجاه بينما الباقى يعمل فى الاتجاه المضاد له؟