الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

إحياء ذاكرة السينما فى مهرجان الرقص المعاصر




حلم بسيط بدأه المخرج الشاب أدهم حافظ عام 2006 الذى يعمل بالرقص المعاصر منذ سنوات بشكل مستقل، حيث سعى ادهم لتأسيس مؤسسة حركة وأرشيف التى تهتم بالدرجة الأولى بأرشفة فنون الأداء المعاصر من مسرح ورقص وموسيقى، وبالرغم من الصعوبات التى واجهته فى البداية إلا أنه أصر على الإستمرار حتى بدأ فى تحقيق حلمه منذ عامين، كما تنظم مؤسسة حركة الدورة الثالثة لمهرجان «trans dance» الذى تقام دورته هذا العام تحت عنوان «بين الذاكرة والنسيان»، وتم اختيار افيش المهرجان من أحد مشاهد الحب بالسينما المصرية، وعن المهرجان ومؤسسة أرشيف المستقلة قال حافظ:

كنا نفكر فى تأسيس مؤسسة «أرشيف» عندما بدأنا فى تأسيس مؤسسة حركة منذ عام 2006 وكان هدفنا فى البداية، عمل أرشيف للرقص المعاصر فى مصر، ثم اشتغلنا على التعليم والبحث وأقمنا فعاليات فنية مختلفة كان من ضمن هذه الفاعليات مهرجان «ترانس دانس» وورش عمل وأشياء أخرى متعددة، وكانت لا تزال مستمرة معنا فكرة عمل أرشيف للرقص المعاصر فى مصر، حتى بدأنا فى تنفيذها منذ عامين، ثم قررنا ألا يقتصر الأرشيف على الرقص المعاصر فقط بل لابد أن يتضمن أيضا الأرشيف فنون الأداء المعاصرة الأخرى مثل الرقص والمسرح والموسيقى بالعالم العربى، وبدأنا العمل على المشروع بالفعل، واستأجرنا هذا المكان بوسط البلد منذ عام واحد.

ويضيف: المشروع سيكون له ثلاثة فروع فرع فى الشرق الأوسط وهو الموجود بالقاهرة، وآخر بنيويورك بمؤسسة لينكولن، وفرع فى متحف الرقص بجنوب ألمانيا، الهدف من المشروع هو توثيق الأعمال الفنية للراقصين أو مخرجى المسرح والموسيقيين المستقلين فى العالم العربى، عن طريق تجميع أعمالهم بصورة متاحة كملفات رقمية ويكون هناك 3 نسخ من محتوى الأرشيف بحيث يستطيع أن يطلع عليها أى شخص بسهولة فى أى مكان بالعالم سواء كان باحثا أو صحفيا أو مخرجا أو منتجا. وعن الصعوبات التى تواجهه فى جمع المواد الأرشيفية قال: بالتأكيد كانت هناك صعوبة شديدة لأن تجميع الأرشيف يحدث بشكل فردى عن طريق كل فنان على حدى ونحن نتحدث عن 20 دولة ليس بها أى أرشفة فنية لهؤلاء الفنانين، خاصة أنهم يعملون فى مجالات مختلفة فى فترة مدتها 20 سنة، لدينا بالطبع باحثون فى دول عربية مختلفة إلى جانب أننا نبحث حاليا عن شركات عربية بحيث يكون هناك دعم أو تعاون من هذه الشركات لتسهيل عملية البحث والتنظيم فى جمع المعلومات، والحقيقة كان هناك تعاون كبير من الفنانين لأن جمعيهم متحمس لفكرة أرشفة أعماله حتى تظل باقية لأن التجميع يبدأ من العشرين سنة الماضية وحتى الآن لكن بشكل أساسى كان اهتمامنا ينصب أكثر علي آخر خمس سنوات لأن هذه هى السنوات التى حدثت بها تغييرات سياسية ومجتمعية كبيرة بالدول العربية، فهذه السنوات شهدت مقاومة سياسية وفنية. ويضيف: بالتأكيد نهتم بالأعمال التى تم تقديمها على مسارح الدولة فى المجالات الثلاث، لكن الإهتمام الأكبر ينصب على الفنانين المستقلين لأن أعمالهم بالفعل غير موثقة، لكن من يعمل فى المسرح القومى بدمشق أو غيره أعمالهم ستكون موثقة من خلال الدولة بينما المشكلة الحقيقية يواجهها المستقلون الذين لا يعرضون على هذه المسارح.
وعن إمكانية التعاون مع الجهات الحكومية لتسهيل عملية الأرشفة قال : قمنا بمحاولات عديدة للتعامل أكثر من مرة مع المؤسسات الحكومية، لكن للأسف كنا نواجه بإهمال وتجاهل تام للفكرة، لأنهم يرون دائما أنها فكرة غير واقعية ومعظم هذه المؤسسات غير مقتنعة حتى الآن، بوجود فن معاصر مستقل ناجح وحقيقى، وأنا شخصيا حاولت تجميع عملى الموجود فى أرشيفات الدولة من دار الأوبرا على سبيل المثال لكن بالطبع محاولاتى باءت بالفشل والرفض لأنه «ممنوع»!!، لذلك بدأنا من الصفر، وسنبدأ فى مخاطبة بعض الأماكن التى لها علاقة بالحكومة بعد الإنتهاء من تجميع الأعمال الموجودة فى الأماكن الثقافية المستقلة البديلة مثل «روابط» و«سيما تك» وغيرها من الأماكن التى أصبحت موجودة حاليا بمبانى سكنية مثل مؤسسة أرشيف وحركة.
ويقول: ليس لدينا دعم من الاتحاد الأوروبى، لكن لدينا دعما من أماكن ومراكز ثقافية أوروبية وعربية موجودة فى مصر والعالم العربى، وحتى إذا جاء دعم أوروبى يأتى من داخل مصر مثل، معهد جوتة الألمانى وهو معهد الدولة سمحت له بالتواجد وممارسة الدعم الفنى والثقافى عن طريق اتفاقيات ثقافية بين الحكومة المصرية والألمانية، لكن دعما مباشرا من الاتحاد الأوروبى غير موجود وهذا لا يعنى أننى رافض لهذا النوع من الدعم لكننى أحب دائما التحقق من الجهة التى تدعمنى والوضع والإطار والسياسات التى توضع حوله لأننا فى النهاية نريد العمل بصورة ترضينا.
أما عن مهرجان ترانس دانس وفكرة ارتباطه بـ«الذاكرة والنسيان» قال: المهرجان يتناول فكرة «الذاكرة والنسيان» أو «المقاومة والنسيان» فنحن نبنى المهرجان على فكرة أن الذاكرة هى نوع من أنواع المقاومة السياسية فى أى مكان بمعنى أنه عندما يريد أحد التشكيك فى تاريخ بلدنا، لابد أن تكون لدينا ذاكرة من تراثنا الفنى نرد بها على هؤلاء المتشككين، وأبرز مثال على ذلك عندما قيل عن أفلامنا انها لابد ان تحمل شعار «السينما نظيفة»، لذلك كان لابد أن نتوقف هنا حتى نفهم مصطلح السينما النظيفة ومع احترامى للأفلام التى خرجت علينا هذا العام فى موسم عيد الأضحى هل هذه هى السينما النظيفة، وهل إذا حذفنا القبلة بين رجل وإمرأة فى الفيلم ووضعنا هذا الكم من العرى والدعارة ستكون وقتها السينما نظيفة؟!
ويضيف: أذكر أننا جمعيا كنا نرى أفلام هند رستم ورشدى أباظة وليلى مراد وكنا نشاهد رقص وغناء بالأفلام مع أهلنا بالبيوت بعد صلاة الجمعة على القنوات المصرية، وهذا كان جزءا من ثقافتنا ولم يحدث أننا صنفنا هذه الأعمال على أنها غير أخلاقية، لكننا بدأنا فى سماع هذه التعبيرات وحوادث التحرش بعد ما سعينا لمحو هويتنا المصرية، والحقيقة أن هويتنا المصرية فى الأساس جزء كبير منها متصالح مع الجسد أكثر من الثقافة الأوروبية بمراحل لأننا فى هذا البلد نتعامل مع الرقص كممارسة اجتماعية، وليس كممارسة فنية وهذا يحدث على مستوى حياتنا فى أى عيد ميلاد أو فرح، نرقص لأنه جزء من طبيعتنا لكن إذا كنا نقوم فى هذا التوقيت بقص ومحو هذه الثقافة المصرية فهذا ما اعتبره مرضا نفسيا واجتماعيا وأرفضه رفضا تاما.
وعن الفيلم القصير الذى بنيت عليه فكرة المهرجان يقول: «لانا السناوى» قامت بتجميع مشاهد من الأفلام التى كنا نشاهدها زمان، وهى مشاهد غير إباحية لأنها مجموعة من مشاهد الحب والإغراء والجمال التى كانت موجودة بهذه الأعمال وضعتها بشكل متوال، ومن خلال هذه المشاهد نتذكر تاريخنا الفنى لكننا للأسف عندما نشاهد هذه الأشياء نشعر بغصة وفزع من شدة بعدنا عن الرقة والجمال فى أعمالنا الفنية.
ويشير حافظ: لانا السناوى قدمت هذا الفيلم تحديدا ردا على تصريحات الإخوان عندما قالوا أنهم سيتدخلون رقابيا بقطع هذه المشاهد من الأعمال السينمائية القديمة، لأنها تحمل مشاهد إباحية وغير مسموح بوجودها فى ذاكرة الشعب المصرى، لذلك كان يجب الرد على هذه التصريحات بشكل قوى لأن رشدى أباظة وسامية جمال وعبدالحليم حافظ هم ذاكرة الشعب المصرى، فكيف نمحى ذاكرة هؤلاء، كيف نمحى من ذاكرتنا مسرحيات فؤاد المهندس وشويكار التى لا يزال يعشقها الشعب المصرى، فذاكرة الشعب المصرى هى عندما كنا نصوم نهارا فى رمضان ونشاهد بعد الإفطار فوازير شريهان هذه هى الذاكرة الحقيقية لنا كمصريين، التى أرادوا محوها لذلك بناء على هذا الفيلم قررنا أن تكون أفيشات المهرجان من ذاكرة السينما المصرية القديمة لأننا نريد أن نذكر الناس أن تاريخنا الجميل كان تاريخا غنيا والمهرجان دعوة لتذكر هذا التاريخ الجميل التى أجبرتنا التغييرات السياسية والأيديولوجية أن ننساها.
وعن الدول المشاركة بفاعليات المهرجان هذا العام قال: قررنا أن يشارك هذا العام دول عربية فقط لأننا رأينا أنه فى ظل الأزمات السياسية واللحظة التاريخية الصعبة التى تمر بها دول مثل مصر ودمشق وفلسطين والأردن لابد أن نكرس المهرجان لدعم الإنتاج الثقافى العربى لدينا فنانون من لبنان وتونس وفلسطين وسوريا، وبعد انتهاء المهرجان فى القاهرة سيسافر بعض عروضه، إلى أرمينيا وسلوفنيا وسيصل العام القادم فى يناير إلى نيويورك.