الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«العيش».. وخباز الثقافة




يبقى دائما للمجتمع وأفراده دور كبير فى المشاركة صانعا لفعاليات وأنشطة تكمل دور مؤسسات الدولة من خلال الجمعيات الأهلية ودورها الكبير وتأثيرها الإيجابى على المجتمع والنهوض به، وملء الفراغ الذى قد تخلفه وراءها مؤسسات الدولة، وأننا مازلنا نحيا فى كنف الدولة المركزية، وهو دور تكاملى قديم ارتأت الدولة أن تجعل رقابتها عليه من خلال إدارة الجمعيات الأهلية بوزارة الشئون الاجتماعية التى تحولت فيما بعد إلى وزارة التضامن الاجتماعى، وهو أمر تنظيمى يعانى من خلل بالغ، أن تكون الجمعيات الأهلية فى طول البلاد وعرضها بمحافظاتها المختلفة واهتماماتها المتعدة تابعة لإدارة صغيرة واحدة، أقل ما يؤخذ عليها عدم التخصص والفهم الدقيق لأداء كل جمعية على حدة باختلاف اهتمامها وما تقدمه للمجتمع، فمن غير المعقول أن يكون المسئول عن جمعية فنية وأخرى زراعية هو المسئول نفسه ـ وهو فى كلتا الحالتين لا يعرف عنهما وعن أنشطتهما شيئا ـ ليكون شغل مسئولى الجمعيات بالوزارة الشاغل هو القيام بدورهم بشكل روتينى بحت، بحثا هنا وتنقيبا هناك تطبيقا لإجراءات روتينية عقيمة «لا تغنى ولا تسمن من جوع».
أذكر هنا المعاناة المريرة التى لامستها شخصيا وقت مسئوليتى عن الأمانة العامة لجمعية محبى الفنون الجميلة العريقة ـ أقدم وأعرق جمعيات الفن التشكيلى فى مصر والوطن العربى على الإطلاق ـ فى إجراء مخاطبات «روتينية» مع مسئولى الجمعيات بوزارة التضامن الاجتماعى ـ هم بالطبع لا يفقهون فيها شيئا ـ مع احترامى الكامل لهم ـ ولا يفقهون فى ماهية تلك الأنشطة ولا عن أهميتها من عدمه، ليقتصر دورهم على مراجعة الإجراءات الشكلية للجمعيات العمومية العادية وغير العادية ومحاضر مجالس الإدارات فقط كمراجعة قانونية شكلية من حيث صحة إجراءاتها من عدمه، لتتحول الأمور الى شكل آخر من أشكال البيروقراطية المعوقة لأدوار المجتمع.
ولعلنا وسط الجدل الدائر فى الاوساط السياسية والمجتمعية المصرية حول جمعية الإخوان المسلمين، والتى أنشئت بالمخالفة للقوانين على الرغم من أن قانون الدولة يمنع قيام الجمعيات الأهلية بممارسة العمل السياسى، لتبقى الممارسة السياسية هى طريق الأحزاب وحدها، فالسياسة لأصحابها والدين للجميع ليكون مصير الجمعية هو حلها فلا يصح إلا الصحيح.
وعليه أدعو إلى إعطاء «العيش لخبازه» لتؤول مسئولية تلك الجمعيات الأهلية إلى وزاراتها المختصة، الاقرب إلى اختصاصها الأصيل، تسهيلا على تلك الجمعيات والقائمين عليها فى ممارسة دورهم المجتمعى، وأيضا ليسهل على تلك الوزارات التكامل والتفاعل والتنسيق مع تلك الجمعيات، فهى الأقرب إلى روحها وفكرها ليؤول الاشراف على الجمعيات الثقافية والفنية مثلا إلى وزارة الثقافة، منها إلى وزارة الزراعة، وهكذا يحدث مع باقى الجمعيات.