السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لانقبل التدخل فى شئوننا.. وأجهضنا محاولات تركيا لعقد مؤتمر إسلامى لمناقشة الأوضاع الداخلية




قال السفير عمرو رمضان نائب مساعد وزير الخارجية لشئون عدم الإنحياز والتعاون الإسلامى والوكالات الدولية المتخصصة أنه لا يوجد بمصر أى اقتتال داخلى من اى نوع يستدعى تدخل المنظمات الدولية أو الوكالات المتخصصة أو غيرها، لافتا إلى ان مصر أجهضت مؤخرا طلبا لتركيا بعقد مؤتمر إسلامى لمناقشة الأوضاع فى مصر، وأشار رمضان فى حواره مع «روزاليوسف» إلى أن ما يحدث فى مصر هو إرادة شعب منح الشرعية لرئيس منتخب ثم نزعها منه مرة أخرى وهو حق أصيل للشعوب لا ينازعها فيه أحد، وتطرق «رمضان» إلى موضوعات أخرى فى نص الحوار التالى:


■ كيف ترى موضوع قرار إعادة هيكلة وزارة الخارجية فى الفترة القليلة السابقة؟
- وزارة الخارجية لم تشهد إعادة هيكلة بالمعنى المقصود، وإنما يتم استحداث إدارات جديدة ودمج إدارات قديمة بين الوقت والآخر مع صعود أو هبوط للموضوعات التى تتابعها هذه الإدارات ومدى أولويتها فى سلم الاهتمامات المصرية، ووزارة الخارجية من أكثر الوزارات مواكبة للتغييرات الدولية حيث يأتى ذلك من احتكاكها الدولى الدائم، وهى تعمل دوما على تطوير أدائها مما يتطلب أيضاً تطوير أساليب العمل حتى يمكنها الاستجابة بشكل أفضل للمستجدات الدولية. وربما التحدى الحقيقى أمام وزارة الخارجية على صعيد التطوير الداخلى بعد ثورة يناير هو تحقيق التناغم بين مختلف الأجيال العاملة للاستفادة من خبرة وحماس كل جيل وتفعيل التواصل المطلوب بين هذه الأجيال، فالخارجية لها من الخبرات ما يمكنها من المساعدة فى وضع مصر فى مكانة دولية أفضل إذا ما أحسن توظيف هذه القدرات بعيداً عن الاعتبارات الشخصية.


■ كيف ترى ما يقال عن اشتباك أو انقضاض بعض أجهزة الدولة كالمخابرات على ملفات وزارة الخارجية؟
- لا يوجد شىء اسمه انقضاض وإنما طبيعة العمل بوزارة الخارجية مرتبط بالعلاقات الدولية وهذا ما يدفع تلقائيا إلى الارتباط بمتطلبات الأمن القومى المصرى ومثل هذه الأمور لا يتصور أن تنفرد بها وزارة الخارجية، وإنما يجرى التنسيق بشأنها فيما بين وزارة الخارجية وكل من وزارة الدفاع وجهاز الأمن القومى ووزارة الداخلية، ومن الطبيعى أن يكون هناك هذا التواصل بين أجهزة الدولة... لسنا بصدد انفراد أى جهة بأى عمل ولكننا بصدد تنسيق الوزارات والأجهزة، وهناك ملفات كانت الريادة فيها للمخابرات العامة مثل ملف المصالحة الفلسطينية وذلك بحكم دور الجهاز وهذا لا يعنى أن الخارجية كانت بعيدة عن هذا الملف.

■ حركة عدم الانحياز تجمع دولى كبير.. هل ضعف تأثير مصر فى هذه الحركة نظرا للأحداث الداخلية خلال الفترة الماضية؟
- بعض العامة وللأسف بعض المثقفين لديهم صورة مغلوطة عن حركة عدم الانحياز، ويتصور البعض أنها ترتبط بالماضى أكثر من ارتباطها بالحاضر أو المستقبل من منطلق أن حركة عدم الانحياز أنشأها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مع نهرو وتيتو - وغيرهم من القادة المؤسسين- لتكون تكتلا للدفاع عن تطلعات شعوب دول العالم الثالث أو الدول النامية، ولا يعنى انهيار الاتحاد السوفيتى وانحسار الأفكار الاشتراكية أن حركة عدم الانحياز قد صدر لها شهادة وفاة لأنها قد تطورت عبر السنوات الماضية وارتفع عدد أعضائها من 25 دولة إلى 120 دولة، كما أصبحت محفلا للتنسيق بين هذه الدول إزاء مجمل القضايا العالمية وبصفة خاصة التى تتناولها الأمم المتحدة سواء كانت سياسية أو اقتصادية او اجتماعية او بيئية أو مرتبطة بحقوق الإنسان. نعم قد تكون تحديات اليوم قد اختلفت عن تحديات خمسين عاماً سبقت، ولكن ربما توافقنى الرأى أن حجم التحديات قد زاد وتنوع ما يجعل الحركة أكثر اتصالاً عن ذى قبل.


■ أين نتائج هذا التنسيق وذلك التجمع الهائل عمليا على الساحة الدولية، خصوصا أن الدول النامية تمر بقضايا مصيرية وبعضها يتعلق بوجود دول وانتهاء أخرى؟
- «عدم الانحياز» ليست منظمة وإنما حركة وهى معنية أساساً بتنسيق مواقف أعضائها إزاء البنود المطروحة على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة وبالتالى عملها يرتبط بصورة أساسية بعمل الأمم المتحدة.

■ لكن ما هى أبرز المواقف التى اتخذتها؟
- الحركة لها موقف واضح فيما يتعلق بتوسيع مجلس الأمن، وأيضا لها موقف فيما يتعلق بضرورة نزع السلاح النووى والحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل ولديها موقف فيما يتعلق بالجوانب التجارية وتحرير التجارة وكذلك الديون والاعتبارات البيئية بالإضافة إلى حقوق الإنسان وخلافه، وهذه المواقف تعبر عن القاسم المشترك للدول الأعضاء. أما فيما يتعلق بما ذكرته فى سؤالك السابق بشأن عدم ظهور هذا الجهد فهذا يرجع بالدرجة الأولى إلى أن الحركة ليس لها سكرتارية وبالتالى ليس هناك من يتولى مهمة الدعاية والإعلان عن جهود الحركة كمهمة رئيسية وإنما يتولى هذا الأمر الدولة التى ترأس الحركة، وهذا الأمر متوقف على نشاط دولة الرئاسة، وهنا يجب أن أنوه إلى الجهد المصرى خلال الفترة من يوليو 2009 وحتى يوليو 2012 وما شمله من تواصل مع الأمين العام للأمم المتحدة ودول مجلس الأمن وسائر المنظمات الدولية، كما كان لمصر دور كبير فى حشد التأييد الدولى لإقرار عضوية فلسطين كدولة فى منظمة اليونسكو أكتوبر 2011.

■ ذكرت أن هناك تأثيرا لحركة عدم الانحياز على المناقشات التى تجرى داخل الأمم المتحدة.. ما هو شكل هذه المناقشات لو لم تكن الحركة قائمة؟
- دعنى أؤكد أن حركة عدم الانحياز كانت حائط صد رئيسيا أمام هجمة من عدة دول غربية إزاء عدة موضوعات سياسية واقتصادية لا تتماشى مع أهداف دول الحركة.. هذا الحائط الصد نستطيع أن نقول إنه كان منيعا فى التعبير عن مواقف 120 دولة وهذا عدد ليس بقليل حيث يعادل أكثر من ثلثى دول العالم، وبالتالى عندما تعبر هذه الحركة عن أى موقف فلا يمكن الاستهانة به، وكما أشرت إلى موضوع عضوية فلسطين فى اليونسكو كمثال لهذا التحرك وكذلك هناك موضوعات أخرى مرتبطة بضرورة إصلاح عمل مجلس الأمن وجعله أكثر شفافيا وتمثيلاً للمناطق الجغرافية المختلفة بالإضافة إلى موضوعات الخصوصية الثقافية وآليات حقوق الإنسان.

■ هل هناك آلية لإلزام الدول الأعضاء بالقرارات التى تجمع عليها الحركة؟
- هى حركة.. ولا توجد وسيلة إكراه أو إجبار الدول الأعضاء، وبطبيعة الحال الأمر يظل متروكا لسيادة الدول الأعضاء للانضمام للمواقف السياسية أو عدم الانضمام، ونحن نتعامل مع القواسم المشتركة التى يمكن أن نتفق عليها جميعاً، وبالتالى فلا يوجد دافع بالانشقاق عن الاجماع أو المواقف المشتركة التى يتم التوصل إليها.

■ كيف تتحقق هذه القواسم المشتركة فى ظل اختلاف وجهات النظر السياسية بشكل كبير، وكمثال هناك موقف إيران المختلف مع معظم دول الحركة فيما يتعلق بالأزمة السورية؟
- هذا سؤال جيد، لأنه قبل أن تسلم مصر الرئاسة لإيران كانت هناك عدة تساؤلات سواء من داخل الحركة أو خارجها حول رئاسة الحركة فى ظل الرئاسة الإيرانية وما إذا كانت إيران ستسعى إلى خطف الحركة لتحقيق أهداف سياستها الخارجية، وكنت أؤكد أن إيران تدرك هذه المخاوف لدى الغير وبالتالى لن تحاول ولن تستطيع أن تسير الحركة فى اتجاه ليس هو الاتجاه الغالب داخل الحركة لأن هذا سيضع رئاستها للحركة محل شك، وبديهى تكون رئاسة الحركة أكثر سلاسة عندما تتولاها دولة على علاقة طيبة بجيرانها وبأعضاء الحركة وعندما تكون مواقفها عقلانية ومرتبطة بالحق والعدل وتراعى المواثيق والأعراف الدولية.

■ ماذا عن التحديات التى تواجه الحركة؟
- التحديات اختلفت كثيرا عما كانت تواجه الحركة حين نشأتها حيث كانت التحديات فى السابق فى عالم القطبين. اليوم هناك تحديات أكثر فى عالم «أحادى».. حين أنشأت الحركة كان لدينا تحديات اقتصادية وسياسية واليوم أصبح لدينا بالإضافة إلى ذلك تحديات اجتماعية وبيئية وأخرى تتعلق بحقوق الإنسان وبنزع السلاح، ورغم اختلاف هذه التحديات وزيادتها إلا أن ارتباط الدول بالحركة أصبح أكثر مما كان عليه فى السابق، وبالتالى نحن فى حاجة إلى الحركة اليوم أكثر من أى وقت مضى.

■ ماذا عن منظمة التعاون الإسلامى وما يواجه العالم الإسلامى؟
- أولا يجب أن نؤكد أن هذه المنظمة ليست منظمة دينية ولكنها منظمة سياسية وهى دولية أقاليمية أى تشمل فى عضويتها أكثر من إقليم فهى ليست كالجامعة العربية أعضاؤها من الدول العربية أو كالاتحاد الافريقى أعضاؤه من الدول الإفريقية ولكنها منظمة تضم 57 دولة وهى ثانى أكبر منظمة بعد الأمم المتحدة من حيث العضوية، وإذا نظرنا إليها كمنظمة دينية فهذه نظرة خاطئة وستقودنا إلى استنتاجات غير صحيحة، وهناك ميثاق للمنظمة يحكم عملها.

■ ماذا عن عمل المنظمة فيما يتعلق بقضية فلسطين؟
- المنظمة نشأت أساساً بعد حريق المسجد الأقصى عام 1969، والقضية الفلسطينية فى لب اهتماماتها، والمنظمة لديها عمل خاص يرتبط بشقين الأول سياسى والثانى اقتصادى يتعلق بالتبرعات التى يتم جمعها للحفاظ على المقدسات والمؤسسات التعليمية والدينية فى القدس وهناك لجنة خاصة هى لجنة القدس يرأسها ملك المغرب. أما على المستوى السياسى فهناك متابعة دائمة للمواقف الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية ومؤخرا تم عقد اجتماع لأعضاء الحركة لإنشاء ما يسمى «شبكة الأمان الإسلامية»، وهى معنية بتوفير الدعم المالى والسياسى للحركة لاستمرار الضغط السياسى.

■ ما هى نتائج عمل المنظمة فيما يتعلق بالأقليات المسلمة فى العالم؟
- المنظمة لديها اهتمام بالحفاظ على حقوق الأقليات من خلال التواصل مع هذه الأقليات للتعرف على طبيعة المشاكل التى تواجهها وكيفية حلها والتواصل مع الحكومات المعنية، مع حرصنا على عدم التدخل فى شئون الدول الأخرى وألا يكون دعم المنظمة لهذه الأقليات يبدو وكأنه على أساس دينى محض ولذلك نحن ندعم أى تحرك سياسى بهذه الدول يضمن حقوق هذه الأقليات وينهى معاناتها.

■ هناك أقليات فى الدول الإسلامية نفسها مثلما هو حال الأحواز فى إيران.. ماذا عن هؤلاء؟
- المنظمة ليست معنية بالتدخل فى شئون أعضائها وهذا بناء على نص صريح فى ميثاقها.

■ من بين التحديات والمشاكل التى تواجه الدول الأعضاء أيضا مسألة التقريب يبن المذاهب ووحدة العالم الإسلامى.. هل هذا أيضا يندرج تحت سيادة الدول الأعضاء ولا تتدخل فيه المنظمة؟
- لا.. هذا الموضوع تناقشه المنظمة وتبلى فيه بلاء حسن فهو لا يخص دولة بعينها ويدخل ضمن الموضوعات العامة التى تخص العالم الإسلامى كله، وقد نتج عن القمة الاستثنائية فى مكة أغسطس 2012 توصيات محددة بهدف دعم التضامن الإسلامى. كما نظمت أمانة المنظمة مؤتمراً دينياً بمكة لعلماء سنة وشيعة شهد الكثير من التقارب.

■ هل هناك دور للمنظمة للوساطة أو التقريب بين الفرقاء السياسيين فى الدول الأعضاء إذا ارتضوا ذلك وخصوصا الفرقاء السياسيين فى مصر وما نعانى منه بشأن استخدام الدين فى السياسة؟
- استخدام الدين فى السياسة ليس بموضوع جديد، وربما يعود إلى عهد الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه عندما دفع معاوية باعتبارات دينية لأهداف سياسية إن صح التعبير. وفيما يتعلق بمصر فلا يوجد أى قرار اتخذته المنظمة تجاه الأحداث التى شهدتها مصر، وهى أحداث داخلية تتعلق بالشأن المصرى الخالص، ولكن كانت هناك بيانات إعلامية صدرت من أمين عام المنظمة دعا فيها المصريين إلى الاحتكام إلى العقل والمنطق والالتزام بالسلمية، وكانت مصر تتلقى هذه التصريحات بقدر كبير من التحفظ لأن مصر لا تقبل التدخل فى شئونها الداخلية ولكن نحن نعلم نواياه الطيبة تجاه مصر، وفى هذا الإطار يجب أن أشير إلى أن مصر أجهضت محاولات تركيا التى تقدمت بطلب رسمى إلى الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامى لعقد مؤتمر لتناول الأحداث فى مصر بعد ثورة 30 يونيو وتم رفض هذه المحاولات فى النهاية لأنه لا يوجد مادة للنقاش أصلا.. لا يوجد صراع دينى أو مذهبى فى مصر.. لا يوجد اقتتال داخلى.. مصر ليست سوريا.. ما حدث فى مصر أن الشعب ثار على رئيس منتخب هو الرئيس السابق محمد مرسى وأن الشعب أيضا هو الذى أسقط شرعية هذا الرئيس.. الشعب الذى منحه الشرعية هو نفسه الشعب الذى سحبها وهذه حالة فريدة أذهلت العالم كله.

■ ماذا عن الإسلاموفوبيا والحرب على الإرهاب وما تواجه الدول الإسلامية والمسلمين عموماً؟
- هناك حالة جنون فى بعض الأوساط الغربية تجاه المقدسات الإسلامية، وهذا ما يتضح لنا من خلال محاولات الإساءة إلى القرآن الكريم والإساءة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وهذا لا يحدث من جانب الدول ولكن من جانب أفراد يعيشون على أرض هذه الدول الغربية وهناك قوانين خاصة لهذه الدول ربما لا تجرم مثل هذه التجاوزات بينما تتسبب فى احتقان شديد وأحداث عنف بسبب عدم تحركها أو تفاعلها مع هذه الانتهاكات فى الوقت المناسب، كما أن هناك البعض داخل الدول الإسلامية من يؤجج المشاعر بهدف إحراج الحكومات.


■ مصر الآن فى حرب ضد الإرهاب، هل يمكن أن يكون هناك جهد دولى مساعد لمصر فى هذه الحرب؟
- ما يحدث فى مصر من أحداث وعمليات عنف شىء مؤسف بكل تأكيد، وأعتقد أن الأيام ستكشف طبيعة التنظيمات والجماعات التى تحمل السلاح وتستهدف مؤسسات الدولة والمواطنين، لكن هناك بالتأكيد أياد داخلية تتلقى دعماً من جهات خارجية فى تنفيذ هذه المخططات.

■  كيف ترى دور حركة حماس فى القيام بأعمال إرهابية فى مصر؟
- التصريحات المعلنة لقادة حماس تدور فى مجملها فى أن الحركة تقدر دور مصر وأنها لا تتدخل فى الشأن المصرى، وبالمقابل هناك تقارير إعلامية تشير إلى أن هناك فلسطينيين تم القبض عليهم فى مناطق التظاهرات فى مصر، وقد يكون من الأحوط انتظار التحقيقات وأنه ليس كل من يحمل الجنسية الفلسطينية هو عضو فى حركة حماس وموفد من قبل قادتها.