الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«هجانة» الموت على «الموتوسيكلات»




المحافظات - إلهام رفعت وأسامة فؤاد ومحمد الغزاوى وشهيرة ونيس ومحيى الهنداوى
استغل الإرهابيون سهولة الحصول على الدراجات البخارية "الموتوسيكلات" فى ظل غياب رقابة الدولة على حركة بيع وشراء هذه المعدات لاستخدامها فى ارتكاب عدد من أعمال الإرهاب بعد أن كان يستخدمها المسجلون خطر فى سرقة المواطنين وخاصة خطف شنط السيدات أثناء توقفهن وسيرهن فى الشوارع.
وقبل ثورة 25 يناير كان يحكم سير الدراجات البخارية "الموتوسيكل"، القوانين واللوائح المرورية، فلا تجد سيارة أو دراجة بخارية بدون لوحات مرورية أو رخصة، أما الآن فأصبح الموتوسيكل هو "الإرهاب الطائر" كما أطلق عليه الكثير من المواطنين، والسادة المسئولين، وبات فى عقولنا أن "الموتوسيكل" يوحى بعدة معان، "الموت السريع.. السطو المسلح..التحرشات والاعتداءات السافرة..ترويع المواطنين".
"روزاليوسف" تجولت بالمحافظات لترصد كواليس الدراجات البخارية، والأعمال المخالفة للقانون التى ترتكب بسببها.
 

ففى الإسكندرية يصف عبد العزيز محمود رضوان، موظف، الموتوسيكلات بكارثة وانفلات أمنى وأخلاقى، خاصة أن سائقى الدراجات البخارية أطفال صغار، ليسوا على دراية بالطرق وآداب القيادة، مما يعكس بدوره استهتارهم بأرواح المواطنين.
ويوضح رضوان أن السبب فى وجود تلك المخالفات هو عدم وجود رادع أمنى يقنن عمليات البيع أو الشراء، موضحا أن تأجيرها يتراوح بين 20 لـ50 جنيهاً للساعة الواحدة، بدون أدنى ضمانات، لافتا إلى أن الدراجات البخارية، تستخدم فى محافظة الإسكندرية فى أعمال بلطجة، وترويج المخدرات، حيث يستطيع أصحابها تأجيرها.
وفى نفس السياق يضيف فوزى عبد المقصود، موظف، أن "الموتوسيكلات"، تنتشر حاليا فى المناطق الشعبية مثل "غبريال، والباب الجديد"، ناهيك عن أنها تسير عكس اتجاه سير الطرق، ومعاكسة طالبات المدارس، والتحرش بهن.
ويسرد موقف حدث نصب عينيه، فيقول منذ أيام شاهدت صغيرين يتأرجحون بالموتوسيكل أمام شاحنة كبيرة بمنطقة "المكس"، مما أفقده توازنه فاصطدم الموتوسيكل بالشاحنة وسقط أحدهما تحت عجلاتها، وتوفى الشابان إثر هذا الحادث.
وآخر حدث فى رمضان الماضى على الترام بمنطقة "كامب شيزار"، حيث شاهد شابين اصطدما بفتاة لا يتجاوز عمرها 17 سنة، بقصد معاكستها والتحرش بها إلا أنها أصيبت فى قدمها، ومزقت ملابسها وتعرى جسدها، وفر الجانيان هاربين، ولم يتمكن من معرفتهما لعدم احتواء الدراجة على لوحات مرورية.
ومن خلال وثائق مديرية أمن الإسكندرية تم رصد الحوادث التى ترتكب بواسطة الدراجات البخارية، حيث تبين وقوع 25 حادث راح ضحيته أكثر من 15 قتيلا، وإصابة 17 آخرين بينهم مجندان، لم تقتصر حوادث الدراجات البخارية على التصادم مع المركبات الأخرى بل امتدت إلى تلفيات بسيارتين ودراجتين بخاريتين للشرطة وإدارة المرور.
أثناء محاولات استيقاف المخالفين من سائقى الدراجات النارية بدون لوحات معدنية، ورغم تصدر حوادث مهاجمة كنيسة الوراق، وكمين شرطة المنصورة والقمر الصناعى بحى المعادى، إلا أن هذه الحوادث لم تكن الأولى، حيث أطلق شخصان يستقلان دراجتين بخاريتين النار على الملازم اول كريم جمال سليمان، ضابط بقوات الامن، أثناء استقلاله سيارة الشرطة، بقيادة المجند موسى فتحى بطريق الحرية.
أما الإسماعيلية فشهدت العديد من الجرائم الارهابية باستخدام الدراجات البخارية كان أبرزها حادث تفجير مبنى المخابرات والذى استخدم فيه الدراجات البخارية لتمكين منفذى الحادث من الهروب عن طريق الشوارع الضيقة، فضلا عن ارتكاب تلك الدراجات لجرائم متعددة مثل "النشل والخطف والتحرش".
ورصدت أجهزة الامن بالاسماعيلية منذ اندلاع 25 يناير وحتى الآن المئات من الدراجات البخارية غير المرخصة والتى بلغت نسبتها ما يقرب من 80% من الدراجات المخالفة سواء بدون ترخيص للمركبة او سائقيها وحتى لصغر سن قائدها.
 العميد عصام شادى قائد مرور الاسماعيلية أكد ان الاجهزة الامنية بالاسماعيلية وضعت التدابير اللازمة للحد من ظاهرة انتشار الدراجات البخارية غير المرخصة عن طريق الاكمنة الثابتة والمتحركة بمداخل ومخارج المدينة.
وأشار الى انه تم ضبط عدد كبير من الدراجات خلال الفترة السابقة والتى تتراوح من 15 :20 دراجة غير مرخصة يوميا لافتا الى وجود 26 الف دراجة بخارية مرخصة فى المحافظة.
وفى البحيرة ترى فاطمة حسن أن ظاهرة الموتوسيكلات العشوائية ظهرت بشكل واضح بالتزامن مع الانفلات الأمنى الذى أصاب الشارع المصرى عقب ثورة 25 يناير.
ولفتت الى أن الكثير من اللصوص يستخدمون هذه الموتوسيكلات فى أعمال السرقة والضحايا فى أغلب الاحيان من السيدات حيث يتم اختطاف حقائبهن ومشغولاتهن الذهبية بطريقة مشابهة فى معظم الحالات، حيث يقوم اثنان بركوب الموتوسيكل، أحدهما يتولى القيادة بسرعة كبيرة للغاية، والآخر تكون مهمته القيام بالسرقة واختطاف غنيمته فى اللحظة التى يتم فيها المرور بجوار الضحية، حينئذ يكون الإمساك باللص أمرا صعباً للغاية نظرا للسرعة الكبيرة التى يسير الموتوسيكل بها، بالإضافة إلى صغر حجمه وقدرته على المناورة والهروب من الكمائن الأمنية.
ونصحت فاطمة "للوقاية من حوادث السرقة بهذا الشكل عدم مبالغة السيدات فى ارتدائهن المشغولات الذهبية خصوصا تلك التى يسهل اختطافها كالسلاسل والقلادات، ويفضل السير على الرصيف والابتعاد عن حافته بقدر الإمكان، والإمساك بحقيبة اليد من الجهة البعيدة عن الشارع، وللاحتياط يفضل عدم الاحتفاظ داخلها بمبالغ مالية كبيرة أو أوراق هامة.
وأوضح عبد المنعم مرزوق- مهندس أن "ليس النساء فقط من يقعن ضحية للسرقة بواسطة الموتوسيكلات، حيث تعرض هو شخصيا للسرقة حيث تم اختطاف هاتفه المحمول من يده بواسطة شخصين يستقلان موتوسيكلا مسرعا، وبمجرد أن أنتبه لما يحدث كانا قد فرا بغنيمتهما مسرعين.
ويقول علاء السيد - "إن أحد أهم أسباب انتشار هذه الموتوسيكلات هو انخفاض أسعارها، بعد إغراق الأسواق ببعض الأنواع الصينية رخيصة الثمن، حيث يمكن الحصول على " ماكينة " بسعر أقل من 3 آلاف جنيه، مما جعلها فى مقدور ومتناول الكثير من الشباب والمراهقين".
وأشار علاء الى انه من خلال معرضه المتخصص فى بيع الدراجات البخارية، يلاحظ أن اغلب الزبائن والمشترين، من شريحة عمرية تتراوح بين 15 و 25 سنة، وفى بعض الأحيان يفاجأ بأطفال لم يتجاوزوا سن التعليم الأساسى،يقومون بالسؤال عن أسعارها،ومن الملاحظ أيضا أن أغلبهم يكونون من سكان المناطق الشعبية و العشوائيات".
ويطالب إيهاب فريد- مدرس "مطلوب تشديد الرقابة على الأماكن التى تقوم بتأجير هذه الموتوسيكلات وإغلاقها، حيث إن معظمها يعمل بدون ترخيص، وأصحابها يعملون دون أى ضوابط فيقومون بتأجيرها للنشء والأطفال الذين يقومون بقيادتها بسرعات جنونية تشكل خطراً عليهم وعلى الآخرين".
وتشكو سميرة عبد الدايم- محاسبة من الإزعاج الذى تسببه هذه الموتوسيكلات فتقول" أسكن فى شقة بالطابق الأرضى، وأعانى مر المعاناة من هذه الموتوسيكلات وقائديها، ففضلاً عن صوت ماكينتها المزعج للغاية،يقوم قائدها بوضع مكبرات صوتية عالية للغاية يشغلون من خلالها الأغانى الشعبية والمهرجانات الصاخبة،وغالباً ما يتم ذلك فى ساعات متأخرة من الليل دون أى مبالاة بحقوق الآخرين فى الراحة والنوم دون إزعاج".
ويكمل سعد الحناوي- سائق قائلا "أنا أعمل كسائق تاكسى ويوميا أعانى من التجاوزات التى يرتكبها قائدو هذه الموتوسيكلات كالسير بسرعات طائشة، وكسر إشارات المرور، وتعطيل الطريق العام، بل أنه فى إحدى المرات وفى ساعة متأخرة من الليل صادفت مجموعة من الموتوسيكلات تزيد تقريبا عن 20 موتوسيكلاً، جميعها تسير بسرعة جنونية،و يقودها شباب معظمهم تبدو عليه ملامح إجرامية، وبتبين الأمر اتضح لى أنهم يقومون بتنظيم سباق للسرعات فيما بينهم يقومون خلاله ببعض الحركات الاستعراضية كالتخميس،أو السير على العجلة الخلفية بمفردها، أو ترك عجلة القيادة والوقوف على الموتوسيكل وتركه يسير بمفرده.
 وحول الأسباب التى تدفع المراهقين للإقدام على قيادة هذه الموتوسيكلات بشكل جنونى وطائش يقول الدكتور محمود حمدي، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب – جامعة دمنهور " من خصائص سن المراهقة الرغبة فى إثبات الذات و إظهار التفوق، ويحاول المراهق الإعلان عن نفسه بشكل صاخب يلفت إليه من حوله، وللأسف كثير من مراهقينا لم يتم استيعابهم فى أنشطة تشبع احتياجات هذه المرحلة السنية وبالتالى يضطرون إلى البحث عن أى مجال يفرغون فيه هذه الطاقات ويشبعون حاجتهم فى الظهور واثبات تفوقهم، هذه المشكلة توجد فى جميع الدول العربية
ففى الخليج مثلاً تنتشر ظاهرة "التفحيط بالسيارات"، أما عندنا وللظروف الاقتصادية التى تجعل الحصول على سيارة أمرا ليس فى متناول أغلب المراهقين، فلجأ هؤلاء إلى الموتوسيكلات نظرا لرخص أسعارها، إن الشق القانونى لن يكون وحده كافياً للقضاء على هذه الظاهرة ولكن يجب أيضاً أن تحرص الدولة على استيعاب طاقات الشباب و المراهقين فى أنشطة تشبع احتياجاتهم السنية وتعود بالنفع عليهم وعلى المجتمع.
 الى ذلك يؤكد العميد هشام والى - مدير إدارة المرور بالبحيرة، أن ظاهرة الموتوسيكلات العشوائية من أهم الملفات التى يضعها فى أولوية اهتمامه نظراً لما تمثله من خطورة شديدة على أمن وسلامة المواطن لافتا الى انه يتم تنظيم حملات شبه يومية داخل مدن ومراكز البحيرة لإعادة الانضباط إلى الشارع البحراوى.
وفى دمياط تمثل الموتوسيكلات الصينى "الدراجة البخارية" صداعا مزمنا فى رأس الأجهزة الأمنية بدمياط وكابوسا مرعبا للمواطن فى شوارع مدن وقرى المحافظة.
حيث يستخدمها الشباب فى التحرش بالفتيات أمام المدارس والمعاهد والجامعات وكذلك يستغلها بعض الخارجين عن القانون فى عمليات السرقة والنشل وبعض عناصر الإرهابية التابعة لجماعة المحظورة لتصبح إحدى منغصات الحياة اليومية لمواطنى دمياط.
يتساءل السيد مرعى - ناشط سياسى - أين دور المرور فى منع الموتوسيكلات الصينى من الدخول إلى مصيف رأس البر؟ وأين تفعيل قرارات محافظ دمياط الأسبق الدكتور محمد البر ادعى بمنع دخول اى موتوسيكل إلى المصيف حفاظا على طبيعته بل وصل الأمر إلى قيام بعضهم باستخدام آلات تنبيه بأصوات سيارات النجدة وأحيانا سيارات الإسعاف والمطافئ والغريب أن الآلاف من هذه الدراجات تسير فى الشوارع بدون لوحات ولا يتم التعرف على صاحب الدراجة فى حالة ارتكاب حادث مرور أو جريمة سرقة.
ويشير أحمد عيد من حركة تمرد الى أن دمياط شهدت فى الآونة الأخيرة انتشار جرائم عديدة من سرقة وقتل وخطف وتحرش وكان العامل المشترك لدى المجرمين هو الموتوسيكل الصينى غير المرخص.
من جانبه أكد اللواء أبو بكر الحديدى مدير أمن دمياط انه لدى المديرية عشرات المئات من الموتوسيكلات التى تم التحفظ عليها ولا يوجد مكان يسمح بالتحفظ على المزيد منها ونطالب محافظ دمياط اللواء محمد عبد اللطيف بتخصيص قطعة ارض بمنطقة شطا تصلح مخزناً لتجميع الموتوسيكلات المخالفة والمتحفظ عليها حيث يوجد بدمياط أكثر من 35 ألف مركبة خاصة يمتلكها الدمايطة معظمها غير مرخص.
وأشار إلى انه تم ضبط أكثر من 2000 موتوسيكل صينى غير مرخص تم ضبطهم ولم يسأل أصحاب تلك الموتوسيكلات عنها.
وفى الدقهلية أصبحت الدراجات البخارية بالمحافظة خاصة غير المرخصة وسيلة سهلة وخفيفة لارتكاب الجرائم المختلفة والأعمال الإرهابية حيث تم استخدمها من الارهابيين فى الحادث الارهابى على كمين الشرطة أسفل كوبرى جامعة المنصورة والذى راح ضحيته 3 من أفراد الشرطة واستخدام دراجتين بخاريتين وبعدها بـ24 ساعة تعرض كمين للقوات المسلحة لهجوم مسلح باستخدام دراجة بخارية.
طالب أحمد شلبى موظف بتشديد الإجراءات والعقوبات وأن تكون العقوبة هى المصادرة والغرامة 20 ألف جنيه والحبس الوجوبى للحد من هذه الظاهرة بعد أن أصبحت وسيلة سهلة ورخيصة للمجرمين فى ارتكاب الجرائم المختلفة من سرقة وقتل ونشل وخلافه.
من جهته أعلن العميد نبيل عبدالعظيم مدير إدارة مرور محافظة الدقهلية عن وجود أكثر من 15 ألف دراجة بخارية تم ضبطها منذ بداية العام الجارى كما تم ضبط ما يقرب من 1300 موتوسيكل غير مرخص نهائيا خلال شهر أكتوبر ويتم اتخاذ الاجراءات القانونية طبقا للقانون هذا بالاضافة إلى قرار للمحافظ بالمصادرة لمدة شهر للتوك توك فى حالة دخول المدينة لتخفيف الكثافة المرورية وتسير حركة المرور مطالبا بتغليظ العقوبة لافتا الى أنه يتم الآن التنسيق الكامل مع الأجهزة الامنية المختلفة والقيام بحملات كبرى لمواجهة هذه الظاهرة التى لا يمكن السكوت عليها.
وفى بورسعيد أصبحت الدراجات البخارية بمثابة عفريت العلبة لكل مواطنة ومواطن فى المحافظة بورسعيد بعد فشل الاجهزة الامنية بكل ما لديها من عدة وعتاد الوقوف امامها وضبط الخارجين على القانون ممن يستقلونها وينفذون بها مخططاتهم الاجرامية بمختلف ربوع المحافظة.
فقد استهدف مستقلو تلك الدراجات خلال الاشهر الماضية فى بورسعيد 3 كنائس باطلاق النار العشوائى عليها من اسلحة الية كانت بحوزتهم اصابت جدران كنيستى مارى جرجس ومارى مينا واستهداف 4 مجندين امام كنيسة القديسين.
ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل ان الخارجين على القانون ممن يستقلون تلك الدراجات نجحوا فى الفرار من الاجهزة الامنية بعد استهداف 4 مجندين بمنفذ الجميل فى واقعتين متتاليتين بالاضافة الى الاعتداء على امين شرطة بجهاز الامن الوطنى ومدنيين باحد المقاهى ومجندين درجة اولى اثناء توجههم لاستلام عملهم بقسم شرطة الشرق.
كون المسجلين وذوو المعلومات الجنائية العديد من التشكيلات العصابية للسطو بمختلف انواعه بواسطة استخدام الدراجات البخارية والتى منها تشكيلات سرقة الحقائب من السيدات وأجهزة اللاب توب وأجهزة المحمول.
بينما تمكنت القوات على مدار الاشهر الماضية من ضبط ما يقرب من 1000 دراجة بخارية امتلأت بها الاقسام الشرطية ومخازن المرور داخل الادارة وخارجها.