الجمعة 27 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عصام العريان.. سقوط الأقنعة ونهاية محتومة




كتب _  د. على الشامى
بعد القبض عليه مؤخراً.. الحديث عن عصام العريان الآن لا يكتسب أهميته هنا من أنه مجرد وصف وتحليل للحظاته الأخيرة وهو مطلق السراح، فالعريان قد ذاق السجن فضلا عن الاعتقال السياسى من قبل عدة مرات أثرت كثيرا فى حياته، وإنما لأن الأمر يمثل ببساطة نهاية محتومة لجماعة كاملة حاولت أجيال منها طوال ثمانية عقود أن تتستر على مشروعها غير السوى حتى استطاعت مجموعة قيادات مكتب الإرشاد الحالية أن تقوم بهذا الدور التاريخي، وهو إسقاط الجماعة أدبيا على أقل تقدير وتعريتها أمام الرأى العام المصري، فضلا عن العربى والعالمى!
لنتفق على أن الجماعة بقياداتها وكوادرها لا تعترف إلا بوجودها ولا تعترف بفكرة المجتمع وتقف بالمرصاد ضده أو لنقل لتدميره، فالجانب «السيكوباتى» فى الشخصية الإخوانية يسعى حثيثا لتدمير فكرة المجتمع بعنف، يحمل سمات سلبية فى زمن ضعفهم، ويحمل سمات ايجابية كالتخريب والإرهاب فى زمن الأزمات وضعف الدولة والمجتمع المصرى كما نراه الآن.
الحديث عن العريان ليس سهلا، ولكن المفتاح الرئيس للحديث عنه هو نفسه الصندوق المغلق، العريان يبدو لك رجل مثاليا، الرجل دائما فى حالة دراسة للعلوم المختلفة، يقوم بتحضير رسالة دكتوراه منعه من إتمامها التضييق الأمنى المستمر، ويتحدث فى ندواته ودروسه عن بن عطاء الله السكندرى ويشرح حكمه التى يحبها ويحفظها، ضف إلى ذلك انه دائما الرجل الثانى ولم يكن أبدا الرجل الأول، حسنا .. دائما نائب أو مساعدا أو مستشارا.
لنبدأ إذن.. للحفاظ على الذات من الانسحاق أو الضياع بين ضغط «الأنا» -الذات الإنسانية - العليا وهى منظومة القيم والمبادئ والقوانين، و«الهو» الممثلة للغرائز، يحاول «الأنا» التغلب على حالة القلق الشديد من الانسحاق والضياع بتكوين ما يسمى بالحيل الدفاعية، هناك حيلة شهيرة جدا تجدها عادة فى الرياضيين وهى التسامي، أى صبغ الأمور بنكهة القيم العليا أو المعانى السامية ويا حبذا إضافة لمسات وتفسيرات دينية، فتجد أحد الرياضيين يقول أنا اجتهد فى الرياضة ولا أقوم بأى أفعال منافية للأخلاق كباقى زملائى لأننى احمل هدفا عظيما للوصول للميدالية الذهبية مثلا، وتجد الطالب المجتهد يقول أنا لا العب مع أقرانى لأنى أريد أن احصل على المركز الأول، وهكذا العريان تصرف -بشكل لاواعى- بنفس الأسلوب بمعنى أنا على صواب ولا يوجد صراع، والمجتمع يضطهدنى لأنه على خطأ، فعلى الارتقاء على المستوى العلمي، ثم تجد -وهنا ينتفى العجب للدمج بين أصولية الجماعة والصوفية- أن العريان يعطى دروسا فى الصوفية لأحد أرق وأعظم أقطابها!
شخصية هذه المواصفات لابد وأن تحمل بعض أعراض سواسية نتيجة انفلات الصراع الدائر بالداخل إلى مستوى الوعي، والوسواس هنا إجراء عقابى على كبت المشاعر الحقيقية فتجد الرجل منتظم فى التحصيل، يخرج من السجن ليستكمل الأمر بشكل طقسى جدا ويجمع بين التسامى والوسواس وهو جمع إجبارى بالمناسبة.
من المهم أيضا الإشارة إلى أن حديث العريان على الجزيرة الداعى فيه إلى أن حماس ستجابه أو تواجه الجيش المصرى وهو أمر يبدو مضحكا فى إطار حديثك عن ميليشيا صغيرة كحماس فى مواجهة جيش نظامى عريق كالجيش المصرى له ترتيب بين جيوش العالم، ولكنه يخرج من النسق الكوميدى إلى نسق الجدية حين تضعه فى إطار أن هذه الجماعة المنغلقة -الجيتو الإخوانجى- لا تعترف بالمجتمع المصرى كمجتمع لها، وأيضا تسعى لتدميره لصالح أجندة تجدها إن بحثت فى أدراج مكتب الإرشاد.. وحدثنى بعدها عن المصالحة إن شئت.