الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى أول اختبار له: مجلس كنائس مصر بين أمنيات «الوحدة» وتصريحات «الفتنة»




كان مجلس كنائس مصر حلماً تحول إلى حقيقة ليجمع تحت مظلته الكنائس المسيحية فى مصر وتنطلق منه الانشطة التى تجمع الشباب المسيحى نحو هدف واحد وهو «الوحدة».
إلا أن تصريحات القس داود لمعى حول الكنيسة الإنجيلية وتاريخها ومقارنتها بالكنيسة الارثوذكسية مثل «القشة التى قسمت ظهر البعير» ففى الوقت الذى يعمل فيه رؤساء الكنائس المصرية من أجل الوحدة وأسسوا مجلسا لكنائس مصر لهذا الغرض تأتى مثل هذه التصريحات لتعصف بكل الجهود التى تمت.
 وبالرغم من قيام القس داود لمعى بالاسف عن التصريحات والتى وصفها بأنها «فهمت بشكل خاطئ»
إلا أن السؤال الذى اصبح ملحاً الآن اين دور مجلس كنائس مصر من هذا؟ وما دوره فى رأب هذا الصدع وما سبقه من تصريحات عدائية تكفر المختلف مع الفكر الارثوذكسى؟ وهل سينجح بالفعل فى توحيد العمل الكنسى داخل مصر؟ وما مفهوم الوحدة التى يسعى اليها المجلس ومدى قبول المنتمين للكنائس من هذه الوحدة؟ وما الصعوبات التى تقابله وكيفية التصدى لها؟

تشكيل المجلس
لائحة المجلس  العامة تتكون من 9 مواد، واللائحة الداخلية التى توضح تشكيل اللجان الفرعية المكونة من 13 لجنة.
وتم الاتفاق فى اللائحة على ان الهدف تعميق المحبة وحياة الشراكة والتعاون
بين الكنائس ومذاهبها فى مصر والسعى نحو خدمتها وتدعيم العمل المسيحى وخدمة الوطن تحت مظلة المواطنة المصرية.

وطبيعة المجلس، يتكون من هيئة كنسية ويعمل على خدمة الكنائس والوطن، ولا يعمل فى السياسة ولا يتدخل فيها ويتعاون مع المجالس المسكونية المتفق عليها وهى مجلس كنائس الشرق الأوسط ومجلس الكنائس العالمى ومجلس كنائس كل إفريقيا.

وعن عضوية المجلس، فحددت اللائحة أن يضم فى تأسيسه، كلا من عضوية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنائس الأرثوذكسية الشقيقة فى مصر – كنيسة الإسكندرية للروم الأرثوذكس – الطائفة (الكنائس) الإنجيلية – الكنيسة الأسقفية – الكنيسة الكاثوليكية، من حق المجلس رفض طلب قبول أى عضوية لأى كنيسة أخرى وبدون إبداء الأسباب، كما أنه يرجع قرار وقف العضوية أو إلغائها للهيئة العليا فى المجلس، وبدون إبداء الأسباب أيضا، بالإضافة إلى أنه فى حالة انسحاب كنيسة من الكنائس الأعضاء، أو تعليق عضويتها يحال الأمر للمجلس الرئاسى للتشاور، على أن يتابع المجلس عمله.

وعن التمويل، قالت اللائحة: من اشتراك الكنائس الأعضاء السنوى وتحدده اللائحة من تبرعات وهبات الكنائس والهيئات والأفراد وتخص إدارة جميع الإيرادات والمصروفات والميزانيات للجنة المالية، كما يختار المجلس ممثليه حسب الاحتياج ولا يجوز لغير المفوضين رسميا من الهيئة العليا تمثيل المجلس أو التحدث باسمه.

ونصت اللائحة الداخلية للمجلس على تسعة مواد أساسية تتضمن الكنائس التى يشكل منها المجلس وهدفه أن يتولى رئاسة المجلس، وهى السلطة العليا تتكون من رؤساء الكنائس الأعضاء ويرمز لها بالهيئة العليا للمجلس وتكون بالتناوب بين رؤساء المجلس وقرارات الهيئة العليا بالإجماع.

وأقرت اللائحة الداخلية الهيكل الإدارى للمجلس ويتضمن رؤساء الكنائس رئاسة المجلس ويضم الخمس كنائس القبطية الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية والروم الأرثوذكس والأسقفية، ولجنة تنفيذية تضم 15 عضواً بـ3 أعضاء لكل كنيسة ومكتب الأمانة العامة ممثل عن كل كنيسة، وتدعو ممثلا عن مجلس كنائس الشرق الأوسط، والمحفل العام كل كنيسة تمثل بحد أقصى 20 عضوا من كل كنيسة والحضور تقريبا 100 عضو. واللجان والأنشطة بمجلس كنائس مصر 13 لجنة وهى: لجنة الدراسات اللاهوتية والحوار، ولجنة الدياكونية (الخدمة الاجتماعية) ولجنة المرأة ولجنة التربية الكنسية ولجنة الطوارئ ولجنة خدام الرعايا (الكهنة والقسس) واللجنة المالية واللجنة القانونية ولجنة الرؤى والتخطيط والمتابعة ولجنة العلاقات ولجنة الإعلام والنشر.

وتشكيل اللجان يتكون من 15 عضوا بالتساوى بين الكنائس ويتكون مكتب كل لجنة من خمسة أعضاء من الكنائس الخمس وهم الرئيس ونائب الرئيس والسكرتير وأمين الصندوق وعضوا، ويطلب من كل كنيسة تقديم مرشحيها وتقوم اللجنة التنفيذية بمطابقة المواصفات وقبول المرشح وإعادة طلب الترشيح من الكنيسة نفسها، ومدة العمل باللجان 3 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة وتحدد اللائحة المواصفات المطلوبة لمن يشتغل الخدمة فى اللجان واختصاصات كل لجنة ودورية الاجتماعات وقانونية الجلسات والمحاضر، وتقام دورات تدريبية لجميع المرشحين للخدمات واللجان لحسن أداء الخدمة

مجلس شكلى أم حقيقى

الكثير من الشباب بمختلف الطوائف اعربوا عن تفاؤلهم بوجود المجلس بينما آخرون عبروا عن غضبهم بسبب الاتجاه إلى انشاء مجالس بدلا من العمل على أرض الواقع.

وعبر الاب يوسف ايوب راعى كنيسة الاقباط الكاثوليك بدلجا عن تفاؤله بالمجلس قائلا: انا متفائل بخصوص مجلس كنائس مصر نظرًا لأسباب كثيرة أهمها الرغبة الصافية والصادقة من المسئولين والشعب فى الاتحاد وثانياً وجود أشخاص رائعين فى القيادة مثل البابا تواضروس الثانى، وثالثاً وهو الأهم: هذه رغبة المسيح منذ أن كان معنا على أرضنا.

وأضاف: مفهوم الوحدة قد يكون به لبس عند البعض وهو أن الجميع سيكون أرثوذكساً أو كاثوليك، أو إنجيليين ولكن الوحدة معناها التعاون والمحبة والإخاء وفى نفس الوقت يحافظ كل واحد على هويته وعقيدته وانتمائه.

واوضح أن المجلس يكون فعالاً عندما تكون هناك لقاءات دورية وأجندة واضحة للموضوعات واللقاءات ويستمر المسيحيون فى الصلاة من أجل تحقيق الهدف الذى أنشئ من أجله المجلس.

واختتم كلمته قائلا: «ربنا يبارك المجلس ورؤسائنا الروحيين ويعضدنا الله جميعًا بيمينه القديرة غير المنظورة لنحقق إرادته». أريد أن يكونوا بأجمعهم واحدًا».

فى حين تساءلت ميرفانا عدلى عن المجلس قائلة: «ما اختصاصات مجلس كنائس مصر؟ واستطردت قائلة «احنا فى مصر بنعمل مجالس وخلاص بينما  نحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير».

وقال مينا سلامة: «يزرعون الكراهية فى نفوس الشعب ثم يتحدثون عن الوحدة بالمجالس».

وأضاف وجيه عطالله: لا بد ان نبدأ بأنفسنا، واستطرد موضحاً: بمعنى أن كل كنيسة تنكر ذاتها وتنسى أنها  الكنيسة الاصل  والتى تحافظ على التقليد الكنسى القويم.

واشار: لا بد أن يتفق الكل على شىء واحد وهو أننا جميعا واحد فى الرب،  مشددا على ضرورة وجود تواضع ورغبة حقيقية فى الوحدة من أجلنا نحن أبناء الله، وذلك نفكر فى الوحدة الرسمية.

وقالت مارسيل عزمى: فكرته أعطت الأمل لكثيرين لكن التحدى الحقيقى أمام مبدأ الوحدة ان تكون متجسدة على أرض الواقع، واستطردت موضحة: يعنى ميبقاش الخطاب جوه كنايسنا ابعد عن ده، وده وحش اوعى تقربله، واحنا الأحسن، ومن بره وحدة ومحبة وكلام فقط.

واضاف هانى شهدى: الاتحاد الروحى وقبول الآخر على ارض الواقع (اللى هو فالحقيقة مش آخر هو أخويا) ينتج مجلس كنائس ممكن نصدقه.

وأوضح: اتحاد الشعب اهم من اتحاد قادة الكنائس للخروج ببعض قرارات على ورق واستطرد قائلاً: «بس يا ريت القادة يرفعوا ايديهم عن الشعب».

وقال هانى هنرى: اعتقد أن  مجلس كنائس مصر يسير على خط حلو  ونرجو الاستمرار.

وأضاف: مجلس كنائس مصر فيه الأمل لان الشباب بقى حر وبيعبر عن نفسه دون الضغوط عليه من حد.

قال القس رفعت فكرى رئيس مجلس الإعلام والنشر بالكنيسة الانجيلية بمصر إن تصريحات القس داود لمعى تضع تساؤلا كبيرا حول الجدوى من تأسيس مجلس كنائس مصر. وهل من فائدة تذكر لوجود مثل هذا المجلس؟

وأضاف: المجلس كان فكرة جيدة وممتازة وشكلت لجان ألا انها لم تفعل حتى الآن، ولكن فى حد ذاته تجمع الكنائس فى كيان واحد هو أمر مهم.

وأوضح: الوحدة لا تعنى التطابق التام  ومن يعتقد أن مفهوم الوحدة هو أن يصبح كل المسيحين فى مصر ارثوذكس أو انجيليين أو كاثوليك فهو مخطئ لافتا إلى أن تلاميذ السيد المسيح الـ12 لم يكونوا شخصية واحدة وإنما كان لكل واحد شخصيته.

وأشار: حتى يعمل المجلس بشكل صحيح يجب ألا تتوهم أى كنيسة أنها  الطريق المستقيم وأنه الفرقة الناجية وإنما علينا أن نقبل التعددية فى إطار الوحدة.

وقال: هناك العديد من الأشياء المشتركة والثوابت بين الكنائس وعلينا أن نجتمع حولها وننظم الكثير من  الندوات والأنشطة المشتركة واستطرد موضحا: حتى الاختلافات علينا أن نعمل لجاناً لحوار لاهوتى لتقريب وجهات النظر. موضحا أن الأنشطة المشتركة تخلق جيلاً منفتحاً لديه القدرة على قبول الآخر.

وقال إن لم تفهم الوحدة فى هذا الاطار فينطبق علينا المثل الشعبى «كانك ياابو زيد ماغزيت».

وطالب فكرى بالشفافية موضحا ذلك بقوله: لا يمكن أن نتبادل الود ومشاعر المحبة والكلمات المعربة عن الوحدة وعقب انتهاء الاجتماعات «نطعن بعض» ولذلك يجب ان مايقال فى الداخل هو اللى يقال فى الخارج.

وعن دور المجلس  فى التعامل مع الازمة الأخيرة التى اعقبت تصريحات القس داود لمعى قال: المجلس ليس جهة لمحاسبة أحد ولكن عليه أن يسعى الى توضيح الحقائق بين الطرفين وذلك اذا كنا نسعى للوحدة الحقيقية.

وأضاف: قال السيد المسيح طوبى لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يدعون فليتنا جميعا نساهم فى لم الشمل وصنع السلام إذا كنا بالفعل تلاميذ ليسوع المسيح.

واختتم حديثه قائلا: إن مصرنا الغالية تمر بمرحلة دقيقة من تاريخها، ونحن اليوم نمر بأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية طاحنة, ولذا فإن الأجدر بنا أن ننتبه للقضايا الأكثر أهمية حرصاً على هويتنا المصرية التى يريد الأصوليون الدينيون لها أن تتلاشى من الوجود.

قال المطران نيقولا متروبوليت طنطا والمتحدث الرسمى لكنيسة الروم الارثوذكس: إن الوحدة بحسب لائحة المجلس الرئيسة هو تقارب الكنائس وتوحيد كلمتها فى أى موضوع يمس الكنائس والمسيحيين بالاضافة الى وجود أنشطة مشتركة لاهوتية او رياضية أو شبابية او للمرأة.

وأوضح أن الهدف الرئيسى للمجلس هو وجود تقارب بين الشعب كما هو الحال مع الرئاسات الكنسية مشيرا الى ان مجلس كنائس مصر استوحى فكرته من كنائس الشرق الاوسط ولكن على مستوى مصر نظرا لأن كل بلد له ظروفه وحالته وطبيعتها.

وأضاف: منذ ان تم تشكيل المجلس ولاحظنا وجود رغبة فى "الرئاسة" والزعامة من ممثلى الكنيسة القبطية الارثوذكسية وكان هذا غير مقبول مشيرا الى ان نشاط مجلس كنائس مصر متقلص حاليا، لافتا الى انه اذا استمر حال المجلس كما هو عليه سوف يتحول الى مجرد مسمى شكلى.

وأوضح أن الاجتماع الاخير للمجلس شهد غياب ممثلى الكنيسة الكاثوليكية نظرا لوجود هذه النزعة كما ان ممثلى الكنائس الأخرى لم يحضروا ولذلك لوجود شعور بعدم وجود لنا مكان.

وعن دور المجلس فى أزمة "احسبها صح" قال متروبوليت طنطا : قيادات واعضاء الكنيسة القبطية أحرار فيما يصدر منهم لكن عليهم ان يعوا ان هذا يضرهم خاصة أن الشباب خرج بعيدا عن اسوار الكنيسة واصبحوا ينتقدون كل شيء.

وأضاف: ليس من المعقول أن انتقد عقيدة كنيسة أخرى حتى اثبت عقيدتى ويجب عليهم بدلا من انتقاد عقائد الاخرين شرح العقيدة الارثوذكسية للشباب حتى يستطيعوا أن يفرزوا بأنفسهم ما يناسبهم مما يتلقونه.

وأشار الى وجود تجمع لكنائس الظاهر أسسته الكنيسة الانجيلية بالمنطقة ويحضرة الاباء الكهنة من كل الطوائف كل شهر بوجود الانبا رافائيل فلماذا التناقض فى المواقف؟ واستطرد قائلا "مش حلو هذا التناقض".

واختتم حديثه قائلا: اذا اردنا ان نكون مسكونيين علينا ان نعمل على المشتركات والوحدة بين الشعب واذا لم نرد فلا قيمة لهذه الاجتماعات.

قال الأب رفيق جريش المتحدث الاعلامى للكنيسة الكاثوليكية من المفترض أن يوحد مجلس كنائس مصر لكنه حتى الآن لم يفعل ولم تكن اللجان وليس له وجود الا فى التصريحات الصحفية التى يصدرها الامين العام للمجلس.

وطالب جريش بتفعيل اللجان ووضع الميزانية للمجلس وبدء الانشطة.. موضحا أن مصر مرت على مدار الايام الماضية باحداث كثيرة ولم يكن للمجلس دور فعال فيها.

وعن دور المجلس فى أزمة احسبها صح قال: على المجلس ان يجمع الاطراف كلها ويفتح بينهم بابا للحوار بدلا من التراشق بهذا الشكل، مشددا على اهمية وجود حوار فعال وانشطة مشتركة للمجلس تجمع الشباب فى كل الطوائف تحت رايته.