الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

قبل بدء جلسات المحاكمة والإعادة ..«المخلوع والمعزول»




التعديلات التى أجريت على المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية والتى أشار إليها المستشار رضا شوكت فى حيثيات حكمه الصدار خلال شهر ابريل الماضى بعدم جواز استمرارية حبس الرئيس المخلوع «حسنى مبارك» وفقا لتحليلات أخيرة قبيل انطلاق اولى جلسات محاكمة الرئيس المعزول «محمد مرسى» أضفت روحا جديدة على طبيعة المحاكمات التى ستتم خاصة انه كانت هناك تخوفات من إطالة أمد التقاضى كما حدث مع مبارك فى قضيته الشهيرة باسم «قضية القرن».. و هو ما يستلزم إعادة قراءة قرارى الإحالة إلى محكمة الجنايات لكل من الرئيسين «المخلوع والمعزول» وفقا للمفهوم الشعبى عنهما.

فى غضون شهر ابريل من العام 2011 قرر المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام الأسبق بإحالة الرئيس السابق حسنى مبارك ونجليه جمال وعلاء ورجل الأعمال حسين سالم إلى محكمة الجنايات، بتهم مختلفة تتضمن القتل العمد للمتظاهرين خلال ثورة 25 يناير، والفساد المالى والرشوة.. حيث قرر وقتها بإحالة حسنى مبارك (محبوسًا احتياطيًا)، ونجليه علاء وجمال مبارك (محبوسين احتياطيًا)، ورجل الأعمال حسين سالم (هارب)، إلى محكمة الجنايات فى تهم القتل العمد والشروع فى قتل المتظاهرين السلميين، واستغلال النفوذ والإضرار العمدى بأموال الدولة، والحصول على منافع وأرباح مالية لهم ولغيرهم. كما أحال ما أثير من شبهات حول تلقى مبارك عمولات فى صفقات سلاح للقضاء العسكرى ليتولى التحقيق فيها.
وأسندت النيابة العامة لـ«المتهم الأول» حسنى مبارك، اشتراكه بطريق الاتفاق مع حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، وبعض قيادات الشرطة المحالين بالفعل إلى محاكم الجنايات، فى ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجرائم القتل والشروع فى قتل بعض المشاركين فى المظاهرات السلمية بمختلف محافظات الجمهورية، اعتبارًا من يوم 25 يناير للاحتجاج على تردى أوضاع البلاد.

وأوضح أن مبارك قام «بتحريض بعض ضباط وأفراد الشرطة على إطلاق الأعيرة النارية من أسلحتهم على المجنى عليهم ودهسهم بالمركبات لقتل بعضهم، ترويعًا للباقين وحملهم على التفرق وإثنائهم عن مطالبهم، وحماية قبضته واستمراره فى الحكم، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى بين المتظاهرين».

كما أسندت النيابة العامة لمبارك تهمة حصوله لنفسه ولنجليه علاء وجمال «عطايا ومنافع عبارة عن (قصر على مساحة كبيرة وأربع فيللات وملحقاتها بمدينة شرم الشيخ تصل قيمتها إلى 40 مليون جنيه) بأثمان صورية مقابل استغلال نفوذه الحقيقى لدى السلطات المختصة، بأن مكن المتهم حسين سالم من الحصول على قرارات تخصيص وتملك مساحات من الأراضى بلغت ملايين الأمتار المملوكة للدولة بمحافظة جنوب سيناء بالمناطق الأكثر تميزًا فى مدينة شرم الشيخ السياحية».

أما الاتهام الثالث فكان بخصوص اتفاق تصدير الغاز لإسرائيل بأسعار متدنية، إذ أسندت له النيابة الاشتراك «مع وزير البترول السابق سامح أمين فهمى وبعض قيادات وزارة البترول السابق إحالتهم إلى المحكمة الجنائية (باعتبارهم فاعلين أصليين) فى ارتكاب جريمة تمكين حسين سالم من الحصول على منافع وأرباح مالية بغير حق تزيد على 2 مليار دولار، وذلك بإسناد شراء الغاز الطبيعى المصرى للشركة التى يمثلها، ورفع قيمة أسهمها وتصديره ونقله إلى إسرائيل بأسعار متدنية أقل من تكلفة إنتاجه، وبالمخالفة للقواعد القانونية واجبة التطبيق». وأوضح البيان أن هذه الاتفاقية تسببت فى الإضرار بأموال الدولة بمبلغ 714 مليون جنيه تمثل قيمة الفرق بين سعر كميات الغاز التى تم بيعها فعلاً لإسرائيل وبين الأسعار العالمية.
أما المتهم حسين سالم، فقد أسندت إليه النيابة العامة فى هذا التوقيت تقديمه للمتهم الأول، مبارك، ونجليه علاء وجمال، قصرًا وأربع فيللات وملحقاتها بمدينة شرم الشيخ، مقابل استغلال نفوذ الرئيس السابق فى تخصيص مساحة شاسعة فى شرم الشيخ.

واتهمت النيابة فى أمر الإحالة علاء وجمال بقبول وأخذ أربع فيللات قيمتها تزيد على 14 مليون جنيه فى شرم الشيخ، مع علمهما بأنها مقابل استغلال نفوذ والدهما المتهم الأول، لدى السلطات المختصة، لمنح سالم الأراضى الشاسعة بالمخالفة للقانون.

وأوضحت النيابة العامة أن إحالة علاء وجمال فى هذه التهم لأنها ترتبط بالتهم المسندة إلى والدهما، المتهم الأول فى أمر الإحالة الصادر إلى الجنايات.
 وما بين هذا التاريخ وما شهدته الدولة المصرية من تعدى عليها من جانب جماعة الإخوان المسلمين التى أصبحت وفقا لمفهوم الشارع المصرى جماعة إرهابية صدر أمر النائب العام المستشار هشام بركات بإحالة كل من الرئيس المعزول محمد مرسي، وعصام العريان القيادى بحزب الحرية والعدالة، وأسعد الشيخة نائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق، وأحمد عبدالعاطى مدير مكتب رئيس الجمهورية السابق، وأيمن عبدالرءوف هدهد مستشار رئيس الجمهورية السابق، وعلاء حمزة وعبدالرحمن عز وأحمد المغير وجمال صابر ومحمد البلتاجى ووجدى غنيم، وأربعة آخرين إلى محكمة جنايات القاهرة، وذلك لاتهامهم بارتكاب أحداث قصر الاتحادية الذى وقعت فى الخامس من ديسمبر 2012، وأسفرت عن سقوط قتلى ومصابين أمام القصر فى مشاهد مأسوية نقلتها القنوات الفضائية ووسائل العلام المختلفة وقت وقوعها.

وأضاف النائب العام: أن تحقيقات النيابة كشفت انه فى أعقاب الإعلان الدستورى الذى أصدره «مرسي» احتشدت قوى المعارضة أمام قصر الاتحادية للتعبير سلميا عن رفضهم للإعلان الدستوري، وأعلنت اعتصامها فطلب الرئيس السابق من قائد الحرس الجمهورى ووزير الداخلية السابق عدة مرات فض الاعتصام إلا أنهما رفضا تنفيذ ذلك حفاظا على أرواح المعتصمين مما دعا المتهمين اسعد الشيخة واحمد عبدالعاطى وأيمن عبدالرءوف مساعدى الرئيس السابق باستدعاء أنصارهم وحشدهم بمحيط القصر لفض الاعتصام بالقوة.

وقام المتهمون عصام العريان ومحمد البلتاجى ووجدى غنيم بالتحريض علنا فى وسائل الإعلام على فض الاعتصام بالقوة.

كما كشفت التحقيقات عن توافر الأدلة على أن المتهمين وأنصارهم هاجموا المعتصمين السلميين واقتلعوا خيامهم وأحرقوها وحملوا أسلحة نارية وعمروها بالذخائر وأطلقوها صوب المتظاهرين فأصابت إحداها رأس الحسينى أبو ضيف وأحدثت كسورا فى عظام الجمجمة وتهتكا بالمخ مما أدى لوفاته واستعملوا القوة والعنف مع المتظاهرين السلميين فأصابوا العديد منهم بالأسلحة البيضاء وروعوا المواطنين وقبضوا على 54 شخصا واحتجازهم بجوار سور قصر الاتحادية وعذبوهم بطريقة وحشية.

وأشار النائب العام إلى ان النيابة العامة أسندت للمتهم «محمد مرسي» تحريض أنصاره ومساعديه على ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار واستخدام العنف والبلطجة وفرض السطوة وإحراز الأسلحة النارية والذخائر والأسلحة البيضاء والقبض على المتظاهرين السلميين واحتجازهم دون وجه حق وتعذيبهم.

كما أسندت النيابة إلى المتهمين عصام العريان ومحمد البلتاجى ووجدى غنيم التحريض العلنى عبر وسائل الإعلام على ارتكاب ذات الجرائم، بينما أسندت إلى المتهمين اسعد شيحة واحمد عبدالعاطى وأيمن عبدالرءوف مساعدى الرئيس السابق وعلاء حمزة وعبدالرحمن عز واحمد المغير وجمال صابر وباقى المتهمين ارتكاب تلك الجرائم بوصفهم فاعلين أصليين.

ووفقا لقراءة قضائية فى قرار الاحالتين والتى استند فيها إلى أسس قانونية واضحة إعمالا لنص المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية فى القضية رقم 3642 لسنة 2011 جنايات قصر النيل.. المقيدة برقم 157 لسنة 2011 كلى وسط القاهرة الخاصة بمبارك.. حيث أودع القاضى رضا شوكت حيثيات حكمه قائلا: المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية قضت بأنه فى جميع الأحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطى فى مرحلة التحقيق وسائر مراحل نظر الدعوى الجنائية فى الجنايات عموما ثمانية عشر شهرا أو سنتين إذا كانت العقوبة المؤبد أو الإعدام بمقتضى التعديل التشريعى الذى أدخل على فقرتها الأخيرة بالقانون رقم 145 لسنة،.2006 وكانت الجرائم المسندة إلى المتهم محمد حسنى مبارك معاقب عليها بالمادتين 230 و234 بالسجن المؤبد أو الإعدام وقضت المحكمة بمعاقبته بالسجن...حيث سألت المحكمة التى كان يرأسها» المستشار رضا شوكت» قاضى الجنايات المعروف..ممثل النيابة العامة سؤالا جوهريا لم تجب عنه النيابة العامة بشكل واضح وتركته تقديرا للقاضى حتى لا تضع النائب العام المستشار طلعت عبدا لله وقت كان يشغل هذا المنصب الرفيع فى ورطة أمام «جماعة الإخوان المسلمين» وقتها قبل إحالته للتحقيق مؤخرا بتهم متنوعة منها «وضع أجهزة تنصت فى مكتبه.. والانتماء لجماعة ساسية».. حيث قالت المحكمة للنيابة العامة هل المتهم محمد حسنى مبارك استنفد المدة القانونية للحبس فأجابت النيابة أنها تفوض هيئة المحكمة.. وأن المدة الفعلية للحبس الاحتياطى قد نفدت قانونا وأنه محبوس على ذمة قضايا أخرى.
المفاجأة أن محامى مبارك فريد الديب قد تراجع عن المرافعة التى كان قد أعدها أمام المحكمة وممثل النيابة العامة قائلا: نحن نكتفى بما قالته النيابة العامة وممثلها.. وهو ما جعل المحكمة تتصدر المشهد كاملا فى صياغات قانونية ذات دلالة قائلة: لقد ثبت أمام المحكمة بما لا يدع مجالا للشك من خلال إطلاعها على أوامر حبس المتهم احتياطيا على ذمة القضية فى مرحلة التحقيق وجميع مراحل الدعوى.. ومن ثم فإن إنهاء حبسه على ذمة تلك القضايا والإفراج عنه بات حقا مكتسبا بقوة القانون ولا يعدو قرار المحكمة فى هذا الصدد إلا كاشفا عن حق تولد بقوة القانون.

كما طالبت المحكمة بأنه وجب على المشرع التدخل لتنقية النصوص الجنائية الإجرائية من مسالبها التى وضعت للعمل بها فى الظروف العادية.. وإذا سقطت قيمة العدل لن يكون للوجود قيمة.أيضا من ضمن المفاجآت التى فجرها حكم محكمة جنايات جنوب القاهرة أن هناك 16 مسئولا من النظام السابق قد حصلوا على البراءة من ذات القانون الذى طالبت المحكمة بتعديله.

وهو ما انفردت روزاليوسف وقتها به.. حيث تمت الاستجابة لما طالب به المستشار رضا شوكت فى حيثيات حكمه على المادة 143 من قانون الاجراءات الجنائية بحيث تستبدل الفقرة الأخيرة من المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية الفقرة الآتية: « ومع ذلك فلمحكمة النقض ولمحكمة الإحالة إذا كان الحكم صادرا بالإعدام أو بالسجن المؤبد أن تأمر بحبس المتهم احتياطيا لمدة خمسة وأربعين يوما قابلة للتجديد دون التقيد بالمدد المنصوص عليها فى الفقرة السابقة».

كما إن المذكرة الإيضاحية للمشروع أشارت إلى أنه فى إطار تباين جرائم العنف وشدة خطورتها على المجتمع من الناحية الأمنية من جانب، ومن ناحية الحرص على تحيق العدل وإنزال العقوبة على المتهم متى تحقق يقينا ارتكابه للجريمة من جانب آخر..وأنه فى ظل وجود سقف زمنى لمدة الحبس الاحتياطى قررته المادة (143) من قانون الإجراءات الجنائية حينما قررت فى فقرتها الثالثة» وفى جميع الاحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطى فى مرحلة التحقيق الابتدائى وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية بحيث لا يتجاوز ستة أشهر فى الجنح وثمانية عشر شهرا فى الجنايات وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هى السجن المؤبد او الإعدام.

ولما كانت المادة رقم (6) من الإعلان الدستورى الصادر فى 8 يوليو 2013 نصت على أن الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه او حبسه او تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة وفقا لأحكام القانون ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطى.

وأكدت المذكرة الإيضاحية للمشروع أنه لما كانت جرائم العنف والجرائم المضرة بأمن الدولة تتطلب تحقيقا موسعا لكشف الحقيقة.. وفى الجزء المتصل بتقارير الطب الشرعى والأدلة الجنائية وما يستتبع ذلك من ضرورة توافر فترة زمنية للبحث وتحقيق الدليل وهو الأمر الذى قد لا يتواءم مع السقف الزمنى لمدد الحبس الاحتياطى المشار إليه.. وكان هناك تمايزا بين الفقرتين الثالثة والأخيرة من المادة (143) من قانون الإجراءات الجنائية سالفة الذكر حيث قيدت الفقرة الثالثة مدة الحبس الاحتياطى بسنتين فى الجرائم المعاقب عليها بالإعدام او السجن المؤبد، بينما أطلقت الفقرة الأخيرة من هذا القيد بالنسبة لسلطة محكمة النقض ومحكمة الإحالة فى الحبس الاحتياطى للمتهم إذا كان الحكم صادرا بالإعدام فقط...و تعديل الفقرة الأخيرة من المادة (143) تعطى الحق لمحكمة النقض ولمحكمة الإحالة التحرر من قيود مدة الحبس الاحتياطى سواء كانت العقوبة المقررة للجريمة هى الإعدام أو السجن المؤبد وفقا للمشروع المرفق.

ووفقا لقضاة فى هذا الاتجاه قبيل محاكمة المعزول وأعوانه « محمد مرسى «.. وإعادة محاكمة المخلوع « حسنى مبارك «.. فان هذه المادة تقضى على التلاعب الذى يمكن الإخوان المسلمين ومحاميهم من التلاعب أمام المحاكم بإطالة أمد التقاضى أمام المحاكم.. لأن المحاكمات من الممكن أن تأخذ وقتا مطولا كم تم مع مبارك لحين إصدار أحكام شبه نهائية ضدهم.. وهو ما يعنى انه فى حالة صدور حكم من دائرة الجنايات التى سيمثل أمامها مرسى ورفاقه فمن الممكن وفقا لنص القانون الطعن على هذه الأحكام أمام محكمة النقض اعلى محكمة قانونية بالدولة.. خاصة فيما يتعلق بالتهم الموجهة إليه فى سبع قضايا متنوعة يأتى على رأسها التخابر مع جهات أجنبية.. وإجراء مكالمات من هاتف الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع عقب عزله بقرار شعبى من ثوار يونيو.. حيث طلب المعزول الاطمئنان على اسرته فأعطاه الفريق السيسى تليفونه الشخصى بعد الحصول على إذن من النيابة العامة لمراقبة الاتصالات التى ستتم فقام مرسى بإجراء أكثر من اتصال بجهات مازالت جهات التحقيق القضائية تحقق فيها ولم تنتهى بعد من توجيه قرار الاتهام إليه.. وهو ما كان يحاول فريق الدفاع الذى شكله محمد سليم العوا ورفاقه بتكليف من الشيخ «المسن والذى يعمل لحساب قطر يوسف القرضاوى» من استغلال هذه المادة ومحاولة الإفراج عنهم مبكرا واحتمالية اخراجهم خارج البلاد مالم يصدر قرار من النائب العام الحالى هشام بركات بمنع المتهمين من السفر خارج مصر.