السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«فتاة مصرية» و«بائع الرمان» و«ضاحية العجوزة».. «صوفيا رومير» تقوم برحلة فى قاهرة الأربعينيات فى معرضها بيت السنارى




لم تكن الفنانة الليتوانية صوفيا رومير تتصور وهى تعيش على ضفاف نيل القاهرة وتتجول فى حواريها وتتقابل مع الباعة ووجوه الطبقة الاستقراطية البراقة فى مصر إبان الحرب العالمية الثانية، أنها ستعود مرة أخرى لمصر بعد 66 عامًا من مغادرتها من خلال لوحاتها.
ففى بيت السنارى التابع لمكتبة الإسكندرية يقام حاليًا معرض (صوفيا رومير فى القاهرة. القاهرة والقاهريين فى اللوحات والرسومات فى الفترة من 1943– 1947) والذى تقيمه سفارة ليتوانيا بالقاهرة ويستمر حتى منتصف نوفمبر ويضم مجموعة من نسخ لوحاتها التى رصدت بها الحياة فى القاهرة حينذاك، ومنها لوحة «إبراهيم»، وصبى مصرى، «عربى»، «مجلس عربى»، «امرأة عربية»، «تمثال رجل مصرى عجوز»، وصورة الباستيل لفتاة تدعى سونيا،وبائع الرمان، وشجرة النار فى العجوزة، فكأن المعرض بانوراما لأزياء بسطاء القاهرة من بائعين وشيوخ حيث «العمة» و«الصديرى» و«الجلباب البلدى» و«الغترة البدوية» ووشاح الفتاة الأحمر.
ولدت صوفيا رومير «زوفيا» فى عام 1885 فى استونيا لأبوين مثقفين حيث كان والدها طبيبًا جراحًا وفر لها مناخًا مناسبًا لترعرع موهبتها، وكان الفن والرسم شغفها على طوال سبعين عامًا اتخذته مهنتها التى بدأتها منذ نعومة أظافرها، وبدأت دراسة الرسم على آيدى فنانة خاصة وعمرها 15 عامًا ثم التحقت بمدرسة فنون لتطير عام 1904 لباريس وتتلقى دروسًا فى الفن من الفنانيين جاك إميلى بلانش ولوك أوليفر ميرسون، الطريف أنها عملت فترة كرسامة للعب الأطفال فى مصنع لعب أطفال فى أستونيا.
والفنانة من أشهر فنانى ليتوانيا، وكان لمآسى الحربين العالميتين أثرها على حياتها، إذ انتقلت من الحياة الرغدة كزوجة صاحب إقطاعية تعيش فى قصره بلتوانيا إلى رحلة فرار عقب احتلال ألمانيا للمنطقة واستيلائهم على مزرعة زوجها فى الحرب العالمية الأولى، ثم فى الحرب العالمية الثانية تم ترحيلهما بدون اولادها الخمسة لشمال روسيا القارس البرودة، وتبدأ رحلة فرار جديدة لبولندا التى تفقد فيها زوجها، لتتجه بعدها فى رحلة غربة طويلة بدأت بإيران مايو 1943 ثم القاهرة بعد 6 شهور وعاشت فيها أربع سنوات.
كانت حياتها فى مصر بمثابة مرحلة التقاط للأنفاس الفنية طويلة حيث استقرت وأنتجت مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية الرائعة التى تسجل فيها لمدينة القاهرة وللقاهريين أنفسهم. ففى البداية، اعتمدت على بعض الاسكتشات الصغيرة، وبعض المناظر لساحات القاهرة، والشوارع، والضواحى، وكذلك الغرباء الذين أثاروا إنتباهها ووافقوا على الوقوف للرسم مجاناَ.
وأصبحت من أشهر الفنانات فى مصر فى هذه الفترة يتهافت عليها أبناء الأمراء والدبلوماسيين الأجانب فى مصر، وسجلت رأيها عن مصر قائلة: «مصر ساحرة لأنها تعرف كيف تصرفك عن الواقع وتروى حكايات لا تنتهى من ألف ليلة وليلة. كل ما عليك القيام هو الذهاب للعصور القديمة، إلى الفراعنة، إلى معبدالكرنك والأقصر».
نلمح فى لوحات المعرض الحياة فى مصر إبان الحرب العالمية الثانية وحزن البشر متجسدًا فى انكسار يخيم على نظرة البسطاء التى رسمتهم وسحرتها منطقة العجوزة التى عاشت فيها على ضفاف نيل القاهرة وهى كانت أشبه بالمنطقة الريفية، فعمدت إلى تسجيل لقطات منها سواء شجر النار الذى يتلألأ أوراقها الوردية فى شمس مصر الساطعة والفلوكات وهى تمخر فى عباب مياه النيل الهادئ وعشقت جزيرة الزمالك وحارات الموسكى والحسن وقباب المساجد ومشربيات البيوت وباحات البيت المصرى.
بدأت منذ عام 1943 أى فى ذروة وجودها فى مصر تتخذ من رسم البروتوريهات حرفة تدر عليها دخلاً، سواء للأشخاص البسطاء الذين تصادفهم فى حوارى وشوارع القاهرة أو أبناء الطبقة الارستقراطية فى قصورها مثل أبناء السفير البريطانى بالقاهرة اللورد كيليرن والأميرة ايرمينا طوسون ويستمر المعرض حتى 14 نوفمبر 2013.
عاشت صوفيا رومير فى مصر فى فنرة تموج بالحركة الفنية والمعارض برز فيها الكثير من رواد الفن التشكيلى على رأسهم رائد فن الباستيل محمد صبرى.
عمدت صوفيا إلى استخدام مختلف خامات الرسم من ألوان الزيت والأكواريل والفحم والقلم الرصاص، واعتمدت الأسلوب الواقعى فى فنها، لتقدم للحركة الفنية 5 آلاف عمل فنى وقدمت الموضوعات من الرسم الوجوه والمناظر الطبيعية والشوارع والمبانى الأثرية.
فى عام 1948 عاشت فى انجلترا حيث التقت ابناءها وتنقلت بعد ذلك مابين مونتريال وواشنطن لتستقر فى كندا وتموت فيها عام 1972.
قدمت صوفيا للحركة الفنية 5 آلاف عمل فنى وقدمت الموضوعات من الرسم الوجوه والمناظر الطبيعية والشوارع والمبانى الأثرية، وتقتنى عدة متاحف فى دول شرق أوروبا أعمالها مثل متحف وارسو فى بولندا.