الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الألمانى يزرع الوقود!




بقلم: ناهد إمام
الفلاح الألمانى يزرع الوقود.. هكذا كان بداية حديث اللواء طيار عادل الخولى، حيث كان ضمن وفد اقتصادى من ممثلى الحكومة ورجال الأعمال فى زيارة لولاية ميكلنبورج فورمبومن.

وبلغة الصحافة سألت الطيار الخولى: «نظرا لأن عين الطيارين دائماً ترى ما لايراه الآخرين: ماذا شدك خلال الأيام الخمسة التى قضيتها فى تلك الولاية الألمانية ؟

ودهشت بالإجابة السريعة الفلاح الألمانى يزرع الكهرباء . وقلت: «كيف؟»، وقد بدأ الحديث يشدنى فقال: نعم رغم المساحات المحدودة من الأراضى التى يمتلكها الفلاح وهى ممتلكات عائلية خاصه إلا أن الدولة تساعده على استغلال تلك المساحات بصورة كاملة ليس فى الزراعة فقط ولكن أيضا فى انتاج الطاقة من خلال قيام الفلاح بزراعة نوعيات من النباتات وبالتالى جمعها وأيضًا جميع النفايات من أوراق شجر ومخلفات زراعية ووضعها فى معمل «بيوجاس» يضعه الفلاح على حرف الغيط ليحدث بذلك نوعًا من التخمير وينتج عن تلك العملية غاز البيوجاس وتلزم الدولة شركات الغاز بشراء الغاز المنتج النظيف وبالسعر العادل والمحدد سلفا من قبل الحكومة ويستفيد أيضا الفلاح من مخلفات هذه العملية التى تنتج أسمدة عضوية للزراعة. وأيضا من خلال قيام الحكومة بدعم الفلاح بدعم مالى يصل لنسبة 45% من تكلفة إنشاء طواحين هواء لإنتاج الكهرباء وأيضا مزارع الخلايا الشمسية وإلزام شركة الكهرباء بشراء المنتج بالسعر المحدد سلفا من قبل الولاية، حيث يسمح باسترداد إجمالى رأس المال للمشروع  فى خلال 8 سنوات وبالتالى بعد هذه المدة يحقق ربحية صافية.

وهنا بدأت أتساءل: كم من الأراضى الشاسعة المتواجدة فى بلادنا الغالية التى يمكن استغلالها لذلك النوع من الزراعة التى لا تحتاج إلى مياه أو خبرة فنية فى الزراعة وتترك للإهدار إما من خلال  تبويرها وإما التجريف والزحف العمرانى عليها؟ وألم يحن الوقت لمعرفة مدى أهمية الدخول بقوة فى مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة وتخفيف الأعباء عن مصادر الطاقة التقليدية إلى جانب الحفاظ على البيئة من الاختراقات الراهنة لها من جميع المجالات. ألم يحن الوقت لإدراك الدولة أهمية مساندة المستثمر سواء كبيرًا أو صغيرًا وتشجيعه فى الدخول فى تلك المشروعات والعمل على تذليل العقبات التى تواجهه كمنتج الطاقة النظيفة حيث يحتاج إلى إعفاء جمركى على جميع مكونات الطاقة النظيفة وضرورة إعطائه الأحقية فى البيع بالسعر العالمى للداخل وكذلك للخارج من خلال  نقلها على الشبكة الحالية لدول الجوار مما ستساهم فى  تحصيل شركة الكهرباء لرسوم النقل أى تحقيق عائد إيجابى وإضافى  لتلك الشركة.

وسألت ماذا أيضاً: ما الذى شد الانتباه فى تلك الزيارة؟ فقال اللواء الخولى بنوع من الأسى والغيرة على بلاده: «العمل» فالجميع  يقدس العمل حيث يبدأ يومه من الساعة السابعة صباحاً حتى الخامسة مساء والنوم فى حد أقصى الثامنة مساء وخلال تلك الفترة لايوجد أحد فى الشوارع والأطفال فى المدارس لدرجة أن الوفد تساءل أين الحياة الاجتماعية لهذا الشعب؟ فكان الرد فى أيام الإجازة فقط. وقد وافقته على غيرته وتمنيت أن يعى الجميع لدينا بقيمة العمل ويقدسه فهو أحوج ما نحتاج إليه الآن أكثر من أى فترة أخرى وكفانا تنظير وضياعًا وإهدارًا للوقت.