السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حلم بلاستيك بعد ثورتين؟!




بقلم: ناصر عبد المنعم
منذ سنوات بعيدة وفرقة أتيليه المسرح بكلية الفنون الجميلة/ جامعة حلوان تطرح على الساحة المسرحية أعمالا مسرحية متميزة وحافلة بالإبداع والتجديد، وتطرح أيضا أسماءً لفنانين شبان يحاولون تجاوز الأشكال السائدة ويتمردون على المستقر والراسخ فى عالم المسرح التقليدى.. وتنتقل هذه الروح من جيل إلى جيل ليفصح كل جيل عن تمرده الخاص النابع من شروط واقعه وتجربته الاجتماعية والجمالية، وحالياً يستضيف مسرح الطليعة عرضاً لخريجى وطلبة أتيليه المسرح بعنوان «حلم بلاستيك» كتابة وإخراج شادى الدالى، وهو عرض يشئ بموهبة صانعيه اللافتة وعشقهم الأكيد للمسرح، وتمسكهم بحلم عنيد يصعد بهم إلى عنان السماء حيناً ثم يراوغهم وينفلت من بين أصابعهم أحياناً يتشكل ويتلون ليبدو براقاً وملوناً ودافئاً ثم لا يلبث أن يتحول إلى البرودة والجفاف وكأنه حلم بلاستيكى بلا نبض ولاروح، وفى رحلتهم للقبض على حلمهم يتمزقون بين الشعور بالعبث واللاجدوى اللذين يتسربان إلى نفوسهم، وبين الأمل الذى يومض أمام أعينهم ليبهرهم ويعدهم بأن القادم أفضل مهما بلغت ضحالة الواقع المُعاش، إن الشعور بالمرارة الذى يسكن هذا الجيل مشروع ومُبرر فهم من ثاروا- قبل سنوات- ليمنحوا حلمهم، فى الحرية والكرامة والعدالة، أجنحة يعلو بها ويستقر عند المكانة التى يستحقها ويستحقونها معه، وهم من ثاروا ثانية - قبل شهور- عندما حاول أعداء الحلم سرقته وتحويله إلى كابوس مقيم، فماذا تحقق لهم بين ثورتين، وبعد ثورتين؟! وماالذى تغير؟ وما الذى تبدل؟ وماالذى تحول؟ كل تلك الأسئلة النابضة بالصدق والحافلة بالرغبة فى تجاوز الكابوس تفجرت على نحو جمالى وغير مباشر على خشبة المسرح الفارغة إلا من ( ملاءة ) سوداء تتشكل فى عشرات التكوينات الدالة عبر أجساد الممثلين وعلاقتهم بها، فى شغل بسيط ومميز للفراغ يشهد بالحس السينوغرافى العالى لشادى الدالى، الذى حقق بعرضه التناغم بين مختلف عناصر العرض، وفى مقدمتها الممثلون الذين خلقوا حالة إيقاعية منضبطة، وتبنوا مايقدمونه بصدق وحساسية فأعادوا بإبداعهم ذلك الجسر الخفى الذى يربط خشبة المسرح بصالة الجمهور ويوحد المبدع والمتلقى فى حالة فريدة يكمن فيها سحر المسرح وروعته..
ويطرح «حلم بلاستيك» فى ظل الإقبال الجماهيرى الذى يشهده وسط الظروف التى نعيشها، إجابة بليغة على التساؤلات التى تشغل أذهان المسرحيين فى رحلة البحث عن الجمهور.. قليس بالإنتاج الباهظ يقبل الناس على المسرح، وليس بالنجوم وأنصافهم تمتلئ دور العرض، فقط بالصدق والإتقان تنجح العروض ويعود للمسرح.. سحره.