الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

البابا تواضروس.. عام من التحديات والتفاؤل والأمل




منذ عام وفى السابعة من صباح ذلك اليوم فتحت أبواب الكاتدرائية المرقسية بالعباسية بيد قداسة البابا تواضروس الثانى بطريرك الكرازة المرقسية وذلك فى حفل مهيب وبكاء مرير منه على المسئولية التى وقعت على عاتقه.
الحقيقة أنه لم يكن أحد يتوقع فوز الأنبا تواضروس ذلك الصيدلى الحاصل على دبلومة فى علم الإدارة والمسئول عن لجنة الطفولة بالمجمع المقدس بل ان كل الحملات التى قام بها بعض الأقباط كانت تنقسم إلى فئتين الأولى تتمنى فوز الأنبا رافائيل الاسقف العام وذلك لنشاطاته الروحية الكبيرة والواسعة خاصة مع الشباب والأخرى تتمنى فوز القمص رافائيل افا مينا وذلك لأنه تلميذ البابا كيرلس السادس الروحى والمعروف برجل الصلاة بينما لم ينتبه أحد لوجود مرشح ثالث الأمر الذى ربما يرجع لعدم معرفتهم به ولعدم سماعهم عنه.
إلا أن الأمر الذى لم ينتبه إليه الأقباط أن الأساقفة بينهم وبين بعضهم كانوا يرونه البطريرك القادم وذلك لأنهم يعرفونه جيدا بل إن الأنبا رافائيل ذات مرة أكد أنه لن يكون هو البطريرك القادم وأن الأنبا تواضروس له ملاكات تجعل منه الشخص الصالح لهذه المهمة.

تحديات البطريرك الجديد

لقد تسلم البابا تواضروس الكنيسة الارثوذكسية وهى محملة بالكثير من المشاكل والتعقيدات على المستوى الداخلى والخارجى.
فالكنائس شهدت فى الفترة الأخيرة من حياة البابا شنودة الثالث نوعا من أنواع الاهمال مما احدث العديد من المشاكل داخل الكثير من الايبارشيات كانت وصلت إلى حد قيام الشباب بعمل وتنظيم وقفات احتجاجية داخل بعض الكنائس اعتراضا على سياسة اسقف او كاهن وهو ما استطاع البابا الجديد ان يتغلب عليه بعد ان قام بوضع لائحة جديدة لاختيار الكهنة أهمها ان يتم توافق عليه من قبل الخدام والكهنة اولا ثم توافق شعبى عليه.
وتنفيذا للائحة الجديدة قام البابا برسامة 47 كاهنا على مستوى الجمهورية والمهجر كما قام برسامة وتجليس نحو 20 اسقا.
وكانت أهم عقبة تواجه البطريرك الجديد هى وجود الأنبا بيشوى سكرتيرا للمجمع المقدس وهو الامر الذى كان يثير استياء العديد من الأساقفة والكهنة ولكن لا أحد كان يستطيع التحدث خوفا من بطش الرجل الحديدى الذى يقيم المحاكمات الكنسية ويتخذ ما يراه مناسبا دون الرجوع لأى أحد مما كان يتسبب فى العديد من المشاكل كانت تحسم دائما لصالحه ليس لانه على حق وانما لعلاقته بالبابا الراحل.
إلا أن البابا تواضروس نجح فى ابعاده وذلك عن طريق اختيار الأنبا رافائيل الأسقف العام والذى يتمتع بشعبية كبيرة بين الاساقفة والشعب خلفا له.

البابا والسياسة

لقد كان من أهم التحديات التى تواجه البابا الملف السياسى.
وأعلن البابا تواضروس منذ وقوع القرعة الهيكلية عليه حتى قبل تجليسه انه سيتفرغ لبناء الكنيسة من الداخل ولن يتدخل فى السياسة إلا أن القدر لم يمهله ان يحقق ذلك بشكل كامل نتيجة لتوالى الحوادث الطائفية العنيفة نتيجة اعتلاء التيار الإسلامى المتشدد سدة الحكم إلا أنه وبالرغم من ذلك حاول الا يتدخل إلى ان حدثت مذبحة الخصوص البشعة والاعتداء على الكاتدرائية ليصبح بذلك أنه أول بطريرك يتم الاعتداء فى عهده على المقر الباباوى وتوالت الأحداث بعد ذلك إلى أن انتهت بظهوره فى الخطاب التاريخى للفريق السيسى الخاص بخارطة الطريق.

الزيارة التاريخية

لقد جاء البابا تواضروس يحمل رسالة واحدة وهى المحبة والتآخى مع الجميع ومن هذا المنطلق قام البابا بزيارة بابا الفاتيكان بعد انقطاع دام لمدة أربعين عاما كاملة ليبدأ صفحة جديدة فى تاريخ الكنيسة المصرية.
ووصف الاب رفيق جريش المتحدث الإعلامى للكنيسة الكاثوليكية البابا تواضروس بالشخصية المنفتحة المحبة، مضيفا أنه منذ اعتلائه سدة مارمرقس وهو أظهر هذا الحب تجاه الكل.
وقال: جاءت زيارته للكنيسة الكاثوليكية فى عيد الميلاد الموافق 25 ديسمبر الماضى لتظهر هذا الحب عندما قال إن المسيحيين يعيشون أفراح الميلاد من 25 ديسمبر وحتى 7 يناير.
واوضح: أن هذا الكلام يدل على شخصية مسكونية لا تدعى إمتلاك الحقيقية لوحدها وإنما تعمل على العيش المشترك والوحدة.
وأضاف: هذا إلى جانب كلماته حول الخلافات عندما قال «فلنترك اللاهوت للاهوتين ونحن لنا المحبة» فجاءت أول زيارة خارجية له إلى الفاتيكان لزيارة البابا الجديد فرنسيس الأول.
وأشار إلى ان اللقاء كان يغمره المحبة الشديدة ومنذ اللحظة الأولى للقائهم تقابلت الإرادتان لمزيد من التعاون والتفاهم على وحدة المسيحيين.
لافتا إلى أنه برجوع البابا إلى مصر تم تشكيل لجنة خاصة  من المجمع المقدس للكنيسة القبطية الارثوذكسية من أجل بحث «الاختلافات» والعمل على اذابتها.
وهاجم «جريش» الاتهامات التى يلقيها البعض حول أن وحدة الكنائس تعنى الانحراف عن الإيمان قائلا «البابا يسير فى خط المحبة المسيحية لأن الأصل أن نكون كنيسة واحدة غير منقسمين ومن يريد أن ينغلق او يهاجم عليه أن يعلم جيدا أن هذا ليس تفكير ايمانى مسيحيا فالأصل ان نكون جسدا وروحا وقلبا واحدا، موضحا أن هذا ليس معناه إذابة الطقوس وانما العمل والشهادة المشتركة للعالم كله.
وأوضح  أن الحوار بين الفاتيكان والكنيسة الارثوكسية لم تظهر به أية صعوبات وننتظر نتائج عمل اللجنة المجمعية الارثوذكسية مشيرا إلى أن العالم بشكل عام ومصر بشكل خاص تنتظر ان تكون كنائسها شهاده حية لله.

البابا والعلمانيون

من الأشياء التى وضع أساسها الأنبا باخوميوس القائممقام والذى أدار فترة خلو الكرسى المرقسى ببراعة وحكمة منقطعة النظير هو فتح باب للحوار مع جميع الأطراف والجهات حيث كان التقى بالتيار العلمانى والإعلاميين وجبهة لائحة 38 والتى لها العديد من المشاكل مع لوائح الكنيسة تجاه مسألة الطلاق الأمر الذى أشعر جميع الأقباط بأن الكنيسة تدخل مرحلة جديدة اكثر تفتحا.
وفى هذا السياق اكد كمال زاخر منسق جبهة العلمانيين الكنيسة شهدت على مدار العام الماضى العديد من مشاكل تتعلق بالشأن العام لان المجتمع المصرى شهد تغييرات كبيرة والكنيسة جزء من المجتمع والوطن وتأثرت بما حدث.
وأشار إلى وجود ضغوط شديدة على الكنيسة حيث تم استهداف الكنيسة بشكل واضح فى الاعتداء على الكاتدرائية وسط تخاذل من اجهزة الدولة.
وأوضح كما ساهمت الكنيسة فى تعديل المشهد فى 3 يوليو وكان حضورها فى المشهد واضح.
وقال: البابا سار على النهج الذى وضعه منذ وصوله لسدة مارمرقس فلم تعد الكنيسة ملعبا سياسيا بعد أن كانت مجبرة على لعب هذا الدور منذ عهد السادات واستمر الحال مع مبارك بعد اختزال النظام الأقباط فى الكنيسة إلا أنه بعد 25 يناير تغيرت المشهد بعد أن قام الشباب بفرض إرادته على الكنيسة التى تحررت من الضغط السياسى.
واوضح ان البابا انتبه لإدارة الكنيسة وكانت لديه رؤية واضحة محددة والانتقال من الفرد للمؤسسة وهذا كان عنوانا رئيسى لملف العلمانيين الذى تم تقديمه للبابا عقب اختياره.
وقال: أرى أن البابا أحدث نقلة موضوعية للكنيسة تجاه تحقيق الحلم المسيحى.
وعن المقارنة بين العام الأول للبابا الراحل البابا شنودة والبابا تواضروس قال: من الظلم عقد مقارنة نظرا لأن المناخ السائد والظروف المحيطة مختلفة.
وفى النهاية نتمنى جميعا ان يستطيع البابا تواضروس مواجهة كل التحديات التى تقابله سواء على المستوى الداخلى او الخارجى وأن يكون منارا كبيرا لكل الشعب المصرى أقباطه بمسلميه ونقول له من هنا «كل عام وانت بخير».