الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

لا يوجد شىء اسمه الإسلام السياسى.. فالسياسة كذب ونفاق والإسلام قيم وأخلاق




حوار - نسرين عبدالرحيم 
بعد مرور عام على حكم الإخوان لمصر وما يقرب من ثلاث سنوات لهيمنتهم على الشارع، وما شهدته البلاد من مخاوف انتشار الأفكار الرجعية والمتشددة نتيجة وجود تيارات منبثقة من الإخوان تعتنق الفكر التكفيرى، كانت هناك حالة من الترقب والقلق يعيشها التيار الصوفى الذى يعد الأقرب لوسطية الإسلام، والذى ايضا عانى الكثير من المشكلات التى كان أهمها هدم بعض الأضرحة وتكفير السلفية الجهادية التكفيرية له، تلك الأحداث جعلتنا نقترب من أحد رموز الصوفية وهو الشريف الشيخ جابر قاسم وكيل المشيخة الصوفية بالإسكندرية، لنعرف منه أكثر.. وإلى نص الحوار.
 

■ كيف ترى تجربة الإسلام السياسى العامين الماضيين؟
ـ لو تتبعنا التاريخ.. لن نجد شيئًا اسمه الإسلام السياسى، فهذا المسمى جديد على المجتمع والساحة السياسية، لأنه ليست له ثقافة معينة يدرسها أو يتعلمها من يرغب، فى النظم السياسية مثلا: الديمقراطية لها مفاهيم وأسس وأنظمة معينة ولها معايير، أما الإسلام السياسى فليس له معايير، لذلك حتى الأحزاب التى مثلت التيارات الإسلامية لم تضع لنفسها برامج، أى ليست له قاعدة.

■  لكن بعض التيارات الإسلامية ينتقد المطالبة بفصل الدين عن السياسة نظرًا لخروج النبى (ص) فى الغزوات والفتوحات؟
ـ ولكى نوكل تلك التيارات أو الأحزاب بالإسلام، فلنتخذ الرسول قدوة بمنهجه الصحيح، فعندما دخل المدينة وتعرض للأمور الدنيوية قال «أنتم أعلم بأمور دنياكم» وعمل ميثاق المدينة، أى دستور المدينة الذى جمع فيه المشركين واليهود والنصارى والقبائل، وقال «لهم ما لنا وعليهم ما علينا وعلى المسلمين ما لهم ولا تهدم كنائسهم ولا أديرتهم، ولا جوامعهم ولا يتعرض أحد لنسائهم أو أطفالهم، ولا تنتهك حرياتهم والمحافظة على أموالهم ومبانيهم».

■ هل كانت توجد أيام الرئيس المخلوع آلية صحيحة لكبح جماح التيارات الإسلامية؟
ـ كان يتم اعتقالهم، ولكن السؤال المهم: لماذا كان يتم ذلك؟ بسبب ما كان يحدث فى الثمانينيات والتسعينيات من تفجيرات كما حدث فى طابا من تفجير فندق شهير، فكانوا يقومون بقتل الأفواج السياحية، لقد كفروا المجتمع أيام سيد قطب المرشد السابق.
وهناك شخص تابع لهم يدعى حمدى عبدالسلام فرج، وكان يعمل كهربائيا، ألف كتبا تحت عنوان «الفريضة الغائبة»، اعتبر فيه الجهاد الركن السادس بدلا من الإحسان الذى كان الأئمة الأربعة يعتبرونه الركن السادس، فاعتبر الجهاد فرض عين على كل مسلم.

■ كيف ترى العلاقة بين الجيش والإخوان؟
ـ الخلاف بين الجيش والإخوان يمتد منذ أيام الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، فعندما طلب منهم عبدالناصر المشاركة معه فى ثورة 23 يوليو رفضوا، مرورا بالزعيم أنور السادات الذى أخرجهم من السجون بهدف محاربة المد الشيعى، فقاموا بقتله يوم عيده وعيد المصريين وقت الاحتفال بنصرأكتوبر.

■ وماذا عن الرئيس المخلوع؟
ـ الرئيس المخلوع فعل معهم شيئا جيدا، هو أنه قام بإرسال مشايخ من الأزهر من أصحاب الفكر المستنير للمتورطين فى عمليات إرهابية، الذين وضعوا خططا لقتل السادات، فدرسوا لهم المراجعات فى السجون، ما جعل بعضهم يخرج للحياة بفكر مستنير، وهذا يُحسب للرئيس المخلوع.

■ لكن البعض يرى أن من اغتالوا السادات ليسوا إخوانا بل جماعات منشقة عنهم؟
ـ نعم.. ولكن هذه الجماعات الأخرى المنشقة عن الإخوان لم تتبرأ منهم جماعة الإخوان أو تنكرهم.

■ بطريقة أخرى.. وما دخل الإخوان؟
ـ عندما أقيم حفل بالاستاد وبعضهم كفر المجتمع لم يعارضه الرئيس، ومعنى ذلك أنه يوافق على ما يقال وأيضا لم تتبرأ جماعة الإخوان من أية أفعال إرهابية حدثت فى الفترة الماضية أو حتى ينكروا أن ما يحدث من إرهاب ليس تابعا لهم، أيضا معنى عدم اعتراض الرئيس المعزول على تكفير المجتمع، أن السلفية الجهادية كانت تمهد لعمليات قتل الصوفيين، لأنهم يعتبرون الصوفية منهج كفر.

■ وما قولك فى ما قام به الفريق عبدالفتاح السيسى تجاه الإخوان؟
ـ الفترة الأخيرة أعتبرها مشتركة بين الرئيس المخلوع مبارك والسيسى فى طبيعة كراهيتهم للجيش وتحريضهم عليه، رغم أن الرسول الكريم قال خير أجناد الله فى الأرض جنود مصر، وهناك جملة شهيرة للمرشد بعدما وصلوا للحكم إذ قال «وصلنا إلى الخلافة ثم الأستاذية».
وهناك أمور كثيرة أيضا تؤخذ على الجماعة، ألا وهى أنه منذ عام 1924 لم يسجلوا أى تمويلات ورفضوا إشهار جمعيتهم عندما أعطاهم السادات الحق فى ذلك، بهدف الدخول تحت مظلة الحكم فى مصر وتحت طائلة القانون، وجميعنا رأى حجم الدعاية الانتخابية التى قام بها الدكتور مرسى فى الانتخابات، فما قدر التمويل، ومن أين أتى به، ومن أى جهة؟ فلا بد من معرفة تلك الأشياء.

■ لكن اللجنة الانتخابية العليا لم تقدم ما يدينه فى شىء وأجازت ترشحه للرئاسة فكيف قبلت أوراقه وهو ينتمى لجماعة مشبوهة؟
ـ بالفعل.. هذا السؤال جيد، ولكن المسئول المستشار بجاتو، لذلك أطالب بأن يحاسب عن عدم سؤال دكتور محمد مرسى وجماعته عن مصادر التمويل، وعن قضية هروبه، فلو كان فعل هذا لكان جنبنا وجنب الجميع سفك الدماء. 

■ وماذا عن قرار وزير الأوقاف بمنع غير الأزهريين من اعتلاء المنابر؟
ـ قرار وزير الأوقاف إيجابى، فمن المشكلات الأساسية التى طرأت على مصر منذ عام 1924 ظهور الفكر الوهابى، هذا الفكر الذى أدى إلى التطرف والعنف والتكفير للمجتمع المصرى. ما ترتب عليه تولد العنف والاستهانة بحرمة الدم والعرض والمال، لذلك فإن الدول التى كانت تدعم الفكر الوهابى، عندما عرفت نتائج هذا الفكر التى ظهرت واضحة فى مصر وليبيا وتونس من الغلو والتطرف تنصلت منه وأعادت حساباتها، ففى السعودية، أقامت يوم 17 رمضان بأمر من الملك عبدالله مركزا فى الرياض للحوار وتدريس المذاهب الأربعة للإسلام، بل إنه فى رمضان الماضى تم اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 1433، وكانت فعاليات الاحتفال تتناول السيرة الذاتية وشرح المذاهب الأربعة الفقهية، أولها أبوحنيفة النعمانى ثم الإمام الشافعى والإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل.

■ أيهما أقدم.. الصوفية أم الفكر الوهابى؟
ـ الصوفيه أقدم بـ1200 عام، فالرسول الكريم قال الخلافة من بعدى 30 عاما، تنتهى مع خلافة سيدنا الحسين، إذ أعقبته الدولة الأموية ثم الدولة العباسية ثم دولة المماليك، وجميع تلك الدول قالت إنها إسلامية، لكن لم تبحث عن خلافة إسلامية على مستوى العالم، فالدولة العثمانية لم تنجح فى قيادة الأمة الإسلامية، ولنا فى تركيا مثال، فعندما جاء أتاتورك وجعلها علمانية أصبح الوضع السياسى كتيار دينى سياسى غير موجود.
ومن المعروف ان السياسة تقوم على المراوغة والكذب والنفاق والرياء وخلف الوعد، أما الدين الإسلامى فهو علاقة بين العبد وربه، علاقة أخلاقية سلوكية، فسيدنا عمر بن عبدالعزيز تولى المسلمين لفترة زمانية مباركة، قضى فيها على الفقر تماما من بيت المال، أى من خلال الزكاة، فكان يعطى للفقراء أرضًا يزرعونها ثم يحصل منهم أموالا يستخدمها فى مرافق الدولة.

■ إذن.. ما رؤيتك لإصلاح حال البلاد والقضاء على الفقر؟
ـ الدولة لكى تصح لابد أن تُفعل الركن الثالث فى الإسلام وهو الزكاة، ولا علاقة لما أقوله بالضرائب، أقصد أن تطبق الزكاة إجباريا، وتوضع فى بنك خاص لا يتبع وزارة المالية أو الشئون الاجتماعية أو حتى الضمان الاجتماعى ثم تقدم للفقراء.

■ هل ستؤيد الفريق أول عبدالفتاح إذا ترشح للرئاسة؟
ـ فى الوقت الحالى أعتقد أن الصوفيين سيرشحونه، لأن وجوده مهم ولكن لفترة رئاسية واحدة، أى نفعل كثوار الذهب، ويسلم السلطة عقب ذلك لرجل مدنى.

■ ألا ترى أن هناك من سيعارض ذلك بادعاء أن مصر حكمت 60 عاما عسكريا؟
ـ وما الضرر الذى وقع على مصر من حكم الجيش!

■ الفقر وضياع الفرص للشباب؟
ـ هذه آراء نسبية.

■ ما مكتسبات ثورة 30 يونيو من وجهة نظرك؟
ـ أنقذت مصر من مخاطر عديدة، فالدستور كان يبيح إعادة تقسيم الأرض والحدود، وهو أمر فى غاية الخطورة وأيضا قضية التكفير التى لم يعارضها الرئيس وكانت ستبيح دماء الصوفيين.

■ من الرجل الذى يتمنى الصوفيون ترشحه للرئاسة؟
ـ لا يوجد شخص معين، فلا يوجد أى تيار سياسى سواء ليبرالى أو علمانى قدم شيئا جيدا وحقيقيا للوطن، ولولا إخفاقهم وضعفهم، ما تمكن الإخوان الفترة الماضية بهذا الشكل، وإذا لم يتواجد مرشح قوى على الأرض فلن ينجح أحد.

■ من المعروف أن التيار الصوفى كان قد انتخب الفريق أحمد شفيق.. لماذا وهو محسوب على النظام القديم؟
ـ لأن الفريق أحمد شفيق صوفى، فنسله الشريف من نسل رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

■ لكن البعض يقول إن أبالهب عم الرسول من الأشراف؟
ـ الفريق أحمد شفيق شريف من نسل رسول الله من ناحية السيدة فاطمة وسيدنا الحسن والحسين ووالدهما على، فوالد أحمد شفيق كان تابعا للطرق الشاذولية الأشراف.. فنحن أولاد عم، فأنا من حسن وهو من حسن، فكان من باب أولى أن نؤيده.

■ وهل ترى أن هذا سبب كاف.. وهل الأشراف معصومون؟
ـ لا بالطبع.. فالله سبحانه وتعالى قال لسيدنا إبراهيم إنى جاعلك للناس إماما.. قال ومن ذريتى يارب، فقال الله لا ينال عهدى الظالمين، فهناك من الأشراف من يكون ظالما لنفسه.

■ ما تعليقك على مبادرة المستشار محمود الخضيرى فى إعادة دمج تيار الإخوان فى الحياة السياسية تحت مظلة حزب مصر القوية؟
ـ جيدة بشرط محاسبة من أخطأ، أما غير ذلك فلا يمكن إقصاؤه، فنحن جميعنا مصريون نعيش على أرض واحدة ولغة واحدة ودين واحد، ودكتور أبوالفتوح منهم ويعرفهم جيدا.

■ ولكن دكتور أبوالفتوح منشق عنهم؟
ـ الإخوان لهم قسم يكون معناه تأييد المرشد فى الخطأ والصواب والطاعة المطلقة، فكيف تخلص من هذا القسم، لا أعتقد أنه انشق عنهم، فيكفى أنه أقسم اليمين،
ومن رأيى أنه من الأفضل أن يقيموا ويراجعوا أنفسهم ويؤسسوا حزبا بعيدا عن الدين، فالسياسة شىء والإسلام شىء آخر، وقد شاهدنا طوال السنوات الماضية فشل قيام دولة دينية، فحتى عندما أراد الغرب إقامة دولة مسيحية، أبيدوا على يد المجتمع.

■ ما مطالب الصوفية فى الدستور الذى يعد الآن؟
ـ الدستور الحالى لا بد من تغييره، فليس من المعقول أن يتم حذف نحوالى 36 مادة من قبل اللجنة وتعديل 36 مادة أخرى، فالدستور مكون من 236 مادة، فلابد من إعادته وعمل دستور جديد، والأزهر هو ممثلنا فى لجنة الخمسين، فالأزهر لن يحيد عن وسطية الإسلام والقائمون على الكتاب والسنة والأئمة الأربعة والإمام أبوالحسن الأشعرى، فالصوفية هى منهج الأئمة الأربعة المالكى والشفعى وأبوحنيفة وأحمد بن حنبل.
أما المادة التى تخص الصوفية فى الدستور، فهى أن حرية الأديان الثلاثة مكفولة وعلى الدولة حماية الأئمة الأربعة، وكذلك الشعائر وممارستها للأديان الثلاثة، وحماية حرية ممارسة الشعائر الإسلاميه منها ممارسة الصوفية ونشاطها الصوفى فى المساجد والاحتفالات طبقا للشريعة الإسلامية.

■ هل ترى أن الصوفية كانت فى مأمن أيام الرئيس السابق مبارك؟
ـ نعم.. فروح الدستور كان التصوف، فالدولة كانت تحمى الصوفية وممارستها وشعائرها داخل المساجد، ولكن عقب الثورة بسبب الفكر التكفيرى أدى إلى الاختلاف بيننا وبين السلطة الحاكمة، وحدثت عدة اعتداءات على الأضرحة، ولو كان استمر حكم دكتور مرسى لكانت السلفية الجهادية التكفيرية دخلت مصر وقامت بقتل وهدم الأضرحة الصوفية وكفرتهم وأقامت عليهم الحدود.

■ وما رؤيتك للخروج من أزمة موقف الإخوان؟
ـ لابد أن يتسامحوا ويتصالحوا مع المجتمع، وأن يتراجعوا عن أفكارهم، ويعترفوا بثورة 30 يونيو و3/7.

■ اذا عرض عليكم أن تؤسسوا حزبا صوفيا هل سترفضون؟
ـ القانون لا يسمح بإقامة أحزاب على أساس دينى، ونحن احترمنا القانون 8/1 لسنة 76 ينص على أننا لدينا جهاز قومى وإدارى ينظم النشاط الصوفى، ونحن أصبحنا مؤسسة دينية معتمدة طبقا للحق الدستورى، فحرية الرأى والتعبير والاختيار والدستور الجديد سيحظر إقامة الاحزاب على أساس دينى.

■ كيف ترى عزل الرئيس السابق؟
ـ فى فترة حسنى مبارك كانت أمريكا تدعمه بسبب حفاظه على اتفاقية كامب ديفيد، التى أعدت حفاظا على أمن إسرائيل أى أن وجود مبارك كان يضمن أمن اسرئيل، حتى يكون هناك ايضا منع لتوغل السلفية الجهادية والتكفيريين الذين كان لهم وجود بارز فى تلك المرحلة، وقاموا بقتل السياح والتفجيرات بالاتفاق مع حماس.
وتم خلع مبارك لعدم موافقته على مبادلة الارض فى سيناء، ولو كان مبارك وافق على مبادلة الارض وإعطاء رفح وزويد والعريش وسيناء لغزة، لكان استمر أكثر من ثلاثين عاما.
أما بالنسبة للدكتور محمد مرسى فقد ظهرت أيضا بوادر غير طيبة منه عندما وقع على الهدنة بين إسرئيل وحماس لمدة 16 سنة، وهو الراعى لهذه الاتفاقية فى حين أن إسرئيل لا تعترف بحماس ولاحماس تعترف بإسرائيل بل إن إسرائيل تسجل حماس كخلية إرهابية.

■ ما تعليقك على إصرار التيار السلفى على تطبيق الشريعة ووضعها فى الدستور؟
ـ مصر دولة إسلامية طوال عمرها، والإسلام يكتمل بتطبيق الشعائر الصحيحة واحترام الأديان وتعليم قواعد الدين الحنيف وسماحة الإسلام، فالشريعة يجب أن تكون سلوكا داخل كل فرد وتطبيقها ليس هو الذى سيجعل مصر دولة إسلامية وعدم تطبيقها لن يجعلها كافرة لأن مصر بلد الأزهر الشريف الذى هو منارة العالم والإسلام.