السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الشعر




رسوم: مجدى الكفراوى

يسيل بجوار النيل في بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه عبر السنين والأجيال داخل نفوس المصريين.. في سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره بالآخر.. ناشرين السحر الحلال.. والحكمة في أجمل أثوابها.. في هذه الصفحة تجمع شذرات من هذا السحر.. للشعر.. سيد فنون القول.. الذي يجري علي ألسنة شابة موهوبة..
شارك مع فريق روزاليوسف في تحرير هذه الصفحة بمشاركتك علي [email protected]
 
دفاتر البهجة

(الممرّ)،
كان اسمَ الفندقِ الذى وضعوهُ على
أطرافِ تلك المدينةِ الباردة.
نوافذُهُ فى الّليلِ، كانت تبينُ لنا من بعيدٍ،
كثقوبٍ فى خيمةٍ،
نُحدِّقُ فيها
فيملكُنا الشُّرود.
لا أحدَ يعرفُ على وجهِ اليقينِ
لماذا أسموهُ كذلك،
كانوا ربما يعرفونَ مصيرَهُ،
يعرفونَ أنه لن يكونَ ذاتَ يومٍ محلًّا للإقامةِ،
بل بوَّابةً،
محضَ بوابةٍ يمرُّ منها النَّاسُ إلى الجَنَّةِ،
أو يمرُّونَ إلى النِّسيان.
هناك،
فى غرفةٍ واطئةٍ تبِصُّ نحوَ ربوةٍ
من الصُّخورِ والعُشْب،
طلبَ الولدُ النَّاحلُ من فتاتِه
أن تُخفِّفَ الإضاءة،
وأن تخرجَ من ترسانةٍ وقفتْ تُطلُّ عليهِ
من ورائِها:
قميصٌ خلفَ القميص،
بنطالٌ تحتَ بنطال.
لكنَّ الرِّيفيَّةَ الصَّغيرةَ تذكَّرتْ أباها الكاهنَ
فجأة،
فارتعشتْ لها شَفَةٌ،
وبردَتْ كفُّها فى كفِّ الصَّبيّْ.
تذكَّرتْ أباها،
فتراءتْ لها سبَّابتُه القصيرةُ وهو يحذِّرُها
من الغرباءِ
الذين إذا دخلوا قريةً أفسدوها.
لا أحدَ يعرفُ،
كيف خطرَ للبنتِ أن تسألَ صاحبَها
عن الربّ،
وعن انشغالِه إلى هذا الحدِّ بالتَّلصُّصِ
على أبنائِه.
غير أن الفتى فى لحظةٍ كتلك،
كانت تعوزُه الإجابةُ،
فآثرَ أن يتابعَ بعينيهِ سحابةً دكناءَ كانت
تمرُّ حذوَ النَّافذة.
الأرجحُ،
أن الصَّبِيَّةَ كانت مأخوذةً بالهِبَةِ التى سقطتْ
كتُفَّاحةٍفى حِجْرِها،
الهبةِ التى انتظرتْها عاميْنِ كامليْن،
ونذرتْ من أجلِها، كلَّ ما تملكُ من شهوةٍ
فى الأعطاف.
إذ كانت تدركُ بغريزتِها،
أن الغُرَفَ النَّائيةَ لا تُكرِّرُ نفسَها بسهولةٍ،
وتلك هِيَ المُصيبةُ،
تُدركُ كم هى كائناتٌ نافدةُ الصَّبر،
ولا وقتَ عندها، لتُعلِّمَ الحمقى
فنَّ الحياة.
وأن طابورًا طويلًا من العشَّاقِ يقفُ
على بابِها،
عسى أن يضمنَ واحدُهم مكانًا لاسمِه
فى دفترِها الصَّغير،
ربما كان له بعدَها، أن يموتَ هادئًا،
قريرَ العين.
كانتِ تُدركُ
ويُدركُ،
فما الذى صنعهُ العاشقانِ؟!
ما الذى فعلاهُ بالمَمَرِّ الذى امتثلَ لشِقوتِهما،
وانفرجتْ لهما أقواسُه؟!
كيف قالا كلَّ الذى لم يعنياه أبدًا،
وأهدرا المساءَ فى مديحِ الطقس،
بينما الأعصابُ موصولةٌ بحفيفِ أقدامٍ
تمشى خارجَ الغُرَفِ،
والأعضاءُ تنأى بعيدًا وتخبُّ
فى شتاتِها؟!
ما الذى أنجزاهُ بانخراطِهما فى خيالاتِ
الليل،
وارتيابِهما فى أريجِ الرَّحمة،
ذاك الذى يتنزَّلُ من السَّماءِ أحيانًا،
فيملأُ الغُرَفَ النَّائية،
ويعلَقُ بالهدوم؟!
بعيدةٌ هى الآن،
البنتُ بعيدةٌ
ولا شأنَ لها بأحوالِ عاشقِها المهجور.
لديها .. برنامجٌ علاجيٌّ مكثَّفٌ
يحجزُها عن النَّاسِ فى مصحَّةٍ تتنفَّسُ
على أطرافِ مدينةٍ باردة،
تبينُ نوافذُها فى الليلِ من بعيدٍ
كثقوبٍ فى خيمة.
ستقولُ فى رسالةٍ:
«أعرفُ أن الوقتَ فات،
لكنى راغبةٌ فى الكلامْ.
الغُوايةُ يا عاطف .. كائنٌ مغلوبٌ على أمرِه،
الغُوايةُ التى طالما أكَّدْتُ لنفسى أمامَ المرآةِ
أننى أمقتُها،
والتى كنتُ أُصلِّى بمُهَجةٍ منقسمةٍ،
من أجلِ أن يرفعَها اللهُ عنِّي،
لم تكن سوى صديقى الطيِّبِ الذى دأبَ
على منحى التَّذكاراتِ،
تلوَ التَّذكارت»
يكتبُ الولدُ إليها:
«الغوايةُ أيضًا، كانت اسمًا
حَرَكِيًّا،
اختارتْهُ السَّعادةُ لنفسِها»
**
شهرانِ طويلانِ،
قبل أن تصلَ برقيتُها الأخيرةُ،
تلك التى لم يعد يذكرُ الآنَ منها
سوى أن صوتَها على الوَرَقِ، جاء باسمًا
وضعيفًا،
..
كان أقربَ ما يكونُ إلى خرفشةِ فَراشةٍ
محبوسةٍ
فى دُرْج.
                             شعر ـ عاطف عبد العزيز
 

 
البنت مريم
 
وش المسيح
غضبان ورافض يبتسم
لما اترسم دم البنيه ع التراب
وردة بضفاير
لسه نونو ضعيرين
يا ام المسيح
طببى جراح القلوب
مغلوب على أمر الكنانه
تكون حزينه كل يوم
طعم الهموم
زى حنضل  فى الحلوق
وإيدين رسول الله محبه
لكل مخلوق ع البسيطه
ياعقول عبيطه مضلمين
مين اللى قال
ان دم الخلق أرخص من البارود
وف اى دين
تدبحوا الفرحه ف صدور الطيبين
يا سواد معشش
فى اكواخ ضماير ميتين
يابت ياللى
وشك الابيض تملى  ضحوك برئ
كل نقطة دم منك
صرخه فى تمادينا الجرىء
يا بوسة الملكوت
على خد اللى عايشين تحتها
يارحمة المولى العظيم
الله محبه
والخلق بنيان الكريم
                       شعر ـ مصطفى التمساح
 
 

 
نفْسى تقول
هاقولْ لِك شِعر
: نِفْسي تْقول
هاحِبِّك كل يوم على طول
وهاقْطُفْ لِك
قصايد بِكْر مِن جوّايا خَبّيتْها لْعيونِك دول
وهافْرِشْ لِك
طريق وَحْدِك لإحْساسي هاتِمْشي عليه
مافيش قبْلِك ولا - حَوّا -
قَبَلْت فْ سَعْيَها تِمْشيه
وهازْرَعْ لِك على الجَنْبين
ورود لو بس بَصّيتي لْعيدانْها بْضِحْكَة هاتْفَتَّح
ولو سِحْر الخدود يسْمَح
ياريت لو بس يهْديها الحياة وْ لونِك
عشان وِش الكسوف أسْمَح
ولمّا الْمَح
ضفاير شَعْر مَطْلوقَة بِطول النيل
أنا هاتْجِنِّني الْمواويل
وهاتْسيل الحروف جوّايا زيت لهفة
تنوّرْ لِي الخيال قناديل
ولو غُصْن الكلام هايْميل
هاخلّيها - الكنارْيا - فْ طَلِّتِك تِسْرْح
وتعزِفْ لِك
لُحون نبْضِي اللي مِن أوِّل ما دَقّ فْ جَنِّتِك .. سَبَّح
هاقولْ لِك شِعر
لكِنّي بْجد مش هاشْرَح
عشان خايف
على قْلوب العيون لمّا هاتِقْراكي
سيبيني بْراحْتي ويّاكي
وضُمّيه الفؤاد .. يفْرَح
هاقولْ لِك شِعْر
: نِفْسي تْقول.
                    الشاعر أحمد فؤاد هاشم
 
سهام الحب
الصّبح من غير الأحبّة أسودُ
والبدرُ فِى ليلِ النَّوَى يَتَوقّدُ
وحدى أُعاقرُ حُرقةً فى أدمُعي
والدّمع مِن حَرّ الجَوَى يتنهدُ
شَوقِى وصَمْتى والتهاب مَشَاعِري
لجَمالِ وَجْهٍ حُسنهُ يَتَفَرّدُ
وأنا الغَزَالة والطليقة فى المدى
ولِعَزفِ أوتَارِ الهوى أتَودّدُ
رفقًا أمير الحبّ قَلبى مُجهدٌ
والقَوس فِى كفّيكَ لى يَتَرَصّدُ
مِحرَاب عشقكَ قِبلتِى وعِبَادَتِي
أرأيتَ عبداً فِى الهوى يَتمرّدُ
إن كَانَ حلمكَ فِى إصابة خَافقي
ذا خَافقى بسِهَام حبّكَ يسعَدُ
سَتَرى غَرَامى جَنَّةً قُدسيّةً
والطير فِى أعشَاشها يَتَعبَّدُ
والفَجرُ قَافيةٌ تُغرّدُ بوحنا
والشّمس مِن إشرَاقنا تَتَجدّدُ
وأنا الأسِيرة فِى مَعَابدِ صبوتي
والحبّ فِى خدى لظىً يَتَورّدُ
فإذا رميتَ فلا تُغادر مَقتلاً
لترى بحبّكَ كم أموتُ وأحمدُ.
                                  شعر ـ رنا العزام