الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

المستشار سعد النزهى رئيس نادى النيابة الإدارية بالإسكندرية: يجب تحقيق المساواة فى «الدخول» بين جميع أعضاء القضاء




حوار - نسرين عبد الرحيم
مع انقضاء الوقت المخصص للجنة الخمسين للانتهاء من الدستور، تأتى مقترحات الجهات القضائية لتمثل حلولا مطروحة على اللجنة.. تيسر لها الانتهاء من مواد القضاء فى الدستور، فقد أكد المستشار سعد النزهى نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية سابقا ورئيس نادى النيابة الإدارية بالإسكندرية أن الذى يجرى على الساحة السياسية الآن يمثل لحظة فارقة تتم فيها إعادة تنظيم الدولة دستوريا.. هى محاولات جادة للتجديد والإحلال فى القواعد والنصوص القضائية التى استقرت لعهود طويلة والآن تطوى صفحاتها ليشغل القضاء مكانه ومكانته فى خريطة مصر الجديدة بعد ثورتين أطاحتا بثوابت الماضى على نحو لم يعد من حق أحد ولا فى مكنته التشبث بتلك الثوابت أو الجمود عندها أو إعادة عقارب الساعة لزمن انقضى بفعل شعب من حقه أن يتذوق عدلا ليس كعدل الزمن الذى سقط.

■ ما دور النيابة الإدارية فى التحقيق وكيف تسند إليها المحاكمة؟
- النيابة الإدارية هى حصن القطاع الوظيفى من عسف السلطة العامة والادعاءات الكيدية وكفالة الأمن الوظيفى، لتوفير مناخ العمل اللازم لخدمة الشعب وتقويم أى اعوجاج فى الأداء وذلك بمنهج تأديبى يحافظ على الحقوق العامة وعلى كرامة الوظيفة وشاغلها وعلى استقراره وتوازنه النفسى من خلال تحقيقات موسعة فى تفاصيل عمل الإدارة ونظمها المتشعبة ضمانا لقيام واستمرار القطاع الوظيفى بحسن ادارة وسير المرافق العامة الادارية كالتعليم والصحة والمرافق الصناعية والتجارية مثل الكهرباء والغاز والمياه والنقل وغيرها من احتياجات المواطن اليومية وكذلك حماية الحقوق المالية للدولة واستردادها من كل من ساهم فى ضياعها أو المساس بها.

وتقترح النيابة وسائل علاج ما قد يثبت من خلل تنظيمى أو سلوكى وتتجاوز عن المخالفات ضعيفة الأهمية التى تنطوى على انحراف أو جسامة أو اضرار مالية ضمانا لاستمرار عمل المرافق العامة دون خوف أو ارتعاش وفى غير ذلك تتدخل بالعقاب من خلال اقتراح الجزاء الإدارى أو المحاكمة التأديبية ونظرا لعدم خبرة قضاة التأديب بالمجلس بتفاصيل وظروف العمل الوظيفى، وبما ينطوى عليه من انحرافات أو كيد وعدم مرورهم بمراحل التحقيقات التأديبية واكتساب الخبرة العملية والواقعية التى لا يعوضها الممارسة النظرية فقد جاءت الأحكام التأديبية فى أغلبها بعقوبات ضعيفة لا تحقق الردع التأديبى خاصة أن النيابة لا تجعل للمحكمة إلا الوقائع الجسدية التى تستدعى توقيع جزاء أشد مما تملكه الجهة الإدارية وهو الاحالة على المعاش أو الفصل من الخدمة وهو ما يمثل أقل من 2٪ من القضايا التى تنظرها النيابة فضلا عن طول أمد التقاضى للحصول على حكم نهائى الذى يصل فى مراحل المحاكمة والطعن إلى مستوى 6 سنوات وبالتالى فإن الصالح العام هو الذى يدعو لتطوير نظام القضاء التأديبى باسناده لقاضٍ خبير وهو النظام المعمول به فى مصر بالنسبة للنيابتين العامة والعسكرية اللتين يتشكل منهما قضاؤهما بالنقل من النيابة إلى القضاء.


■ ما ضمانات حياد القاضى إذا كان هو نفسه المحقق للقضية المعروضة عليه؟
- سيطبق فى هذه الحالة ما يطبق فى القضاء العادى والعسكرى ومحاكم مجلس الدولة إذا كان قد سبق للقضاء التحقيق أو الفتوى أو اتخذ أى إجراء سابق فى القضية المنظورة أمامه فعليه أن يتنحى فإذا لم يتنح فإن لأى طرف فى الدعوى أن يطلب رده عن نظر الدعوى هذا الاحتمال وارد فى القضاء كله والقانون هو الذى وضع الحل.

■ النيابة الإدارية تطالب بإلغاء الندب ومجلس الدولة يطالب باستمرار الندب.. فما أسباب هذا التعارض؟
- حتى لا نتكلم نظريا نقرأ الواقع لقد أثبت المستشار جودت الملط فى تقرير للجهاز المركزى للمحاسبات انتداب احد مستشارى المجلس لـ 12 جهة إدارية وصرف خلال المدة 2006 حتى 2008 مبلغاً يزيد على 690 ألف جنيه وصرح المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات الحالى أنه فوجئ بحجم الانتدابات والمبالغ التى تصرف لاعضاء مجلس الدولة وأن أحد مستشارى المجلس منتدب لأكثر من عشر جهات إدارية.
أليس هذا على حساب المتقاضين أمام المجلس نتيجة عدم تفرغ قضاته لقضاياهم وعلى حساب شعب مصر الذى يدفع من ميزانيته للمستشار المنتدب نحو 300 ألف جنيه سنويا والشاهد على ذلك أن ميزانيات الجهات الإدارية وتقارير وفحوص الجهاز المركزى للمحاسبات أدانت الاتجاه إلى إلغاء انتداب جميع أعضاء القضاء غير الجهات عملهم هو ترجمة لثلاثة أمور الأول تحقيق الاستقلال الفعلى والكامل لرجال القضاء عن السلطتين التنفيذية والتشريعية حتى لا يمد القضاة أيديهم لمقابل الانتداب والبدلات التى تصرف من تلك الجهات ولا تخط أقلامهم غير قراراتهم لاحكامهم بغير تأشيرة مسبقة من رجال الإدارة التى يعملون لديهم دون حرج من مبدأ الاستقلال القضائى.

الثانى تحقيق المساواة فى الدخول بين جميع أعضاء القضاء وفقا لدرجاتها المالية دون غيرها من مقابل الانتداب والبدلات التى يظفر بها البعض دون غيره ممن يستطيعون الوصول إلى ما بين الندب وعوائده وسداد مبالغ السعى للارتزاق من غير خزينة القضاء.

أما الثالث فهو تحقيق تفرغ القاضى المختار للولاية القضائية دون غيرها للمتقاضى صاحب الحق فى القضاء هو الذى يمول ميزانيته ويتطلع إلى عدالة قريبة ناجزة بغير ثوابت من تزاوج السلطة القضائية بالسلطتين التنفيذية والتشريعية بعقود وقرارات الندب.

لقد أصبحت لجنة نظام الحكم هدفا غاليا يصلح اعوجاجا فى النظام القضائى ويطهره من أخطر شوائبه وعلى اللجنة العامة أن تصر على احتسابه هدفا صحيحا.

■ ما الخطوات اللازمة لتيسير العدالة وإنجاز مصالح الناس؟
- فى المجال التأديبى إنشاء قضاء تأديبى مستقل يقوم على الخبرة والوفرة والتوسع والجغرافى لقربه من المتقاضين ويختصر اجراءات ومراحل التقاضى وليس درجاته وإلغاء عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وهو النظام المتبع حاليا حيث تتم محاكمة الطعن أولا ويقبل أو يرفض قبل نظره موضوعيا بما يطيل مدة التقاضى بدون فائدة على أن يتم نظر الطعن مباشرة أمام الدائرة المختصة التى تتولى محاكمة الحكم المطعون فيه مباشرة، والتصدى بالحكم فيه من أول مرة إما بالتأييد أو التعديل أو الإلغاء بالبراءة دون العودة إلى نقطة الصفر بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى ثم طعن آخر وتعليق المراكز الوظيفية والحقوق لسنوات طويلة.
أما فى مجال الحقوق الإدارية فيتعين صرف سريان المبادئ المقررة بأحكام نهائية على الحالات المماثلة التى تتفق فى وحدة موضوعها رغم اختلاف اصحاب الحقوق وذلك فى مجالات التسويات المالية وعدد الخدمات السابقة والبدل النقدى للإجازات وما شابه ذلك، لمنع تكرار التقاضى فيما سبق الفصل فيه موضوعيا وتخفيف التكدس وسرعة الإنجاز.

كذلك تقريب جهات التقاضى خاصة فى المجالين الإدارى والتأديبى للمواطنين والعاملين بالدولة فمن غير المتصور أن تكون أقرب محكمة لسيوة والسلوم على بعد 1200كم ذهابا وعودة ومحكمة الطعن على بعد 1600 كم وذلك للجلسة الواحدة ومثل ذلك ينطوى بذاته على عقوبة بدنية وغرامة مالية.
وأخيراً تيسير الإعلان بالجلسات وتغليظ عقوبة مخالفة قواعده والتعويض عن اضراره على جانب المتسبب فى المخالفة.

■ ما المميزات التى تعود على مجلس الدولة أو النيابة الإدارية من القضاء التأديبى؟
- ليست هناك أى مميزات مالية أو غير مالية للمجلس أو النيابة من اختصاص أيهما بالقضاء التأديبى فجميع الحقوق المالية وغير المالية موجودة فى الهيئات القضائية جميعا ولكن القضاء التأديبى قضاء عقابى له سطوة وسلطان مثل القضاء الجنائى والقاضى منزه عن استغلال سلطاته إلا من ضعف وحكماء مجلس الدولة وعلى رأسهم المستشار الدكتور محمد ماهر أبو العينين لا يتشبثون باختصاص مضاف لاختصاصهم الأصيل بنظر المنازعات الإدارية ودعوى الإلغاء وذلك لاختلاف هذا القضاء فى موضوعه وأسبابه عن القضاء التأديبى العقابى.

■ مجلس الدولة يرى أنه صاحب خبرة فى القضاء التأديبى لأكثر من 40 سنة، فلماذا لم يتم القضاء على الفساد المالى والادارى طوال هذه المدة؟
 أولا مقولة خبرة الأربعين سنة مردود عليها بأنها خبرة نظرية علمية من خلال الأوراق وملفات القضايا فقط دون تعامل مع الموظف وظروف العمل وخباياه والاحتكاك المباشر بوقائعه وأطرافه.

فالقاضى التأديبى الذى يلحق بهذا القضاء الآن وليس قبل أربعين سنة من أين يأتى بخبرة تحضير دعاوى إدارية أو من القضاء الادارى المنفصل فى موضوعه واسبابه وظروفه عن القضاء التأديبى كما قال كبير المجلس المستشار الدكتور محمد ماهر أبو العينين وسبب عدم القضاء على الفساد المالى والإدارى طوال تلك السنوات له اسباب من بينها ضعف الجزاءات التى توقعها المحكمة بعد سنوات رغم أن الجهة الإدعائية تملك توقيعها خلال شهر واحد وللنيابة الحق فى أن تحيل للمحكمة تطلب الجزاء الأشد.