الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كنت رئيساً لمصر




 يبدو أن أحداً لا يريد أن يتعلم من التاريخ.. لا أحد يقرأ.. وبالتالى لا أحد يستفيد.. قد تندهش أو ربما تصاب بصدمة عندما تقرأ أحداثا حدثت فى الماضى ثم تتكرر بنفس الصورة والشكل، التغيير الوحيد الذى حدث هو اختلاف الشخوص والزمن.. نهدى هذا الجزء من مذكرات محمد نجيب أول رئيس لمصر الجمهورية بعد الملكية إلى المسئولين وإلى الشعب وإلى الفضائيات التى ربما لو ركزت بعض الشيء واستعرضت تاريخ الجماعة الإرهابية ما وصلنا إلى ما نحن فيه.. وأيضا حتى نقطع الطريق على كل من يقول مصالحة وتوافقاً فالجماعة منذ نشأتها لم تتغير أهدافها.
 ربما لم يتذكر اللواء محمد نجيب كلمات الملك فاروق وهو يودعه على اليخت الملكى «المحروسة» إلا فى هذه اللحظة التى جلس يدون مذكراته، حيث قال له فاروق «إن مهمتك صعبة فليس من السهل حكم مصر».
 يعترف محمد نجيب قائلا: أقترب الآن من النهاية.. وأحزم حقائبى استعدادا للرحيل.. إننى فى  الأيام التى يكون فيها الإنسان معلقا بين الأرض والسماء، فى تلك الأيام التى يختفى فيها تأثير الجسد على البشر ويبقى نفوذ الروح.. ويتبعد الإنسان عن المادة ويغطى نفسه، وينسى الألم والدسائس والسلطة والمال والولد.. ولا يتذكر إلا الحق والصدق.
 وأدركت أنه قد بقى على واجب لابد من أدائه قبل الرحيل أن اكشف ما سترته وازيح ما ورايته وأوضح ما كان غامضا.
 ولا يبقى سوى أن تؤكد صفحات المذكرات صدق ما أقول فقد قلت كل ما عندى ولم  أكتم شهادة.
 وفى هذا الجزء المتعلق بجماعة الإخوان الإرهابية يقول محمد نجيب.
كان مجلس قيادة الثورة قد قرر اشتراك الإخوان فى أول وزارة بعد الثورة.. فاتصل عبدالناصر تليفونيا بحسن العشماوى يدعوه لمقابلته.. وفى هذا اللقاء عرض عبدالناصر عليه أن يشترك الإخوان فى الوزارة وأن يكون حسن العشماوى وزيرا منهم.. ورغم أن العشماوى ترك مسألة اشتراك الإخوان فى الوزارة إلى مكتب الارشاد إلا أنه كان موافقا.. وفى هذا اللقاء الذى حضره معهما يوسف صديق اتصل جمال عبدالناصر تليفونيا بحسن الهيضبي.. المرشد العام للإخوان... وطلب منه ترشيح ثلاثة للوزارة.. ورشح الهضيبى بصفته الشخصية منير الدالة وحسن العشماوى ومحمود أبوالسعود وقبل أن ينهى عبدالناصر المكالمة اشتبك يوسف صديق بالكلام مع حسن العشماوى وشكك فى كفاءة الإخوان فاستدل حسن العشماوى بالشيخ حسن الباقورى على وجود كفاءات فى الإخوان تستحق دخول الوزارة فالتقط عبدالناصر  اسم الباقورى وتحمس له واعتبره مرشحا أساسيا وعرضه على الهضيبى إلا أن الهضيبى رفض البت فى المسألة.. بمفرده واحالها لمكتب الارشاد ورفض مكتب الارشاد الاشتراك فى الوزارة، وأكد أن اشتراك الإخوان فى الوزارة يضعف الإخوان ويقوى الوزارة، إنهم يريدون الوزارة كاملة بل مصر كاملة واتصل عبدالناصر مرة أخرى بالمرشد العام ليسأله عن قرار مكتب الارشاد فقال له الهضيبى إن مكتب الارشاد قرر عدم الاشتراك فى الوزارة.
 قال له عبدالناصر: لكننا اخطرنا الباقورى بموافقتك وطلبنا منه أن يتقابل مع الوزارء لحلف اليمين.
 فرد الهضيبى أنا أرشح لك بعض أصدقاء الإخوان للاشتراك فى الوزارة لكن لا أرشح لك أحدا من الإخوان وفى اليوم التالى صدر قرار من مكتب الإرشاد بفصل الشيخ الباقورى من هيئة الإخوان بعد أن أصبح وزيرا بساعات.. حتى دون الرجوع للرجل أو سؤاله وتساءل عبدالناصر ماذا يريد الإخوان لتأييد الثورة هنا أفصح مرشدهم الهضيبى لجمال عبدالناصر إذ قال الرجل فى صراحة ووضوح لكى يؤيد الإخوان الثورة فأنا أرى عرض الأمور التى تتخذها الثورة علينا قبل إقرارها.
 فرد عبدالناصر قائلا: هذا يعنى وضع الثورة تحت وصاية الجماعة ونحن نقبل فقط بالتشاور فى السياسة العامة مع كل المخلصين من أهل الرأى دون التقيد بهيئة من الهيئات.
 هل توافقنى الرأى بأن ما فعلوه عام 53 هو ما حاولوا فعله منذ يناير 2011 الاستحواذ المطلق على السلطة كامل  السلطة لا مشاركة من أحد غيرهم وعلى الرغم من اتفاق أعضاء مجلس قيادة الثورة على حل الأحزاب إلا أن عبدالناصر رفض تماما فكرة حل جماعة الإخوان على اعتبار أنهم جماعة وليسوا حزباً، إيماناً منه بجعلها حزبا يكون نواة لتجربة ديمقراطية جديدة.
 إلا أنه بعد عام من حل الأحزاب وفى 15 يناير 1954 صدر قرار حل جماعة الإخوان المسلمين بأغلبية أصوات مجلس قيادة الثورة.
وفى نفس اليوم اعتقل 450 عضوا من الإخوان، ولتفسير هذا التحول فى علاقة الثورة بالإخوان صدر بيان فى مجلس قيادة الثورة جاء فيه: ثبت لرجال الثورة أن هناك اتصالا بين بعض الإخوان المحيطين بالمرشد والانجليز عن طريق الدكتور محمد سالم الموظف فى شركة  النقل والهندسة وقد عرف البكباشى جمال عبدالناصر من حديثه مع الأستاذ حسن العشماوى  أنه حدث اتصال فعلا بين الأستاذ منير الدالة والأستاذ صالح أبورفيق وبين المستر ايفانز المستشار الشرقى للسفارة البريطانية وأظهر عبدالناصر استياءه من اتصال الإخوان بالانجليز للمرشد لأن هذا يظهر البلاد بمظهر الانقسام وفى أوائل يونيو 1953 ثبت لإدارة المخابرات أن خطة الإخوان قد تحولت لبث نشاطها داخل قوات الجيش والبوليس وكانت خطتهم فى الجيش تنقسم إلى قسمين القسم الأول ينحصر فى عمل تنظيم سرى تابع للإخوان بين ضباط الجيش.
 أما القسم الثانى فكان ينحصر نشاطه فى عمل تشكيلات بين ضباط البوليس.. وكان الغرض منه اخضاع عدد  كبير من ضباط البوليس لأوامر  المرشد أيضا.
 وفى يوم الأحد 10 يناير 1954 ذهب الأستاذ حسن العشماوى العضو العامل بجماعة الإخوان المسلمين وأخو حرم منير الدالة إلى منزل المستر كروزيل الوزير المفوض بالسفار البريطانية ببولاق الدكرور الساعة السابعة صباحا ثم عاد لزيارته أيضا فى نفس اليوم فى مقابلة دامت من الساعة الرابعة بعد الظهر إلى الساعة الحادية عشرة من مساء نفس اليوم وهذه الحلقة من الاتصالات بالانجليز.
 وكان من مظاهر النشاط المعادى للثورة الذى قامت به جماعة الإخوان هو الاتفاق على إقامة احتفال بذكرى المنيسى وشاهين فى جامعتى القاهرة والإسكندرية فى وقت واحد وأن يعملوا جاهدين لكى يظهروا بكل قوتهم فى هذا اليوم وأن يستغلوا هذه المناسبة استغلالا سياسيا فى صالحهم ويثبتوا للمسئولين أنهم قوة وأن زمام الجامعة فى أيديهم وحدهم.. وطلبوا من الطلبة الإخوان الاستعداد لمواجهة أى احتمال يطرأ على الموقف خلال المؤتمر حتى يظهروا بمظهر القوة وحتى لا يظهر فى الجامعة أى صوت غير صوتهم وعندما حاول بعض الطلبة من خارج الإخوان التعبير عن وجهة نظرهم اشتبك معهم طلبة الإخوان.
 لاحظ أن قائل هذا الكلام هو محمد نجيب الذى من المفترض أن يكون عبدالناصر عدوه الأول.
 أولا: أليست هذه هى أهداف الإخوان حتى يومنا هذا الاستحواذ على كامل السلطة لا ينازعهم ولا يشاركهم أحد والعمل علي أخونة الوطن.
 ثانيا: الاتصال بأطراف خارجية لمساعدتهم فى الوصول والاستحواذ على السلطة بأى ثمن، اتصلوا قديما  بالانجليز واليوم بالأمريكان هل تذكرون تهديد ابن خيرت الشاطر من امتلاك والده خيرت الشاطر وثائق تطيح بالرئيس الأمريكى الحالي.
 ثالثا: رغبتهم فى الظهور بمظهر المسيطر على الجامعات والطلبة وتصدير العنف للشارع أليس هذا ما يقومون به الآن؟
 يبقى هل يتعلم أحد من مسئولينا الآن من التاريخ هل يفهم المصريون ماذا يريد الإخوان.. ربما.. نحن ننتظر.