السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إخلاء سبيل المتهمين بتفجير السفن العابرة لقناة السويس مقابل 50 مليون دولار











 
 
قررت نيابة أمن الدوالة العليا إخلاء سبيل المتهمين بمحاولة تفجير السفن العابرة بقناة السويس لعدم كفاية الأدلة وهما مزارع من الإسماعيلية، وسمسار أراض من بدو سيناء. أفادت التحقيقات بأن مجهولين من سيناء أجروا اتصالات مع المتهمين واتفقوا معهما علي تنفيذ عملية تخريبية في قناة السويس مقابل ٥٠ مليون دولار، وأن المتهمين اشترطا الحصول علي ٧ ملايين دولار قبل التنفيذ، وهو ما أنكره المتهمان في التحقيقات، إلا أن النيابة واجهتهما بتسجيل صوتي يظهر رغبتهما في ارتكاب أعمال إرهابية فردا بأنهما كانا يمزحان، وسألت النيابة أحدهما عن أسباب عثور أجهزة الأمن علي كتاب «الصراع العربي الإسرائيلي» في غرفته، فقال إن الغرفة ليست ملكه. وقال أحد الشهود إنه سمع المتهمين يتصلان بمجهولين ويتفقان علي تنفيذ العملية، وقررت النيابة حبسهما ١٥ يوماً علي ذمة التحقيقات، وجددت حبسهما لمدة مماثلة قبل الإفراج عنهما أمس.
بدأت تفاصيل القضية ببلاغ تلقته أجهزة الأمن من أحمد ذكري، صاحب مزرعة مانجو بالإسماعيلية، قال فيه إنه طلب من شقيقه «مصطفي» إحضار عمال للعمل في زراعة أرضه، فأحضر له شخصين كان قد عمل معهما في المقاولات، أحدهما يدعي سليمان رزق عبدالرازق، والثاني سلامة أحمد، فجلس معهما ليوضح لهما طبيعة العمل والأجر، وعندما علم «سلامة» أنهما سيزرعان ٤ آلاف عود مانجو مقابل ٧ آلاف جنيه أبدي غضبه من قلة الأجر، وطلب من صاحب المزرعة أن يبحث لهما عن عمل إضافي يحقق لهما عائداً أكبر، لرغبته في إرسال مال لأسرته، فعرض عليه أن يعمل خفيراً باليومية، إلا أنه رفض، وقال: «أنا متغرب عشان أشتغل خفير بـ٢٠ جنيها في اليوم؟! أنا عاوز أكون مستقبلي ومستقبل عيالي»، فرد عليه قائلاً: «كده مفيش إلا شغلانة واحدة بس، هي إنك تدخل في تنظيم وتفجر سفينة لليهود وتاخد ٥٠ مليون دولار»، فأبدي موافقة مباشرة علي الاشتراك في مثل تلك الأعمال مادام سيتقاضي مبلغاً كبيراً كهذا.
وأضاف البلاغ أن «سليمان»، زميل «سلامة»، حاول أن يقنعه بأن صاحب المزرعة يمزح، إلا أنه لم يقتنع وأخذ يلح عليه ويطالبه بتوصيله بالمسئولين عن هذه الأعمال، وهو ما دفع صاحب المزرعة للتمادي في كلامه وأبلغه بأن هذه العمليات سوف تدر عليه ملايين الدولارات، ولاحظ أن «سلامة» لديه القابلية والاستعداد لتنفيذ مثل هذه العمليات، وانتهي النقاش بين صاحب المزرعة والعاملين عند تلك النقطة.
وواصل المتهمان عملهما في مزرعة المانجو علي أمل أن يكون العمل الجديد «التفجير» بعد أيام قليلة، وتطور الأمر لدرجة أن «سلامة» أقنع «سليمان» بأن صاحب المزرعة لا يمزح، وأنه يقيس درجة استجابتهما للتأكد من جديتهما في التنفيذ.
ألقت أجهزة الأمن القبض علي المتهمين، وتبين أن صاحب المزرعة كان يسجل المناقشات التي كانت تدور بينه وبينهما، وأفادت التحقيقات بأنه كان يتصل بهما بصفة دائمة لإقناعهما بأن العملية جدية، وبأن الاتصالات جارية للاتفاق علي المبلغ النهائي، والهدف المطلوب تفجيره، وموعد التنفيذ، وكان أيضاً يسجل المكالمات الهاتفية.
وكشفت التحقيقات التي باشرها المستشار خالد ضياء، رئيس النيابة، أن صاحب المزرعة زعم للعاملين أن الذين يريدون تفجير السفن الإسرائيلية مقابل المال هم عناصر من الشيعة القريبين لحزب الله اللبناني، والحرس الثوري الإيراني، الأمر الذي ألهب حماسهما، لدرجة أن «سلامة» كان يقف نصف اليوم أمام المجري الملاحي للقناة لمدة شهر لرصد السفن المارة، ثم يتولي «سليمان» رصد السفن في النصف الثاني من اليوم، وكانا يركزان علي رصد السفن الأجنبية والإسرائيلية، وعندما سأل أحدهما عن أهمية تفجير السفن رد عليه صاحب المزرعة بأن حزب الله وإيران يحاولان تدمير إسرائيل لنصرة الفلسطينيين، وإرهاب أمريكا، بسبب احتلالها العراق وغيرها من الدول الإسلامية.
وأضاف صاحب المزرعة في التحقيقات أنه كان يمزح مع العاملين، ولا صحة لما جاء في الرواية من تفاصيل، وأنها من وحي خياله، وأن المعلومات التي قالها عرفها من الصحف، والقضايا المماثلة، فسألته النيابة عن أسباب إبلاغه أجهزة الأمن فقال إنه بعد مرور شهر تقريباً علي تلك الرواية اكتشف أن قناعة العاملين تزداد بالموضوع، وعلي استعداد لتنفيذ عملية عدائية ضد السفن، وهو ما أصابه بالقلق من تنفيذ عملية إرهابية بالفعل، وأن يتطور الموضوع إلي حقيقة، خاصة بعد أن عرف أن «سليمان» تلقي اتصالاً من شيخ قبيلة يدعي «موسي»، اتفقا فيه علي اللقاء عند إحدي محطات المياه القريبة من المجري الملاحي، وعندما حاول الاستفسار من «سليمان» عن سبب اللقاء رفض، فتسلل الشك إلي قلبه بأنه ذاهب لتفجير المحطة.
وسلم صاحب المزرعة تسجيلات حواراته مع المتهمين، فسألته النيابة عما إذا كان أبلغ عن المتهمين للانتقام منهما بسبب خلافات بينهما، فقال إنه لا توجد خلافات بينهم، وأن ما ذكرته التحريات عن وجود خلاف علي قطعة أرض غير صحيح، واعتبرت النيابة صاحب المزرعة شاهد إثبات وقررت صرفه.
واستدعت النيابة المتهمين لمواجهتهما بالتسجيلات، وما جاء في أقوال صاحب المزرعة، فاعترفا بصحة أقواله، لكنهما أكدا أنها كانت في إطار المزاح.