السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إيناس عبد الدايم: فى عهد الإخوان.. وزير الإعلام رفض إذاعة المهرجان على التليفزيون المصرى




حوار- هند سلامة

بالرغم من الأوضاع السياسية المضطربة التى تمر بها مصر حاليا وبرغم مواعيد حظر التجوال التى فرضت لمدة شهرين متواليين إلا أن الدكتورة إيناس عبد الدايم رئيسة دار الأوبرا لم تتردد فى مواصلة عملها وتنفيذ برنامجها الفنى بالمكان بخطى سريعة وثابتة حتى أنها افتتحت مؤخرا الدورة الثانية والعشرين من مهرجان الموسيقى العربية وأصرت على أن يواصل المهرجان فعالياته بكل من أوبرا الإسكندرية ودمنهور، كما اختيرت عبدالدايم ممثلا لمصر كعضو بالمجمع العربى للموسيقى التابع لجامعة الدول العربية حتى عام2017، وعن المهرجان ونشاطها المكثف بدار الأوبرا والأزمات الكثيرة التى تعرضت لها على يد الإخوان والسلفيين قالت رئيسة الأوبرا فى هذا الحوار:

لا أستطيع أن اقول بأننى كنت أعانى من أزمة حرية حقيقية أيام الإخوان المسلمين لكن بالطبع لم تكن هناك ثقة فيما كنت أقدمه، وكنت أتحرك بمساحة الحرية المطلوبة للعمل وقتها، لكن بعد الأحداث التى شهدتها مصر طوال الفترة الماضية وخروجنا من حكم الإخوان شعرت براحة نفسية شديدة وبمساحة كبيرة من الحرية السليمة التى كنت أتمنها.

■ ماذا تقصدين بالحرية السليمة؟

- أقصد أن فكرى أصبح حرا بشكل أكبر وأصبحت هناك ثقة أكثر فى الخطوات التى أخطوها بعملى، وكان هدفى بعد رجوعى أن اتحرك بسرعة على الرغم من أن الظروف والأحداث كانت معوقة للعمل لكن كان لدى هدف قوى للتحرك بسرعة من أجل مصلحة البلد قبل أى شىء وبالفعل استطعت تحقيق جزء كبير مما أردته خلال هذه الفترة.

■ هل حدث وحاول الإخوان فرض سيطرتهم على فنون الأوبرا؟

- الحقيقة لم نصل إلى هذه المرحلة لكن كانت هناك بعض الاحتكاكات البسيطة وغير المباشرة وكانت تحدث فى مناسبات معينة، لكن ما اكتشفته مع الأحداث التى عايشتها أننى كنت موضوعة تحت رقابة شديدة وتربص عن بعد، حتى جاءوا بالشخصية التى حققت لهم ما يريدونه عندما تم انهاء انتدابى من دار الأوبرا، لكن بالطبع كانت هناك أيضا بعض المناوشات البسيطة مثل الأقاويل التى كانت تشاع عن البالية وكانوا يريدون سماع ردود أفعالنا لكننى كنت أتعمد التجاهل ولم نرضخ لأى شىء من هذه المحاولات.

■ هل كنت تشعرين بالخوف فى ظل حكم الإخوان؟

- الخوف كلمة كبيرة وعادتى أننى لم أخش شيئا فى حياتى، لكن كانت هناك حالة قلق لأنه كان من الصعب علينا العمل تحت قيادة نظام لم نثق فيه وجميعنا كان يعمل دون ثقة حقيقية بهذا النظام لذلك كنت أشعر بحالة من القلق وعدم الراحة أو الرضا لأن وجودهم لم يساعدنا نفسيا على تقديم  كل ما نريده للبلد.

■ كيف رأيتى استبعادك من ترشيحك لمنصب وزير الثقافة ؟

- ما حدث أنه تم ترشيحى للوزارة وقابلت بالفعل الدكتور الببلاوى والدكتور زياد بهاء الدين وتم إبلاغى بموعد حلف اليمين قبلها بـ 24 ساعة، و كنت أستعد للخروج بالفعل لموعد حلف اليمين فى الثالثة بعد الظهر لكننى فوجئت بتليفون فى الساعة الواحدة من مجلس الوزارء بالدكتور الببلاوى، يحدثنى عن حزنه الشديد واعتذاره بسبب وجود ضغوط تخص ترشحى لوزارة الثقافة خاصة وأنا شخصيا كانت لدى أزمة مع الإخوان قبل سقوط نظامهم مباشرة، لكننى وقتها تقبلت المسألة برحابة صدر شديدة ولم أرد الدخول فى تفاصيل أكثر عن شكل ومصدر هذه التدخلات، لأن الهدف وقتها كان ضرورة العبور بمسألة تشكيل الحكومة لأنه كانت هناك مساعى حثيثة منهم لعدم تشكيل هذه الحكومة عن طريق تعطيل الأمور بأى شكل، لذلك لم أتوقف كثيرا عند هذه المسألة وانسحبت من الموقف وقلت للدكتور الببلاوى أنه فى حل من أى شىء وأننى سوف أخدم بلدى من أى موقع أتواجد فيه .

■  زعلتى؟؟!!

- إطلاقا لم أشعر بأى شىء ورضيت تماما بما حدث.

■ لكن ألم تحزنى من حالة الردة التى أصبح يجر إليها المجتمع من جديد؟

- بالطبع أستغربت من رد الفعل الذى استجاب للضغوط سريعا، لكننى فى الوقت نفسه احترمت الظروف الصعبة التى كانت تمر بها البلاد خلال هذه الفترة إلى جانب أن هذا المنصب لم يكن ضمن أهدافى وحساباتى، لأننا عندما بدأنا اعتصام وزارة الثقافة وتفجرت الدنيا من الأوبرا وتوالت الأحداث حتى يوم 30 لم يكن فى بالى أنا أو زملائى أن يترشح منا أى شخص للوزارة، والحمد لله سعدت جدا بمكانى فى الأوبرا اليوم وأشعر أن لدى الكثير كى اقدمه لمصر من موقعى الذى سيكون إيجابى وسريع فى هذه المرحلة .

■ فى رأيك هل يتراجع دور المرأة اليوم فى المجتمع؟

- وارد أن يفرض المجتمع نظرته الرجعية على المرأة لكن المرأة نفسها لن تتراجع وهذه النماذج التى تقاتل من أجل الحصول على حقها موجودة دائما ورأيتها فى المستشارة تهانى الجبالى على سبيل المثال وغيرها كثيرون، وهذا شىء مشرف لأن المرأة المصرية كان لها دور عظيم فى الأحداث الأخيرة التى شهدتها مصر خلال الفترة الماضية وأعتقد أن المرأة المصرية تمتلك من القوة والصلابة مقاومة أى شىء تتعرض له، لذلك يجب أن نصبر حتى نعيد ما تم هدمه من جديد، لأننا وقع علينا ظلم شديد وعنيف مثلى ومثل الدكتورة تهانى الجبالى وإعلاميات وفنانات وهم تعمدوا اللعب على هذه النقطة بشكل قوى وهى محاربة وتشويه المرأة القوية المتحضرة التى استطاعت أن يكون لها مكانة ودور فى مجتمعها وبالتالى كل هذه الأشكال ستأخذ وقتها للخلاص من هذه الردة.

■ لاحظنا حالة نشاط مكثفة بعد عودتك لرئاسة الأوبرا كيف تم وضع هذا البرنامج المكثف والسريع؟

- قبل أن اترك منصبى المرة الأولى كنت قد وضعت خطة والحمد لله غيابى عن العمل لم يستمر طويلا لذلك لم يتمكن أحد من العبث بما كنت سبق ووضعته من قبل، وعندما عدت كان فى شهر رمضان ومن الطبيعى أن يكون العمل متوقفا لذلك استغليت هذه الفترة لمراجعة البرنامج وإضافة بعض الأشياء عليه، والحقيقة أننى لو لم أكن عايشت تجربة الإعتصام وكل ما حدث خلاله أعتقد أن شكل البرنامج كان سيكون مختلفا تماما لأننى عندما عدت لمراجعته أحدثت بعض التغييرات لأننى خلال فترة الاعتصام والثورة اقتربت كثيرا من الشارع ومن الناس وشعرت باحتياجات الناس الحقيقية واتجاهتهم حاولت بسرعة وضع برنامج سريع وقوى بشكل متلاحق كى نقدم برنامج دسم وبه تنوع خاصة وأننى أرى أن هذه المرحلة تحتاج إلى حركة سريعة جدا.

■ بعد نجاح جولات الأوبرا فى لندن وباريس هل هناك جولات أخرى خلال الفترة المقبلة؟

- نحن نحتاج لجولات فى كل العالم حتى نصل برسالة للعالم كله ورأيت كتابا وفنانين يقومون بعمل مبادرات فردية وهذا مهم للغاية لأنه كثير من الصور تصل بشكل مغلوط لذلك كثفنا عملنا مع العلاقات الثقافية الخارجية والدكتورة كاميليا صبحى تساعدنا كثيرا وهناك رسائل فنية سترسلها الأوبرا فى الكويت والبحرين ولندن وإيطاليا والمغرب وباريس ودبى، والجزء الآخر يخص المصريين المقيمين فى أمريكا لإرسال رسائل فنية وثقافية خاصة بهم.

■ هل وجدتى سهولة فى التعاقد على عروض أجنبية بعد زوال حكم الإخوان؟

- هناك دول تستجيب بسرعة جدا ولابد أن أشكر بشكل خاص الإيطاليين لأنهم يعشقون بالفعل هذا البلد واستجابوا استجابة سريعة فى مبادرة فيردى وأيضا لديهم مبادرة رائعة الفترة القادمة لدعم تنشيط السياحة فى مصر، كذلك الأرجنيتن جاءوا وقدموا عروضهم فى ظل ظروف فى منتهى القسوة أثناء الحظر لكن البعض يخشى من الأوضاع المضطربة، وأخرون يخشون الخسارة لكن هناك من لديهم الشجاعة وهناك أشخاص معتادين على مصر وهذا يعود للسفراء أكثر لأنهم المسئولون عن توصيل الرسائل لبلدانهم كما أن هناك دولا حرة وأخرى موجهة، ولدينا عروض الفترة المقبلة لكن معظمهم يفضل النصف الثانى من الموسم فهناك عرض عالمى سيأتى من الهند خلال إبريل وآخر لمطربة أسبانية عالمية فى مارس  وأكثر من أوركسترا مثل موينخ وبودابسيت.

■ جاءت دورة مهرجان الموسيقى العربية هذا العام مختلفة وشارك بها على غير المعتاد عدد كبير من النجوم، لماذا؟

- قصدت أن أعيد كل هؤلاء النجوم لعدة أسباب أول سبب أن هذه الدورة مهداة لروح الدكتورة رتيبة الحفنى رحمه الله عليها، ولا يستطيع أحد أن ينكر فضلها على هذا المهرجان وعلى الموسيقى بشكل عام وفضلها على الكثير من الفنانين، والكثيرون أحبوا رد هذا الجميل إليها، وبعضهم رفض تقاضى أجر عن حفلات المهرجان مثل أصالة وأنغام وهذا كان تصرف رائع، السبب الثانى هناك جزء يحرك النجوم وهو ما يحركنا جمعيا  أن مصر حاليا تحتاج إلى اجتماعهم معا، وكانت روح جميلة منهم لأن معظمهم شاركونا الاعتصام وأحبوا ما قدمته الأوبرا لهذا الاعتصام خلال الأحداث الماضية وأعتقد أن وجودهم معنا استكمالا لما نقدمه جمعيا لمصر فكل هذه الأسباب اجتمعت فى أحداث المهرجان هذا العام إلى جانب الإقبال الجماهيرى الشديد الذى جاء لنفس الأسباب.

■ هل ما حدث فى اعتصام وزرارة الثقافة ساهم فى اقتراب الجمهور أكثر من فنون الأوبرا؟

- بالتأكيد الناس اقتربت من فنون الأوبرا بشدة بعد الإعتصام وما تعرضنا له مع الإخوان وكان هذا السبب أحد أهم أسباب تحركى السريع لعمل كل ما يطلبه الناس وشعرت أن الناس أصبحوا اليوم يدافعون عن الأوبرا حتى ولو لم يكونوا من روادها لأنهم شعروا أنها ملكهم لذلك أحاول تغطية كل شىء من الفنون لإرضاء جميع الأذواق.

■ فى رأيك هل ما تعرضت له إيناس عبد الدايم أثناء حكم الإخوان ساهم فى تثبيتها أكثر بموقعها؟

- ليس هناك شك فى ذلك لكننى أعتقد أن الثبات يأتى من العمل، فهو الشىء الوحيد الذى يثبت كل شىء وعلى سبيل المثال أشعر بسعادة كبيرة أثناء المهرجان، عندما أجد الناس مبتهجة وسعيدة، لأن الجمهور يريد فنا محترما.

■ العام الماضى رفض التليفزيون المصرى إذاعة المهرجان ماذا حدث هذا العام؟

- بصراحة أصريت أن ينقل التليفزيون المصرى بكل قنواته والإذاعة المصرية فعاليات المهرجان حتى يصل لكل بيت، وحتى ولو كانت هناك خسارة مالية بسبب عدم قدرة القنوات على تحمل تكاليف إذاعة الحفلات لم أبال بهذا وكان هدفى الناس، والمهرجان لم يصل مصر فقط بل وصل لدول العربية والأوروبية وهذا شىء رائع، أما العام الماضى فالوزير رفض إذاعة حفلات المهرجان لأن النظام نفسه كان ضد كل شىء.

■ بعد تجربة اعتصام وزارة الثقافة كان هناك مشروع لعروض الأوبرا بالميادين لماذا لم ينفذ بعد؟

- المسرح الذى من المقرر أن نتحرك به جاهز لكن هذه العروض تنتظر استقرار الحالة الأمنية وأريد البدء بالمحافظات أولا لأننى أرى انها شديدة الأهمية، خاصة أن ميدان التحرير حاليا يحتاج إلى موافقات أمنية كثيرة لأن أوضاعه غير مستقرة.     

■ هل هناك مشروع لإعادة مهرجان الرقص الحديث؟

- كنت أتمنى اعادته وآمل فى ذلك بشدة هذا العام.

■ هل إلغاؤه متعلق برحيل وليد عونى عن فرقة الرقص الحديث؟

- إطلاقا هذا غير صحيح، إلى جانب أنه فى رأى ليس هناك ما يمنع وجود وليد عونى فى أنشطة خاصة بالأوبرا وبالفعل كنت اتمنى أن يأتى لإخراج احتفالية اليوبيل الفضى للأوبرا لكنه كان مشغولا وقتها بمهرجان فى باريس، وسيشارك معنا فى أعمال قادمة وهو مرحب جدا حتى إنه كان يريد أن يأتى لإخراج حفل الأوبرا دون مقابل، وهو فنان كبير ووجوده معنا إضافة للأوبرا بالتأكيد.

■ هل خسرت الأوبرا وليد عوني؟

- وليد عونى ترك منصبه قبل رئاستى للأوبرا، لكننى لا أرى الأمور بهذا الشكل وفى رأى أنه طالما ترك وراءه جيل فهذا الجيل بالتأكيد امتدادا له وإذا كان ترك جيل قوى وراءه فليست هناك أى خسارة، لذلك من الممكن أن نثقل الموجود بتواجده معنا فى أعمال قادمة.