الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

غزل الفيوم يتحول إلى «خرابة»




الفيوم - حسين فتحى

بدأت الاجهزة الرقابية فى مصر بحملة تطهير للفساد ومخالفات إهدار المال العام فى العديد من القطاعات، وكان المهتمون من كبار المسئولين والشخصيات العامة بالدولة، ولكن إلى الآن لم تمتد حملة تطهير الفساد إلى الفيوم، فيبقى مصنع غزل الفيوم، شاهدًا على الفساد ورغم وجود تقارير رقابية تؤكد وجود الفساد وتوقف المصنع تمامًا عن العمل وتسريح أكثر من 6500 عامل على منذ سنوات، وإهدار ما يقرب من 136 مليون جنيه لم يتحرك أحد لانقاذه.

 مصنع غزل الفيوم الذى يتبع شركة مصر الوسطى هو واحد من أهم المصانع بل وأقدمها على مستوى محافظات الصعيد حيث تم تشغيله مع بداية عام 1962، وظل يعمل حتى بدايات عام 2000، ثم توقف بعد أن تم تكهين جميع محتوياته من ماكينات وخطوط إنتاج ولم يتم تطويرها منذ الستينيات فحسب تأكيد العديد من مسئولى المصنع كان هناك اتجاه من مسئولى شركة مصر الوسطي، قبل ثورة يناير، باتباع سياسة لتخريب المصنع وتوقفه للاستفادة من موقع ومساحته التى تبلغ 42 فدانا، وبيعه لتحقيق صفقات مشبوهة.

 وكان إنتاج المصنع رغم عمليات وقف التطوير لعدم الجدوى كما كان يردد مسئولو شركة مصر الوسطى تبلغ نحو 7 أطنان يوميا، ولكن الان المصنع تحول إلى أطلال تسكنه الاشباح بعد تسريح ما يقرب من 7 الاف عامل بنظام المعاش المبكر، والتى بلغت مكافأة نهاية خدمتهم نحو 20 مليون جنيه فى حين أن عملية التطوير كانت ستتكلف 12 مليون جنيه فقط.

المصنع أصبح لا ينتج شيئا وماكيناته لا تغزل سوى خيوط العنكبوت، وحجراته تم تأجيرها كمخازن لمن يريد مخازن كبيرة مؤمنة داخل جدران مبنى كبير يحفظ منتجاتهم، والمفارقة أن عددًا كبيرًا من الشركات المؤجرة خاصة بالملابس وتقوم بالتصدير فقط ولا يتم بيع منتجاتها فى السوق المحلى.

مسلسل انهيار مصنع غزل الفيوم بدأ عندما شرع اصحاب التوجه الليبرالى الامريكى فى تصفية القطاع العام حيث بدأت عمليات البيع المشبوهة حيث كان يتم بيع الغزل « على النوتة»، فكان التجار وأصحاب الشركات، بعضهم لايسدد والآخر يسدد بطريقة لا تتناسب مع الاحتياجات الفعلية للسيولة المادية لسد احتياجات العمل بالمصنع بل ويسقطون بعد المبالغ بعد عملية الشراء، مما سبب خسائر متكررة توقفت معها عجلات الانتاج يوما بعد آخر وتوقفت عجلات الانتاج تماما وتم تسريح العمالة واجبروا ما يقرب من 6600 عامل حتى عام 2008 للخروج للمعاش المبكر اتفقوا على إقناعهم بالخروج بنظام المعاش وقتها 12 مليون جنيه وكان يمكن بهذا المبلغ الكبير ان يقوموا بتطوير وتحديث معدات المصنع والإبقاء على العمالة التى خرجت للشارع لكنهم فضلوا من مبدأ الفساد ان يعطلوا المعدات ويتوقف المصنع عن العمل ويتم تسريح العمالة وتأجير مخازنه.

أكد مسئولون بالمصنع أن الوضع الحالى مذر وسيىء للغاية بسبب توقف العمل تماما بالمصنع ويرجع ذلك إلى سياسات العهود الماضية تجاه أزمة المصنع بشكل خاص وصناعة الغزل والنسيج بشكل عام فالاتجاه كان هو عدم تطوير المصنع من أجل تحقيق خسارة متعمدة لتحقيق مكسب آخر خفى من خلال صفقات مشبوهة لبيع ارض المصنع بأسعار خيالية.

وهذه السياسة المشبوهة تم تطبيقها على مصنع غزل الفيوم ولكن دون بيع الاراضى بل تم تأجيرها كمخازن للشركات، فقد رفضت الشركة القابضة للغزل والنسيج قبل الثورة طلبات إدارة المصنع بتطوير خطوط الانتاج بتكلفة 15 مليون جنيه فى حين أنها نفذت برنامج للمعاش المبكر منذ أكثر من 3 سنوات لتسريح أكثر من 6000عامل بتكلفة 20 مليون جنيه وأشار مسئولون بالشركة إلى أن إيجار المصنع كمخازن للشركات تم بموافقة ومعرفة إدارة الأصول بالشركة القابضة للغزل والنسيج بعقود رسمية وتكون مدة التعاقد 3 سنوات فقط يتم تجديدها.

إلى ذلك كشف تقرير أعدته اللجنة النقابية للعاملين بمصنع الغزل أن ماحدث للمصنع ماهو إلا نتيجة السياسة الخاطئة والمشبوهة للنظام السابق التى أدت إلى انهيار الصناعة بأكملها ليس فقط فى التعامل مع مصانع الغزل وتخريبها وإنما أيضا مع نظام وسياسة الصناعة بأكملها، فمثلا كيف يتم فرض رسوم إضافية بشكل مستفز فى حين أن المنتجات الأخرى المقبلة من جميع دول العالم يتم تخفيض رسومها، وفى كثير من الاحيان يتم إلغاؤها فتكلفة طن الغزل المصرى تصل إلى 13 ألف جنيه فى حين أن تكلفة طن الغزل المستورد من سوريا أقل من 10 الآف جنيه وذى جودة أفضل.ويقول أحمد محمود «أحد العاملين السابقين بالمصنع»، إنه عمل بالمصنع لمدة 15 عاما،وكان المصنع يعمل كخلية من النحل الدءوب فى العمل والإنتاج وكان يحقق مبالغ هائلة من وفرة الإنتاج مـن الخيوط والملابس القطنية وفوجئ العمال، بإقناعهم بالخروج بالمعاش المبكر مقابل مبلغ من المال 10 آلاف جنيه وقتها.

وأضاف إن إدارة المصنع نجحت فى إقناع الكثيرين من العمال الغلابة الذين لا يعلمون لهم بما سيحدث بعد خروجهم بالمعاش المبكر، وحاولوا اقناع الآخرين لكنهم فشلوا وظلوا فى عملهم وكانت السياسة المتبعة معهم هى سياسة «التطفيش»، وبعدها اتجهوا إلى الفصل من العمل بعد تدنى حالة الإنتاج بالمصنع وعملوا على طرد العمال والآن وبعد ثورة 30 يونيو لابد فتح ملف المصنع فورا ومحاسبة المسئولين عن هذه الخسائر الضخمة وتسريح العمال وعن توقف صناعة من أهم الصناعات التى كانت تعتمد عليها مصر لتنمية الاقتصاد المصرى وتوفر فرص العمل للآلاف المواطنين.

ويطالب محمد بدير موظف سابق من الفريق أول عبد الفتاح السيسى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع بالتدخل لتشغيل مصنع غزل الفيوم الذى أنشأه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وأنهكه نظام مبارك ومحمد مرسى الذى كان يريد رجال الأعمال التابعون للجماعة المحظورة السطو عليه والاستيلاء على أراضية.