السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الجامعة.. بيت الداء «3»




الجامعة أستاذ.. قبل أن تكون مبني ولائحة وراتبًا ونفقات.. وللأسف تعاني الجامعة الآن من حال أساتذتها.. ونحن نعاني بالتالي ونتيجة لذلك.

المسألة بسيطة: الجامعة فيها عدد كبير من الأساتذة الذين لا يليقون بوصف الأستاذية.. المستوي المهني (بعافية) والمستوي العلمي (علي قده).. فلو أن أستاذًا في الطب كان ضعيفًا.. لك أن تتخيل كيف يكون مصير من يعالجهم ومن يعلمهم.. ولو كان أستاذ الهندسة متراجع المستوي.. لك أن تتصور ما هي أحوال الطرق والمباني والموانئ في كل مصر.

مثلاً: أي طريق في مصر تبنيه وزارة أو شركة لابد أن تكون له علاقة بأستاذ جامعة.. من خلال التصميم أو مكتب استشاري. وتجد الطريق غير مكتمل المواصفات.. فيلوم الناس الحكومة.. ويكون بين اللائمين أساتذة جامعة.. مع أنهم شاركوا في بناء الطريق.

وبالأمس قلت إن الأساتذة تفرغوا لحروبهم الشخصية وتطاحناتهم الذاتية.. واليوم أضيف إن الجامعة أصبحت معقل قتل المواهب.. ومحاربة الكفاءات.. بل أصبحت مرتعًا للاقتسام الأيديولوجي.. هذا يساند ذاك لأنه يتبع أفكاره.. وذاك يرفض غيره لأنه من معسكر آخر.. لم نعد نسمع عن المدارس العلمية ولكن عن الشلل والفرق والمعسكرات والجماعات.. يتنابذون بالشعارات.. بدلا من أن يستفيد المجتمع بجدل الأفكار ومعارك العقول.

وبالأمس نشرنا في «روزاليوسف» حوارًا ضمن مسلسل (حلم النهضة ليس مستحيلاً) الذي يناقش حال الجامعات.. فوجئت فيه (قبل النشر) بتصريحات مريعة لهاني الناظر رئيس مركز البحوث العلمية.. يهاجم فيه الوزير ويقول عنه إنه تليفزيوني.. لقد نشرت هذا الكلام.. وأنا أعتبره يسيء إلي هاني الناظر أكثر من كونه يعني انتقادًا للوزير.. حتي لو اختلفت مع الوزير.. غير أنه يعبر عن الحالة التي بلغها أساتذة الجامعة.. حتي وهم يعملون بالسياسة.. وفي فريق واحد.. ومن حزب واحد.

ثم دعني أطرح علي المجتمع الجامعي تساؤلاً آخر يصب في صميم حالتهم: لماذا يقل عدد رسائل الدكتوراه في كلية الحقوق.. لماذا لا تتقدم كليات الحقوق بطلب تعيين معيدين وضم عناصر جديدة إلي هيئات التدريس؟ أليس السبب المعروف هو أن الأساتذة الفطاحل لا يريدون لأحد أن يزاحمهم في مواقعهم ومبيعات الكتب.. أليس لأنهم يريدون احتكار العلم لأطول فترة ممكنة وبدون أن يظهر في الأفق جيل جديد؟

صوبوني إن كنت مخطئًا؟.. قولوا كلامًا آخر.. أنتم أيها الأساتذة الأفاضل مسئولون عن أغلب مشكلات المجتمع وعلي الرغم من ذلك تنتقدونه: من الذي يرفع قيمة (فيزيتا) الكشف الطبي أولاً؟ من الذي يرفع أجور العمليات الجراحية أولاً؟ من الذي يصمم المدن الجديدة؟ من الذي يعلم الصحفيين الإعلام؟ من الذي يعلم المدرسين في المدارس التربية؟ من الذي يدفع بالمتطرفين إلي النقابات؟ ومن.. ومن..ومن.

تصلني كل يوم حالات معقدة ومبكية في صورة خطابات من بعض الأساتذة في الجامعات.. لأنهم يعانون من مشكلات وتعقيدات في عملية الترقي.. اللجان تضع المعوقات أمامهم.. أعضاؤها يجتمعون كل حول.. ليست لديهم قاعدة محددة في التقييم.. معاييرهم مزاجية.. يعاملون زملاءهم بطريقة العبيد.. لأن مصير العبيد يتعلق بقرار من أعضاء لجان الترقي.. كيف إذن يكون حال هؤلاء حين يترقون إذا ما ترقوا.. أليس عليهم أن يثأروا من الأجيال التالية؟ وهكذا دواليك.

عموما لدي مثل مروع لواقعة ترق معطلة سوف أعود إليها غدًا علي سبيل التدليل.

ولكنني أكمل اليوم بتساؤل: أيها الأساتذة الأجلاء.. هل أنتم راضون عن المناخ الذي صنعتموه.. هل أنتم مبسوطون من حروبكم.. هل أنتم سعداء بالتصفيات الشرسة التي تتم فيما بينكم.. هل أنت تقبلون تقييم مستوي الكثيرين العلمي بأنه غير مقبول أبدًا.. هل أنتم يمكن أن تعترفوا بأنكم تتحملون المسئولية الأكبر في مشكلات البلد المختلفة، ثم تنتقدون الأوضاع العامة؟

لا توجد مشكلة في الانتقاد.. ولكن الاعتراف بالمشكلة هو أولي خطوات الوصول إلي حل كما تعلمنا منكم في الجامعة.. أساتذتي الأفاضل في جامعات مصر: أنتم المشكلة وليست رواتبكم.. إذ لا أعتقد جديًا أن كل من يرفع صوته بالانتقاد والتأفف والاعتراض علي حال البلد من الفقراء.. ولدي عشرات من الأمثلة لو تشاءون.

ونكمل غدًا.
 الموقع الإليكتروني: www.abkamal.net
البريد الإليكتروني  : [email protected]