الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الجامعة.. بيت الداء"4" شكوك ونكت الأساتذة




مساء الاثنين اتصل بي أستاذ جامعي فاضل، وتكرم بالثناء علي مجموعة المقالات التي كتبتها هنا تحت عنوان (الجامعة.. بيت الداء)، وقد تضمنت الأعمدة، بالطبع، كما قرأ الجميع، انتقادًا، أظنه فريدًا، للحال المهني الذي بلغه قطاع كبير من أساتذة الجامعات.. وقد قال الأستاذ متشحًا بدهاء السنين: أولاً نشكر «روزاليوسف» لأنها فتحت صفحاتها لمناقشة أحوال الجامعة من خلال سلسلة الحوارات المطولة التي لم تزل تنشرها لأساتذة من كل التيارات.

وثانيًا: أنا فهمت أعمدتك بالطريقة الصحيحة.. لكن عددًا من الزملاء فهموها بطريقة خاطئة.

ومضي يشرح رأيه: أنا فهمت انتقادك للأساتذة علي أساس أنه مطالبة لهم بإصلاح أحوالهم لكي يستحقوا ما يمكن أن تقدمه لهم الدولة.. أما البعض فقد فهمها علي أنها قول بأن الأساتذة لا يستحقون ما يطالبون به.

ضحكت، وفهمت رد الفعل، وتفهمته، وقلت لنفسي إنه يؤكد بطبيعة الحال انتقاداتي: الكثير من الأساتذة لا يريد أن يسمع.. ولا يريد أن يناقش.. يرغب في أن يكون رأيه هو الأصوب.. ويفكر بطريقة تناقض طبيعة «المهنة/ المهمة» التي يقوم بها. وقلت للأستاذ الفاضل: سوف أشرح نفسي أكثر.

وفيما قبل ذلك تلقي زميلي محمد الشرقاوي، الذي يجري تلك الحوارات المتعمقة، تعليقات من عدد كبير من الأساتذة.. بينهم من رأي في الأعمدة التي كتبتها.. وياللسخرية.. أنها نوع من التوازن مع ما تضمنته الحوارات من انتقادات للدولة.. وربما لوزير التعليم العالي.. بل ذهب بعضهم إلي حد اعتبارها عملاً يهدف إلي إظهار الوزير هاني هلال علي أنه مقصر.. في اتجاه مساندة منا للوزير أحمد زكي بدر.

شيء مضحك جدًا.. والمضحك أكثر أن بعض الأساتذة طالب في اجتماعات داخل النوادي بمقاطعة «روزاليوسف» اعتراضاً.

أيها السادة أصحاب الشكوك المتوجسون يجب أن أطلعكم علي أنني لست ضدكم، أنا ضد أن يكون بينكم ذوو المستوي المهني الضعيف، غير المطالعين وغير المطلعين، القشريون، الذين لا يتابعون ولا يتطورون، ولا يحدثون ذواتهم ولا يطورون إمكاناتهم، يتكلمون عن ضرورة توفير مستوي مادي لائق قبل أن يمكنوا أنفسهم من السيطرة علي أدوات العلم.. يفكرون بطريقة الموظفين وليس بطريقة أساتذة الجامعة.. مع كامل الاحترام للموظفين.. قبل أن يسجلوا اعتراضا بدورهم!

إذا كان معني ما تقولون هو أنني ضد مصالحكم، فإن هذا يعني أنني ضد مصالح اثنتين من أشقائي، الأولي مدرس في كلية الألسن قسم اللغة الصينية، والثانية (توءمتها) مدرس مساعد في كلية اللغات بجامعة مصر للعلوم الحديثة ـ قسم اللغة الصينية أيضًا أو أن أكون ضد مصالح عشرات من أصدقائي أساتذة الجامعة.. والذين علموني في جامعة القاهرة.

كما أنني لم أكلف، كما يقول بعضكم، من الحكومة أو أي من أنواع السلطات، بأن أكتب ما كتبت لكي أحجب عنكم ما تطالبون به، هذا.. عفوا.. تفكير عقيم.. من النوع الذي أري أنه قاد إلي تراجع مستوي الكثير من أساتذة الجامعة.. فأصبحت المشكلة في رأيهم هي الراتب.. وهي الميزانية.. وهي السيارة.. ولم تعد القضية هي الرؤية أو البعثة الخارجية أو البحث الجاد أو إعمال التفكير أو التجربة الهادفة أو تجميع عقول البلد القابعة في الجامعات من أجل تنمية المجتمع.

أتحدي أحدًا أن يناقض حقيقة واحدة مما ذكرتها في مقالاتي.. لديكم ـ قبل غيركم ـ مشكلة أيها السادة.. فيكم نقائص.. بينكم معضلات.. تعانون من تراجع.. تتميزون بالذاتية.. وتتسمون بالشخصانية.. تتصارعون من أجل أمور ليس من بينها المسائل العلمية.. التنافس لم يعد علي مكانة الإضافة العقلية.. القدرات لا تنمو.. الخبرات لا تتجسد واقعًا.. الرؤي لا تتبلور.. واعذروا صراحتي.

هذا البلد يحتاجكم.. نهضته لن تقوم إذا بقي حالكم كما هو الآن.. جامعاتكم هي بيت الداء.. وأنتم ـ لنقل عدداً منكم وليس كلكم حتي لا تتبرموا ـ أساس الداء.. إن اللَّه لا يصلح ما بقوم حتي يصلحوا ما بأنفسهم.. كما أن اللَّه لا يساعد من لا يساعدون أنفسهم.. وقد فتحنا صفحات «روزاليوسف» من أجل حوار بناء طويل وممتد.. وليس لدينا أفق زمني لإيقافه.. ونرحب بكل الأفكار وكل التعليقات.. ولتعتبروا رأيي الشخصي هو نوع من التعليقات المشاركة في هذه الحوارات حول علاقة نهضة البلد ـ وهي أملنا ـ بحال الجامعة ـ وهي بؤسنا!

لقد انقضي مقال اليوم، التوضيحي، قبل أن أكتب عن الحالة التي أردت أن أكتب عنها.. ووعدت بها أمس.. ويبدو انني لن اذكرها غداً.. إذ سأتناول أمراً آخر وأعود إليها يوم الجمعة.
 ونواصل غداً.


الموقع الإليكتروني:  www.abkamal.net
البريد الإليكتروني  :  [email protected]