الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أمطار الشارقة والقاهرة




من المدهش أنه وصلني في يوم واحد،‮ ‬بأساليب مختلفة،‮ ‬ثلاث رسائل،‮ ‬يريد أصحابها أن ينبهوني إلي الأمطار التي تعرضت لها إمارة الشارقة وأيضا دبي‮.. ‬وكيف أدت إلي مشكلة كبيرة‮.. ‬وشوارع‮ ‬غارقة‮.. ‬وطرق مسدودة‮. ‬لقد قال كل من أرسل لي هذه المادة والصور أن ذلك يمثل تعليقا من جانبهم يؤيد ما كتبته انتقاداً‮ ‬لتغطية صحف خاصة لأمطار القاهرة قبل أسبوع‮.. ‬ورأت الصحف المصرية الخاصة أن ارتباك القاهرة يومها يعني أن البنية الأساسية التي شيدها الرئيس مبارك في‮ ‬30‮ ‬سنة لا قيمة لها‮.‬

الرسالة الأولي جاءتني علي البريد الإلكتروني من أحد القراء،‮ ‬وفيها صور لسيارات كادت أن تغطيها المياه في إمارة الشارقة،‮ ‬والرسالة الثانية من صديق تليفزيوني كان يزور دبي يوم الخميس‮.. ‬وعاد من هناك ليعطيني نسخا من مجموعة الجرائد الإماراتية التي صورت الموقف المؤلم‮.. ‬والثالثة جاءتني علي موقع الفيس بوك من إعلامي آخر‮.. ‬فيها صور يتم توزيعها علي الموقع تظهر حجم المشكلة‮.‬

طبعا أنا مبسوط لأن رسالتي وصلت إلي عدد من الناس،‮ ‬وبعضهم بادر لكي يؤكد عليها بأمثلة فرضتها الصدف‮.. ‬وقبل أيام ـ كما أشرت من قبل ـ تعرضت فرنسا لإعصار زينيتا الذي‮ ‬غطي الشوارع بالأمطار وأطاح بالكثير في طريقه‮.. ‬حتي أن فرنسا طلبت معاونة الاتحاد الأوروبي‮.. ‬ولم يقل أحد أن البنية الأساسية التي بنتها فرنسا في عصور مختلف الجمهوريات قد انهارت‮.‬

المشكلة ليست في الوقائع‮.. ‬الظروف المناخية تخلق يوميا تحديات‮ ‬غير متوقعة لأعتي الدول‮.. ‬وتختبر قدرتها علي تخطي الموقف‮.. ‬والقاهرة تخطت الأمطار‮ ‬غير المسبوقة في‮ ‬24‮ ‬ساعة‮.. ‬وإن كان الآلاف عانوا من زحام مروري مفهومة مبرراته لساعات يوم الخميس قبل الماضي‮.. ‬وأنا حوصرت مع عائلتي لثلاث ساعات في الطريق الدائري في القطامية يوم الجمعة بسبب بقايا الأمطار‮.‬

وتخطت فرنسا الموقف بعيد أيام‮. ‬وكذلك لابد أن نتوقع انتهاء الموقف في دبي والشارقة‮.. ‬وكلتاهما إمارة براقة وتتمتع بقدرات كبيرة جدا‮.. ‬علي مستوي البنية التحتية‮.. ‬لكن التجهيز تم علي أساس مواصفات المناخ الصحراوي الذي لا يتوقع له أن يؤدي إلي أمطار بهذه الكثافة من الهطول‮.‬

الموضوع هو كيف تعامل الإعلام والصحافة خصوصاً‮ ‬مع الموقف في الإمارات وفرنسا‮.. ‬الصحف هناك لم تجد في الأمر العارض فرصة لتصفية حسابات سياسية بطريقة‮ ‬غير موضوعية‮.. ‬ولا بقدر هائل من التجني‮.. ‬ولا بتربص مكشوف الأبعاد‮.. ‬ولا بأسلوب ينم عن افتقاد للاتزان في الأحكام وإصدار مواقف إعلامية لا وزن لها ولا مصداقية‮.. ‬ولا معالجات تهدف إلي الشحن‮.‬

المسألة المتعارف عليها هي أنه حين تقع أزمة من هذا النوع ـ والأمطار لم تكن أزمة كبيرة علي أي حال ـ يقف الجميع في خندق التعاون لكي يعبر المجتمع الموقف‮.. ‬ثم بعدها تحين المحاسبة والمساءلة إن كانت لها ضرورة موضوعية‮.. ‬أي أن يقوم الإعلام بدوره الإنساني أولا‮.. ‬فلا يكون له قلب قاس‮ ‬غير مدرك لواجبه‮.. ‬وقبل أيام شاهدت تقريرا علي محطة‮ (‬24‮) ‬الفرنسية عن إذاعة في شيلي تحولت إلي إذاعة أسماء المفقودين وأصبحت قبلة لجميع العائلات وألغت كل برامجها‮.. ‬لكي تتشارك مع الناس في كارثة الزلزال الشرس الذي ضرب البلد‮.‬

وأتخيل أنه لو كانت تلك الإذاعة مصرية خاصة لتسلحت بقلب جامد وحولت كل برامجها للهجوم علي الحكومة التي لا تجد المفقودين‮.. ‬والإدارة التي لم تستعد لزلزال‮ ‬غير مسبوق‮.. ‬وكيف أنه كان عليها أن تبني البيوت بالخرسانة المضاعفة‮.. ‬وشيء مثل هذا حدث من قبل في حريق زينهم وفي كارثة الدويقة‮.. ‬بل وفي زلزال‮ ‬1992‮ ‬في القاهرة‮.. ‬إنها ببساطة البصيرة المعمية‮.. ‬والصحافة التي لا تخلص لمهنيتها‮.‬
 
الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net

البريد الإليكترونى  : [email protected]